افتتاح مؤتمر "كلمة سواء" الثامن باحتفال رسمي واليوم البيان الختامي تركيز على الأبعاد الإنسانية والقانونية في قضية الصدر ودعوة إلى تحريكها أمام المحافل العربية والإسلامية والدولية

calendar icon 12 كانون الأول 2003

تحت عنوان "الأبعاد الانسانية والوطنية والقانونية في قضية الامام الصدر ـ خمس وعشرون سنة على التغييب"، وفي ظل تدابير أمنية مشددة، افتتح "مركز الامام الصدر للابحاث والدراسات" صباح امس مؤتمره السنوي الثامن "كلمة سواء" في قصر "الاونيسكو"، في حضور الوزير كرم كرم ممثلاً رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وزير السياحة علي حسين عبدالله ممثلاً رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، السفير الايراني في لبنان مسعود الادريسي ممثلاً الرئيس محمد خاتمي، الرئيسين حسين الحسيني وسليم الحص، وحشد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية والثقافية والامنية والدينية.
افتتح المؤتمر بتلاوة قرآنية، ثم مقدمة للشاعر حسين نجيب حمادة الذي قدم لنجل الامام المغيب السيد صدر الدين الصدر، فتحدث عن قضية الامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، لافتاً الى مصادفة السنة الحالية مع مرور 55 سنة على إقرار الإعلان العالمي لشرعة حقوق الانسان، ومرور 25 سنة على تغييبهم.
ورأى "ان القوة لا تزال ام الشرائع، وان القانون والعدالة لا يزالان قاصرين عن الحق والمسؤولية بالنسبة الى متابعة قضية الامام الصدر ورفيقيه". وقال: "ان جريمة اخفاء الامام الصدر لا تزال تصطدم بالعوائق السياسية والمصلحية المختلفة التي عملنا اليوم وغدا على إزالة أولاها والترفّع عن آخرها حتى تخضع السياسة امام الحقيقة ويطغى الحق في ساحة العدالة. وهذا المعنى الفعال المتوخى من كل بحث عن الحق هو هدف مؤتمرنا الثامن".
واشار الى ان الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي نفسه قد اعترف في خطاب رسمي في (الفاتح من سبتمبر 2002) بان "الامام الصدر كان في زيارة رسمية واختفى في ليبيا"، موضحا " ان المتابعة هي بهدف تثبيت ان ما حدث حدث في ليبيا، وان الدولة الداعية والمضيفة بشخص رئيسها مسؤولة عن سلامة الامام ورفيقيه، وذلك بحسب القوانين الدولية المرعية".
وناشد الحكومة اللبنانية "تحريك ملف قضية الامام الصدر ورفيقيه واعتبارها قضية وطنية على المستوى الرسمية لتبنى عليه متابعة القضية امام المحافل الاقليمية العربية والاسلامية والدولية ذات العلاقة".
قباني
وتوالى على الكلام بعده ممثلو الطوائف اللبنانية، فالقى كلمة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، القاضي الشيخ محمد دالي بلطة فاعتبر "ان الكلام عن الامام الصدر ليس الكلام عن انسان، انما عن قضية وعقيدة وجهاد. لا بل هو ظاهرة بشرية استثنائية لا تتكرر دوما مع تعداد البشر الذين يجوبون الارض".
واعتبر ان الامام الصدر "قفز فوق المشهد البشري المعتاد محلياً ودولياً الى مستوى الانسان الذي حمل الامانة بحق، فراح يصول ويجول ليسد الخلل في مجمل نواحي الحياة الانسانية".
وربط بين قضية الصدر وقضايا فلسطين والعراق، معتبرا انها كلها قضية واحدة هي "قضية الانسان والارض وتآمر المتآمرين"، مشيرا الى ان قضية الامام الصدر "خرجت عن اطارها الوطني الى المنطقة بأسرها بل الى العالم كله".
