الإعلام والوحدة الوطنية

calendar icon 12 كانون الأول 2002 الكاتب:سركيس نعوم

* مؤتمر "كلمة سواء" السنوي السابع: "الذات والآخر في الاعلام المعاصر"
(الجلسة الأولى)



في الحادي والثلاثين من شهر ايار 1966 كتب رئيس المجلس الشيعي الاعلى الامام موسى الصدر الذي غيبه النظام الليبي في صيف 1978 او الذي غيب اثناء زيارته لليبيا في ذلك الوقت تلبية لدعوة من زعيمها العقيد معمر القذافي عن حرية الصحافة والصحافيين قال:"الحرية هي حق للصحافي في المجتمع الذي يعيش فيه، انها فرصة له، ليعمل. وهي فرصة للمجتمع ليعرف كل شيء. فلا صيانة للحرية الا بالحرية، وهي بعكس ما يقال لا تحد ابدا ، لا نهاية لها. والحقيقة ان الحرية الكاملة هي الحق، هي من الله، لا حد له. لكن الحرية الحقيقية هي الحرية من اسباب الضغط الخارجي واسباب الضغط الداخلي. فعلى حد تعبير الامام علي(ع) من ترك "الشهوات كان حرا". واذا اردنا ان نحدد الحرية فنقول انها تحرر من الغير وتحرر من النفس. واذا فسرنا الحرية بهذه الطريقة بامكاننا ان لا نعتقد بوجود حد للحرية لان الحرية التي تصطدم بحرية الآخرين عبودية للنفس ومتابعة للشهوات. الحرية جهاد، انها الجهاد الاصغر الذي عناه النبي الكريم" صلى الله عليه وسلم".

اليوم بعد نحو ست وثلاثين سنة ونيف ما كان الامام موسى الصدر، لو عاد الينا اي الى الشعب اللبناني بكل طوائفه ومذاهبه. ليعدل شيئا في هذا الكلام عن الحرية. قد يستبدل كلمة صحافي مثلا او صحافة بكلمتي اعلامي واعلام بعدما انتشر وعلى نحو واسع الى جانب الاعلام الصحافي اعلام اذاعي وآخر تلفزيوني. اما الباقي فكان سيبقيه كما هو لانه تضمن القواعد الاساسية للحرية الإعلامية التي تصلح لكل العصور ولكل الظروف وان ليس لكل الانظمة وخصوصا التي منها تحكم سعيدة في عالم التخلف والقهر السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والتي تبرر حكمها وتجاوزاتها بشعارات طنانه وطنية وقومية الهدف الوحيد من رفعها هو الاستمرار عبر اقناع شعوبها بضروروة متابعتها التضحية بنفسها. ربما كان الامام الصدر سيضيف الى كلامه المذكور أعلاه لا قواعد جديدة لمفهومه للحرية ولكن اضافات وشروحات مثل ان الحرية مسؤولة وضرورة مراعاة قواعد الانتظام العام وسلامة الوطن وديمومة المجتمع مع الاشارة الى انهما لا يعنيان الغاء مفهوم الحرية والقضاء عليها. ومثل ان ممارسة الحرية يجب الا توصل الى حال من الفوضى الاعلامية المؤذية ولذلك لا بد من ضبطها ولكن بطريقة تعززها ولا تتسبب بزوالها. ومثل ان الحرية تساعد كثيرا السلطات والزعامات والسياسيين وقطاعات المجتمع الاهلي في محاولة معالجة آفات اجتماعية حقيقية وحالات اقتصادية صعبة وحالات سياسية متأزمة وأوضاع طائفية، خلافا لما يظنه الحكام وانظمتهم من خلال مقولاتهم الثابتة التي تدعو الناس الى الاختيار بين

