الإمام موسى الصدر، نهج نبع المفاهيم الفاعلة

calendar icon 11 كانون الأول 2003 الكاتب:سيد محمد جعفر مرعشي شوشتري

* مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثامن: "الأبعاد الإنسانية والوطنية والقانونية في قضية الإمام الصدر"



مقدمة

ـ خلفية العلاقة مع هذا الملتقى

ـ معرفتي بالإمام موسى الصدر

ـ النموذج المفاهيمي المبين لدور الإمام

ـ العلاقة بين عناصر النموذج المفاهيمي وسيرة الإمام

ـ التحول الدولي والإقليمي في فترة غياب الإمام

ـ مواصلة درب الإمام




المقدمة
خمسة وعشرون عاماً مرت علي غياب الامام موسي الصدر. وفي مثل هذه الايام حيث نحيا ذکري تغييبه، نود الوقوف علي الابعاد المختلفة لاختفاء الامام ومعطياتها.
وفي هذا المقال حرصنا علي عرض نموذج مفاهيمي لشخصية الامام موسي الصدر يوضح ابعاد وجود هذه الشخصية وتأثيرها في لبنان وبقية دول المنطقة. وکذلک الاعلان عن مطالبه مفاهيمية فيما يخص مرحلة غياب سماحته، والتعريف بالسبل المتاحة بمواصلة نهجه ودربه. کلنا امل في ان يحفظه الله تعالي برعايته ويجعله ذخراً لحکومة الصالحين في خلافة الارض. انشاء الله.
خلفية العلاقة مع هذا الملتقى
كنت قد شاركت في ندوة دولية عقدت في لبنان خلال الفترة من 3 ـ 6 اكتوبر الماضي، تحت شعار (حوار الحضارات والتنمية الاجتماعية)، باشراف المعهد اللبناني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومركز لوئي جوزيف لوبره في بيروت. وقد شاركت في الملتقى شخصيات عديدة من مراكز ومؤسسات مختلفة، وتم تداول قضايا عديدة تتعلق بلبنان ومصر وتركيا وايران والاردن، حيث أن الملتقى كرّس اعماله لبحث قضايا الشرق الأوسط. ومن جملة الموضوعات التي بحثها الملتقى، الحوار بين الإسلام والمسيحية والارتقاء بمستوى الوعي في اطار المؤسسات المدنية وغير الرسمية في المنطقة.
وقد جاءت مشاركتي في هذا الملتقى، بناء على ترشيح السيدة رباب الصدر بوحي من نشاطي في ايران على مدى سنوات عديدة في مجال تشكيل المنظمات غير الرسمية والتشكيلات المدنية. وخلال فترة انعقاد الملتقى توفرت لي فرصة التعرف على لبنان ومشاهدة انجازات الإمام موسى الصدر عن كثب والوقوف على نشاطاته.
في كلمتي التي القيتها في الملتقى، كنت قد أشرت الى ملاحظة حظيت بترحيب الحاضرين وتأييدهم. حيث رأيت أن من الممكن الاستفادة من لبنان ـ بالالتفات الى تعدده الطائفي ـ بمثابة (مختبر لحوار الحضارات والأديان) لتوسيع نطاق التفاهم والتعاون على طريق ايجاد حلول لقضايانا في الحاضر والمستقبل على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي.
وفي جولتي التفقدية لمؤسسات الإمام الصدر في لبنان، كنت قد تحدثت مع المشرفين عليها وطرحت بعض الملاحظات والمقترحات بشأن فعاليات هذه المؤسسات في الوقت الحاضر وفي المستقبل مع الأخذ بنظر الاعتبار الاوضاع في المنطقة والعالم؛ مما دفع الأستاذ السيد صدر الدين الصدر، المشرف على مركز الإمام الصدر للابحاث والدراسات، لأن يطلب مني المشاركة في ندوة: (الإمام الصدر .. خمسة وعشرون عاماً على التغييب).
بعد عودتي الى ايران، كانت لي لقاءات مع السيدة حوراء الصدر، المشرفة على مكتب مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات في طهران، لبحث موضوع كلمتي التي سألقيها في هذه الندوة. فكانت هذه الكلمة احدى ثمار تلك اللقاءات المفيدة.
معرفتي بالإمام موسى الصدر
في سنوات خلت وخلال فترة دراستي الجامعية بطهران، وفي فترة وجودي في الولايات المتحدة لمواصلة دراستي في جامعة (UCLA) في كاليفورنيا، كنت قد تعرفت على شخصية الإمام موسى الصدر ودوره الريادي. وكان الإنطباع الأول الذي تكوّن لديّ تمحور حول هواجس المرء واضطرابه واستعداده لتحمل اعباء المسؤولية على طريق تحقيق اهدافه. فيما انصب انطباعي الثاني على قريحة الإنسان ومؤهلاته الفذة في مجال تحقيق وتعزيز التفاهم بين أتباع الأديان المتعددة. كما لفتت انظري جهود سماحته الجبارة التي لا تعرف الكلل، في المساعدة على توحيد صفوف الشعب اللبناني للتصدي لمؤامرات الأعداء بفرض الحرب على لبنان من داخل الاراضي اللبنانية وخارجها.
