مركز الإمام الصدر إفتتح مؤتمر "كلمة سواء" شمس الدين: المسلمون والمسيحيون ضمانة لبعضهم البعض في لبنان غيث: بوحدتنا ندحر الخطر الصهيوني ونعيد حقوق الإنسان العنداري: الإرشاد الرسولي شدد على احترام حقوق الإنسان

calendar icon 02 تشرين الأول 1998

إعتبر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين "ان إحدى الركائز الكبرى والضمانات الكبرى لحقوق الإنسان في لبنان هو تنوعه الديني (...) وهذا التنوع هو الأساس لضمانة حقوق الإنسان المتميزة في المنطقة، مشيراً إلى أنه لا يجوز أن يستهان بهذا التنوع ولا يجوز اشعار أي فريق مكون له في المسيحيين والمسلمين أنه مهدد في ذات أو في معناه أو في مداه".

إفتتح مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات أمس في فندق الكومودور مؤتمر "كلمة سواء" الثالث بعنوان "بحثاً عن حق الإنسان"، وذلك في مناسبة الذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعشرين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر.

حضر المؤتمر الرؤساء: شارل حلو، حسين الحسيني وسليم الحص، وزير الإعلام باسم السبع ممثلاً برئيس إتحاد وكالات الأنباء العربية مدير "الوكالة الوطنية للإعلام" رفيق شلالا، وزير الشؤون الإجتماعية أيوب حميد ممثلاً بمدير عام وزارة الشؤون الإجتماعية نعمت كنعان، والنواب: محمد يوسف بيضون، مروان حمادة، عبد الله قصير، وحسين يتيم، الوزير السابق محمد بسام مرتضى، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، القائم مقام شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ بهجت غيث، الشيخ محمد دالي بلطة ممثلاً لمفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، المطران نبيل العنداري ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، العقيد إبراهيم بشير ممثلاً قائد الجيش العماد إميل لحود. كما حضر سفير السودان في لبنان السيد مصطفى عبد الحميد كاب الرفيق، ممثل السفير البابوي المستشار لدى السفارة البابوية السيد دومينيك مامبرتي، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، مدير عام وزارة الإعلام محمد عبيد، مدير إذاعة لبنان فؤاد حمدان، المستشار الثقافي الإيراني محمد تسخيري، مطران صور للموارنة مارون صادر، وممثلون عن الطوائف الروحية والدينية، والهيئات والمؤسسات الثقافية والإجتماعية في لبنان.

إفتتح المؤتمر بآيات من الذكر الحكيم. تلاها عريف الإحتفال حسين حمادة، ثم النشيد الوطني اللبناني.

رباب الصدر
وألقت السيدة رباب الصدر كلمة قالت فيها: مر العام الخمسون على إعلان شرعة حقوق الإنسان، وما زالت القوة أم الشرائع، ولا وجود لمحكمة تعتبر الضعيف قوياً حتى تأخذ الحق له. والقوي ضعيفاً حتى تأخذ الحق منه. والمهتمون بالدفاع عن حقوق الإنسان من الوجهة القانونية دورهم مغيب فإلى متى سيبقى حق الإنسان كرة يتقاذفها اللاعبون؟
سؤال نطرحه على مؤتمركم الكريم سائلين المولى عز وجل أن يخرج المؤتمر ببعض ما كان يطمح إليه الإمام الصدر، الذي كان كلمة الحق، وسيبقى وهجاً في ليل الباحثين عن الحقيقة.

مامبرتي
وألقى ممثل السفارة البابوية المونسنيور دومنيك مامبرتي كلمة السفير البابوي وقال فيها: "ان شرعة حقوق الإنسان ليست فقط موضوعاً للنقاش إنما هي إحدى الوصايا الإلهية، لذا علينا أن نوحد قوانا ونتعامل سوياً لنحافظ على حق كل واحد منا وخصوصاً البؤساء والمهمشين ليعترف بهم ويحظوا بالحماية اللازمة.
وتابع: لقد أعلن الكرسي الرسولي في خلال الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة في 2 تشرين الأول 1979 أنه يجب أن نقيم الكائن البشري ليس فقط في تقدمه في العلم والتكنولوجيا بل من خلال قيمته الروحية والأخلاقية، وبما أن الله خلق الإنسان على صورته ومثاله فلا يمكن للكنيسة أن تتجاهل حقوقه، وفي حال اغتصبت هذه الحقوق فهذا يعني أن الكنيسة اغتصبت بدورها.