الخبز والحرية، او بين الامن والحرية، او بين الاستقرار والحرية. وأخيرا مثل ان الكلام اليومي والغزير عن الحرية سواء الاعلامية او غيرها من قبل الرسميين والسياسيين والاحزاب وحرص هؤلاء على اظهار او اعلان تقديسهم لها وحرصهم على المحافظة عليها ان كلاما كهذا هو دليل حسي وملموس اما على غياب الحرية، واما على جزئية ممارستها واما على ممارستها الخاطئة واما على عدم وجود مكان لها. وعلى ذلك دليلان بارزان الاول الدول المتقدمة التي تمارس شعوبها الحرية على نحو كامل ومسؤول من دون ان تتحدث عنها يوميا. ومن دون أن يثير أحد موضوعها الا اذا شعر ان هناك ميلا عند السلطة للحد منها كما حصل في الولايات المتحدة عندما قامت قطاعات شعبية مدنية واسعة بتحذير الادارة الحاكمة فيها من استغلال مأساة احداث 11 ايلول 2001 الذي تعرضت له او بالاحرى من ترك مواجهة هذه المأساة تمس في شكل أو في اخر الحريات العامة المتنوعة التي ينعم بها الشعب الاميركي من زمان، اما الدليل الثاني فهو الإسهال الكلامي عن الحرية في عالمنا الثالث وغيابها عن الممارسة في معظمه وجزئية ممارستها او الممارسة الخاطئة لها في القليل من دوله ومنها لبنان.

موضوع مداخلتي اليوم في مؤتمر "كلمة سواء" الذي اشكر مركز الامام موسى الصدر للأبحاث والدراسات على دعوتي للإشتراك فيه والذي اتمنى ان يتابع المهمة التي ندب نفسه لها الامام المغيب وهي توعية اللبنانيين على هويتهم الوطنية رغم تنوعهم الطائفي والمذهبي وتوعيتهم على هويتهم القومية اللتين لا تتناقضان بل تتكاملان في مناخ من الحرية والاستقلال والسيادة والديمقراطية وان حقوق الانسان والاعتراف بالآخر وقبوله رغم الاختلاف عنه ومعه. موضوع مداخلتي هذه هو الاعلام والوحدة الوطنية، وهو موضوع مهم لان الشق الثاني منه هو اساس وجود لبنان وطنا وسيادة واستقلالا وعيشا مشتركا ونظاما ديمقراطيا حرا. اما الشق الاول فأنني اجزت لنفسي ان اضيف اليه كلمة بحيث يصبح عنوان المداخلة حرية الاعلام والوحدة الوطنية. ذلك ان الاعلام يفترض ان يكون حرا واذا لم يكن كذلك كما هي الحال في عالمنا الثالث يفقد اي تأثير له بل لعلني لا أجافي الحقيقة اذا قلت انه يكون غير موجود في هذه الحال. وانطلاقا من حقيقة يعرفها الجميع هي ان من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل وقبل الوصول الى الاستنتاجات ارى من واجبي ان اعطي صورة واضحة الى حد ما عن المراحل التاريخية التي مر بها لبنان او بالاحرى حرية الاعلام فيه والوحدة الوطنية في عصره الحديث وهي في تقديري ثلاثة. الاولى تبدأ منذ الاستقلال عام 1943 وتنتهي مع بداية الحرب الاهلية وغير الاهلية في لبنان عام 1975.يعتبر كثيرون ان هذه المرحلة تمثل العصر الذهبي في لبنان وهي كانت كذلك من

ناحية الشكل. اذ مورس النظام الديموقراطي البرلماني في صورة عامة وازدهرت الحياة السياسية واخذ الاعلام الحر او الذي وصف انه حر مداه الاوسع وقامت نهضة اقتصادية مهمة جعلت من البلاد وتحديدا من العاصمة بيروت مركزا ماليا للشرق العربي كله كما نمت حركة ثقافية متنوعة. اما من ناحية المضمون فقد كشفت ثورة 1958 التي اطلق عليها لاحقا اسم "احداث: ربما في محاولة للتخفيف من اثرها او لتجاهل مسبباتها وجود عطل بنيوي في التركية اللبنانية تمثل ظاهرا بحرص على الديموقراطية من جانب وبرغبة في خرقها من جانب آخر(تجديد ولاية رئيس الجمهورية كميل شمعون). وتمثل فعلا بامرين مهمين وخطيرين في آن واحد، الاول انقسام طائفي حاد بين المسلمين والمسيحيين ناجم عن شعور المسلمين وان على نحو غير واضح جدا بنوع من الغبن في التركيبة السياسية اللبنانية. والاخر انقسام طائفي اي بين المسلمين والمسيحيين على هوية لبنان العربية وبدء تصدع الميثاق الوطني الذي قام على سلبيتين هما موافقة المسيحيين على الاستقلال ورفضهم البقاء مع فرنسا في مقابل اقلاع المسلمين عن المطالبة بالوحدة مع سوريا. وظهر ذلك جليا من خلال تعاطف المسلمين او غالبيتهم مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وايديولوجيته الوحدوية. خصوصا بعد قيام وحدة مصر وسوريا ومن خلال تمسك المسيحيين بالاستقلال الذي افسح في المجال للبعض بالعودة الى التشكيك في كامل الهوية العربية للبنان. وكشفت تطورات ما بعد 1958 قصور لبنان عن حكم نفسه بنفسه وحاجته الى دعم من الجهة العربية الاقوى التي يتطلع اليها بعض اللبنانيين لاستمراره بعيدا عن المشكلات الوطنية والسياسية ولتأمين الاستقرار ولكن ليس الى امد طويل. إذ سرعان ما ادى العامل الفلسطيني الى اعادة الاستقطاب الداخلي في لبنان ومعظمه طائفي. وساهم ذلك في تقويض الاستقرار وفي التهيئة لاطاحة الانجازات الاقتصادية. ولم تمر بضع سنوات ( من 1969 حتى 1975) حتى كان كل شيء على شفير الإنهيار.

