(مسؤولون روحيون في افتتاح مؤتمر "الذات والاخر في الاعلام") (نجل الصدر يؤكد التوجه لرفع قضيته الى المحاكم الدولية)

calendar icon 13 كانون الأول 2002

كان الامام موسى الصدر حاضرا امس في مؤتمر "كلمة سواء" السابع، وهو الذي لا يغيب عن ذاكرة  اللبنانيين لغنى أفكاره.

تم افتتاح المؤتمر بعنوان "الذات والآخر في الاعلام المعاصر" في قصر الاونيسكو امس، وينظمه مركز الصدر للأبحاث والدراسات، ويختتم أعماله مساء اليوم.

وحضر الوزير نزيه بيضون ممثلا رئيس الجمهورية اميل لحود، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الوزير ميشال موسى ممثلا رئيس الوزراء رفيق الحريري، الرئيس سليم الحص، والنواب ياسين جابر، علي الخليل، علي عسيران، علي عمار، روبير غانم، علي حسن خليل، ايوب حميد، عباس هاشم، محمد برجاوي، محمود ابو حمدان، محمد رعد ووجيه البعريني، النائب السابق محمد يوسف بيضون، الوزير السابق جوزف الهاشم، سفير ايران مسعود ادريسي كرمنشاهي، السيدة رباب الصدر وعائلة الصدر وحشد من الفاعليات.

قدم الخطباء حسين نجيب حمادة. وتحدث بداية السيد صدر الدين الصدر وقال: "(...) أكد الامام ضرورة وجود مستقبل يحفظ رسالة الوطن العالمية ويجعل من الطوائف اللبنانية نوافذ حضارية على العالم، لا دويلات متصارعة، ويمكن كل فئة من ان تعطي الوطن لا ان تأخذ منه وتنمو على حسابه، مستقبلا تحس معه كل طائفة انها عزيزة، تعطي ولا تشعر بأنها مظلومة ومحتقرة، مستقبل يكون الوطن فيه ندوة الحوار الاسلامي - المسيحي وقاعدة اللقاء الاوروبي - العربي ومختبر التفاعل الحضاري وواحة للتجربة العالمية الناجحة غدا، مستقبل يحمل غداً مشعل  القضية الفلسطينية ورسالة القدس على رؤوس الاشهاد فيدخل به وبها ضمير العالم ويؤسس حضارة المستقبل العادلة".

وأضاف: "لنا في قضية الامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والاستاذ عباس بدر الدين مع الاعلام او على الاصح التضليل الاعلامي وقفات. فالاعلام الذي تموله ليبيا وبالتعاون مع أجهزة ذات نفوذ ومصلحة ما لبث ينفث حقده وأكاذيبه على امتداد فترة التغييب، عاملا على ترويج سيناريوهات وهمية تتلوّن بتلوّن الاحداث المترافقة والسياسات.

وهنا نؤكد بصلابة الواثق وتواضع القادر انه لن يكون هناك لحظة زمنية محلية او اقليمية مهما اختلف عنوانها تسمح باعفاء مسؤول من مسؤوليته في قضية الامام الصدر ورفيقيه، اننا مصرون على المضي قدما ورفع القضية الى المحاكم الدولية المعنية لتبيان من أوعز وخطط ونفذ وتستر، كي يتحمل كلٌّ مسؤولية عمله من دون اعفاء او السماح باعفاء أحد مهما علا شأنه وكثرت المغريات".

دالي بلطة

وقال القاضي محمد دالي بلطة في كلمته ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني: "لا ننكر وجود الثقافات المختلفة ولا نقر بهذا سببا للتباعد، بل انه دافع للحوار. ولا شك ان هذا الواقع المنشود لا يتوافر الا بوجود النفوس النوعية والهمم العالية التي لا تنحدر الى سلوك الانفعال".

اضاف: "ان اعلامنا يعتريه الكثير من التقصير، فلو تنقلت بين شاشات التلفزة في اوطاننا في ظل الفضائيات التي قاربت بين البشر لوجدت الكثير من برامج اللهو والتسلية وندرة البرامج الهادفة التي تعرض قضايانا وما نواجه من تحد وهجمات شرسة".