بعد عودتي الى ايران، التي تزامنت مع انطلاقة نضال الشعب الايراني ضد النظام الشاهنشاهي، زادت معرفتي بالإمام موسى الصدر من خلال ارتباطي ببعض المناضلين الايرانيين، حيث وجدت الخبرة القيمة التي تبلورت لدى هؤلاء المناضلين في تنمية الوعي واستلهام التجارب الإيمانية النضالية، وجدت طريقها الى ساحة النضال الجماهيري في ايران. ومع بلوغ ثورة الشعب الايراني ضد النظام الشاهنشاهي ذروتها في سبتمبر 1978، تلقينا نبأ اختفاء الإمام موسى الصدر خلال زيارة قام بها الى ليبيا.
في السنوات التي اعقبت انتصار الثورة الاسلامية في ايران، لم تتوفر لي فرصة إثراء معرفتي بنشاطات سماحته نظراً لانشغالي في الفعاليات الصناعية والادارية والثقافية. وفي العامين الماضيين سنحت لي الفرصة للتعرف على مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات، من خلال السيدة حوراء الصدر التي كانت تحضّر لشهادة الماجستير في (الادارة التنفيذية) وكانت تحضر دروسي في (التفكير النظامي) و(ادارة التحول). وقد قادتني هذه المعرفة للتفكير بالاستفادة من افكار وتجارب الإمام موسى الصدر لتلبية الاحتياجات الراهنة للمجتمع الايراني في توسيع دائرة التفاهم الاجتماعي. ولهذا تمحور لقائي الأول بالسيدة حوراء الصدر وزوجها المحترم في طهران، حول امكانية إثراء مكتب مركز الإمام الصدر بمجموعة من المفاهيم والأساليب والنماذج المستوحاة من سيرة الإمام الصدر. وبحثنا كيفية استعارة المفاهيم وتطويرها بما ينسجم مع الواقع الايراني، والمساعدة في خلق تيار ديني، علمي، شعبي يساعد في (تطوير التفاهم الاجتماعي) ومستلزماته الأولية المتمثلة في تطوير التفاهم على صعيد الخبرة العملية.
وهكذا اتضحت لي أبعاد شخصية الإمام موسى الصدر وأفكاره ونشاطاته وانجازاته أكثر فأكثر، من خلال مشاركتي في الندوة الدولية: (حوار الحضارات والتنمية الاجتماعية)، ولقاءاتي كريمة الإمام الصدر وزوجها المحترم. وقد بدا لي لعلّه من المناسب بلورة نموذج جديد في التعريف بشخصية الإمام موسى الصدر والاحاطة بدوره الريادي، على أن لا يكتفي هذا النموذج بالفترة الخصبة والمؤثرة التي عاشها الإمام في لبنان، بل بوسعه أن يرسم الآفاق المستقبلية لاتباعه وتلامذة مدرسته، خاصة وان العالم ومنطقة الشرق الأوسط، شهدت الكثير من الأحداث خلال الخمس والعشرين سنة الماضية. إذ أني أتصور أن المرحلة القادمة مرحلة خاصة في حياة الشعوب لاسيما شعوب الشرق الأوسط. ولعل من أبرز سمات هذه المرحلة تعزيز التواصل بين الاسلام والمسيحية وأتباع الأديان الابراهيمية الأخرى دفاعاً عن هوية الشعوب، وتحقيق العدالة الاجتماعية على الصعيد السياسي ـ الثقافي والاقتصادي، وتنامي وازدهار الروح الإيمانية في حياة الشعوب. وعلى الرغم من مرور خمسة وعشرين عاماً على اختفاء الإمام موسى الصدر، ليس بوسعنا تصور غياب المفاهيم التي كانت تشكل محور توجهات سماحته واهتماماته، رغم أن الشرق الأوسط يفتقد اليوم لوجود مثل هذه الشخصية الفذة.
الشخصية والنموذج المفاهيمي
فيما يتعلق بالشخصيات المؤثرة في المجتمعات الإنسانية، ثمة أساليب عديدة يمكن الاستعانة بها للتعرف على هذه الشخصيات وتوضيح دورها:
أولاً: اسلوب النظرة الاحادية
ويتلخص في جمع المعلومات والمستندات الخاصة بآراء وأفكار وسيرة الشخصية موضع الاهتمام، في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والشخصية والأسرية. وفي هذه الحالة لابد من بذل الجهود للتغطية على أخطائها وتلافي نواقصها. ويتبع مثل هذا الإسلوب عموماً بالنسبة للشخصيات المؤثرة اجتماعياً.
ثانياً: اسلوب تحليل الشخصية
بمعنى دراسة آراء وأفكار وسيرة الشخصية موضع الاهتمام وتناولها بالبحث والتحليل وربما النقد. وعادة ما تتم الاستفادة من هذا الاسلوب من قبل الباحثين في القضايا التاريخية، وكذلك الدارسون للظواهر الاجتماعية.
