موسى ومراد سيعدّان ملفاً له في مجلس الوزراء مؤتمر "كلمة سواء" أنهى جلساته: قضية الصدر غير قابلة للعفو ولا تسقط

calendar icon 13 كانون الأول 2003

انهى مركز الامام الصدر للابحاث والدراسات مؤتمره السنوي "كلمة سواء" بعنوان "الابعاد الانسانية والوطنية والقانونية في قضية تغييب الامام موسى الصدر".

وأصدر المؤتمر بيانه الختامي أمس، ودعا الدولة اللبنانية الى "متابعة هذه القضية على الصعيد القضائي الدولي والتوجه الى محكمة العدل الدولية".

وجاء في البيان: "في الابعاد الانسانية، ان الامام الصدر هو رجل العلم والثقافة، رجل متنور بكل معنى الكلمة، فهو الذي عرف كيف السبيل الى التوفيق بين الاصالة من دون الوقوع في الاصولية والتجديد ومن دون الدخول في الحضارة المادية. هو الذي جال الارض بمحاضرات بحثية من تفسيرات القرآن الكريم الى العلوم الفقهية، وهو الذي دخل عالم الثقافة من بابه الواسع، وكان الامام الصدر مشروعاً كاملاً من أجل الانسانية بحقيقتها التاريخية وجوهرها الرباني وتجلياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية.

واثنى المؤتمرون على مزايا الامام المغيب الذي شكل ظاهرة استثنائية في تاريخ لبنان الحديث، اذ تكلم عن العدالة الاجتماعية والديموقراطية الدينية وبادر الى العمل الاجتماعي الذي وجد فيه سبيلاً الى رفع الحرمان ومكافحة الفقر، ولولا تغييب الامام الصدر لكان حوار الحضارات والثقافات يعلو على ضجيج صراع الحضارات وعلى خطابات نهاية التاريخ وعلى العولمة المعسكرة الزاحفة على العالم بأبشع صورها في القضاء على القيم الانسانية؟

اما في الابعاد الوطنية لقضية التغييب، فقد اجمع المؤتمرون على ان في تغييب الامام الصدر انكساراً للحق وانتصاراً للظلم، لانه شخصية بارزة في مقاومة الحرمان، وهو من المشهود له بمواقفه الوطنية الوئامية والتوافقية، وهو الذي رفض الاقتتال الداخلي وآزر القرى المحاصرة، ودان العدو الصهيوني وتبنى القضية الفلسطينية. وبالتالي ان قضية اخفاء الامام الصدر ليست قضية عادية تتناول خطفاً اعتيادياً لأناس عاديين، بل ان الامام الصدر نفسه هو القضية، وتغييبه جريمة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ارادت بها ايدي الشر بتر فكر ونهج يدعوان الى التآخي والحوار في وقت اصبحت فيه الكلمة للعنف وللبندقية بين الشركاء في الوطن".

اضاف: "اما في الابعاد القانونية، فأجمع المؤتمرون على ان عملية الاخفاء القسري عمل اجرامي يعتبر انتهاكاً للكثير من حقوق الانسان التي تنص عليها الشرعة العالمية لحقوق الانسان بجميع مواثيقها ومعاهداتها. واكد المحاضرون بشاعة الجريمة المرتكبة بحق الامام ورفيقيه وبحرمانهم حقهم في الحياة والحرية والكرامة الانسانية، كما انها جريمة مهينة للانسانية لأنها تنتهك الاسس والاعراف التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، وان قضية اخفاء الامام الصدر ورفيقيه تتعدى الاطار الشخصي - العائلي لتغدو قضية وطنية، بل دولية الى اقصى الحدود. لذا، على الدولة اللبنانية، عملاً بالقوانين الدولية، ان تتولى متابعة القضية على الصعيد القضائي الدولي، وان تتجه بها الى محكمة العدل الدولية لان كرامة لبنان من كرامة الامام الصدر، والمعتدي على الاول هو بالضرورة يستبيح الاعتداء على الثانية.

