لسلام الأحرار جاهدَ

calendar icon 23 تشرين الثاني 2000 الكاتب:اغناطيوس الرابع هزيم

مثله المطران الياس نجم


مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الخامس: "المقاومة والمجتمع المقاوم"
(كلمات الافتتاح)


السادة الحضور الكرام، سلام عليكم ورحمة من عنده وبعد،

نجتمع هنا على هذه الارض المباركة، وفاء منا  لإنسان  لبس عباءة الإمامة ليخدم ويكون داعية دائبة إلى الفضيلة، التي هي في نظره طهر ونقاء.

الإمام موسى الصدر كان داعية  بأن  نَفِيَ للإنسان، مثلما يتوجب علينا للهّ عزّ وجل الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله. أن  نفيَ  للهّ يعني أن نخدمه، أن نطيع مشيئته، وأن نَفِي للإنسان يعني أن نحترمه، أن نخدمه، أن نصون إنسانيته. بهذا الإيمان وبهذا العمق الروحي اختار الإمام موسى الصدر الأمة العربية ووحدتها. اختار تاريخها ورسالتها. اختار خندق إنسانها الشريف البسيط المكافح المكابد، وحمل لواء النضال في مواجهة أعدائها.

كان يحرص على التعبير عن شخصية الأمة، ويحث على مواجهة الدنيا من أجلها، رافضاً أن يفرض عليها المستغلون مشيئتهم باستثمار ثرواتها وإيقاف تقدمها وإذلال إنسانيتها.

أيها السادة:

الإمام موسى الصدر تغنّى بمحبته لأمته، فنشأ عنده ذلك الحس بعلاقته بالوطن والشعب والأمة. فكان الوطن عنده " مناخ استقرار وطمأنينة وثقة في إخاء حقيقي، وحرية مسؤولة وطموح إلى بسط العدالة الاجتماعية في إطار تكافؤ الفرص  للجميع وفي احترام حضاري للكرامة الإنسانية ".  والإنسان في نظر سماحته هو الوطن الحي، وهو الشعب الحي، وهو الأمة الحية، فكان دائماً يستصرخ الضمائر كلما ألمّ مكروه  بالوطن أو الشعب أو الأمة. وما وقف مكتوف اليدين في معزل عن مشاطرة الناس آلامهم.

وكم نادى سماحته ونبـّه من أجل جنوب لبنان، ومن أجل ماكان يعانيه، ومن خطر إسرائيل عليه. وكم حذّر من المؤامرة على لبنان، وطالب كل العرب أن يقفوا موقفاً مشرفاً لإيقافها، فوجه إلى مؤتمر القمـة في الرياض 21/10/1976 قائلاً:

"أيها الأشقاء العرب،

إن محنتنا هي محنتكم، وإن بلاءنا العظيم هو بلاؤكم، استعجلوا واستعدوا لإيقاف المؤامرة". ويرى سماحة الإمام الصدر أن السلام الذي من أجله يجب أن نجاهد وأن نبشر به هو سلام الأحرار المحررين الفرحين بالوجود وبالحياة ورحمة الإنسان أخاه الإنسان. السلام الذي من أجله يجب أن نجاهد هو عكس السلام الذي يفرضه القوي على الضعيف ليستكين مستسلماً لغطرسته وجبروته. السلام الذي أراده، ونريده، ليس سلام العبيد، بل سلام المتساوين في الحرية والرخاء.

وهكذا كان سماحته يحثّ وينادي من أجل خوض المعركة، من أجل السلام الحقيقي، السلام الذي يحقق مشيئة اللّه ومشيئة الإنسان، السلام الذي يدافع عن إنسانية الإنسان وكرامته ضد مستعبديه، ضد قاهريه، ضد من يحجبون - بسبب من قوتهم وقدرتهم على البطش وامتلاكهم آلات الدمار -يحجبون الغذاء عن الشعوب، ضد من يجوّعون الشعوب ويحاولون إبادتهم.

يشجع على النضال والثورة، ضد العنصرية الصهيونية التي بطاغوتها وأنانيتها وبتنكرها  للقيم ما زالت مدينة السلام - القدس، وكل فلسطين، ترزح تحت ثقل  ظلمها وقسوتها.

ومن أقوال سماحته للمجاهدين الأبطال الذين  يجاهدون من أجل تحرير الأرض والقدس:

"إنكم يا جنود اللّه الأبطال  بجهادكم تسبّحون اللّه، تنزهونه عن الصفات التي تزعم الصهيونية اتّصافه بها من  التمييز بين خلقه. إنكم في الطريق الى الأرض التي باركها اللّه وطهّرها وإلى المدينة المقدسة التي منها انطلقت الأديان والحضارات الإنسانية. إن دماء شهدائكم أيها الأبطال  تروي كرامة  العرب وتعيد حياة الأديان والقيم الإنسانية".

أيها السادة:

هكذا  كانت كلمة سماحة الإمام موسى الصدر، كلمة الدعوة للجهاد من أجل تحقيق غايتين :الوفاء للّه والوفاء للإنسان.

وشــكراً

source