ثالثاً: يتصف هذا الاسلوب بأنه أشمل من الاسلوبين الآخرين وأكثر عمقاً. إذ أنه يتولى اولاً دراسة وتحليل آراء وأفكار وسيرة الشخصية موضع الاهتمام، ومن ثم اعداد أرضية صياغة المفاهيم. ولا يخفى أن التجريد المفاهيمي للشخصية يستتبعه تجريد للظروف الزمكانية، وبالتالي يتيح لنا فرصة امكانية تمهيد الأرضية للحصول على نموذج مفاهيمي للمرحلة الراهنة والمقبلة، من خلال العمل على تطوير المفهوم وتكامله.
ولا شك أن مثل هذا الموضوع يحظى بأهمية بالغة بالنسبة للشخصيات التي يحرص اتباعها ومريدوها على متابعة المفاهيم التي تتجلى في الشخصية والارتقاء بها وتجسيدها في الميادين الاجتماعية المختلفة.
وفي اعتقادي ينبغي الاستفادة من الاسلوب الثالث في تبيين أبعاد شخصية الإمام موسى الصدر وسبر أغوار سيرتها، واستلهام المفاهيم والعبر للاقتداء بها في حاضرنا ومستقبلنا ووضع حد لمعاناتنا وهمومنا.
* النموذج المفاهيمي المبيّن لدور الإمام
إن تبيين البعد المفاهيمي لشخصية الإمام موسى الصدر منوط بالإلمام بدوره المبدع والخلاق خلال فترة تواجده في لبنان، وفي هذا المضمار يمكن الإشارة إلى ثلاثة مجالات بارزة للنشاط:
الأول: إعادة صياغة الهوية وتعزيز اللحمة والعزة التاريخية لشيعة لبنان.
الثاني: حمل لواء مسيرة حوار الأديان والتقريب بين المذاهب في لبنان.
الثالث: تنشئة مجتمع مقاوم وتشكيل مقاومة لبنانية في مقابل العدوان الإسرائيلي.
وبإلقاء نظرة على المجالات المذكورة أعلاه يتضح عن أن شخصية الإمام موسى الصدر تكشف عن كونه قائداً من الطراز الأول، ومؤمناً ومفكراً، حرَّ الطبع منفتحاً في سلوكه متناغماً مع الأبعاد الطائفية والوطنية والإقليمية. هذا فضلاً عن توافر مؤشرات تضفي بعداً دولياً على شخصيته وحياته، حتى يبدو أن مع غيابه غابت فرص استثنائية للتأثير في التطورات العالمية.
ولصناعة هذا النموذج المفاهيمي، إعتمدنا "منهجية التعريف" في النظام الفكري الحديث القائم على أساس فلسفة أصالة النشاط والفاعلية في السنوات الأخيرة لبلورة عملية التنظير والتدوين.
على أن فلسفة أصالة الفاعلية تستمد مقوماتها من القدر المشترك من تعاليم الأديان الإبراهيمية الموحّدة والمتمثلة في أسس الخلقة والمحدودية والقدرة على التوسع في نفس الوقت. بعبارة أخرى:
•             الخلقة أو إمكانية الوجود.
•             المحدودية أو إمكانية الحدود.
•             القدرة على التوسع أو إمكانية التوسع.
إن من أهم سمات هذه الفلسفة؛ أساس النسبية الإلهية في المقارنة مع النسبية المادية التي تتصف بالتالي:
1_ حاكمية نظام الإرادة على الإنتساب، الأمر الذي من شأنه تبعية نظام القانون لنظام الإرادة.
2_ حاكمية الإرادة الواحدة على المسار العام لنظام الخلقة وتبعية الكل للربوبية الإلهية التي هي منشأ تقنين النظام.
3_ الإرادة الربوبية عن طريق توجيه المسار العام، هي أساس ظهور القيم الأخلاقية المطلقة.
في ظل الإيضاحات التي تقدمت فإن العناصر الأساسية للنموذج المفاهيمي المبيّن لشخصية الإمام موسى الصدر باعتباره قائداً من الطراز الأول، هي كالتالي:
* أوصاف التوسّع
إن هذه الأوصاف التي تكشف عن مكنونات "شخصية الإمام وقابليات وجوده"، جرى تبيينها من خلال المفاهيم الثلاثة التالية:
_ الأخلاق.
_ المنطق.
_ الحرية.
* أوصاف الهيكلية
إن هذه الأوصاف التي توضّح "مسار التواجد وهيكلية التأثير لدى الإمام"، جرى تبيينها في إطار المفاهيم الثلاثة التالية:
_ السياسية.
_ الثقافية.
_ الإقتصادية.
* أوصاف الفاعلية
جرى تبيين هذه الأوصاف التي تفصح عن "حيز التواجد وتأثير الإمام"، في إطار ثلاثة مفاهيم، هي:
_ الإقليمية.
_ الوطنية.
_ الطائفية.