صفير
ثم القى كلمة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، رئيس اساقفة ابرشية بيروت المطران بولس مطر، فقال: "ان المؤتمر هو مناسبة تتكرر كل عام لنتذكر المثل العليا التي حاولوا تغييبها عنا بتغييب من جسدها في ما بيننا بإمتياز، فيما هي واجبة الحضور في مسيرتنا لتبقى محصنة بالحق ومجملة بالضياء".
واعتبر "أن روح الامام في الحقيقة لا تغيب"، مستشهدا بكلام من الانجيل يدعو الى عدم الخوف ممن يسيء الى الجسد ولا يستطيع أن يسيء الى النفس. وقال: "ان الامام جسّد قيم تلاقي المسيحية والاسلام في لبنان بأبهى صورها (...)، وواجه بإنسانيته الشفافة مصدرين أساسيين لضعف المجتمعات العربية وتقصيرها في مواكبة التقدم نحو الأرقى. إنهما على التوالي مصدر الإنغلاق الديني على الآخر، وهو أمر لا يريده الدين لا في المسيحية ولا في الإسلام، ومصدر التفاوت الإجتماعي الذي يقسم الناس بين محرومين ومتخومين، فتهزل أمامه وحدة النسيج القومي وتفقد قوة الدفع بإتجاه محدد نحو حسن المصير. لهذا فإن أي فكر يتمسك بمثل هذه الأثقال والشوائب لا بد له من أن يصطدم بالداعين الى التخلي عنها والى التحلي بصفات الوحدة المجتمعية على أسس من الإنسانية النيّرة والمنيرة. فتقع المأساة ويصبح الصلاح والمصلحون في خبر العداوة المجانية والتغييب المخزي".
غيث
ثم تحدث قائمقام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ بهجت غيث، فاعتبر قضية اخفاء الامام الصدر "قضية مزمنة شاء القدر ان يضيفها الى سجل الاقدار الكبرى العاصفة بهذا العالم عموما وبلبنان خصوصا"، مشيرا الى ان "التغيير المطلوب للخلاص من مسرحية الشيطان يبدأ من النفس الانسانية، مركز كل هذه الصراعات والنزاعات والاهواء والغرائز، ولا جدوى من الخوف من سطوة العدو الخارجي وقوته مهما كانت وفي اية صورة ظهرت، ومهما طغت وظلمت وبغت وتكبرت تبقى ضعيفة وصغيرة امام قوة الروح الحقيقية المعززة بسلاح الايمان الصادق، النابع من عمق الثقة وقوة الاتصال والانسجام مع الحق القادر القاهر فلا شيء يضعف الانسان اكثر من ضعف الايمان، ولا شيء يقويه اكثر من قوة الايمان".
هزيم
وتلا غيث ممثل بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم الاسقف الياس نجم، الذي نقل تمنياته في ان يؤتي المؤتمر "ثمارا جمة تساهم في تعزيز الوحدة والمحبة والوئام بين اللبنانيين والعرب اجمعين، بحيث تكون مقاومتهم مقاومة ابي المقاومة سماحة الامام الصدر للتصدي لأشرس هجمة تآمرية تواجهها الامة العربية من الولايات المتحدة واسرائيل".
ووصف الامام الصدر بانه "الانسان الانسان، رجل الفكر والثقافة والعلم والمعرفة.. الذي دعا الى الحوار الاسلامي ـ المسيحي"، داعيا الى تقوية هذا الاتجاه الانساني عند الامام الصدر "لنبني ميثاقاً حقيقياً تتوجه المواطنية الصادقة والوحدة الحقيقية".
لحام
وعدد ممثل بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام المطران يوحنا حداد في كلمته مزايا الامام المغيّب "الذي التزم في كل تصرفاته بما أملاه عليه القرآن الكريم، وعمل بمبادئ الحوار الاسلامي المسيحي، وكان من أول الداعين اليه والملتزمين به".
