الوحدة الوطنية الانتماء والمواطنة، المثلث الافهومي في رؤية الإمام الصدر السياسية

calendar icon 24 تشرين الثاني 2000 الكاتب:ساسين عساف

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الخامس: "المقاومة والمجتمع المقاوم"
(كلمات الجلسة الثانية)


في الواقع الشكر في العمق والاحترام في الذروة والتقدير في وسع المدى لهذه المؤسسة الكريمة التي جمعتنا حول رجل عظيم من عظماء هذه الأمة، وإن أمة تعرف كيف تحيا على فكر رجالها العظام لا بد منتصرة.

قرأت كلاماً للامام موسى الصدر قاله في كنيسة الكبوشية في باب ادريس، ونشره النقيب زهير عسيران في جريدة النهار يوم 22 أيلول عام 2000، جاء فيه :

"... وأنا جالس تحت الصليب قلت كلاماً ينفع المسلمين والمسيحيين ويخدم وطناً هو للجميع. فقد شاء اللّه وقدّر على اللبنانيين أن يعيشوا معاً في كيان واحد اذا دمّر دمّرت الطوائف جميعاً، ولا عاصم للبنان اليوم والى الأبد غير وحدته. من يطلب انفصالاً وعيشاً مستقلا فهو يطلب المستحيل ويسعى لإنهاء وطن، فلبنان أصغر من أن يتجزّأ وأكبر من أن يبتلع بوحدته وتضامنه وقدره في كينونته كما شاءها اللّه. بقاؤه في أيدينا وزواله في أيدينا.."

أذكر هذا الكلام الذي قاله الامام منذ ثلاثين عاماً في مستهلّ هذه الدراسة لشدّة ارتباطه بواقع أمرنا الراهن الذي بتنا نسمع فيه كلاماً لا ينفع المسلمين والمسيحيين ولا يخدم وطناً هو للجميع. فالكيان، في ظلّ كلام لا ينفع شعباً ولا يخدم وطناً، كيان مهدّد بالزوال، بزواله لن تبقى للطوائف كياناتها الخاصّة. والوحدة الوطنية في ظلّ هذا النوع من الكلام يتعذّر بناؤها فيبقى الوطن، تالياً، مكشوفاً وبدون عاصم، وبانكسارها لن يقوى أحد على الانفصال والعيش بالاستقلال عن الآخر. فإنهاء الوطن يتمّ بانكسار وحدته. أمّا وحدته فهي الكفيلة بجعله عصيّاً على التجزئة والابتلاع. بقاؤه مرهون بوحدة أبنائه.

من جبل عامل، من أرومة العلماء، ابن النّجف الأشرف، سليل المرجعيات الشيعية الكبرى في العراق وايران، وريث المجتهدين والمناضلين والثوّار، ابن الجرح والوجع الكربلائي في تاريخ الأمّة، قدم الى لبنان، وعى عمق التفاوت بين أبنائه ومناطقه، وقف على دقّة توازناته، أدرك دوره في تفاعل الحضارات والثقافات، فشقّ دربه النضالي حاملاً في يده وعقله وقلبه ولسانه قضيّة لبنان بأبعادها الاجتماعية والسياسية والقيمية، وعلم منذ البداية أنّه لا وحدة وطنية في غياب العدالة الاجتماعية وفي وجود خلل في التوازنات السياسية وفي عدم الاعتراف بالآخر وجوداً حضارياً ثقافياً متمايزاً ومتفاعلاً من موقع الخصوصية.

من أجل العدالة أسّس حركة المحرومين، ومن أجل التوازن أسّس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، ومن أجل التفاعل أسّس لجنة الحوار الاسلامي - المسيحي .. وعليه، إنّ مرتكزات الوحدة الوطنية عنده هي العدالة بين المواطنين، التوازن السياسي بين الطوائف، التفاعل بين الأديان والقيم الثقافية.

المنطلق الاجتماعي الجغرافي لهذه الوحدة هو أنّها وحدة بين المركز والأطراف تبنى على قاعدة تأمين الحياة الانسانية الكريمة لجميع المواطنين في جميع المناطق· فالتخلّف عدوّ الوحدة(1). "رعاية العدل واحقاق الحقّ ورفع الظلامات عن جميع المغبونين من المواطنين" كلام قاله الامام الصدر وفي اعتباره واليقين أنّ الحرمان هو جغرافي لاحق بعدد من المناطق التي تسكنها غالبية شيعية. الحرمان في رأيه حرمان مركّب، مناطقي/طائفي. ليس للظّلم طائفة فالظالمون من كلّ الطوائف والمظلومون من كلّ الطوائف. يقول : " انّنا مع كلّ المظلومين من جميع الطوائف"(2). لا عجب في ما يقول، وهو الذي أقسم أربع مرّات " بألاّ نهدأ طالما يوجد في لبنان محروم شيعياً كان أو غير شيعي، وطالما توجد في لبنان منطقة محرومة "(3).