وبعد، ليست مسألة تغييب الامام سوى نتيجة لتفشي ظاهرة عدم المساءلة التي تعم وتشيع في كل بقاع الوطن العربي، ففقدان المساءلة التي ترتب غياب الاجابة لا تنحصر في تغييب شخصية فكرية سياسية فذة تتعلق بها افئدة الملايين من الناس، كما انها لا تقتصر على تغييب الكثيرين من العرب في جميع البلاد العربية، بل تتعدى ذلك الى أمور اكثر: فمبدأ المساءلة مفقود في كل القضايا الجوهرية التي تؤثر تأثيراً عميقاً على حياة ملايين المواطنين في ارجاء الوطن العربي، وتؤثر على نهضتهم ومعيشتهم وتطورهم.

وتمسك المؤتمرون بكل الوقائع والتحقيقات وكل المعطيات التي اثبتت بما لا يدع مجالاً للشك ان الامام الصدر ورفيقيه لم يغادروا الاراضي الليبية كما ادعى النظام الليبي. وان القضاء اللبناني او المؤسسات الدولية الرسمية مدعوون الى بذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لجلاء الحقيقة في هذه القضية. ودعا المؤتمرون الى تشكيل مشغل حقوقي دولي يدعى اليه الاختصاصيون في القانون من كل الدول والجنسيات لتداول هذه القضية على أمل الخروج بحلول عملانية اكثر منها اكاديمية.

كما اوصى المؤتمرون بضرورة تعديل المادة 9 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، ليصبح في امكان القضاء اللبناني ملاحقة اي قضية جرمية، وان ارتكب الجرم خارج الاراضي اللبنانية".

وتابع: "اما في ما يخص المعايير الدولية المتعلقة بالتغييب، فان جريمة الاخفاء القسري، كتلك التي تعرض لها الامام الصدر ورفيقاه، انما هي دائمة ولا تسقط بمرور الزمن، وهي غير قابلة للعفو، وبالتالي، لا افلات من مغبة ارتكاب هذه الجريمة، وان بعد مرور 25 عاماً. وعلى السلطات الليبية وغيرها ان تقدم من يشتبه بهم بارتكاب انتهاكات حقوق الانسان في الاخفاء القسري الى ساحة العدالة الدولية ليخضعوا لمحاكمات تتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

ودعا المؤتمرون الى تخطي كل العوائق السياسية، الداخلية منها والخارجية، التي تحول دون اثارة هذه القضية امام محكمة العدل الدولية. وفيها دعوة صريحة للدولة اللبنانية بالتزام مسؤولياتها تجاه جميع مواطنيها، ولا سيما منهم شخصية بارزة مثل الامام الصدر. والدعوة ايضاً الى الحكومة اللبنانية لايلاء قضية الامام ورفيقيه ومعهم جميع المفقودين اللبنانيين في البلاد وخارجها الاهمية اللازمة حرصاً على حق الانسان وصوناً للعدالة والكرامة الانسانية".

وختم البيان: "الموضوع ليس لبعض اللبنانيين في طائفة او في فئة ما، بل انه حق لجميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية والعقيدية والروحية. ولقد جسد الامام الصدر خير تجسيد لروح الوطن الذي انتمى اليه، وهو في مساره الطويل للخروج من الحرمان والظلم. وان الجمعية العمومية للامم المتحدة مطالبة بتشكيل لجنة من اعضائها للنظر في قضية الامام الصدر واصدار احكامها العادلة بشأنها وصولاً الى عودته الى أهله".

وأوصى المؤتمرون بضرورة طرح القضية في جامعة الدول العربية اضافة الى كل المحافل الدولية الاخرى. وأبدى الوزيران ميشال موسى وعبد الرحيم مراد استعدادهما لتبني طرح قضية تغييب الامام الصدر وتكوين ملف لهذه القضية في مجلس الوزراء تمهيداً لطرحها على المحافل العربية والدولية".

الجلسات

وكان المؤتمر واصل جلساته في كلية الحقوق الجامعة اللبنانية - الفرع الاول في الصنائع بعنوان "البعد القانوني في الوصف الجرمي للتغييب".

وترأس الجلسة الثالثة الدكتور فايز الحاج شاهين، وقال: "من حق سماحة الامام وعائلته ورفيقيه محمد يعقوب وعباس بدر الدين ومن حق انصاره ومحبيه في لبنان وخارجه، المطالبة بأن يؤدي القانون دوره الطبيعي من خلال جلاء الحقيقة وانزال العقوبة العادلة في حق الذين تسببوا في تغييبه مع رفيقيه".