غيث
وألقى الشيخ بهجت غيث كلمة جاء فيها: تزامنت هذه السنة ذكرى غياب الإمام الصدر مع الذكرى الخمسين لإعلان حقوق الإنسان والعشرين لتغييب قائد مسيرة الإصلاح والتحرر والإنعتاق الذاتي من التخلف والحرمان ومن أوهام الخوف والجهل والهيمنة والطغيان وهكذا تستمر قوة الكلمة في تجسيد حضور الروح رغم تغييب الجسد باستمرار مواسم العطاء وحصاد غلال الوفاء من بذور الوعي واليقظة التي غرسها الإمام في قلوب المؤمنين من بني قومه ووطنه وأمته العربية والإسلامية".

وتابع غيث: نهاية هذا القرن تهدد مصيره وتنذره بأوخم العواقب وتدخله في دوامة العنف والدمار والخراب وسفك الدماء تحت قناع محاربة الإرهاب بالإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان تحت شعارات حفظ تلك الحقوق.

لقد نسي الإنسان الحق فاستبعده الباطل وأحب الظلمة وأعرض عن النور فحقت عليه الحاقة وأدركته مصاعب هذا الزمن المتميز بالإستكبار والعتو والغرور والمطامع والشهوات والغرائز والشرور وكثرة الظلم والجسور ودوام هبوب ريح الشيطان في نفوس أهل البغي والفسق والفجور والعدوان فعمت الفوضى زوايا المعمورة وأصبحت الفضيلة كالعملة المهجورة ونشطت في النصف الثاني من هذا القرن تلك القوى المتحكمة في حضارة إنسان هذا العصر الإستهلاكية وتمثلت وتجسدت بجمع أشتات فلول الصهيونية العالمية بدعم من القوى الكبرى التي جمعتها وغرستها ومكنتها في هذه البقعة المباركة من أرضنا المقدسة فتمخضت وولدت كيان التعدي والتحدي والظلم والعدوان ومن مفارقات ومفاجآت هذا الزمن أن يتزامن إعلان حقوق الإنسان مع ولادة هذا الكيان.

وتساءل غيث: أين أصبحت حقوق الإنسان المسكين على مشارف نهاية الألفين وأين أصبح إنسان هذا العصر؟

وختم: حقوق الإنسان أصبحت سخرية هذا العصر والزمان، فالحقوق تؤخذ ولا تعطى للشعوب والأمم وإذا صحت العزائم فالتغيير يصبح حقيقة واقعة وساعة الفصل ستأتي ويصدر الحكم ويأخذ كل ذي حق حقه (...) لا بد من الصبر والثبات والصمود في مقاومة الباطل المتجسد بالخطر الصهيوني الجاثم على أرضنا الممعن في محاولات زرع الفتنة بيننا لتفريقنا. لا بد من الوقوف صفاً واحداً في وجه الشر ودحره وعودة الحقوق العربية لأهلها في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان والجولان وفي ذلك مؤشر لعودة حقوق الإنسان وتحرره من الظلم والفساد والطغيان.

العنداري
وألقى ممثل البطريرك صفير المطران العنداري كلمة ومما تضمنته: ما يهمنا اليوم بعد مرور خمسين سنة على إعلان شرعة حقوق الإنسان والذي كان لمندوب لبنان آنذاك المرحوم شارل مالك مساهمة فضلى في صياغته، ان يترسخ في مجتمعنا الناهض مترنحاً، من وطأة الأحداث، حق الإنسان الأساسي في الحرية، حرية التفكير والتعبير، حرية الضمير والتدبير وحرية الممارسة الدينية والعمل السياسي، بمنأى عن كل تمييز في العرق والجنس واللغة والدين والانتماء.

وتابع: أوليست هذه مبادىء وثوابت شرعة حقوق الإنسان التي أكد عليها بيان مؤتمر هلسنكي الختامي في الأول من شهر آب سنة 1975؟

انه الإعلان- الرهان الذي أكد عليه، تكراراً، برنامج عمل منظمة حقوق الإنسان في المؤتمر الدولي الذي عقد في عاصمة النمسا في الخامس والعشرين من شهر حزيران سنة 1993.