مفهومه للغبن والحرمان ينطوي على نظرة وحدوية ويتحرّك نحو أهداف وحدوية. العدالة للجميع، طوائف ومناطق، هي عنوان الوحدة. ثمّة في نظام تفكيره علاقة جدلية بين الوحدة والانصاف أو العدالة. لم يقبل التمييز بين الطوائف ولم يقبله بين المناطق. فالتمييز هو عامل إضعاف للوحدة، وهو نقيض العدالة، وهو انتهاك لحقوق المواطن واعتداء على كرامته الشخصية. العدالة وكرامة المواطن تشكّلان حزام الأمان للوحدة. يقول السيّد الامام : "إنّ الأساس لبقاء الأوطان العدالة وكرامة المواطن"(4). أمّا وحدة الكيان وثباته فمقيّدان بشرط عدم الاستئثار والطغيان وتجاهل الآخر. " فالاستئثار والطغيان وتجاهل حقوق الآخرين تزعزع كيان البلد وتعرّض مستقبله للخطر "(5).

الفكرة السائدة في نظام تفكيره الاجتماعي هي أنّ " لبنان بلد الانسان والعيش الكريم " وأنّه وطن الجميع، وطن " لا يمكن بقاؤه مع حرمان القسم الأكبر من أبنائه" و "وحدة شعبه، بمناطقه وطوائفه المتعدّدة، يجب أن تترجم بالعدالة الاجتماعية وبتكافؤ الفرص بين الجميع"(6).

محور تفكيره بقاء لبنان ووحدته الوطنية، يقول : " الأساس بقاء الوطن، بقاء الأمّة، الأساس وحدة لبنان "(7).

المنطلق الاجتماعي السياسي التكويني لهذه الوحدة هو أنّها وحدة بين الطوائف، وحدة في التنوّع وفي التعدّدية المتكاملة المبنية على قاعدة المساواة في العلاقة بالدولة. إشراك الطوائف بشكل متوازن في مؤسسات الدولة هو المبدأ الثابت لضمان وحدتها. لا وحدة خارج مبدأ المشاركة المتوازنة (8). إشراك الطوائف في مؤسسات الدولة ضمان وحدتها لأنّه من جهة أولى ينأى بالطوائف عن بناء مشاريعها الخاصّة والمستقلّة، ولأنّه من جهة ثانية يمنع الطغيان والهيمنة : "إنّ دولة لبنان تشمل مذاهب مختلفة وعناصر متنوّعة تعيش في نظام ديمقراطي مسالم"(9). ديمقراطية السّلم الأهلي (المسالمة بين المواطنين) هي ديمقراطية المشاركة المتوازنة في دولة " تمثّل جميع الطوائف المختلفة "(10). فكلّ طائفة هي طائفة في دولة وليست دولة في دولة، وهي شقيقة لطوائف أخرى يتكوّن منها المجتمع الذي تنبثق منه وتتّسع له الدولة (11).

هذه الأُفهومة الثابتة في فكر الامام حرّكت لديه فكرة بناء مؤسسة للطائفة الشيعية أبعد ما تكون، على حدّ تعبيره، عن الفكرة الطائفية " بل هي تنظيم لرفع مستوى أبنائها تسهيلاً للتعاون وأداء واجباتنا الوطنية والاجتماعية أسوة بسائر الطوائف اللبنانية الكريمة"(12). فالطوائف هي في خدمة الوطن، والعكس لا يستقيم.

أمّا الأساس لبناء وحدة وطنية متكافئة فهو أنّه لا امتياز تاريخياً لطائفة على طائفة في خدمة الوطن والدولة (13). أبناء الطوائف متساوون في الغرم من أجل الوطن. تنظيم الطوائف هو لتفعيل المشاركة في بناء الدولة وحماية الوطن خارج الطموحات الخاصّة والمتصادمة مع طموحات الطوائف الشقيقة. التنظيم هو طريق التمثيل الصحيح في الدولة. الطوائف تنشط وتتحرّك تحت سقف الدولة وهي، ليست، تالياً، البديل عنها. مؤسسات الطوائف هي للجمع لا للتفرقة، هي في خدمة المجتمع والدولة (14). مؤسسات الطوائف هي للانفتاح على الآخر " فلا دين يدعو الى الانعزال واحتقار الآخرين أبدا"(15).  وهي منطلقات للتعاون وللحوار بين الطوائف ومع الدولة لصالح الأهداف الوطنية. مؤسسات الطوائف ليست دويلات في داخل الدولة، يقول السيّد الامام : " لا حلّ للبنان الاّ في اقامة الشرعية، ولا شرعية الاّ بتذويب الدويلات أيّاً كانت صيغتها وكان اسمها وشكلها وفعلها "(16). مؤسسات الطوائف ليست بديلاً عن المؤسسات الوطنية والدستورية. ارادتها لا تعلو فوق الارادة الوطنية المعبّر عنها وطنياً ودستورياً، وهي ليست مرجعيات موازية للمرجعيات الشرعية. هذه هي المبادئ الحاكمة لفكر الامام في علاقة الطوائف بالدولة، وهي مبادئ تؤسّس لكلّ كلام على وحدة وطنية حقيقية وثابتة.