وتحدث النقيب السابق للمحامين ريمون شديد، "كانت امنيتي لو خيرت، ان اتناول اوجه اعم واشمل لهذه القضية التي لا تقاس بقضية ما او توصف وصفاً مشابهاً لها، اذ لا مثيل لهذا الجرم الذي ارتكب في حق احد ابرز خلق الله واقربهم اليه. ان الامام الصدر، كنا ونحن في شبابنا، نسعى اليه بعدما اصبح ظاهرة خارقة في المجتمع. بدأ من صور حتى بيروت، فما نفوت فرصة يتكلم او يحاضر او يحاور فيها الامام، في اي مكان، الا نكون باكورة رواده نتلفق بنهم ما يتدفق به لسانه ويفيض به جنابه ويجود به عقله النير المنير الهادي، لما لخطابه من وقع لدى اللبنانيين والعرب، مسيحيين ومسلمين (...)".

ورأى الدكتور حسين مير محمد صادقي "(...) ان السبيل الذي يبدو لي متاحاً لمتابعة موضوع اخفاء الامام موسى الصدر وملاحقته قضائياً، يتمثل في ارجاع الموضوع الى محكمة العدل الدولية. بيد ان ثمة اشكالاً في هذا الصدد يتمثل في ان الدولة هي وحدها التي بوسعها ان تتقدم بدعوى ضد دولة اخرى (...)". واعتبر الدكتور حسن جوني ان "عائلة الامام موسى الصدر تستطيع تقديم شكوى امام المحاكم اللبنانية والليبية، انما ليس هناك هيئة دولية تسمح لعائلة الصدر بان تدعي على ليبيا.  ومن هنا يجب تجيير القضية الى الدولة اللبنانية، لانها لا تدخل في نطاق عمل المحكمة الجنائية الدولية (...)".

وترأس الجلسة الرابعة نائب رئيس حركة "أمل" الوزير ايوب حميد. ودعا القضاء اللبناني والمؤسسات الدولية الرسمية الى بذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات وايلاء اقصى العناية بما يؤدي الى انصاف قضية الامام الصدر ورفيقيه (...)".

وتناول الدكتور جورج آصاف طريقة عمل مجموعة العمل المختصة بالاختفاءات القسرية والاصول المتبعة للنظم في الشكاوى.

وقدم النائب غسان مخيبر شرحاً للمصادر القانونية للمعايير الدولية المتعلقة بالتغييب القسري. وقال: "متى قامت اسباب معقولة للاعتقاد ان اختفاء قسرياً قد ارتكب، فعلى الدولة ان تبادر من دون ابطاء الى احالة الامر على تلك السلطة لاجراء هذا التحقيق وان لم تقدم شكوى رسمية (...)".

وتحدث احمد كرعود باسم منظمة العفو الدولية، واوضح انها "تتابع قضية الاختفاء القسري للامام ورفيقيه وهذا يندرج في صلب عمل منظمة غير حكومية".

الجلسة الاخيرة

وترأس الجلسة الرابعة والاخيرة الوزير ميشال موسى الذي رأى ان "الاجماع اللبناني على رفض هذه الجريمة واضح، ينبغي تفصيل التحرك لمتابعة اخفاء الصدر ومواصلة اثارة هذه القضية الوطنية في شتى المحافل. اما على الصعيد العربي والاقليمي فيواجه حل هذه القضية بخلافات فاضحة على غرار القضايا العربية المصيرية الاخرى في خلل الهيكلية الحالية للجامعة العربية، غير ان ذلك يجب الا يثبط عزائمنا او يوهن اصرارنا على احقاق الحق. وعلى الصعيد الدولي فان اعتراف النظام الليبي بمسؤوليته عن تفجير طائرة لوكربي والطائرة الفرنسية يشكل بارقة أمل في امكان اذعانه للضغوط من اجل كشف مصير الامام ورفيقيه (...)".

وقال الدكتور ادمون نعيم: "(...) لا يمكن الدولة اللبنانية ان تلاحق رئيس دولة امام محاكمها، واطلعتم على ما حصل في محاكمة لوكربي، رئيس الدولة المعنية لم يحاكم لانه يتمتع بالحصانة بل حوكم اشخاص لا يتمتعون بالحصانة. فاذا تمكنت الدولة اللبنانية من معرفة اسم شخص ليبي لا يتمتع بالحصانة القضائية وحاكمته في الشكل الغيابي، فيمكنها عند ذاك ان تتابع المحاكمة امام المحاكم اللبنانية غيابياً. واذا ثبتت مسؤوليته الجزائية يمكن ان تحكم عليه (...)".

