التعامل مع قضية التغييب أمام المحافل الدولية

calendar icon 12 كانون الأول 2003 الكاتب:ايوب حميد

* مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثامن: "الأبعاد الإنسانية والوطنية والقانونية في قضية الإمام الصدر"




انه لشرف كبير لي ، ان أشارك في هذا المؤتمر الذي ينظمه مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات سنوياً .

ولا شك بأن اختيار مؤتمر كلمة سواء هذا العام لعنوان " الأبعاد الإنسانية والوطنية والقانونية في قضية الإمام الصدر " ، هو في محله . لا بل انه كان مطلوباً وضرورياً تناول قضية تغييب الإمام من هذه الزاوية ، بما يساهم في إبراز أبعادها المختلفة ، وبالتالي في الإضاءة على جوانبها سيما المجهول منه .

ومن البديهي القول ، ان الأبعاد الإنسانية والوطنية والقانونية لقضية الإمام المغيب السيد موسى الصدر ورفيقيه الصحافي الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب ، لها ، بالإضافة إلى الطابع المحلي اللبناني ، طابع دولي لا يمكن تجاهله أو إهماله .

ذلك ان ثمة محافلاً دولية عديدة ، منها الرسمي ومنها غير الرسمي ، تتعاطى أو تعنى بشؤون العدالة الدولية . وهناك مؤسسات الأمم المتحدة المعنية سيما لجنة حقوق الإنسان فيها، والتي سنستمع إلى انارات حولها من الزميلين الدكتور مروان فارس والمحامي الأستاذ غسان مخيبر والدكتور جورج آصاف.

وهناك أيضاً محكمة العدل الدولية ومحكمة الجزاء الدولية ، ويثور التساؤل في هذا المجال عن مدى إمكانية اللجوء إلى تلك المؤسسات القضائية الدولية وفق الأنظمة التي ترعى عملها وتحدد اختصاصاتها وشروط رفع الدعاوى أمامها . وهذا ما سيتحدث عنه المحامي الأستاذ جورج آصاف الضليع في قضايا حقوق الإنسان والعلم الجنائي الدولي .

ومن المفيد التنويه ، كما سبق الذكر ، بأن ثمة مؤسسات ومنظمات دولية إنما غير رسمية أو غير حكومية . ولها أدوار فاعلة ونشاطات متميزة لا يخفى تأثيرها . ومنها منظمة العفو الدولية التي لا يمكن إنكار حجم تأثيرها المعنوي في إشاراتها الدائمة والسنوية للانتهاكات الحاصلة لحق أي إنسان في أي بقعة من الأرض .

ويسعدنا ان تتمثل في هذا المؤتمر عبر مديرها الإقليمي الأستاذ أحمد كرعود .

وانه لمن دواعي الارتياح ان تتعامل هذه المنظمة بالجرأة والدقة والموضوعية المعتادة منها ، مع قضية تغييب الامام الصدر ، علّ ذلك يساهم في إيقاظ ضمير حاكم ليبيا أو سواه من المعنيين على مختلف الصعد .

أيها السيدات والسادة ،

إذا كنا سنترك الحديث عن النواحي التفصيلية القانونية الدولية ، للمشاركين في هذه الجلسة ، فانه لا يسعنا إلا التأكيد أو التنويه ببعض النقاط :

أولاً : ان الإمام القائد السيد موسى الصدر ، كان وما يزال يمثل قيمة وطنية وفكرية ودينية ، وشكّل رمزاً للوحدة اللبنانية والعيش المشترك .

والأهم ، أنه كان مؤسس وراعي البذور الأولى للمقاومة " الوطنية " بوجه العدو الإسرائيلي .

وبالتالي ، فإن تغييبه لا يمكن الا ان يخدم عكس هذه الأهداف . وهذا ما ينبغي ان يساعد من جهة في كشف هوية الفاعلين – المستفيدين من التغييب . وبنفس الوقت ، يبين حجم الخسارة للوطن ولنا جميعاً بارتكاب هذه الجريمة .

ثانياً : ان الوقائع والتحقيقات وكل المعطيات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك ، ان الإمام الصدر ورفيقاه لم يغادروا الأراضي الليبية على متن طائرة اليطاليا في الرحلة (881) بتاريخ 31/8/1978 .

ومجرد الاطلاع على تحقيقات البعثة الأمنية اللبنانية ، والقضاء الإيطالي ،و ملاحظة التناقضات والغموض في المواقف الليبية منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، تثبت ان الحقيقة دامغة وراسخة ولا يبقى الا تكريسها من قبل الهيئات والمؤسسات القضائية والحقوقية المعنية.

ثالثاً : ان بقاء هذه القضية دون جلاء لغزها وبالتالي إبقاء مصير الإمام ورفيقيه رهناً . بذلك، طيلة سنوات تناهز الربع قرن ، لهو أمر غير مقبول وغير معقول .

كما ان التلاعب بالأعصاب عبر بعض الأضاليل كمثل إلقاء تهمة الارتكاب على أبي نضال أو غيره ( ممن قد يتوفاهم الله ) لا ينفع ولا يساهم في حل القضية .

ان المطلوب ممن يدعي الحرص على الحل ، ان يقلع عن هذه الترهات ، وان يبادر إلى ما يكشف جوانبها ، بدل الاغراء بأثمان التفاح والبطاطا ‍‍!!

رابعاً : ان القضاء اللبناني الذي لا نشك بنزاهته ، والمؤسسات الدولية الرسمية وغيرها ، التي اعتادت ان تكون نصيرة لكل مظلوم ، وجميع المعنيين ، مدعوين لبذل كل الجهود واتخاذ جميع الخطوات وايلاء أقصى العناية ، بما يؤدي في النهاية إلى إنصاف قضية الإمام ورفيقيه.

خامساً: ان لجنة المتابعة لقضية الإمام الصدر ورفيقيه ، التي يرأسها سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان ، ولنا شرف العضوية فيها ، تتابع مهامها باستمرار ودقة . وهي بتمثيلها لمختلف فئات شعبنا اللبناني ، تجسد الوحدة الوطنية حول هذه القضية .

أيها السيدات والسادة ،

في محاضرة له في قصر العدل في بيروت عام 1973 ، وأمام جمع كبير من القضاة والمحامين وأهل الفكر ، تحدث الإمام الصدر عن العدالة ، نافياً أن تكون " عمياء " كما كان يقال ، مؤكداً أنها أصبحت" بـاصرة وبصيرة " لا لسبب سوى لأنـها " عدالة " ومـا هو عادل لا يمكن الا ان يبصر .

وبعد ، هل تتحقق امنية الإمام بعدالة تشمل قضيته ، ولو بعد ربع قرن ؟؟ أم ان الظلم سيطول لأكثر من ذلك ؟؟ وبعدما صدأت قضبان السجن : متى يرف جفن السجان أو يصحو ضميره؟؟ الا يؤمن بعدالة السماء الالهية التي لن تتأخر كعدالة الأرض ؟؟

( إلى المحاور ..... )

source