المنطلق اللاّهوتي/الفقهي لهذه الوحدة هو أنّها وحدة بين الأديان. فالدين، باحترامه كلّ انسان من دون النظر الى رأيه أو عقيدته، ليس عائقاً أمام الوحدة الوطنية، لا بل هو مرتكز من مرتكزاتها الأساسية. أمّا العوائق أمام الوحدة فينشرها التعصّب والعنصرية (17).

هذا المنطلق اللاّهوتي/الفقهي يحدّد رؤية الامام للبنان، ملتقى المسيحية والاسلام.

" ولبنان حيث يلتقي أبناء الديانات ويعيشون إخوة مواطنين وتجتمع فيه ألوان من الثقافة والحضارة والتيارات الفكرية من الماضي والحاضر ومن الشرق والغرب يعدّ ضرورة حضارية لخلق الحوار بين أعضاء الجسد الانساني الكبير، ويعدّ ضرورة دينية يرفع عن الأديان تهمة التعصّب وتقسيم البشرية وتجزئتها، وضرورة ثقافية يسهل عليه أن يكون لساناً وسمعاً للاستماع والمخاطبة بين الشرق والغرب وبين القارات. انّ التفاعل بيننا يعالج كثيراً من مشاكلنا ومشاكلكم ويخدم الانسان والسلام معا"(18).

فلبنان ذو واقع تاريخي يمتدّ الى أقدم العصور. وتاريخه، كما يقول الامام، "يحمل في طيّاته الكثير من الحضارات والأمجاد والرسالات والثقافات ".

وهذا المنطلق اللاّهوتي/الفقهي يحدّد، تالياً، رؤية الامام للانسان اللبناني الذي يمتلك حضارات وامكانات كانت ولا تزال تحدوه على القيام بدور رسالي كبير. وهو يحدّد، كذلك، رؤية الامام لواقع لبنان الحضاري. فلبنان ذو واقع حضاري مكوّن من مختلف الحضارات المتنوّعة والثقافات المتعدّدة ممّا يجعله ملتقى متعدّد النوافذ الحضارية التي تعكس عليه تجارب ملايين ومليارات من البشر.

رؤيته للبنان/التاريخ، ولبنان/الانسان، ولبنان/الحضارة، تقوده الى واحد من اثنين في مستوى فهمه للوحدة الوطنية :

-" هذه الألوان والمجموعات من الممكن أن تستعمل وتستغلّ للعزل والانفصال..

-" ومن الممكن أن تستغلّ كمنطلقات للتعاون... وسيلة للتلاقي، للتعارف، لتبادل التجارب، وتالياً، لتكوين حضارة انسانية تصدّر للعالم وتكون مهمّة رسالية لهذا البلد"(19)· رسالة الشعوب هي ضمان وحدتها واستمرارها: "والشعب يبقى لا كأفراد وأنفار (فما أكثر الأمم الغابرة) بل يبقى كاتّجاه ورسالة"(20).

من شروط الوحدة القائمة على التفاعل بين المسيحية والاسلام " وجود الاحترام المتبادل بين أبناء هذا البلد " وعدم الشعور بالاستغناء عن الآخر والوعي للمسؤولية المشتركة في تأدية الرسالة ·

بمثل هذا الصفاء اللاّهوتي والرقيّ الانساني والتهذيب الأخلاقي ينظر الإمام الى الوحدة بين اللبنانيين. والخطر على هذه الوحدة، في رأيه، هو "الخطر الداخلي خطر الانقسام. وهو يحصل نتيجة للتحقير وعدم الاحترام والاحتكار للوطنية وتصنيف الناس"(21).

الوحدة الوطنية القائمة على تفاعل المسيحية والاسلام بما يمثّلان من قيم انسانية وأخلاقية هي غير الوحدة الشكلية المتمثّلة بطائفية النظام والسلطة: " فالطائفية التي تشكّل قاعدة الحكم في لبنان " هي بلاء الوطن والحكم. لذلك ينكر الامام أن تكون من الدين. " فهي وضعت كتصنيف بين المواطنين "، ويضيف : " انّ أكثر الناس تعصّباً للطائفية في لبنان هم أبعدهم عن التديّن. الطائفية ما وضعت كدين قائد للحكم ولكن كتقسيم للناس. وعلى هذا الأساس فالطائفية في لبنان بحث سياسي وليس بحثاً دينياً (22) بهذا المعنى يكون التطيّف عامل انقسام، والتديّن عامل وحدة .

إنّ الطابع الطائفي في نظام الحكم يصنّف المواطنين منذ ولادتهم الى أصناف ويفرّغ التعاليم الدينية من محتوياتها السامية (23). والإمام ان ارتضاه في الواقع، فذلك لأنّه وفق تعبيره " ضمانة للعدالة "(24). ولكنّه، في ضوء تقييمه للممارسة التي زرعت كلّ أنواع الظلم من استبداد وإقطاع وتسلّط وتصنيف، راح يعتبر أنّ نظام الطائفية السياسية لم يعط ثماره .. يمنع التطوّر السياسي ويجمّد المؤسسات الوطنية ويصنّف المواطنين ويزعزع الوحدة الوطنية "(25) ، التي لن تقوم إلاّ بقيام كتلة تاريخية " متآلفة دافئة تتخطّى الحواجز المصطنعة بين أبناء هذا الوطن، تكون قوية، أبوية، موثوقة، مضحّية، موضوعية "(26) ، كتلة غير طائفية، كتلة اللبنانيين الشرفاء جميعاً.