إن خيار المفاهيم الثلاثة الرئيسة (الأخلاق والمنطق والحرية) يستحق المزيد من الإيضاحات.. لا شك أن كل إنسان يمتلك شيئاً من هذه السمات، مهما كان رأيه وفكره وقوميته وعرقه ومهنته وماضيه وما إلى ذلك. فـ "الأخلاق تعني تفتح حقيقة الذات للإنسان، الشيء الذي بذره الله سبحانه وتعالى فيه". إننا لا نعثر على إنسان بدون أخلاق، أما ما هو نوع هذه الأخلاق فهو موضوع آخر. تنتظم أخلاق كل إنسان من خلال المسار الرئيسي الذي يطويه في حياته التكاملية، والمسمى بـ "الإختيار".(*)
على أن المنطق يفرد لنفسه مكانة خاصة بين هذه المفاهيم، انطلاقاً من أن الإنسان لابد له من امتطاء جادة الفكر إذا ما أراد الخروج بنتيجة عن مشاهداته وأفكاره وخواطره القلبية. من جهة اخرى، لا مناص للإنسان عن التفاهم مع الآخرين في ظل مفهوم الإتصال بباقي الناس وضرورة التعايش المشترك ضمن العائلة المنتظمة والمجتمع البشري. وبعيداً عن المستلزمات الأولية للتفاهم مع الآخرين فإن تنمية وتوسيع التفاهم بهدف اثراء الحياة الجماعية يعد أمراً ضرورياً دون شك. إن هذه الأمور تعكس في مكوناتها أهمية المنطق ومكانته الخاصة.
إن الحرية تفصح عن مكانتها وموقعها البارزين بين هذه المفاهيم انطلاقاً من كونها مظهراً جلياً للحضور الإرادي والحازم للإنسان في مختلف مجالات حياته.
القائد الإلهي الذي يبرز نفسه كشخصية متكاملة في كافة أبعاد الحياة ، يعمل على التفاهم والتعامل من نافذة هذه المفاهيم الثلاثة ليس مع نفسه فحسب بل ومع الوسط المحيط به أيضاً. إن هذه المعاني تتجلى أكثر حينما يكرس الحديث عن شخصية ثائرة مثالية متطلعة لسعادة وازدهار بني جلدتها، تدافع عن الحق وتحارب كافة رموز الباطل؛ كالإمام موسى الصدر.
وفقاً لمنهجية التعريف التي أشير إليها آنفاً، فإن النموذج المفاهيمي يمتلك القدرة على التبيين حينما تكون هذه الأوصاف مرآة تعكس بعضها البعض الآخر. أي يتم عبر التواصل فيما بينها أو الوصل ولادة مفاهيم جديدة. ولتحقيق هذا الأمر نلجأ إلى جدول "ماتريس"، مما يعني خروجنا بسبع وعشرين وصفاً على النحو التالي:
الأخلاق السياسية الإقليمية.
المنطق السياسي الإقليمي.
الحرية السياسية الإقليمية.
الأخلاق السياسية الوطنية.
المنطق السياسي الوطني.
الحرية السياسية الوطنية.
الأخلاق السياسية الطائفية.
المنطق السياسي الطائفي.
الحرية السياسية الطائفية.
الأخلاق الثقافية الإقليمية.
المنطق الثقافي الإقليمي.
الحرية الثقافية الإقليمية.
الأخلاق الثقافية الوطنية.
المنطق الثقافي الوطني.
الحرية الثقافية الوطنية.
الأخلاق الثقافية الطائفية.
المنطق الثقافي الطائفي.
الحرية الثقافية الطائفية.
الأخلاق الإقتصادية الإقليمية.
المنطق الإقتصادي الإقليمي.
الحرية الإقتصادية الإقليمية.
الأخلاق الإقتصادية الوطنية.
المنطق الإقتصادي الوطني.
الحرية الإقتصادية الوطنية.
الأخلاق الإقتصادية الطائفية.
المنطق الإقتصادي الطائفي.
الحرية الإقتصادية الطائفية.
وللمزيد من توضيح المعاني السبعة والعشرين المشار إليها، نعمد إلى تعريف المفاهيم الرئيسة المعنية، كما يلي:
الأخلاق: هيكلية رغبات الإنسان وميوله
يكوّن الإنسان مختاراً القاعدة الرئيسة لرغباته وميوله.. ففي مثل هذه القاعدة تتبلور اهتماماته ورغباته، وعلى أساس هذه الإهتمامات تنتظم "ذهنيته"، وانطلاقاً من الإثنين يظهر "سلوكه". هنا يمكن تعريف ثلاث دوائر لأخلاق الإنسان انطلاقاً من مكان تواجده..
الأخلاق الفردية: هيكلية الرغبات الفردية.
الأخلاق الجماعية: هيكلية الرغبات الجماعية.
الأخلاق الإجتماعية: هيكلية الرغبات الإجتماعية.
قاعدة تكامل الأخلاق:
يمكن تقسيم جذور تكامل الأخلاق على النحو الآتي:
النقطة الأولى: مد جسور العلاقة والتحابب.
النقطة الثانية: الإبتعاد وانعدام الرغبة (مسار رقي الأخلاق).
النقطة الثالثة: التضحية والإيثار.