وما يمكن استخلاصه من ذلك كله هو ان الوحدة الوطنية لم تكن موجودة الا بالاسم، وان ما كان سائدا في حينه كان نوعا من التكاذب كما سماه الزعيم الراحل كمال جنبلاط وان ارتباط الوضع اللبناني بالوضع الاقليمي ولا سيما العربي عضوي ووثيق لدرجة ان اي تطور فيه كان يؤثر وبعمق في لبنان بل كان قادرا على اطلاق سلسلة تطورات فيه ذات انعكاسات بالغة على استقراره وربما على استمراره.

اما في ما يختص بالاعلام في تلك المرحلة فيمكن القول انه شهد ازدهارا كبيرا سواء من حيث انتشار توزيع الصحف والمجلات على نحو واسع او من حيث تأثير الاعلام على الحياة السياسية لا اللبنانية فحسب بل العربية ايضا. ويمكن القول ايضا ان الاعلام تمتع في حينه بشيء من الحرية. لكن ما يمكن قوله ايضا في هذه العجالة هو ان حرية الصحافة

كانت جزئية في هذه المرحلة وما قاله الرئيس السابق للجمهورية شارل حلو في حينه لعدد من اصحاب الصحف في معرض ترحيبه بهم دليل على ذلك. وهو:"اهلا بكم في وطنكم الثاني لبنان" هذا الكلام المزيج من المزاح والجد كان حقيقيا اذ ان غالبية الوسائل الاعلامية في ذلك الحين كانت تتلقى تمويلا من الخارج. وهذا التمويل كان مشكلة وان حل عددا من المشكلات المالية للاعلام والإعلاميين ذلك انه نقل الصراع العربي- العربي والعربي- الدولي الى لبنان المهيأ اساسا لذلك نظرا الى التداخل بين وضعه الداخلي والاوضاع في العالم العربي. وقد حد هذا الامر من قدرة الاعلام على القيام بدوره في تعزيز الوحدة الوطنية لا بل انه ساهم في حينه في تصدعها. هذا فضلا عن ان حرية الاعلام في حينه مست اكثر من مرة بالترغيب حينا وبالترهيب حينا آخر. لكن ذلك لم يقض على الاعلام او على حريته النسبية، او الجزئية لان الظروف الداخلية وقبلها الاقليمية وربما الدولية لم تكن جاهزة في حينه للتسبب بامر كهذا او لتغطيته كما حصل لاحقا.

