مؤتمر "كلمة سواء" الثامن يحضره بري صدر الدين: القذافي متورّط ولا غطاء له في لبنان أو إيران

calendar icon 12 كانون الأول 2003

بوجه من دون عمامة هذه المرة، كان الإمام موسى الصدر "خلفية" لمؤتمر يعقد في ذكرى غيابه الخامسة والعشرين في قصر الأونيسكو. الوجه "المدني" بسلطة عينين ونظرة ثاقبة، كان يطل من لوحة كبيرة على المنصة على القاعة التي امتلأت حتى آخرها والتي مرت جميعها على اجراءات تفتيش دقيقة، اعتذر مقدم الحفل من شدتها وعاتب ب"حب" من قام بها. فقائمة الحاضرين كانت تنذر بإجراءات كهذه. فالرئيس نبيه بري الذي حضر الجلسة الافتتاحية بكاملها جلس في منتصف الصف الأول وأحاط به به الرئيس سليم الحص والرئيس حسين الحسيني وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وكان هناك في القاعة جانب لا بأس به مخصص لرجال الدين وآخر للمنظمات الدولية وآخر للمدارس، فمدارس مؤسسات الامام الصدر كانت حاضرة بشكل واسع بطالباتها المحجبات (وكانت تصفق لمرور ذكر الرئيس بري ويمكن اعتبار ذلك تحولا )، إلا ان القاعة لم تكن جميعها من "الملتزمات". كانت متنوعة بشكل يوازي الحضور الديني المتنوع الذي كان مشاركا بقوة في هذا المؤتمر ويوازي شخصية الصدر، حيث لم يغب عن اي كلمة من كلمات المؤتمر أو حتى جلسات العمل ما حرفيته "صيغة العيش المشترك". وكأنه كان بالامكان اختصار كل ما جرى بالأمس بفكرة واحدة ما لبست تتكرر عن الصدر بالأمس وفي كل المناسبات الخاصة به وهي العيش المشترك".



في الجلسة الافتتاحية اصطفت على المنصة كل العمامات بكل طوائفها. وكانت جلسة روحية بامتياز. إلا ان المؤتمر تميز بحضور الطرف الآخر سياسيا أي بري ولو أن المشاركة اقتصرت على الحضور، وكان جامعا روحيا ولو أن السفير البابوي غابت كلمته عن الافتتاح إلا ان الحضور المسيحي كان شاملا على صعيد المشاركة في كلمات الافتتاح، المطران بولس مطر ممثلا البطريرك نصرالله صفير والمطران حنا حداد باسم بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، الياس نجم ممثلا البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم. وحتى ان الحضور الايراني كان على مستوى ممثل للرئيس الايراني محمد خاتمي كما شاركت "ايران" في الجلسات.
كان نجل الصدر، صدر الدين الصدر الشديد الشبه بأبيه جالسا بقرب شقيقة الامام الصدر رباب الصدر على المنصة، حيث كان من المقرر أن تلقي كلمة ولكن لسبب ما ألقاها ابن اخيها وبقيت عند المنصة مستمعة طوال الوقت ومثلها بري في الصف الأول من الحضور. ربما لا يمكن الحديث عن مواقف جديدة في هذا المؤتمر إلا قليلا. هاجم مطر ملصقي الإرهاب بأمة واحدة. وقال: "نحن مدعوون إلى مواجهة التائهين عن الحق في العالم والمروجين لتخاصم دياناتنا من غير اسباب وملصقي الإرهاب بأمة أو دين زورا وتضليلا وإلى إعلاء شأن أولئك الذين على غرار الإمام الصدر..". كما اعتبر عروبة البلاد أمرا لا خلاف عليه "اذا كانت اليوم عقدة التنافي بين اللبنانيين والعروبة قد حلت وأصبح انتماء لبنان العربي من المسلمات عند الجميع، بهويته الخاصة وتجربته الفريدة في مجتمعه الحر والمتعدد فأن كبير الفضل بذلك يعود إلى ما أنزله الإمام الصدر في نفوس المستمعين إليه"، مؤكدا أن "التزامنا العربي لا يعفينا من القيام بمسؤولياتنا كاملة تجاه وطننا".
لكن الجديد بخصوص قضية اختفاء الامام الصدر فقد عبر عنه ابنه لافتا إلى أن تحقيقات القضاءين اللبناني والايطالي جزمت بأن الامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين لم يغادروا ليبيا إلى ايطاليا. وبنى تفاؤله على اعتبار "أن التصريحات الليبية الرسمية المبنية على الأكاذيب الممتدة على مساحة ربع قرن قد تغيرت اليوم مضيفة التناقضات إلى الرواية الرسمية الليبية. وللمرة الأولى ونتيجة لمتابعاتنا القضائية ولضغوطات سياسية اعترف القذافي في خطاب رسمي بأن الامام الصدر كان في زيارة رسمية واختفى في ليبيا ليعزز توجهنا بجدوى الدعوى". وأضاف بأن القذافي لم يعد رافضا للكلام في موضوع الامام الصدر ولا متمسكا ببيان الخارجية الليبية الصادر العام 1978 ولا مضمون التحقيق الأمني عام 1980، وخلص إلى القول بأن كل ذلك يؤكد ضلوع الدولة الليبية مجتمعة بشخص رئيسها القذافي في مؤامرة خطف وحجز حرية الامام ورفيقيه. ولذلك اعتبر أن ذلك ينفي الحاجة إلى مفاوضات وتحقيقات جديدة "فالقذافي لن يجد هذا الغطاء لا في لبنان ولا في ايران على الأقل". وأخيرا ناشد الحكومة اللبنانية بتحريك هذا الملف واعتبار هذه القضية وطنية على المستوى الرسمي لتبنى عليها متابعة قضائية أمام المحافل الاقليمية العربية والاسلامية والدولية ذات العلاقة، كما وجهت الدعوة نفسها للهيئات الروحية وهيئات المجتمع المدني.
الافتتاح الذي كما أشير لاحقا في جلسة العمل الأولى، غاب عنه النشيد الوطني سهوا فأنشد تعويضا في جلسة العمل الأولى. هذا الحفل بدأ بقراءة من القرآن ثم بقصيدة من الشاعر حسين حمادة. لتبدأ بعدها الكلمات التي كانت على التوالي لكل من الصدر، المطران مطر، غيث (الذي غرد خارج السرب فألقى كلمة مطولة لكنها روحية بالكامل)، الشيخ محمد دالي بلطة ممثلا مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، المطران نجم، المطران حداد، الشيخ قبلان، وممثل خاتمي السفير الايراني في لبنان مسعود ادريسي. شددت الكلمات بكاملها على شخصية الامام الصدر الجامعة والتي يحتاجها الوطن بشدة اليوم واعتبر معظم المتحدثين اختطافه مؤامرة على خط التعايش. اما جلسات العمل فقد أقيمت في مبنى الفرع الاول لكلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية. الجلسة الاولى المخصصة للبعد الانساني ترأسها عضو قيادة "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين وتحدث فيها الدكتور هاشم الحسيني ممثلا الوزير أسعد دياب، جوزيف الهاشم، سليمان تقي الدين وجعفر مرعشي من ايران، وفي الجلسة الثانية التي تناولت البعد الوطني تحدث كل من الوزير كرم كرم، الوزير ميشال اده والدكتور باسم الجسر.

source