المنطق: اسلوب التفكير السليم
يتولد أساس تبلور المنطق عقب تكوّن رغبات الإنسان وانسجامها ضمن إطار هيكلية الرغبات. وباعتباره اسلوباً للتفكير السليم يتخطى المنطق مراحل مختلفة، يمكن الإشارة إليها كما يلي:
المرحلة الأولى: الحدس
ما يتوصل إليه الذهن بالنسبة لموضوع ما. ويمكن للحدس أن يكون حالة أو فكرة أو على شكل عمل ما.
المرحلة الثانية: الإنتخاب بين الحدسيات
انتخاب الحدس الأفضل أو الأنسب، وبتعبير آخر الأصلح.
المرحلة الثالثة: معالجة الحدسيات
تجري معالجة الحدسيات التي تم انتخابها باعتبارها الأنسب. وهنا تتضح العلاقة الداخلية والخارجية فيما بين هذه الحدسيات.
الحرية: القدرة والإرادة على اتخاذ القرار
يحصل الإنسان على جوهر الإنسانية بمقدار ما يتخذه من قرار.. فالإنسان الذي يربّي تفكيره على أساس الأخلاق يكون مهيئاً ومستعداً للتنفيذ. إن كل خطوة تصدر من قبل الإنسان إنما هي منبثقة من قدرته على اتخاذ القرار. ونظراً للمؤشرات والمظاهر المختلفة لحضور الإنسان فإنه يمكن تعريف ثلاثة أنماط من الحرية:
الحرية الفردية:
القدرة والإرادة على اتخاذ القرار إلى جانب صيانة الحقوق الشخصية.
الحرية المدنية:
القدرة والإرادة على اتخاذ القرار مع المحافظة على مبدأ حقوق الآخرين. وان مراعاة حقوق الآخرين رهن بالاهتمام بنظام الموازنة أو العدل.
الحرية الوطنية:
القدرة والإرادة على اتخاذ القرار والسعي لتأمين الحقوق الوطنية. أي حقوق المجتمع برمّته ومصالح جميع أفراده والتي تم إدراجها في العلاقات والمعادلات الدولية وأن تبقى مصونة من الضرر. إن تحقق مثل هذا الوضع منوط بإقرار العدالة التكاملية.
السياسة: الهيكليات أو الأنظمة المولّدة للرغبات الإجتماعية
للناس رغبات وميول قابلة للتبلور واتخاذ صيغة معينة. وهي قابلة للتوجيه والهداية، وان توجيهها يتم عن طريق السياسة. وبتعبير آخر يمكن اعتبار السياسة أنها "شدة التيار الإجتماعي".
الثقافة: الفكر أو قدرة التفاهم الإجتماعي
يمتاز الناس بمختلف شرائحهم بتنوع الأفكار. حينما يجري التنسيق بين ميول الناس حول محور واتجاه معينين تتوفر الأرضية لإقرار التفاهم بين سائر بني البشر المتصفين بتنوع الأفكار. بعبارة أخرى يمكن القول بأن الثقافة هي "ترشيد مسار التحرك الإجتماعي".
الإقتصاد: تنمية علاقة التأثير الإجتماعي
يتوصل الناس بمختلف شرائحهم عبر ميولهم المتسقة وامتلاكهم القدرة على التفاهم، إلى إمكانية التعاون وحينها يكون باستطاعتهم تحقيق موضوع معين. إن هذا المفهوم من مفردة الإقتصاد هو أوسع من التعاريف الكلاسيكية وهو بمعنى إمكانية التحقق المصداقي والمستمر والمستقر.
الإقليمي: أوسع من الوطني
مساحة للأنشطة الإجتماعية تفوق في أبعادها مساحة النظام الوطني وتشمل عدداً من الشعوب والدول.. كالشرق الأوسط مثلاً.
الوطني:
مساحة للأنشطة الإجتماعية يجري تعريفها ضمن مقياس النظام الوطني. فعلى الرغم من وجود طوائف مختلفة في لبنان إلا أنه يمكن وصفه في إطار شعب واحد.
الطائفي:
مساحة للأنشطة الإجتماعية يجري تعريفها ضمن مقياس طائفة واحدة كالفرق المسيحية المتنوعة أو المسلمين في لبنان.
* العلاقة بين عناصر النموذج المفاهيمي وسيرة الإمام
لقد أشير آنفاً إلى أن التجريد المفاهيمي للشخصية يستتبعه تجريد للظروف الزمكانية.. ولتبيين عناصر النموذج المفاهيمي ومن أجل العرض التطبيقي للنموذج، نلقي نظرة على سيرة الإمام موسى الصدر. إننا نسعى لإعطاء أنسب وصف لكل من الحوادث البارزة في حياة الإمام الإجتماعية، علماً أن هناك مصاديق كثيرة لا يقتصر ارتباطها بواحد فقط من الأوصاف التي تم تبيينها وإنما تجد مفهوماً وتناسباً أفضل مع تركيبة ثلاثية للأوصاف. على سبيل المثال؛ تأسيس "مجلس الجنوب" الذي جاء كدعامة لجنوب لبنان في مقابل إسرائيل، حيث يرتبط بقوة بالأخلاق الإقتصادية الوطنية والمنطق الإقتصادي الوطني والحرية الإقتصادية الوطنية.