وهذا ما ذكر به أيضاً قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في الخطاب الذي ألقاه من على منبر الأمم المتحدة في الخامس من تشرين الأول سنة 1995 حين قال: "على العالم أن يتعلم العيش في التنوع والتعدد... لأن الحرية هي قياس الكرامة والعظمة" وأضاف: "إذا هجرت الحرية حقيقة الإنسان، تدهورت إلى مستوى التعسف والغطرسة".

أضاف: أما عندنا، فقد تناول الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" الذي وجهه قداس البابا، بعد السينودس، إلى جميع اللبنانيين، حقوق الإنسان في الفصل السادس والأخير مشدداً على صيانتها واحترامها: "أي احترام كل شخص وكل جماعة. لأن الإنسان الذي يحيا في دائرة القيم المادية والروحية، يفوق كل نظام اجتماعي وهو القيمة الأساسية". وتابع قداسته قائلاً: "ان حقوق الله وحقوق الإنسان مترابطة، وانتهاك حقوق الإنسان هو انتهاك لحقوق الله (...) لأنه ما دام كائن بشري يمتهن في أعمق حقوقه الأساسية كانت البشرية جمعاء كلها مثخنة بالجراح.
وألقى ممثل مفتي الجمهورية الشيخ دالي بلطة كلمة ومما جاء فيها: إذا افتقد الإنسان الأخلاق فلا ينفع مع فقدانها شيء آخر لا من القانون ولا من القوة لأن الإنسان استطاع أن يطوع القانون وأن يستفيد من القوة بعد ان حل في نفسه شغف يلعبه المصالح الخاصة والمنافع الذاتية بدلاً من الأخلاق التي يأخذ بها الإنسان من نفسه لغيره ومن نفسه لنفسه فالقيم قوة القانون العظمى.

وختم ان الكلام عن القيم والأخلاق بات شعاراً لكل خطيب ومادة تنساب من أقلام الكتاب وحديثاً روتينياً مملاً يكرره ذووا السلطة وإذا بهم مثقلون بالفضائح المخزية والعلاقات المشبوهة.

شمس الدين
ثم ألقى الإمام شمس الدين كلمة جاء فيها: ان المناداة بحقوق الإنسان لا تعني التفريط بتماسك الدولة أو القانون أو إعطاء أفضلية فريق على آخر.

أضاف: ان نظافة السلطات ونقاوة الأداء وضمانات التنفيذ هي من ضمن حماية حق الإنسان. وشدد على ضرورة إنشاء هيئات مدنية بمعدل عن السياسة والسلطات، تتولى المراقبة والنقد ولا ترتبط بالمجلس النيابي من أجل حماية السلطة من نفسها لأن المطلوب أن تكون دولة ذات قيمة، وليس دولة فرعونية. وأشار إلى الإنتهاك الذي يحصل على الأرض الفلسطينية من قبل العدو الصهيوني، لافتاً النظر إلى عدم وجود سلام قريب في المنطقة، وان هذه المشاورات الحاصلة ما هي إلا لوقف التضامن الحاصل بين لبنان وسورية وأمام العالم العربي والإسلامي. وأكد على وجوب التسلح بهذه الروح الذي جعلتنا منتصرين حتى الآن. واقترح على المؤتمرين التركيز على الجوانب العملية لتحصين حقوق الإنسان على المستوى الوطني والعالمي، وشكر البابا على النداء الذي وجهه لحفظ حق الإنسان، وتسليط الضوء على الضمير العالمي الذي يشكل الحصانة لهذه الحقوق إلى جانب كل القوى.

ثم بدأ المؤتمر جلساته من المحور الأول "الأصول" بعنوان مفهوم الكرامة وحق الحياة في الإعلان العالمي برئاسة الشيخ مفيد شلق، ثم تحدث الشيخ محمود فرحات عن الفكر الإسلامي والإعلان العالمي والاباتي روفائيل لطيف عن الفكر المسيحي والإعلان العالمي. أما الجلسة الثانية تناولت موضوع الصدر وحقوق الإنسان برئاسة الرئيس سليم الحص، وتحدث فيها حسين شرف الدين وحسين صالح حمادة، وختمت بمناقشة عامة.

source