وتابع: "لا بد لنا ان نشير الى نقطة جوهرية عندما نتكلم على الذات والآخر في الاعلام المعاصر نظرا الى خطورة الاعلام في تكوين الرأي وايجاد الاقتناعات الخاصة مع هذا الآخر الذي اتعامل معه مجتمعيا او وطنيا او قوميا. فقد نختلف في الوطنية، في ما لها او عليها، ولكن لا يمكن ان نعتبر ان تبني الخيار الاسرائيلي رأي يجب ان يناقش بكل روية واحترام كأحد الخيارات المطروحة ضمن دائرة الوطنية، فتبنّي هذا الرأي خروج عن الوطنية اساسا. وكذلك، قد نختلف حول العروبة ولكن لا يمكننا ان نعتبر ان تبني الخيار الاميركي بضرب العراق مهما كانت الاسباب، خيار من ضمن الخيارات المطروحة في الساحة العربية، فهذا ايضا خروج عن اطار العروبة حيث تخطط الولايات المتحدة لاستباحة الارض والثروات وتحتفظ لنفسها بحق تصنيف الناس والدول، غير آبهة للامم المتحدة ولا لمواثيقها ولا لقراراتها، فتصف الارهابي الحقيقي (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون) بانه رجل سلام، وتجيز له حق الدفاع عن نفسه بينما تصف شعب فلسطين الذي شرد من ارضه ووطنه بالمعتدي، وتحمله وزر ما يحصل في المنطقة".

غيث

واعتبر قائم مقام شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ بهجت غيث ان ما حصل في لبنان بالامس القريب كان عبرة لمن يتفكر ويعتبر للقريب والبعيد، فالصبر والثبات يحققان المعجزات والايمان الصادق بالحق، حق الايمان هو الذي يحرر الانسان من الاوهام ويعطيه قوة فينهزم امامه شبح الباطل ويتلاشى مهما كان كبيرا وخطرا. الشرق العربي والاسلامي عموما نسي سلاحه الروحي الحقيقي ودخل في لعبة التقليد وفخ الصهيونية العالمية وقبل الصورة المشوهة التي مسخته بها ولم ينتبه لاستغلال الاعلام الصحيح في رسم واقع صورته الحقيقية واقتصر على رد الاتهام في سجال خاسر مع الغرب، فزاد الطاغي طغيانا".

اضاف: "من هنا كان سلاح الايمان بالحق هو دائما سيد الموقف وقاعدة الثبات وقوة الاثبات وكان نموذجا ورسالة من لبنان لكل اصحاب الايمان في كل مكان. انتصر الحق وزهق الباطل وحفظت الامانة وانهزم اعوان التآمر والخيانة واثمرت المقاومة والوحدة الوطنية والتعاون الاخوي اللبناني السوري، وتدخلت القدرة الالهية، وحدثت المعجزة، وتحررت الارض المباركة وعادت الى اصحابها وزال رجس الاحتلال عن اكثرها وبقي ايسرها.

ان دعوتنا في هذه المناسبة هي للاعلام والاعلاميين في العالم العربي والاسلامي، في هذا الزمن الصعب، للتركيز، على هذه الزاوية المظلمة من الساحة العربية والاسلامية، وايقاظ روح الايمان الحقيقي المعزز بالثقة واليقين المرتبط بجوهر الدين. فالثقة مصدر التركيز في عصر ضجة العلم وصمت المعرفة".

مطر

وتلاه رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران يوسف مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. "اي اعلام نصوغ عن الذات وايّه عن الآخر؟ لن يجدي نفعا اعلام يستر الانا عن ذاتها او يشلح عليها ثوبا من الطوباوية ليس لها، فيعيرها محاسن غيرها زورا وخلافا للحق. ان حرية الاعلام حيال الذات تحاذرها من الرأي المسبق الواحد الأحد وتعترف للجدل بقدرته على توليد الحقيقة او على اظهارها للناس، فيربون على النقد البنّاء والاصلاح  الاخوي المفروض عليهم باسم شرائع الارض والسماء. وهل تغيب عن بالنا ضرورة محاسبة النفس التي اشتهر بها الروحيون من كل دين؟ اوننسى  الخلفاء الاوائل الذين كانوا يتنكرون في  الليالي ويسيرون بين الناس وفيهم الغرباء ليسمعوا منهم حقيقة ما يظن بهم هؤلاء وما يحكمون عليهم به خارج مجال القضاء وسلطة المتسلطين؟ ان القصد من هذا الاسلوب لم يكن خنق المؤامرات في المهد بل اصلاح الحاكم ذاته وايصال همسات الناس اليه بالسر قبل العلن. انه اعلام من اجل الذات   والهدف منه استقامة الحكم وسلامة الناس في آن واحد".