بهذا المعنى تسقط وحدة المنافع والأسلاب واقتسام المغانم، وحدة المحاصصة، الوحدة الشكلية السطحية، وحدة المنتفعين من النظام الطائفي لتقوم وحدة الفداء والاستشهاد والبذل والعطاء والتضحية.

بهذا النفس اللاّهوتي/الأخلاقي التعليمي يدعو الامام الى بناء الوحدة الوطنية، وحدة التلاقي في الأساس وفي الجوهر بين المسيحيين والمسلمين، يقول: " تعالوا الى العقل ونداء الحبّ والسعي المشترك لبناء الوطن الواحد. تعالوا نكرّم الحسين وذكراه وهدفه وأسلوبه، ذلك الهدف والأسلوب المشرفان اللذين التزمهما المسيح من قبل، ومارسهما جميع المرسلين "(27).

الفكرة الرئيسية التي تنتظم رؤياه الى الوحدة الوطنية القائمة على تفاعل المسيحية والاسلام هي أنّ لبنان هو " ضرورة دينية تثبت امكانية تعايش الأديان والمذاهب بعضها مع بعض في مجتمع واحد"(28) وهو " بلد المشاركة التامّة في الايمان والتاريخ وحتى في العبادة"(29). هذه المشاركة المثلّثة الأبعاد (ايماني، تاريخي، عبادي) هي جوهر الوحدوية اللبنانية ورسالة لبنان وسرّ وجوده الديني والحضاري والسياسي. فأعزّ ما عند لبنان، يقول الامام، تعايش أبنائه الذي أصبح ملكاً للعالم ومنطلقا" للتفاعل الحضاري (30). من خلال هذا التفاعل تتّضح صورة الانسان الذي أراده اللّه في لبنان الوطن الذي "يرتبط خلوده وشموخه، كخلود الميلاد وشموخ عاشوراء، بالقيم الانسانية فقط "(31).

فكر الامام يربط ما بين السياسة واللاّهوت بشفافية فكرية عليوية لا يلتقطها أصحاب المصالح الدنيوية، أمراء الحروب الطائفية، حرّاس الفواصل بين أبناء الوطن، قتلة لبنان الرّسالي الذي قال فيه البابا يوحنا بولس الثاني في ارشاده: "لبنان أكثر من وطن، انّه رسالة." الارشاد الرسولي في نظرته الى هذا اللبنان لم يكن بعيداً عن فكر الامام القائل: "انّ الصعوبات التي تعترضنا هي أقلّ من أن تسلب رسالتنا الحضارية ومسؤوليتنا التاريخية..  ويا (اسرائيل) التي أردت القضاء على تعايشنا المثالي لكي لا يشكّل بوجودنا سنداً حيّاً قريباً لإدانتك، اعلمي أنّنا قبلنا أمانة اللّه وأمانة الانسان التي هي وحدتنا الوطنية الشاملة للمسيحيين والمسلمين، قبلناها وحدنا بين بلاد اللّه كلّها. وبذلك أصبحنا موضع آمال العالم ومثالاً متجسّداً لمستقبله وواحة نموذجية لحضارته المستقبلية، كما كسبنا بذلك رضا ربّنا ودافعنا عن دينه أمام الاتّهامات الموجّهة الى رسالاته، وسوف نبقى متمسّكين بتعايشنا، أمناء على الأمانة الغالية "(32).

خلاصة خلاصات لاهوته السياسي في إطار هذا الأفهوم تختصر بالآتي: "لبناننا أرض اللّه والانسان"(33). "اذا سقطت تجربته"، على حدّ تعبيره،" أظلمت الحضارة الانسانية". وعليه، إنّ الوحدة الوطنية القائمة على تفاعل المسيحية والاسلام وتعايش المسيحيين والمسلمين هي أمانة اللّه والانسان في يد اللبنانيين، وهي، تالياً، مسؤولية وواجب. لهذا يقول الامام : "إنّنا نتمسّك بوحدة لبنان ونحافظ عليها وعلى صيانة هذا الكيان الذي هو أمانة للحضارة العالمية"(34).

وخلاصة خلاصات لاهوته السياسي في إطار أفهومه للدولة اللبنانية تختصر بالآتي: "الدولة يجب أن تكون دولة سماوية لا دولة دينية "(35).

هذه اللاّهوتية الصافية والأخلاقية العالية في تفكيره السياسي هي امتياز خاص لمن ارتقى في معارج الطوباوية حتى الذروة الأعلى.

أفهوم الوحدة الوطنية الذي احتلّ الدائرة المركزية في تفكير الامام يتقاطع وأفهوم الهوية والانتماء. فالامام لبناني مؤمن بالكيان اللبناني معلماً حضارياً وقيمة انسانية، مؤمن به كياناً تتحاور فيه وتتفاعل قيم الاسلام والمسيحية والعروبة الحضارية، مؤمن به كياناً يواجه عنصرية الكيان الصهيوني (36)، مؤمن به كياناً واحداً بأرضه وشعبه ودولته. فوحدة الهوية والانتماء عنده هي للوطن لا لإقليم جغرافي منه، هي للشعب لا لطائفة منه أو فئة، هي للدولة لا لواحدة من مؤسساتها.

