أي إعلام نريد؟ هل من إمكانية لإعلام عربي فاعل؟

calendar icon 13 كانون الأول 2002 الكاتب:محمد السماك

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي السابع: "الذات والآخر في الاعلام المعاصر")

(الجلسة الرابعة)

الأخوة والاخوات، السلام عليكم ورحمة الله

اسمح لنفسي ان ابدأ من حيث كان يُفترض أن انتهي لأقرر بأنه لم يعد بالإمكان كسب أي قضية مهما كانت القضية عادلة إذا لم يكن الاعلام السلاح الاساسي في معركة تحقيقية. اذا خسرنا معركة الاعلام يستحيل أن نحقق اي انتصار لأي قضية وحتى ابسط الامر اكثر من ذلك. القضية التي تجمعنا اليوم قضية الإمام موسى الصدر، هذه القضية الانسانية الاسلامية الوطنية القومية العادلة بكل ابعادها. لا نستطيع أن نكسب هذه القضية إذا خسرناها إعلامياً التعثر الذي تواجهه هذه القضية في الاعلام ينعكس على كل مجرياتها ولذلك فإن الاعلام لم يعد اداةً للمعرفة فقط إنما اصبح أداة لتحقيق الاهداف ولكسب القضايا الانسانية ولكسب القضايا العادلة. في عام 1600 أوفد ملك المغرب إلى إسبانيا سفيراً في مهمة محددة للتفاوض مع ملك اسبانيا من اجل إطلاق سراح اسرى مغاربة في اسبانية. 1600 كتب السفير المغربي الغساني مذكراته موجودة في مكتبة القرويين وثائقها يقول فيها: "وجدت في مدريد شيئاً عجباً وجدت هناك صندوقا يدخلون فيه أوراق تخرج مطبوعة" ويسمونها "كزتة" وهذا اسمُ اغرب من الخيال ويبعونها بأسعار بسيطة وهي تحمل اخباراً عن البلاد ولكن هذه الاخبار مليئة بالأكاذيب وبالافتراءات، فيما يتعلق عندما تتحدث عنا عن المغرب. إن قراءة متأنية لهذه الوثيقة التاريخية تبين لنا أمرين اساسين:

الامر الأول هو انه كانت هناك هوةً واسعة تقنية بين شمال المتوسط: اوروبا وجنوبه: العالم العربي .هناك يطبعون الصحف ونحن لم نكن في ذلك الوقت نعرفها.

الامر الثاني هو أن هناك مشكلة في فهم الاخر منذ ذلك الوقت كانت هناك شكوى من ان الاعلام الغربي يتعاطى مع قضايانا بشكل كاذب وافترائي كما ورد في مذكرة السفير المغربي الغساني فكانت هناك فحوة تقنية وفجوة حول الصدقية والفجوتان لا تزالان قائمتين حتى هذه اللحظة. عدت منذ يومين من استراليا كنت في مهمة هناك في ملبورن صدرت جريدة يومية في الصفحة الاولى منها العنوان الرئيسي "مسجد ملبورن خلية للقاعدة لتنظيم القاعدة تعرفون ماذا يعني هذا بالنسبة للمسلمين الموجودين هناك. إدانة جماعية بأن هؤلاء من اتباع القاعدة وبن لادن لأنهم يؤدون الصلاة ويجتمعون في المسجد.

وتشير إلى احد يدعى ابي قتادة أو ابو قتادة زار المسجد وشكل فيه خلايا للعمل مع بن لادن الخ ...قصة في الصفحة الأولى طويلة عريضة في الحقيقة يومها صادف انني كنت على موعد لزيارة المركز الاسلامي بما فيه المسجد. حملت الجريدة وذهبت إلى هناك كلهم من لبنان وهم لبنانيون المسسؤولين عن هذا المركز. فقلت هل إطلعتم على الجريدة قالوا نعم اطلعنا عليها وهذا كله كذب وافتراءات فتذكرت قصة السفير غساني نفس العبرات نفس الموقف طيب ماذا فعلتم من اجل الرد على الاكاذيب والافتراءات. لم نفعل شيئاً لأنهم لا ينشرون لنا، لا يردون علينا كما رواها المسؤولون في المركز.

ما هي القصة الحقيقية لهذا الموضوع. تبين ان القصة الحقيقية هي انه في عام 1990 جاء هذا الشخص وهو يحمل جواز سفر انكليزي. جاء من لندن إلى استراليا ادى الصلاة هناك وخطب بالمصلين وبقي لعدة ايام ورجع.

عام 1990 لم يكن هناك لا بن لادن كان بن لادن في المخابرات الاميركية كما تعرفون وكان يؤدي تنظيمة الدور المطلوب هناك والاعلام كان يصفه بالمجاهد وفريقه بالمجاهدين فجاء هذا الرجل ابي قتادة 48 ساعة وذهب في عام 1990 الأن الاعلام يبين على تلك الزيارة التي مر عليها 12 عاماً رواية اعلامية ليدين من خلالها المسلمين بشكل جماعي بأن المسلمين وبالتالي الاسلام دين ارهابي وان المسلمين ارهابين فالمشكل مزدوج، المشكل في الصورة النمطية السلبية التي يصورها الاعلام الغربي عنا والمشكل الاخطر والاسوء هو في انكفائنا عن نقل صورة واقعية وحقيقة عن عقائدنا وعن مواقفنا لم يقم احد من هؤلاء من ملبورن بكتابة رد بالاتصال بالجريدة بتقديم شكوى بأي مبادرة بإعتبار انه أمر ميؤس منه لا احد يرد علينا هذا الامر يتكرر من اوروبا في الصحف الأوروبية في الاعلام الاوروبي ويتكرر في اميركا ويتواصل بشكل مستمر لأننا لا نتعامل مع الاعلام الدولي بما يفترض من صدقية وفي اهتمام وبالتالي نستسلم لما ينشر فيؤدي هذا النشر إلى تراكم ثقافي في الذهن العام في الذهن الغربي وفي الذهن الاوروبي وبالتالي نصبح مصنفين من خلال الاعلام ومن خلال دور الاعلام على اننا جماعة خارج الانسانية وخارج الحضارة وبالتالي نستحق العقاب الجماعي الذي نتعرض له لسنا عاجزين على ان نقوم بعمل اعلامي في مستوى الاعلام الذي يتعرض لنا الامكانات المادية متوفرة الالات الاعلامية ان كانت قضائية تلفزيونية أو كتابته أو اي شكل من اشكال الاعلام متوفرة عنا العقل الانساني عندنا منتج ويستطيع ان يقارع الحجة بالحجة ولكن نفتقد إلى أمر اساسي واحد وهو الإرادة، نحن اصحاب قضية ولكننا لا نملك الارادة للدفاع عن هذه القضية الامر والذي يجعلنا دائماً في قفص الاتهام ونحن والذي يقف في موقف الدفاع هو يكون في الاساس في موقف ضعف نحن نحتاج إلى اعلام مبادر وليس إلى اعلام يتلقى الضربات ثم يحاول ان يوضح وأن يرد يجب ان يكون عندنا المستوى العالي تقنياً وصدقياً لأن مخاطبة العقل الغربي لا تتطلب ان نتقن لغته فقط يجب ان نتقن الوصول إلى منطقه ايضاً ليس باللغة وحدها ولكن بالمنطق بالعلم نستطيع ان نخاطب وان نصل إلى العقل الغربي اعلامنا مقصر لأننا لا نسلك هذه الوسائل ولأننا نستسلم إلى ما يكتب علينا.

اقف عند هذا الحد حتى لا اطيل واذا كانت هناك مناقشة فيما بعد.

source