اضاف: "اما عن الآخر، صديقا كان ام عدوا، فان الاعلام المجدي حياله لن يسعى الى تشويهه ظنا بأن ذلك وسيلة سحرية للسيطرة عليه، فالتشويه آفة اعلامية مثل التستر. وان كان الانسان لا يستر حقيقة أمره فكيف له ان يستر حقيقة أعدائه؟ فالظالم ظالم ولن يقول احد عن الغاصب والمحتل انه  ليس بالغاصب او المحتل. الا ان الحقيقة يجب ان تبقى هي الحقيقة، فلا نسلب حتى من الاعداء محاسنهم اذا كانت لهم من محاسن بل نتوخى مقاربة الامور بموضوعية قصوى لأن مثل هذه الموضوعية تقي السقوط في الاوهام والحسابات الخاطئة.

وفي نهاية المطاف يدعى الذات والآخر معا الى  تخطي الواقع الراهن حيث يمكن التخطي واذا ما تقدم التاريخ نحو كمالاته. فيواكب الاعلام مثل هذا التوجه رافضا حصر مادته في أمر النزاعات والسلبيات وملقيا الضوء على ايجابيات الحياة بأبعادها الثقافية والروحية من كل نوع.

ربما كانت هذه المواضيع بعضا من شغل هذا المؤتمر الكريم المنعقد حول "الذات والآخر" في الاعلام المعاصر. فنعم المسعى فيه ونعم الساعين في اثر حقيقة الاعلام واعلام الحقيقة".

نجم

وقال المطران الياس نجم ممثلا بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع: "(...) يجب رصد موازنة كبرى عربية واسلامية لمقاومة الاعلام المتصهين الذي هو أقوى من الطائرة والصاروخ والمدرعة والدبابة. يجب ان نعمل جاهدين على ايجاد افضل الصيغ لاحترام الحضارات والثقافات ولخلق التفاعل المتكافئ بين أبناء المجتمع لما فيه خير الانسان، وللاعلام هنا الأهمية الكبرى من اجل الوصول الى حل للمشاكل العالقة.

واننا اذ نلتقي اليوم وندخل في رحاب الله، أمنيتنا ان تكون "كلمة سواء" رافعة للمحبة داعية  الى الاستقامة حاضة على الخير ناهية عن المنكر.

في هذه الذكرى، ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، صاحب العلم والفقه والمعرفة، المقاوم الاول والمدافع عن الحق والعدالة، مؤسس المقاومة اللبنانية البطلة التي هزمت العدو وحررت جنوب لبنان من دنسه، هذا العدو الذي ما زال يحتل أرضنا المقدسة في فلسطين والجولان ومزارع شبعا، نعلن اننا لن نساوم على حقوقنا وان كانت الشرعية الدولية قد اعترفت في قراراتها ببعض من هذه الحقوق وقدمنا نحن العرب تنازلات من خلال مؤتمر مدريد عام 1991 والمبادرة العربية في مؤتمر القمة في بيروت من اجل سلام عادل وشامل ودائم لهو خير دليل على ان حضارتنا وثقافتنا وانسانيتنا كلها قادرة على مواكبة الركب الانساني في العالم دونما تشنج او تصلب. غير ان العدو يضرب عرض الحائط كل هذه المبادرات الايجابية من اجل السلام ممعنا في سفك دماء أبنائنا الابطال في فلسطين مغتصبا الارض مشردا الشعب ارهابيا من الطراز الاول ومن خلال اعلامه يحاول ان يوهم العالم انه الضحية وهو دائما القاتل".

غزال

وقال المطران سليم غزال ممثلاً  بطريريك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام: تحولت بعض وسائل الاعلام الى غير غايتها، فبدلاً من ان تقدم الحقيقة عبر الصورة والخبر لتوعية الرأي العام على الواقع بغية تنويره ودفعه للوقوف الى جانب الحق والحقيقة، أصبحت هذه الوسائل أداة منحازة في يد أصحاب المال والسلطة والنفوذ لامرار افكارهم ومشاريعهم وأطماعهم من دون مراعاة للقيم ولمصالح الآخرين.