وحدة الهوية والانتماء لا تعرف التصنيف أو التمييز بين المناطق ولا بين الطوائف ولا بين المؤسسات. فالشيعة، مثلاً، ليسوا حفظة الجنوب بل حفظة لبنان (37).

.." أنا قلت لهم (للدولة) انّي أنا الشيخ مستعدّ لأذهب وأموت على الحدود دفاعاً عن وطني "(38). لم يقل الامام دفاعاً  عن جنوبي .. هذا ما يفرضه الوعي بوحدة الهوية والانتماء.

الوعي بالهوية يفرض نوعاً  من التلازم العضوي بين الذات والوطن، يقول الامام: "أنا لا أقبل أن أكون عزيزاً ويكون وطني ذليلاً (39). انّ الوطن، على حدّ قوله، يعيش في ضمائر أبنائه قبل أن يعيش في الجغرافيا والتاريخ (40).

الوعي بالهوية يفرض، كذلك، تلاحماً بين الاحساس بالكرامة الشخصية والكرامة الوطنية:" أنا لا أقبل أن تهتك الطائرات الاسرائيلية أجواء بيروت وكلّ المناطق اللبنانية (41).

هذه هي لبنانية الامام التامّة فهو لا يعرف أنصاف الهويات والانتماءات لأنّه لم يكن من أهل المصالح الخاصّة: أقسمنا بلبنان، يقول الامام. ألا يقسم الانسان بأعزّ ما يمتلك، هويته وانتمائه ؟! " سنكون جنود الوطن.. لست طامعا" في الحكم أو النيابة ولا في كرسي"(42).

أمّا لبنانية الشيعة فقد اختصرها بالقليل الأقلّ من كلام ذي معان جليلة، يقول : "انّ الشيعة كانت منذ أن كان لبنان، وانّ الشيعة كانت من لبنان منذ أن كان، عمّرت سهوله كما عمّرت الجبال، وعصمت جنوبه كما شرقه والشمال. عاشت معه في السرّاء والضرّاء، فسقت تراب لبنان من دم، كما رفعت في سمائه ألوية مجد. شاركت الشيعة في اخضرار لبنان فلم يعتد الجمال، وقادت ثوراته فلم تعتد السيوف.. انّ هذه الصفات البهيّة من تاريخ الشيعة في لبنان جعلت ميثاقاً عميقاً وأبدياً بينهم وبين لبنان لا يتنازلون عنه ولا يتنازل هو عنهم "(43). هذه هي لبنانية الشيعة كما رآها الامام. لبنانية صافية يضيئها جرح الفداء : " سلوكنا الحسيني يفرض علينا الدفاع عن أرضنا "(44).

لقد ارتقى الامام بالعلاقة بين الشيعة ولبنان الى أصفى درجات التوحّد من دون أن يصاب بعقدة الاستعلاء أو التشاوف التاريخي على أيّ فريق لبناني آخر، ومن دون أن يصاب بمرض احتكار الهوية والانتماء. فهو ليس شوفينياً وليس نرجسياً في منهج تفكيره والتصرّف. لبنانية الشيعة، كما رآها الامام في جانب آخر، لبنانية متواضعة ومتأصّلة في عمق حضارتها. فالمهاجرون الشيعة، على حدّ تعبيره، " لا تبهرهم حضارة سوى حضارة لبنان "(45).

ايمانه بلبنان يعادل ايمانه باللّه وبالانسان. هذا الايمان يعطي الهويّة بعدها اللاّهوتي/القيمي ويلقي على الانتماء هالة قدسية. وهو، في مستوياته الثلاثة، اللاّهوتية والوطنية والانسانية، يلاحقه أينما كان وفي أيّ زاوية عاش فلا خلاص منه ولا مناص الاّ بالموت أو العجز (46).

لقد شفّ وعيه ودقّ احساسه بالهوية والانتماء حتى بات لبنان يسكن عقله وقلبه وضميره وديعة من لدن اللّه وأمانة من لدن الانسان. عاش في قلق كياني دائم عليه وأثقلت الوديعة والأمانة كاهله. أَوَليس القلق الكياني على الوطن هو أعلى مراتب الانتماء اليه؟

لبنانية الإمام، هويّة وانتماء، هي لبنانية العطاء والخدمة: " تحدّثوا عنّي كعظيم الى جانب لبنان العظيم، لكنّني أرجو أن أكون خادماً في كيانه وبقائه "(47).

هذا الرجل متجرّد تجرّد الأطهار والنبيّين يؤدّون رسالة الخدمة بفيض من الوعي بالهوية وشعور بالانتماء. محبّة الوطن تقتل فيهم شهوة الانتقام منه إن جار عليهم أو ضام أو ظلم: " نحن لا يمكن أن ننتقم من الوطن "(48). فالانتماء المتجرّد من مأرب أو هوى يجعل المرء غفّاراً لمن أساء اليه وآذاه. فالوطن هو " أبعاد وجود الانسان وأساس كرامته ومجال رسالته تجب حمايته بالأرواح والدماء "(49) والدفاع عنه هو دفاع عن اللّه (50) وأرض الوطن تعكس السماء (51).