المرحلة الثانية التي مرّ فيها لبنان باعلامه ووحدته الوطنية بصعوبات خطيرة كانت مرحلة الحرب التي بدأت عام 1975 وانتهت مع انهاء تمرد العماد ميشال عون في تشرين الاول 1990 وليس مع التوصل الى اتفاق الطائف خريف العام 1989، وقد شهدت هذه المرحلة انهيار الوحدة واكدت بذلك انها اساسا لم تكن موجودة او بالاحرى لم يكن وجودها عميقا ومتجذرا وقد ثبت فيها ان الانتماء الطائفي للبنانيين المسيحيين اومعظمهم تلافيا للتعميم غير العلمي يتقدم على الانتماء الوطني. وثبت فيها ايضا ان الانتماء الطائفي والقومي عند المسلمين او غالبيتهم يتقدم على الانتماء الوطني، وثبت فيها ثالثا ان تمسك المسيحيين بالاستقلال والسيادة وما الى ذلك كان لاقتناعهم بعدم وجود فصل بين الاسلام والعروبة وتاليا بانهم قد يصبحون اقلية مؤهلة للذوبان في الاكثرية الاسلامية العربية مع الوقت وثبت في الوقت نفسه ان تمسك المسلمين بالعروبة كان نتيجة انتماء قومي وتمسكهم بالطائفية كان نتيجة خوف من طغيان مسيحي او رغبة في انهاء ما اعتبروه طغيانا مسيحيا في الماضي ولعل اسوأ ما اسفرت عنه المرحلة الثانية هذه كانت نمو المذهبية وخصوصا في اوساط المسلمين باعتبار ان التضامن بين المذاهب المسيحية فرضه لا الاقتناع ولكن الحرص على التماسك في مواجهة الآخر.

اما الحرية في المرحلة الثانية فقد ظهر انها احترمت للمراقبين من خارج. فهناك صحف يمينية واخرى يسارية وثالثة مسيحية ورابعة اسلامية وخامسة عروبية. اما متابعو الداخل فقد كانوا متأكدين ان حرية الإعلام تأثرت كثيرا اثناء الحرب. اذ رغم استثناءات معروفة صار للطوائف وللمناطق ذات اللون الطائفي والمذهبي صحفها. وفي منطقة سيطرة

طائفة معينة كان يصعب صدور صحيفة بمواقف سياسية مخالفة ومناقضة. والتعميم هنا امر يجوز. علما ان الإستثناء هنا يثبت القاعدة.

نصل الى المرحلة الثالثة والاخيرة، وهي مرحلة ما بين الحرب التي انهاها اتفاق الطائف لنقول ان الحرية وتحديدا الاعلامية منها عادت وبنسبة كبيرة خصوصا بعدما استتب الامن وفتحت المناطق على بعضها وزال او بالاحرى خف تأثير قوى الامر الواقع. لكنها لم تكن حرية مسؤولة. ولم تتوقف عند حدود حرية الآخرين ولم تأخذ في الاعتبار الإنتظام العام. كما ان الدولة والقوى الاقليمية المؤثرة في البلاد لم تظهر احيانا كثيرة ايمانا بالحرية او حبالها وخصوصا الاعلامية رغم عدم تصديها لها مباشرة، الا في الآونة الاخيرة، وقد عبرت عن ذلك بوسائل عدة منها الترغيب ومنها الضغوط ومنها سياسة قمع المخالفات وما اكثرها في لبنان.

اما الوحدة الوطنية في هذه المرحلة فلم تختلف حالها عن الحال التي كانت عليها في المرحلتين السابقتين لها الاولى والثانية. فهي لا تزال غائبة رغم الكلام الكثير عنها، ولم تسلك السلطة وراعيها الاقليمي وكذلك الطوائف والمذاهب ايضا، كلها الطرق المناسبة المؤدية الى هذه الوحدة او لوضع اسسها مثل قانون انتخاب تسليم ومثل تطبيق اتفاق الطائف روحا ونصا ومثل العدل بين الجميع.

ماذا يمكن ان نستخلص من كل ما سبق؟

اولا: لا وحدة وطنية من دون اعطاء اللبنانيين لانتمائهم الوطني فالقومي الأولوية على انتمائهم الطائفي والمذهبي المتنوع. وذلك لن يتم الا اذا شعر اصحاب هذه الانتماءات بالأمان والعدل وبالمساواة في الحقوق والواجبات.

ثانيا: لا وحدة وطنية من دون تطمين اللبنانيين كل اللبنانيين الى ان نهائية كيانهم اللبناني الوطني التي نص عليها اتفاق الطائف ثابتة. وهذا امر غير متوافر اليوم، ولا يعني ذلك الانعزال والتقوقع المؤديين حتما الى زوال بل يعني المحافظة على الوطن ومصالحه مع الانفتاح التكاملي على الخارج وقي مقدمه المحيط العربي. فالتكامل بين مواقع متكافئة واخذة في الاعتبار مصالح كل الكيانات وشعوبها وحده من شأنه اما فتح الطريق امام كيانات اكبر واما اعتبار ان كيانات كهذه لم تعد ضرورية.