واعتبر الوزير عبد الرحيم مراد "(...) ان المسؤولية في قضية الامام موسى الصدر وطنية، يجب على الوطن ان يحملها، كعنوان دائم وثابت، الى المنتديات العربية، والى المحافل الدولية، والى كل منبر، يمكن ان يصدر عنه صوت حق وعدل، حتى تنجلي كل ملابساتها ويتضح كل هذا الغموض المحيط بها (...)". وتلاه الدكتور كلوفيس مقصود: "لعل تغييب الامام الصدر، وتغييب الكثير من العرب انما يعكس حالة التغييب الكاملة للامة العربية. فالامة العربية حاضرة بوجود الناس لكنها غائبة في صنع القرار، وفي صنع الاحداث، فهي تمنع من الاول، ولا تمكن من الثاني. نحن في حاجة في هذا المنعطف التاريخي المصيري الى انهاء تغييب الامام موسى الصدر. فالقضايا التي جعلها موضوع نظره ومحل جهده والتي التقت عليها فئات المجتمع المدني ينبغي ان تكون في صدارة اولويات الدول السياسية، (...)".

وخلص الدكتور شفيق المصري الى ان "مسألة تغييب الامام الصدر ورفيقيه في اطارها القضائي وفي ضوء كل التحقيقات التي جرت، ترتب على ليبيا مسؤولية مدنية واضحة ومسؤولية دولية وفقاً للقانون الدولي.

وهذه المسؤولية الدولية للدولة المضيفة لا تقتصر فقط على لجنة تحقيق ولا على زيارة لليبيا من دون ان تحظى بمقابلة مسؤوليها ولا بالقيام باجراءات تحقيق فيها. فالدولة التي يحمل الامام ورفيقاه جنسيتها مسؤولة هي الاخرى عن القيام بجميع الوسائل (وهي لم تستنفد بعد) الممكنة من اجل المطالبة واتخاذ المواقف بالاستناد الى هذه المطالبة. وثمة مراجع عربية واقليمية ودولية يمكن ان تقوم بهذه المهمة بناء على الحاح الدولة اللبنانية (...)".

انهى مركز الامام الصدر للابحاث والدراسات مؤتمره السنوي "كلمة سواء" بعنوان "الابعاد الانسانية والوطنية والقانونية في قضية تغييب الامام موسى الصدر".

وأصدر المؤتمر بيانه الختامي أمس، ودعا الدولة اللبنانية الى "متابعة هذه القضية على الصعيد القضائي الدولي والتوجه الى محكمة العدل الدولية".

وجاء في البيان: "في الابعاد الانسانية، ان الامام الصدر هو رجل العلم والثقافة، رجل متنور بكل معنى الكلمة، فهو الذي عرف كيف السبيل الى التوفيق بين الاصالة من دون الوقوع في الاصولية والتجديد ومن دون الدخول في الحضارة المادية. هو الذي جال الارض بمحاضرات بحثية من تفسيرات القرآن الكريم الى العلوم الفقهية، وهو الذي دخل عالم الثقافة من بابه الواسع، وكان الامام الصدر مشروعاً كاملاً من أجل الانسانية بحقيقتها التاريخية وجوهرها الرباني وتجلياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية.

واثنى المؤتمرون على مزايا الامام المغيب الذي شكل ظاهرة استثنائية في تاريخ لبنان الحديث، اذ تكلم عن العدالة الاجتماعية والديموقراطية الدينية وبادر الى العمل الاجتماعي الذي وجد فيه سبيلاً الى رفع الحرمان ومكافحة الفقر، ولولا تغييب الامام الصدر لكان حوار الحضارات والثقافات يعلو على ضجيج صراع الحضارات وعلى خطابات نهاية التاريخ وعلى العولمة المعسكرة الزاحفة على العالم بأبشع صورها في القضاء على القيم الانسانية؟

اما في الابعاد الوطنية لقضية التغييب، فقد اجمع المؤتمرون على ان في تغييب الامام الصدر انكساراً للحق وانتصاراً للظلم، لانه شخصية بارزة في مقاومة الحرمان، وهو من المشهود له بمواقفه الوطنية الوئامية والتوافقية، وهو الذي رفض الاقتتال الداخلي وآزر القرى المحاصرة، ودان العدو الصهيوني وتبنى القضية الفلسطينية. وبالتالي ان قضية اخفاء الامام الصدر ليست قضية عادية تتناول خطفاً اعتيادياً لأناس عاديين، بل ان الامام الصدر نفسه هو القضية، وتغييبه جريمة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ارادت بها ايدي الشر بتر فكر ونهج يدعوان الى التآخي والحوار في وقت اصبحت فيه الكلمة للعنف وللبندقية بين الشركاء في الوطن".