هذا هو معنى الانتماء في معجم اللاّهوت السياسي عند الامام .

انتماؤه الصافي للبنان جعل ولاءه اللبناني ولاء مطلقاً ولكن من دون تحجّر أو تعصّب وانعزال. فالتزامه قومي عربي، ديني اسلامي، وقيمي انساني. لبنانيته لا تناقض عروبته واسلاميته تتحرّك في أفق انساني رحب ومفتوح، تحترم كلّ الأديان والحضارات والثقافات وتسعى لخلق التفاعل الايجابي بينها. إنّه انسان حضاري بانتمائه. وانتماؤه نقيض الانتماءات البدائية المغلقة. إنّه انتماء الوعي المشفّ والفكر الرّحب والروح السّمح لا انتماء العصبية.

تأسيساً على معنى الانتماء كما نفهمه في رؤيا الامام، ننظر الى معنى المواطنة. يقول: " والمواطنون عليهم أن يجتمعوا ويناقشوا ويخضعوا للشرعية ولسلطان الدولة.. انّ الادارة العامّة للمواطنين، إنّ الحكم بين الناس يجب أن يكون لقوّة هي قوّة الدولة وسلطانها"(52). فالمواطنة هي علاقة بين المواطن والوطن، "والحاجة الى الأوطان ليست ترفاً فكريا" (53)، يحدّدها قانون الدولة القائمة فوق أرضه بإرادة بنيه ، وهي علاقة ينتظمها مبدأ الحقوق والواجبات التي من أهمّها الحقوق والواجبات السياسية. " هل يريدون من الجنوبيين أن يسكتوا على كلّ هذا الاهمال واللاّمبالاة ويتحمّلوا المصائب والموت والدمار وهم يشعرون ويلمسون أنّهم لا يتمتّعون بأبسط حقوق المواطنية وأولاها، خاصّة بعدما أدّوا في جميع المراحل والأوقات واجباتهم كاملة تجاه الوطن والمواطنين ؟"(54).

همّ الامام في مسيرته النضالية والفكرية هو إشعار الجميع بأنّهم أعضاء بعضوية كاملة في جسم الوطن وبنية الدولة. فاللبنانيون ليسوا أبناء تابعيات دينية مذهبية وطائفية بل أبناء جنسية واحدة هي الجنسية اللبنانية، وهم خاضعون لقوانين الدولة اللبنانية وأنظمتها. " الولاء الوطني لا الطائفي هو الحدّ الأدنى من شروط المواطنية .. يجب أن يعطي الوطن للمواطن أكثر ممّا تعطيه طائفته، وبذلك نعمّق مفهوم الولاء ونعطيه بعداً إنسانياً "(55). وحدة الجنسية تفرض وجود قوانين وأنظمة عادلة تحمي المواطن وتوفّر له حقوقه المدنية والسياسية كاملة والشروط الاجتماعية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق الإنصاف وبتأمين المشاركة الفاعلة في صنع القرارات الوطنية. " فلنقوّ هذا الاتّجاه الوطني الواحد بالمشاركة الحقيقية التي هي الميثاق الحقيقي وهي المواطنية الصادقة والوحدة الحقيقية " (56). المواطنة تقوم على مبدأ المشاركة وتكتمل بها.

هذا في المبدأ. أمّا في الواقع فلقد أدرك الامام بعقله العملي وإحساسه الواقعي أنّ المواطنة في لبنان بإمكانها أن تكون كاملة ومتكافئة من دون إلغاء مفتعل للطوائف وبشرط ألاّ يشعر المواطن " بعجز الطائفة عن إبراز شخصيتها المتكاملة في مختلف ميادين الحياة بحيث تكون الظهير لأبنائها وموضع اعتزازهم وعوناً لهم في الملمّات "(57). ولمّا أنشأ المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى أنشأه " ليكون قوّة مواطنية ضاغطة تنصح وتراقب وتطالب وتقوم برأب الصّدع ورتق الفتق، وتمنع الاهمال وتحول دون التفرقة "(58). مادامت مؤسسات الطوائف تعمل من أجل المواطنة وتعزيز فكرتها وإدخال موجباتها في النظام السياسي فهي تبقيها فوق الانتماءات الطائفية. وما دامت الدولة اللبنانية تشمل مذاهب مختلفة وعناصر متنوّعة تعيش بنظام ديمقراطي مسالم فهي توفّر للمواطنة أرقى مضامينها العملية وأسلم تعبيراتها الحضارية، وتشكّل بذلك نقيض الدول القائمة على أساس عنصري، ديني أو عرقي.

المواطنة في الأنظمة الديمقراطية والدول الحديثة التي تحترم حقوق الانسان تنابذ تصنيف المواطنين منذ ولادتهم ولا تجعلهم يدفعون أثماناً أرضية متفاوتة لانتماءاتهم السماوية، وتوجب بينهم العدالة التي تلغي الامتيازات بين مواطن وآخر.