وهنا سنعمد إلى تبيين الأحداث من خلال جدول الأوصاف السبعة والعشرين..
_ الأخلاق السياسية الإقليمية
يمكن اعتبار السعي لتقوية ودعم المقاومة الفلسطينية مصداقاً بارزاً لهذا الوصف. كذلك ثمة نموذج بارز أخر يتمثل في الوساطة من أجل وقف الحرب بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية عام 1973.
_ المنطق السياسي الإقليمي
المصداق البارز لهذا الوصف يتمثل في حل الخلاف بين مصر وسوريا عن طريق عقد مؤتمر الرياض بمشاركة زعماء السعودية ومصر وسوريا والكويت وفلسطين ولبنان في تشرين الأول عام 1976، ومن ثم القمة العربية التي عقدت في القاهرة بعد أسبوع واحد بحضور الزعماء العرب.
_ الحرية السياسية الإقليمية
إحياء ذكرى الدكتور علي شريعتي بصفته مفكراً ضليعاً في علم الإجتماع ومؤمناً إيرانياً، في ظل النظرة السلبية للنظام الشاهنشاهي في إيران تجاهه. وان هذا الحدث أخذ طابعاً سياسياً على صعيد واسع من خلال حضور الشخصيات السياسية والثقافية في المنطقة.
_ الأخلاق السياسية الوطنية
إنهاء محاصرة قريتي القاع ودير الأحمر المسيحيتين، تجسيدا لمقولته الشهيرة (كل من يفتح النار على مسيحيي دير الأحمر يكون كمن فتح النار على عباءتي وعمامتي ومحرابي. كمن فتح النار على بيتي وقلبي وأبنائي).
_ المنطق السياسي الوطني
الإضراب عن الطعام في تاريخ 27 حزيران عام 1975 في مسجد العاملية ببيروت بهدف وقف الحرب الداخلية وتشكيل الحكومة.
_ الحرية السياسية الوطنية
بعد كلمته في مراسم موعظة يوم الصيام للمسيحيين في كنيسة كبوشين، صرح للصحفيين قائلاً: لو لم تثر إسرائيل الفتن لكنت دعوت البطريرك الماروني خريش لإلقاء خطبة في صلاة الجمعة.
_ الأخلاق السياسية الطائفية
قبول المساعدات المالية من المسيحيين ورئيس بلدية زحلة المسيحي بهدف بناء حسينية للأقلية الشيعية القاطنة في زحلة.
_ المنطق السياسي الطائفي
المصالحة بين القرى التي يقطنها المسيحيون وكذلك القرى التي يقطنها المسلمون ووضع حد لصراعات دموية. المصالحة بين قريتين مسيحيتين ظلتا تتقاتلان لسنوات عدة بعد أن عجز القادة المسيحيون عن حل المشاكل بينهما.
_ الحرية السياسية الطائفية
تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
_ الأخلاق الثقافية الإقليمية
الدعم المعنوي والثقافي للشعب الفلسطيني وقضيته.
_ المنطق الثقافي الإقليمي
رغم ثقته التامة بالأساليب العلمية لرؤية هلال الشهر، لكنه لم يعلن رأيه في هذا الشأن بصيغة فتوى شرعية بل قدم اقتراحه بهذا الصدد لأحد المؤتمرات الفكرية الدينية في العالم الإسلامي ليقوم فقهاء الإسلام بمطالعته.
_ الحرية الثقافية الإقليمية
الحضور والمشاركة في ملتقيات ومؤتمرات المفكرين الإسلاميين في الأزهر والسعودية والجزائر والسنغال.
_ الأخلاق الثقافية الوطنية
مصداق ذلك يمكن أن نستشفه من كلام فرانس كونيغ القسيس النمساوي المعروف حيث قال: يجب تقسيم تاريخ لبنان إلى قسمين؛ عصر ما قبل الإمام موسى الصدر وعصر الإمام موسى الصدر.
_ المنطق الثقافي الوطني
يتجلى هذا الوصف تماماً في جملته المعروفة "الطوائف نعمة والطائفية نقمة".
_ الحرية الثقافية الوطنية
يمكن اعتبار كلمة الإمام الصدر في 11 خرداد عام 1345 (1966) في ليلة السابع من وفاة المرحوم كمال مروة الصحفي اللبناني البارز وصاحب صحيفة الحياة ومديرها المسؤول، والتي حملت وذلك تحت عنوان "لا يمكن صيانة الحرية إلا بالحرية"، مصداقاً بارزاً لهذا الوصف.
_ الأخلاق الثقافية الطائفية
خاطرة بائع المرطبات المسيحي بمثابة خطوة عملية على تكذيب حالة انحراف فقهي وتصحيح أخلاقي في مجال المنافسة بالعمل وكذلك تبيين الإحترام المتبادل والتعايش الضروري بين المسيحيين والمسلمين، قد دونها تأريخ التعامل بين هذين الدينين في لبنان.