اضاف: "اما في الابعاد القانونية، فأجمع المؤتمرون على ان عملية الاخفاء القسري عمل اجرامي يعتبر انتهاكاً للكثير من حقوق الانسان التي تنص عليها الشرعة العالمية لحقوق الانسان بجميع مواثيقها ومعاهداتها. واكد المحاضرون بشاعة الجريمة المرتكبة بحق الامام ورفيقيه وبحرمانهم حقهم في الحياة والحرية والكرامة الانسانية، كما انها جريمة مهينة للانسانية لأنها تنتهك الاسس والاعراف التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، وان قضية اخفاء الامام الصدر ورفيقيه تتعدى الاطار الشخصي - العائلي لتغدو قضية وطنية، بل دولية الى اقصى الحدود. لذا، على الدولة اللبنانية، عملاً بالقوانين الدولية، ان تتولى متابعة القضية على الصعيد القضائي الدولي، وان تتجه بها الى محكمة العدل الدولية لان كرامة لبنان من كرامة الامام الصدر، والمعتدي على الاول هو بالضرورة يستبيح الاعتداء على الثانية.

وبعد، ليست مسألة تغييب الامام سوى نتيجة لتفشي ظاهرة عدم المساءلة التي تعم وتشيع في كل بقاع الوطن العربي، ففقدان المساءلة التي ترتب غياب الاجابة لا تنحصر في تغييب شخصية فكرية سياسية فذة تتعلق بها افئدة الملايين من الناس، كما انها لا تقتصر على تغييب الكثيرين من العرب في جميع البلاد العربية، بل تتعدى ذلك الى أمور اكثر: فمبدأ المساءلة مفقود في كل القضايا الجوهرية التي تؤثر تأثيراً عميقاً على حياة ملايين المواطنين في ارجاء الوطن العربي، وتؤثر على نهضتهم ومعيشتهم وتطورهم.

وتمسك المؤتمرون بكل الوقائع والتحقيقات وكل المعطيات التي اثبتت بما لا يدع مجالاً للشك ان الامام الصدر ورفيقيه لم يغادروا الاراضي الليبية كما ادعى النظام الليبي. وان القضاء اللبناني او المؤسسات الدولية الرسمية مدعوون الى بذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لجلاء الحقيقة في هذه القضية. ودعا المؤتمرون الى تشكيل مشغل حقوقي دولي يدعى اليه الاختصاصيون في القانون من كل الدول والجنسيات لتداول هذه القضية على أمل الخروج بحلول عملانية اكثر منها اكاديمية.

كما اوصى المؤتمرون بضرورة تعديل المادة 9 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، ليصبح في امكان القضاء اللبناني ملاحقة اي قضية جرمية، وان ارتكب الجرم خارج الاراضي اللبنانية".

وتابع: "اما في ما يخص المعايير الدولية المتعلقة بالتغييب، فان جريمة الاخفاء القسري، كتلك التي تعرض لها الامام الصدر ورفيقاه، انما هي دائمة ولا تسقط بمرور الزمن، وهي غير قابلة للعفو، وبالتالي، لا افلات من مغبة ارتكاب هذه الجريمة، وان بعد مرور 25 عاماً. وعلى السلطات الليبية وغيرها ان تقدم من يشتبه بهم بارتكاب انتهاكات حقوق الانسان في الاخفاء القسري الى ساحة العدالة الدولية ليخضعوا لمحاكمات تتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

ودعا المؤتمرون الى تخطي كل العوائق السياسية، الداخلية منها والخارجية، التي تحول دون اثارة هذه القضية امام محكمة العدل الدولية. وفيها دعوة صريحة للدولة اللبنانية بالتزام مسؤولياتها تجاه جميع مواطنيها، ولا سيما منهم شخصية بارزة مثل الامام الصدر. والدعوة ايضاً الى الحكومة اللبنانية لايلاء قضية الامام ورفيقيه ومعهم جميع المفقودين اللبنانيين في البلاد وخارجها الاهمية اللازمة حرصاً على حق الانسان وصوناً للعدالة والكرامة الانسانية".