انّ التمييز بين المواطنين على قاعدة انتماءاتهم الطائفية لا يكافح الاّ بتأمين حقوق الطوائف. فأبسط حقوق المواطنية القضاء على الاستئثار والطغيان وتجاهل حقوق الآخرين بدعوى الانتماء الطائفي. المواطنة لا تعرف التمييز أصلاً بين مواطن وآخر، فكيف اذا كان هذا التمييز يجري على قاعدة النظر في انتماءات المواطنين الطائفية ؟!

من خلال هذه النظرة الوطنية الشاملة يتمّ لنا فهم كلام الإمام على حرمان الطائفة الشيعية وليس من خلال النظرة المذهبية الضيّقة، ويتمّ لنا تالياً فهم كلامه على الطائفية في النظام الديموقراطي (59).

والمواطنة في فكر الإمام يستدلّ اليها من أفهومه للوطن. " فالوطن حقّ وواجب ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وإنّ الحقّ من دون واجب صفة للمزرعة، وإنّ الواجب من دون حقّ استعمار محض "(60). لقد وجد الامام في الوطن مواطنين عليهم واجبات وليست لهم حقوق، فهم لا يعيشون في وطن بل في مستعمرة. ووجد فيه مواطنين لهم حقوق وليست عليهم واجبات فهم لا يعيشون في وطن بل في مزرعة. المواطنة الحقّ ليست في المستعمرة وليست في المزرعة، انّما هي في الوطن الذي يعيش فيه المواطنون سواسية في الواجبات وفي الحقوق.

الفكرة السائدة في نظام تفكيره في مسألة المواطنة هي فكرة الحقّ والواجب في علاقة المواطن بالوطن، وفكرة الأخوّة والعدالة في علاقة المواطن بالمواطن. وفي " ميثاق حركة المحرومين " قال الامام: " ترفض الحركة الظلم الاقتصادي وأسبابه من احتكار الانسان واستثماره لأخيه الانسان، وتعتقد أن توفير الفرص لجميع المواطنين هو أبسط حقوقهم في الوطن وأنّ العدالة الاجتماعية الشاملة هي أولى واجبات الدولة "(61). وعليه :

إنّ للمواطنة في فكر الامام بعدين: البعد القانوني، والبعد الانساني. فالعلاقة بين المواطن والوطن كما العلاقة بين المواطن والمواطن لا تحدّدها المدارس الحقوقية فقط بل تحدّدها كذلك المدارس الأخلاقية. أَوَليس هو القائل : لا يرتاح الانسان اذا جاع جاره ؟.. واذا كان البعد القانوني يفرض العدالة التامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين المواطنين فإنّ البعد الإنساني يفرض الاحترام والثقة والمحبّة والتعاون المتبادل. القانون ينتج صيغة النظام السياسي/الاجتماعي/الاقتصادي الذي يرعى شؤون المواطنين. والأخلاق تنتج صيغة الحياة المشتركة بين المواطنين. صيغة المجتمع في فكر الإمام تتقدّم على صيغة النظام. وشأنه في ذلك شأن جميع المفكّرين الأخلاقيين والإصلاحيين الإنسانيين.

فكره الاصلاحي تبدّى في طرح نوعي متقدّم يتناول قانون الأحوال الشخصية مفاده الآتي: "إنّ مجتمع لبنان الطائفي السلبي لا يزول الاّ عن طريق وحدة الأحوال الشخصية عند اللبنانيين والغاء قانون الأحوال الشخصية "(62).

المواطنة لا تستوي الاّ على نصاب وحدة التشريع المدني. وكلام الامام في هذا الصدد يؤسّس لفقه سياسي مختلف عمّا هو سائد في دوائر التفكير الديني التقليدية، ويتجاوز بكثير مسألة الغاء الطائفية السياسية والادارية الى مسألة الغاء الطائفية من أحوال الفرد الخاصّة وأحوال المجتمع العامّة. فالمواطنية لا تستقيم في ظلّ نظام اجتماعي يسمح للأفراد وللجماعات بامتلاك قوانين أو تشريعات خاصّة وهذا هو الطريق السليم لالغاء درجات التفاوت في تعامل الدولة القانوني والتشريعي مع المواطنين.

في ضوء هذه الأفاهيم والرؤى السياسية الثابتة والمتحرّكة في فكر الامام نستجمع الآتي:

1- الإمام الصدر مسلم مؤمن برسالته القرآنية. صافي الروح ومنزّه عن المادّيات، روحاني التطلّع طوباويّ الآفاق .

2- انسانيّ النّزعة يناصر المعذّبين في الأرض ويثور على الظالمين، يناضل في سبيل الحقّ.. و"الساكت عن الحقّ شيطان أخرس". نزعته الانسانية دفعت فكره الإصلاحي الى أقصى درجات الاجتهاد والتفتّح.

3- لبنانيّ مؤمن بلبنان وطن رسالة عالمية. كيانيّته، ربطاً برسالته، لا تعني الجغرافيا فقط أو الأرض بل تعني المدى. وما الأرض سوى الإطار المادي لاختبار الرسالة وإنجاحها وحمايتها وإطلاقها في المدى الأرحب.

