حق الإنسان من حق الله

calendar icon 01 تشرين الأول 1998 الكاتب:دومينيك مامبرتي

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثالث: "بحثاً عن حق الإنسان"
(كلمات الافتتاح)


يخصص المؤتمر الذي ينظمه مركز الامام موسى الصدر هذا العام بمناسبة الذكرى الخمسين للاعلان العالمي لحقوق الانسان، للتعمق في دراسة هذا الموضوع الفائق الأهمية والآنية.

فمنذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة للأعلان العالمي لحقوق الانسان، في 10 كانون الأول 1948، أضيفت إليه نصوص عدة مثل الاتفاقيات أو المواثيق الاقليمية والوثائق المتعلقة ببعض مجالات حقوق الانسان، بالاضافة الى اعلان المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي انعقد في فيينا في حزيران 1993 وبرنامج عمله. من جهة أخرى، أنشئت المؤسسات المكلفة حماية حقوق الإنسان كلجنة حقوق الإنسان واللجان المتعددة وأخيراً المفوضية الدولية في هذا المجال، ظهرت جمعيات كثيرة في مختلف الدول للدفاع عن حقوق الإنسان.

إلا أن هذا الموضوع غالباً ما يكون موضوع نقاش واختلافات في وجهات النظر لا سيما بالنسبة الى الطابع العالمي لحقوق الانسان ومداها وعدم جواز فصلها. من جهة ثانية، ورغم التوعية العالمية المكثفة حول هذا الموضوع يلاحظ ان انتهاكات حقوق الإنسان، حتى الأساسية منها ، ما زالت تحدث في مناطق عدة من العالم.

وقد دعم الكرسي الرسولي المبادرات الآيلة الى تعزيز حقوق الإنسان، بإعتبارها أحد مواضيع القانون الدولي العام، وذلك عبر المشاركة في المؤتمرات والمساهمة في مناقشات المنظمات الدولية.

سأكتفي في هذا الصدد بذكر بعض مقتطفات كلمة قداسة الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 تشرين الأول 1979.

"يشكل الاعلان العالمي لحقوق الانسان محطة أساسية على الطريق الطويل والصعب للجنس البشري. إن تقدم الجنس البشري لا يقاس بتقدم العلم والتكنولوجيا فحسب، بل بالأحرى بتفوق القيم الروحية وتقدم الحياة الأخلاقية ... ويمر الطريق الفعلي الأساسي المؤدي الذي عبر شخص كل انسان، وعبر تحديد الحقوق غير القابلة للمس للأفراد والجماعات والاعتراف بها واحترامها".

أعلم أن موقف الكنيسة الكاثوليكية من حقوق الانسان سيناقش خلال مؤتمركم لذا سأكتفي بتحديد المبادئ التي اعتمد على اساسها.

ترتبط حقوق الانسان ارتباطاً وثيقاً بكرامة الانسان الذي خلقه الله على صورته كما ورد في الانجيل. وقال الباب بولس السادس في رسالته الى الأمين العام للأمم المتحدة في العام 1972: "إن الكنيسة حريصة قبل كل شيء على حقوق الله، لا يسعها أن تستخف بحقوق الإنسان الذي خلق على صورة وشبه خالقه. وتشعر بأنها جريحة عندما تكون حقوق أي انسان في أي مكان منتهكة ومنكرة". ويشاطره الرأي الباب يوحنا بولس الثاني في رسالته "كريستيفيديليس لايتشي" (1988) إذ قال "أي انتهاك لكرامة الانسان يشكل اهانة الى خالق الانسان".

وبالتالي فان حقوق الإنسان على اختلافها لا تشكل مجرد مفكرة وموضوع نقاش إنما ترقى جذورها وقوتها ووحدتها الى وصية الله "أحب الرب الاله من كل قلبك وروحك وعقلك وأحب قريبك كنفسك". وليست الاعلانات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان الا الترجمة القانونية لهذا المبدأ الرئيسي.

ومن هنا يتعدى احترام حقوق الانسان بالنسبة الى المؤمنين كونه واجباً اجتماعياً أو واجباً مفروضاً بحكم القانون إذ أنه واجب الضمير الخاضع لقانون الله.

واطلب من الله أن يباركنا لكي نعلم جميعاً رغم اختلافاتنا كيف نتحد من أجل الاعتراف بحقوق كل منا وخاصة الفقراء والمهمشين وصونها بشكل أفضل.

source