وختم البيان: "الموضوع ليس لبعض اللبنانيين في طائفة او في فئة ما، بل انه حق لجميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الفكرية والعقيدية والروحية. ولقد جسد الامام الصدر خير تجسيد لروح الوطن الذي انتمى اليه، وهو في مساره الطويل للخروج من الحرمان والظلم. وان الجمعية العمومية للامم المتحدة مطالبة بتشكيل لجنة من اعضائها للنظر في قضية الامام الصدر واصدار احكامها العادلة بشأنها وصولاً الى عودته الى أهله".

وأوصى المؤتمرون بضرورة طرح القضية في جامعة الدول العربية اضافة الى كل المحافل الدولية الاخرى. وأبدى الوزيران ميشال موسى وعبد الرحيم مراد استعدادهما لتبني طرح قضية تغييب الامام الصدر وتكوين ملف لهذه القضية في مجلس الوزراء تمهيداً لطرحها على المحافل العربية والدولية".

الجلسات

وكان المؤتمر واصل جلساته في كلية الحقوق الجامعة اللبنانية - الفرع الاول في الصنائع بعنوان "البعد القانوني في الوصف الجرمي للتغييب".

وترأس الجلسة الثالثة الدكتور فايز الحاج شاهين، وقال: "من حق سماحة الامام وعائلته ورفيقيه محمد يعقوب وعباس بدر الدين ومن حق انصاره ومحبيه في لبنان وخارجه، المطالبة بأن يؤدي القانون دوره الطبيعي من خلال جلاء الحقيقة وانزال العقوبة العادلة في حق الذين تسببوا في تغييبه مع رفيقيه".

وتحدث النقيب السابق للمحامين ريمون شديد، "كانت امنيتي لو خيرت، ان اتناول اوجه اعم واشمل لهذه القضية التي لا تقاس بقضية ما او توصف وصفاً مشابهاً لها، اذ لا مثيل لهذا الجرم الذي ارتكب في حق احد ابرز خلق الله واقربهم اليه. ان الامام الصدر، كنا ونحن في شبابنا، نسعى اليه بعدما اصبح ظاهرة خارقة في المجتمع. بدأ من صور حتى بيروت، فما نفوت فرصة يتكلم او يحاضر او يحاور فيها الامام، في اي مكان، الا نكون باكورة رواده نتلفق بنهم ما يتدفق به لسانه ويفيض به جنابه ويجود به عقله النير المنير الهادي، لما لخطابه من وقع لدى اللبنانيين والعرب، مسيحيين ومسلمين (...)".

ورأى الدكتور حسين مير محمد صادقي "(...) ان السبيل الذي يبدو لي متاحاً لمتابعة موضوع اخفاء الامام موسى الصدر وملاحقته قضائياً، يتمثل في ارجاع الموضوع الى محكمة العدل الدولية. بيد ان ثمة اشكالاً في هذا الصدد يتمثل في ان الدولة هي وحدها التي بوسعها ان تتقدم بدعوى ضد دولة اخرى (...)". واعتبر الدكتور حسن جوني ان "عائلة الامام موسى الصدر تستطيع تقديم شكوى امام المحاكم اللبنانية والليبية، انما ليس هناك هيئة دولية تسمح لعائلة الصدر بان تدعي على ليبيا.  ومن هنا يجب تجيير القضية الى الدولة اللبنانية، لانها لا تدخل في نطاق عمل المحكمة الجنائية الدولية (...)".

وترأس الجلسة الرابعة نائب رئيس حركة "أمل" الوزير ايوب حميد. ودعا القضاء اللبناني والمؤسسات الدولية الرسمية الى بذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات وايلاء اقصى العناية بما يؤدي الى انصاف قضية الامام الصدر ورفيقيه (...)".

وتناول الدكتور جورج آصاف طريقة عمل مجموعة العمل المختصة بالاختفاءات القسرية والاصول المتبعة للنظم في الشكاوى.