4- عربيّ بسفور، لا حرج في عروبته ازاء لبنانيته واسلاميته. عربيّ حضاري مواجه للصهيونية والعنصريات كافّة.

إنّ رجلاً مسلماً إنسانياً لبنانياً وعربياً بهذه الأركان يبقى إماماً لشعبه فكراً ونهجاً ومسيرة نضال ..

كل النصوص الواردة في البحث مستقاة من كتاب الامام السيد موسى الصدر الرجل- الموقف - القضية، مكتبة صادر، 1993.

(1) - الطائفة الاسلامية الشيعية في لبنان ، آلامها وآمالها ، ص. 5.

(2) - يا صور من أرضك بدأنا ، ص. 127.

(3) - بين الشيعة ولبنان ميثاق أبدي ، ص. 139.

(4) - نحن حفظة لبنان ، ص. 101.

(5) – م.ن. ص. 101

(6) - أزمة مصير في لبنان والمنطقة ، ص. 181 .

(7) - الأساس وحدة لبنان ولا تنخدعوا بالشعارات ، ص. 206.

(8) - الطائفة ... م.س. ص. 6.

(9) - كيان لبنان لا يروق لاسرائيل ، ص. 63 .

(10)  - لبنان ضرورة حضارية ودينية ، ص. 69.

(11)  - الطائفة ... م.س. ص. 9 .

(12)  - م.ن. ص. 10

(13)  - المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ملتقى الجميع ، ص. 15.

(14) - محنة الجنوب محنة لبنان كلّه ، ص. 19.

(15)  - الخطر على لبنان هو من الداخل أكثر من الخارج ، ص. 24.

(16)  - لا حلّ للبنان الاّ في اقامة الشرعية ، ص. 404.

(17)  - في المقاومة ضمان المستقبل ، ص. 11 .

(18)- كيان لبنان ... م. س. ص. 61-62.

(19)- الخطر على.... م.س.ص 21- 22.

(20)  - الجنوب مسؤولية لبنانية وعربية ، ص. 33 .

(21)  - م.ن. ص. 23.

(22)  - الطائفية في لبنان سياسة وليست دينا" ، ص.46.

(23)  - حلول لمشكلات أساسية ، ص. 78.

(24)  - المطلوب بناء الدولة الحقّ بديلا" عن الانتماءات المختلفة ، ص.144.

(25)  - رأسمال لبنان انسانه ، ص. 164.

(26)  - المطلوب بناء ... م.س. ص.

(27)  - تقسيم لا يمكن أن يحصل ، ص. 210 .

(28)  - لبنان ضرورة حضارية ودينية ، ص. 69 .

(29)  - نحارب استغلال الطائفية ، ص. 272 .

(30)  - ينتصر الشيعة بانتصار لبنان الواحد ، ص. 324.

(31)  - لنخرج من الحرب ولنحفظ لبنان ووحدته ، ص. 326.

(32)-م.ن.ص. 330- 331.

(33)- م.ن.ص. 331.

(34)  - اذا سقطت تجربة لبنان أظلمت الحضارة الانسانية ، ص· 232 ·

(35)  - القلق على مستقبل لبنان ، ص· 433 ·

(36)  - لبنان في خطر داهم ، ص· 41 ·

(37)  - نحن حفظة... م. س. ص. 102.

(38)  - يا صور ... م. س. ص. 121 .

(39)  - م. ن.  ص. 124.

(40)  - لا حياة للوطن بلا المواطنية ، ص. 38.

(41)  - يا صور... م. س. ص. 124 .

(42) –م. ن. ص. 126.

(43)  - بين الشيعة ... م.س. ص. 128.

(44)  - لسنا متراسا" لأحد ، ص. 153.

(45)  - م.ن. ص. 129.

(46)  - م.ن. ص. 140.

(47)  - أرجو أن أكون خادما" في كيان لبنان، ص. 168.

(48)  - أزمة مصير ... م.س. ص. 179.

(49)  - ولادة أمل ، ص. 185 .

(50)  - الدفاع عن الوطن دفاع عن اللّه ، ص. 191 .

(51)  - تقسيم لبنان ... م.ن. ص.207.

(52)  - على المواطنين الخضوع لسلطان الدولة ، ص. 395.

(53)  - الجنوب مسؤولية ... م.س. ص. 32.

(54)  - الوقوف مع الجنوب ينقذ لبنان ، ص. 53.

(55)  - لا بدّ من بديل لاتّفاق القاهرة ، ص. 355.

(56)  - الجنوب مسؤولية ... م.س. ص. 33.

(57)  - الطائفة الاسلامية ... م.س. ص. 7 .

(58)  - محنة الجنوب ... م.ن. ص. 19.

(59)  -بين الشيعة ولبنان ... م.س. ص. 130.

(60)  - م.ن. ص. 139.

(61)  - رأسمال لبنان... م.س. ص.164.

(62) - لبنان بين الطائفية والعلمنة، ص.438.

_____________

منشورة في جريدة الوفاق تاريخ 24/08/2002

source