_ المنطق الثقافي الطائفي
تدريس التلاميذ في مدرسة العاملية والمدرسة الجعفرية.
_ الحرية الثقافية الطائفية
إقامة مراسم عيد نقل السيدة مريم "عليها السلام" _ عيد مسيحيي لبنان _ في حسينية قرية شقرا تماشياً مع مراسم المواطنين المسيحيين في لبنان. والمصداق الآخر إلقاء كلمة في المراسم الختامية لموعظة صيام المسيحيين في كنيسة كبوشين.
_ الأخلاق الأقتصادية الإقليمية
جمع المساعدات المالية للفلسطينيين.
_ المنطق الإقتصادي الإقليمي
إقناع مراجع الحوزة العلمية في النجف الأشرف لمساعدة الفلسطينيين.
_ الحرية الإقتصادية الإقليمية.
_ الأخلاق الإقتصادية الوطنية
_ المنطق الإقتصادي الوطني.
_ الحرية الإقتصادية الوطنية.
لقد كان الإمام الصدر يرى من خلال استراتيجيته الخاصة بنمو الطائفة الشيعية وبناء مجتمع متعادل وكذلك التصدي لاعتداءات إسرائيل، ضرورة تنمية وتقوية جنوب لبنان على كافة الأصعدة غير أن عدم مبالاة الحكومة المركزية والمنهج الإقطاعي السياسي الرامي إلى حرمان الشيعة على الدوام بل وحتى العوامل المقيّدة قانونياً ومالياً و.. كل ذلك ساهم في بقاء الجنوب يعاني من الحرمان والتخلف.
_ الأخلاق الإقتصادية الطائفية
التصدي لظاهرة الإستجداء.
_ المنطق الإقتصادي الطائفي
دراسة الاحتياجات وإيجاد المؤسسات:
* القيام بدراسات ميدانية.
* تأسيس (بيت الفتاة) بهدف إقامة دورات مهنية تعليمية للإناث وتنمية مهارتهن في مختلف المجالات.
* تأسيس مدرسة الهدى، ومدرسة جبل عامل الفنية والحرفية، ومعهد الدراسات الإسلامية.
* تأسيس عدد من دور رعاية الأيتام للذكور والإناث بالإضافة إلى مستشفى ومستوصف وبيوت الصحة.
_ الحرية الإقتصادية الطائفية
الشيخ أحمد الزين، القاضي في صيدا يحكي احدى خواطره فيقول: حينما حملت إسرائيل على هذه المدينة، جئت إلى الإمام وطلبت منه المساعدة وقلت له بأن أهالي المدينة قد صاروا مشردين في الجبال والسهول.. لم تمض ساعات إلا وقد وصلت للمشردين شحنة كبيرة من المساعدات تضمنت الخيم والبطانيات والوسائل الضرورية.
* التحول الدولي والإقليمي في فترة غياب الإمام
شهدت الأعوام الخمسة والعشرون الماضية تغييرات واسعة على الصعيد الدولي وفي منطقة الشرق الأوسط؛ كقيام الثورة الإسلامية في إيران وما انبثق عنها من مفاهيم حيال الشرق الأوسط، وانهيار الإتحاد السوفييتي، ومحاولات أميركا إستغلال الفراغ الناجم عن غياب الإتحاد السوفييتي بصفته قطباً في الساحة، وإيجاد نظام سلسلة المراتب في الكرة الأرضية، وكذلك التغييرات التي لم يسبق لها مثيل في تقنية الإتصالات والمعلومات.. كل ذلك يشير الى ظهور مرحلة خاصة من الحياة البشرية. وبتعبير مجمل ربما أمكن التحدث عن انقلابين بارزين:
1_ إنقلاب تكويني في رؤية الحياة البشرية كتنمية الإتصالات وتقنية المعلومات.
2_ إنقلاب جوهري داخل الإنسان والرغبة الإنسانية على طريق المعنويات وطلب العدالة والمشاركة الأوسع في الحياة الإجتماعية.
إن امواج العولمة تحولت ضمن منظومة المعطيات والمشاريع، تحولت إلى مفردات مشتركة للأسرة البشرية. وفي ظل التحرك المطرد للشعوب في أطر الأنظمة الوطنية، إتسعت أكثر فأكثر رقعة مشاركتها بواسطة التشكيلات والتنظيمات المدنية وغير الحكومية (NGO’S). وتأثرت أنظمة الشعب_ الحكومة من ناحيتين:
_ إنعكاسات ذات صبغة إقليمية في أطر التنظيمات الإقليمية والدولية الجديدة.
_ انعكاسات ذات صبغة وطنية في أطر التنظيمات المدنية وغير الحكومية.
لقد امتلك الإمام موسى الصدر في ظل ما تمتع به من شخصية ومكانة نافذة، القدرة على احتلال موقعاً حركياً ممتازاً. إن حركته التكاملية وتحمله عبء المسؤولية تجاه الناس وسيره في طلب الحقيقة والعدالة والنظرة الواقعية والمبادرة لاتخاذ الخطوة المناسبة في كل لحظة وفي كل مكان؛ جعلته أكثر نشاطاً وفاعلية وثورية. علماً أنه كان يواجه في هذه المرحلة أرضية أوسع للتحرك.