وقدم النائب غسان مخيبر شرحاً للمصادر القانونية للمعايير الدولية المتعلقة بالتغييب القسري. وقال: "متى قامت اسباب معقولة للاعتقاد ان اختفاء قسرياً قد ارتكب، فعلى الدولة ان تبادر من دون ابطاء الى احالة الامر على تلك السلطة لاجراء هذا التحقيق وان لم تقدم شكوى رسمية (...)".

وتحدث احمد كرعود باسم منظمة العفو الدولية، واوضح انها "تتابع قضية الاختفاء القسري للامام ورفيقيه وهذا يندرج في صلب عمل منظمة غير حكومية".

الجلسة الاخيرة

وترأس الجلسة الرابعة والاخيرة الوزير ميشال موسى الذي رأى ان "الاجماع اللبناني على رفض هذه الجريمة واضح، ينبغي تفصيل التحرك لمتابعة اخفاء الصدر ومواصلة اثارة هذه القضية الوطنية في شتى المحافل. اما على الصعيد العربي والاقليمي فيواجه حل هذه القضية بخلافات فاضحة على غرار القضايا العربية المصيرية الاخرى في خلل الهيكلية الحالية للجامعة العربية، غير ان ذلك يجب الا يثبط عزائمنا او يوهن اصرارنا على احقاق الحق. وعلى الصعيد الدولي فان اعتراف النظام الليبي بمسؤوليته عن تفجير طائرة لوكربي والطائرة الفرنسية يشكل بارقة أمل في امكان اذعانه للضغوط من اجل كشف مصير الامام ورفيقيه (...)".

وقال الدكتور ادمون نعيم: "(...) لا يمكن الدولة اللبنانية ان تلاحق رئيس دولة امام محاكمها، واطلعتم على ما حصل في محاكمة لوكربي، رئيس الدولة المعنية لم يحاكم لانه يتمتع بالحصانة بل حوكم اشخاص لا يتمتعون بالحصانة. فاذا تمكنت الدولة اللبنانية من معرفة اسم شخص ليبي لا يتمتع بالحصانة القضائية وحاكمته في الشكل الغيابي، فيمكنها عند ذاك ان تتابع المحاكمة امام المحاكم اللبنانية غيابياً. واذا ثبتت مسؤوليته الجزائية يمكن ان تحكم عليه (...)".

واعتبر الوزير عبد الرحيم مراد "(...) ان المسؤولية في قضية الامام موسى الصدر وطنية، يجب على الوطن ان يحملها، كعنوان دائم وثابت، الى المنتديات العربية، والى المحافل الدولية، والى كل منبر، يمكن ان يصدر عنه صوت حق وعدل، حتى تنجلي كل ملابساتها ويتضح كل هذا الغموض المحيط بها (...)". وتلاه الدكتور كلوفيس مقصود: "لعل تغييب الامام الصدر، وتغييب الكثير من العرب انما يعكس حالة التغييب الكاملة للامة العربية. فالامة العربية حاضرة بوجود الناس لكنها غائبة في صنع القرار، وفي صنع الاحداث، فهي تمنع من الاول، ولا تمكن من الثاني. نحن في حاجة في هذا المنعطف التاريخي المصيري الى انهاء تغييب الامام موسى الصدر. فالقضايا التي جعلها موضوع نظره ومحل جهده والتي التقت عليها فئات المجتمع المدني ينبغي ان تكون في صدارة اولويات الدول السياسية، (...)".

وخلص الدكتور شفيق المصري الى ان "مسألة تغييب الامام الصدر ورفيقيه في اطارها القضائي وفي ضوء كل التحقيقات التي جرت، ترتب على ليبيا مسؤولية مدنية واضحة ومسؤولية دولية وفقاً للقانون الدولي.

وهذه المسؤولية الدولية للدولة المضيفة لا تقتصر فقط على لجنة تحقيق ولا على زيارة لليبيا من دون ان تحظى بمقابلة مسؤوليها ولا بالقيام باجراءات تحقيق فيها. فالدولة التي يحمل الامام ورفيقاه جنسيتها مسؤولة هي الاخرى عن القيام بجميع الوسائل (وهي لم تستنفد بعد) الممكنة من اجل المطالبة واتخاذ المواقف بالاستناد الى هذه المطالبة. وثمة مراجع عربية واقليمية ودولية يمكن ان تقوم بهذه المهمة بناء على الحاح الدولة اللبنانية (...)".

source