ثالثا: لا وحدة وطنية من دون وجود دولة حقيقية في البلاد. وهذه الدولة غائبة حاليا.

رابعا: لا وحدة وطنية من دون ايجاد حل للمشكلة بل للمعضلة الطائفية. وقد يكون في رأيي الشخصي الغاء الطائفية بكل صورها واشكالها او ربما العلمانية هو الحل لكن غالبية اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين لا تبدو محبذة لذلك. ولهذا فان عليها واجب ابتداع الصيغة

الموفقة بين مصالح الطوائف والمذاهب ومصلحة الوطن على ان تكون الاولوية دائما لمصلحة الوطن.

خامسا: لا وحدة وطنية من دون حياة حزبية حقيقية في البلاد تستطيع ان تخرق الطوائف والمذاهب افقيا وليس عاموديا فقط.

سادسا: لا وحدة وطنية مع انماء غير متوازن ومع تفاوت اجتماعي وثقافي واقتصادي ومعيشي كبير. فالجائع شهر سيفه على الجميع ويهدد باطاحة الصالح من الاوضاع القائمة والطالح.

سابعا: لا وحدة وطنية من دون حرية كاملة ومن دون ديموقراطية كاملة.

ثامنا: لا وحدة وطنية من دون حركة نقابية عمالية وطنية تنقل الصراع، من اطاره الطائفي والمذهبي الى الإطار السياسي وإطار الاقتصاد ومصالح الطبقة العمالية على تنوعها.

اما بالنسبة الى الإعلام فاننا نستخلص الآتي:

اولا: لا اعلام من دون حرية.

ثانيا: لا اعلام من دون قضاء مستقل منزه عن الغايات والمداخلات السياسية والطائفية والمذهبية وبعيد عن السياسة.

ثالثا: لا اعلام حر في ظل تحكم اصحاب الاموال بالحياة الاعلامية.

رابعا: لا اعلام من دون دولة حرة.

خامسا: لا اعلام حر من دون حركة نقابية اعلامية صادقة لا تساوم السلطة او الحكام على حريات الاعلاميين وعلى حقوقهم.

في اختصار ان اقامة نظام عربي آخر في لبنان سواء من حيث الاعلام او من حيث الحرية او من حيث كل المقومات الفعلية لاي وطن هي بمثابة الحكم عليه بالسير على طريق الزوال، وقد ثبت ذلك من خلال الممارسات وخصوصا بعد انتهاء الحرب فيه وعليه، وحده النظام الديموقراطي الحر يعيد الى لبنان أو يمكن ان يعيد اليه وحدته الوطنية ويمكن ان يدعم حريته الاعلامية ويمكن ان يعيده نموذجا للعرب كما كان في الماضي رغم الثغر الكثيرة التي كانت فيه فيحذون حذوه او على الاقل لا يستقتلون لضربه.

قد يستغرب البعض عدم النظر مباشرة الى دور الاعلام في تعزيز الوحدة الوطنية او في ضربها. وقد ينطلق هذا الاستغراب من اقتناع عند البعض بان الاعلام مسؤول عن تصدع هذه الوحدة وعن كل مشكلات البلاد. وهو اقتناع عبر عنه كثيرون اكثر من مرة باتهام الصحافة باثارة الفتن والقلاقل والتقسيمات بين الطوائف والمذاهب بل وبين أهل الحكم. وقد فعلت ذلك عمدا اقتناعا مني بان الصحافة هي عموما مرآة للواقع تعكسه ببشاعاته وبالجميل فيه، وبذلك تكون المسؤولية اذا وجدت على الآخرين.

ولا يعني ذلك اعفاء الاعلام من اي مسؤولية، ذلك انه يستطيع بموضوعية ووعي والتزام وطني وبالتعاطي مع الاخبار والمعلومات والوقائع بتجرد ومن دون الجنوح نحو الارشاد والتوجيه القيام بدور مهم بغية تحصين الوطن. كما انه يستطيع ان يدمر الوطن وخصوصا اذا تحولت اقلامه مع اصحابها ادوات في ايدي اصحاب المشاريع الشخصية والخاصة والطائفية والمذهبية.

source