وفي رأيي أن هذه المرحلة شهدت إضافة البعد "الدولي" إلى البعدين "الإقليمي" و"الوطني". ولو أردنا تعميم نموذجنا المفاهيمي على هذه المرحلة فإنه يمكننا تبيين هذا التعميم على النحو الآتي:
الأخلاق، المنطق، الحرية/ السياسي، الثقافي، الإقتصادي/ الدولي، الإقليمي، الوطني.
ولو أردنا تبيين الأوصاف بما يتناسب مع مجالات التواجد ومستويات الحضور فسيكون على النحو الآتي:
الأخلاق السياسية الدولية.
المنطق السياسي الدولي.
الحرية السياسية الدولية.
الأخلاق الثقافية الدولية.
المنطق الثقافي الدولي.
الحرية الثقافية الدولية.
الأخلاق الإقتصادية الدولية.
المنطق الإقتصادي الدولي.
الحرية الإقتصادية الدولية.
وبإلقاء نظرة عابرة على المكونات التسع هذه، تتضح أكثر الأبعاد المختلفة لانعكاسات العولمة.. ففي عالم يحاول فيه أصحاب القوة والمال والسلطة فرض إرادتهم ليس على شعوبهم فحسب بل على الشعوب في مختلف أرجاء المعمورة مهما كانت آراؤهم وألوانهم وقومياتهم؛ يشعر المرء بأسف بالغ بسبب عدم وجود قادة كالإمام موسى الصدر والفراغ الذي يتركه غياب هكذا قادة. وليس هذا الكلام من باب إضفاء هالة من التقديس أو التعبد على هذه الشخصية وإنما هو بمثابة مطالبة الشعوب وتطلعاتها ليكون لها قادة صالحون ولائقون. إنه (هذا الكلام) مطالبة مفاهيمية لرقي الشعب اللبناني وانسجامه المتزايد مع مرور الأيام على طريق السعادة والتقدم. إنه مطالبة مفاهيمية لتعامل وتعاون شعوب المنطقة في مقابل العدو المشترك في وقت كان الإمام موسى الصدر قادراً بفضل ثقة مختلف دول المنطقة به، على زيادة الأستقرار والتأثير. إنها مطالبة مفاهيمية لتسامي وتكامل البشرية في عصر العولمة حيث يتم تعريف وتبلور مفاهيم حديثة لثقافة العالم. إن شخصية كالإمام موسى الصدر وانطلاقاً مما تتحلى به من إيمان صادق وفكر وقّاد يدعو إلى التفاهم وسلوك متميز، قادرة على القيام بدور فاعل وقيّم. إنها دعوة مفاهيمية لـ ..
* مواصلة درب الإمام
النموذج المفاهيمي الذي تم تبيينه على أساس "منهجية التعريف" للنظام الفكري المشار إليه، أوجد مساحة وقدرة جديدة لتحرك السائرين على نهج الإمام موسى الصدر. وكما أشرنا آنفاً فإن النموذج المفاهيمي في الظروف الراهنة عبارة عن:
أوصاف التوسعة:            الأخلاق/ المنطق/ الحرية.
أوصاف الهيكلية:            السياسي/ الثقافي/ الإقتصادي.
أوصاف الفاعلية:            الدولي/ الإقليمي/ الوطني.
يمكن للسائرين على درب الإمام الصدر في لبنان وإيران ودول المنطقة وباقي دول العالم، ومن أجل إيجاد تيار اجتماعي تكاملي على أساس منطق هذا النظام الفكري، العمل بما يلي:
_ أن يسجلوا في البدء حضوراً اجتماعياً فاعلاً وخلاقاً على الصعيد الوطني من خلال القنوات السياسية والثقافية والإقتصادية المختلفة، ويقوموا بخطوات مؤثرة ويوسعوا مداها بالتدريج.
_ واستمراراً للتحرك الأول، يبادروا للتخطيط على الصعيد الإقليمي من خلال القنوات الثلاثية المشار إليها في الإتصال مع التنظيمات المماثلة، ويتخذوا الخطوات المؤثرة بما يتناسب مع الضرورات الراهنة والمستقبلية.
_ ومع القيام بالخطوات أعلاه (بنسبة معينة)، يعتمدوا مبدأ المواكبة للفرص الحديثة المتولدة عن أحداث العولمة وذلك من خلال المسارات الثلاثية المشار إليها في الإتصال مع التنظيمات المماثلة على الصعيد الدولي، وصولاً إلى سبل التقريب وتوحيد الصف. في هذه المرحلة يحظى إيجاد مفاهيم حديثة للمطالبة بالحق وتحقق العدالة بمقبولية كبيرة لدى مختلف الشعوب في أرجاء المعمورة. نأمل بنجاح أمثال هؤلاء السائرين على الدرب في خلق الفرص لإقامة عالم مفعم بالأمن وطلب العدالة والوعي واعتماد الفكر والجمال الرخاء. إن شاء الله.

source