سلام عليك أخي

calendar icon 01 تشرين الأول 1998 الكاتب:رباب الصدر

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثالث: "بحثاً عن حق الإنسان"
(كلمات الافتتاح)


باسمه تعالى

سلامُ عليكَ أخي وسيدي حيثُ أنتْ، تحملُ محرابَكَ في صحراءٍ لم تتعودْ صوتَ بلال، والفجرُ وراءكَ يمشي، يأبى أن يَطلُعَ إلا بَعدَكْ.

وأبو جهلٍ يُمعِنُ في سَدِ الآفاقِ مخافةَ أن تَعبُرَ حزمةُ ضوءْ· ليكررَ ليلُ الأمةِ نـفْسَـهْ، ونداءٌ من قـلبِ الـوجعِ السـاكن فـينا يهتِـفُ مَـنْ لِقِتـال الـظلـمِ الشركْ، فيجيبُ الصمتْ، عليٌّ كان ولا يتكررْ، وقناديلٌ شَهقَتْ يومَ التتغيبِ تُفتشُ عـن كـفٍ تحـملُـها  لخوابـي الزيـتْ، وقـد مرَّ الـعـامُ العشرونَ ولم     تَـظفرْ، آمنتُ بـحقكَ تحفـظُهُ أعـوامٌ أفـنيتَ دفـاعـاً عن حـقِ الانسانْ.

سأظلُّ أرتبُ كلَ صباحٍ فوقَ الطاولةِ المسكونةِ وجعاً أوراقكْ.

وأَزرعُ في قلبِ العتمةِ أسرابَ شموعٍ أقلاَمـكْ.

وأزُفُّ عبـاءَتَك الدُنـيا للطيـبِ ليعرِفَ سـرَّهْ.

وأَمسحُ عن خدِّ دواةِ الحبرِ غبارَ الأيام بدمع العين.

حَتى يَبلُغَ فجرُ الحريةِ سنّ الرشدْ، لتعودَ أخي، وتعودَ الرعشةُ للكفِ الزارعةِ الرعشةَ في الممْـحاةْ.

سأظل اُطِلُّ عليكَ من النافذةِ الشوق، وسنابكُ خيلٍ أسرَجَها فرحاً أبناؤُكْ، تَرشَحُ عِطراً، يُوغِلُ في الأرضِ بعيداً يدعو لِزفافِ اللوزِ على ساحة اذار، ويعودُ يُلامسُ حاشيةَ عباءتِكَ المنسوجةِ من عِشقِكَ للهْ، ليحملُ سرَّ ولادتِهِ، يُودِعُهُ دفءَ الأكمامْ.

سأظلُّ أُطلُّ عليكَ من النافذةِ الشوقْ، أَحملُ شكوى الأرضِ الممهورةِ بالاوجاعْ. تشتاقُ عبيرَ خُطاكْ، فيُورقُ جرحُ، يُزهرُ جرحْ، تَطُلُع من صدرِ الأرضِ سنابلُ قمحٍ يشتاقُ مواكبها النورجْ، ويُدعى كلُّ جياعِ الأرضِ لأعراسِ البيدرْ.

سأظلُّ أسائِلُ حباتِ الرملِ على شاطىءِ صورْ، عن سرٍ خلفهُ الموجُ هناكْ، وعنِ السرِ المنتظرِ الرّحلةْ.

فالموجةُ لا تُخفي عني خبراً تعرفُه عنكْ لأنك وحدَك علّمْتَ الموجة سرَّ الحركةْ. وعلى طولِ الدربِ الممتدِ من الفجر الى الفجرْ، أحبسُ أنفاسي عند الخُطَواتِ الأولى، فأحِسُّ الى حدِّ يقينٍ وقْعَ خُطاك لتبدأَ باسم اللهِ  مشاويرَكْ، وكأن الفرحةَ لم تعرفْ غيرَ السجادة والمحرابْ.

ومياهُ القاسمية المتدفقةُ عبرَ الوديانِ تتباطأُ قبل مصب النهر، تخشى ان تعبرَ جسرَ الشوقِ ولا تراكْ.

وعلى طولِ الدربِ جنوباً يكبرُ ايماني بالعودةِ اكثرُ، حينَ أرى شجرَ الليمونِ المتأهبَ لاستقبالكْ. وعلى شُرفةِ عمرٍ تنتظرُ الأغلى من كلِ الدنيا. أرّقها وجعٌ في خاصرةِ الوطن المسلوب، وما ملَّت على الدهر انتظارك، تسألني عنكَ متى ستعودْ.

وأنا سأظلّ اراك مع الشمس الدفءَ، ومع المطر الخيرَ، ومع الريحِ العزمَ، ومع الايمانِ الزاحف فوقَ الأرض جنوباً ايماناً.

وسأبقى أهمسُ في أذنيها انكَ عائدْ.

ايها الأخوةُ والاخواتْ.

مرَ العامُ الخمسون على إعلان شرعةِ حقوقِ الإنسان، وما زالت القوة ام الشرائعْ، ولا وجود لمحكمة تعتبرُ الضعيف قوياً حتى تأخذَ الحقَّ له. والقويَّ ضعيفاً حتى تأخذَ الحقّ منه. والمهتمون بالدفاع عن حقوق الانسان من الوجهة القانونية دورهم مغيب فإلى متى سيبقى حقُّ الانسان كرةً يتقاذفها اللاعبون؟

سؤالٌ نطرحه على مؤتمركم الكريم سائلين المولى عزَّ وجل أن يخرجَ المؤتمر ببعضِ ما كان يطمح اليه الإمامُ الصدر، الذي كان كلمة الحق، وسيبقى وهجاً في ليلِ الباحثينَ عن الحقيقة.

نسأل الله لكم التوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

source