وأمام التفاوت الكبير بين ما تملكه الدول الكبرى والغنية من امكانات اعلامية وما يتبقى للدول الفقيرة من فتات هذه الإمكانات، نرى العالم يقع تحت تأثير هذه الحملات الدعائية المغرضة التي تنقل الواقع بأشكال وصور تخدم مصالحها وأهدافها في حين تبقى حقوق الشعوب الفقيرة مغمورة في ظل هذا التشويه الفاضح والمفروض.

واليوم وفي هذا الظرف بالذات نرى وسائل الاعلام تنحاز الى جانب القوة بدل ان تكون إلى جانب الحق، تبث سمومها عبر العالم لطمس قضايا وطنية وإنسانية وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني ومأساته التي استمرت اكثر من نصف قرن ولا تزال، بالاضافة الى الحملة الشرسة ضد العراق وشعبه الذي يعاني منذ عقد من الزمن آثار الحرب والتجويع والضغط على مقدراته الاقتصادية وحقوقه الوطنية (...)".

قبلان

وختاماً تحدث نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، وقال: "العلاقة بين الذات والآخر هي علاقة الحوار والتفاهم لا علاقة التبعية والاستبداد بالرأي من هذا الآخر، وإذا كان هناك تحديات تواجهها الأمم والشعوب فهذا يتطلب من الجميع التفكير العميق، والتخطيط المتواصل، للخروج من  هذه التحديات بنجاح واقتدار. والإعلام، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً سيكون له الدور المهم في تشكيل اتجاهات الأفراد والمجتمعات، بل أخذ كل منهما يغذي الآخر.

اضاف: "اما علاقتنا بالآخر الذي يملك إعلاماً قوياً وقادراً، فيجب أن تكون علاقة نقد وأن تكون لأجهزتنا الاعلامية مجتمعة قدرات ذات وظيفة تنموية تعمق الهوية والتربية والتعليم والوعي الفكري ومقاومة أشكال الاستهلاك الثقافي الغربي الذي يحمل سياسة التغريب، فالقضية تحتاج الى تعبير قوي عن موقفنا كعرب ومسلمين من النظام الاعلامي الجديد، وتصبح الحاجة اكثر إلحاحاً في ظل هذا النظام المعولم لأن يعيش الآخر غير الغربي مع الغربي كشريك له لا كتابع، لأن هذا الغربي مطالب بأن يعترف بالآخر ويتخلص من عقدة مركزيته التي لا تزال تعوقه عن رؤية الوجوه الأخرى للحياة الإنسانية.

وختم: "إن الاعلام يعد من أهم الوسائل الخطرة، واذا تم افراغه من مضامينه الانسانية الهادفة فإنه يجلب الفتنة والخراب. فهو الشاهد، ودوره ينبع من اهدافه النبيلة التي يحملها. فكيف يكون إعلاماً صادقاً ومؤسساً لثقافة الناس ان لم يكن ميدانه النقد، نقد الذات إذا اساءت، ونقد الآخر إذا استعلى وبطش وانتهك حقوق الانسان، وهذا  ما نراه في أجهزة بعض الدول والأنظمة التي تنتهك حقوق الانسان عبر اعلامها العنصري. وما يجري في فلسطين يكشف للعيان عنصرية الإعلام الغربي الذي  يتواطأ على فلسطين و قضية فلسطين، فهو ان لم يشهر سلاحه المدافع عن حقوق الناس هناك والتي هي من اولى اهتماماته في  رفضه للنظام والعبودية والقهر وكأن الظلم والاحتلال والسجن والقتل والنفي عن الاوطان وطرد الناس من بيوتهم وهدمها على رؤوسهم ليس من وظيفة الإعلام، بل نقول إنه من صميم عمله الحق، ولكن نشهد اليوم إعلاماً مسيساً تحكمه المؤسسات الكبرى في العالم وتجيره لمصالحها المنتشرة هنا وهناك".

من جهة اخرى، نظم المركز جلستين عصر امس ترأس الاولى وزير الاعلام غازي العريضي، وتحدث فيها رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ والزميل سركيس نعوم عن: "دور الاعلام في الوحدة الوطنية"، والدكتوران جيروم شاهين وانور خطار عن الوحدة الوطنية في الاعلام اللبناني".

وادار الجلسة الثانية الزميل محمد المشنوق، وعنوانها الاعلام والصراع العربي - الاسرائيلي، الاعلام والقضية الفلسطينية والانتفاضة"، وتحدث  فيها الدكتوران جورج جبور وغسان العزي.

source