وقال: "لقد اتبع الامام الصدر في كل اقواله وتصرفاته، هذا النهج الديني والعلمي، وعاش مؤمنا بهذه الحضارة الانسانية الراقية، وسعى بكل قواه لكي يوطدها في وطننا اللبناني الذي يمثل شعبه المؤلف من طوائف ومذاهب مختلفة مجموعة انسانية تسعى كلها الى التمتع بحرية التعبير والثقافة والمساواة في الحقوق والواجبات وممارسة الديموقراطية الصحيحة، بحيث يستطيع جميع المواطنين ان يشتركوا بفرص متكافئة ويطبقوا بادارة المسؤولين عنهم خطة الانماء المتوازن بين جميع المناطق".
وعبّر عن اسف الطائفة التي يمثلها لغياب الامام الصدر عن الساحة اللبنانية منذ 25 عاما، على امل ان تتضح ظروف اختفائه ورفيقيه "ليبقى لبنان عنوان الحضارة الانسانية ورسالة الاخوة والاحترام والمحبة بين البشر".
قبلان
وشدد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان على مزايا الامام الانسانية ومواقفه الوطنية، وتوجهاته الايمانية العميقة والصادقة، قائلا: "انه من مدرسة الايمان المطلق بالواحد الأحد، الايمان الذي يصون الانسان ويحفظ كرامته ويأخذها الى حيث الكمال والسمو والاعتزاز بهذه الانسانية".
اضاف: "اننا نعيش فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية همّشت انساننا وزعزعت استقرارنا وهددت وطننا، والخروج منها لا يكون الا باعادة الاعتبار لهذا الانسان اللبناني الذي هو رصيد هذا الوطن الاول والاخير".
خاتمي
واختتم الحفل الافتتاحي بكلمة الرئيس خاتمي التي القاها السفير ادريسي وقال فيها: "ان ما نشهده اليوم من النمو والتطور الثقافي والسياسي في لبنان المقاومة انما هو تجسيد للافكار السامية التي كان يؤمن بها ذلك الغائب الجليل. ان الامام موسى الصدر شخصية كبيرة ومتميزة دينياً وسياسياً وعلمياً واجتماعياً. وحين كان المجتمع اللبناني يعاني الويلات والمشكلات الداخلية والخارجية المتعددة وتمزقه الخلافات والفرقة، كان هو يدعو الى الحوار بين الاديان وبين مختلف الطوائف على الساحة اللبنانية. ولم يألُ جهدا دون إحلال الوئام والوفاق بين الاقوام والطوائف والمذاهب على اختلاف انواعها، معتبرا ان الحفاظ على وحدة الشعب اللبناني وتماسكه بمختلف فئاته ومعتقداته، هو السبيل الأمثل للصمود والمقاومة في مواجهة الاعداء، وخصوصا الكيان الصهيوني".
المناقشات
بعد ذلك، انتقل المؤتمرون الى كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية ـ الفرع الاول ـ الجامعة اللبنانية في الصنائع، لاستئناف الندوات. والتأمت الجلسة الاولى بعنوان "البعد الانساني في قضية الامام الصدر" في الثانية بعد الظهر واستمرت حتى الرابعة، برئاسة السيد هاشم صفي الدين، وتحدث فيها كل من: هاشم الحسيني بالنيابة عن وزير الشؤون الاجتماعية اسعد دياب ، الوزير السابق جوزف الهاشم، سيد جعفر مرعشي شوشتري وسليمان تقي الدين. وجرى نقاش بين المؤتمرين شددوا فيه على ضرورة العمل بجدية للكشف عن الحقيقة في ما يتعلق بتغييب الامام الصدر ورفيقيه.
وفي الرابعة عصرا، التأمت الجلسة الثانية برئاسة الرئيس حسين الحسيني ومشاركة الوزير كرم ورئيس الرابطة المارونية ميشال إده وباسم الجسر.
ويستمر المؤتمر الى مساء اليوم، ويصدر في نهايته بيان ختامي.

source