مؤتمر "كلمة سواء" تابع أعماله في يومه الثاني جلستان برئاسة طبّارة ودياب تناولتا دور الأمم المتحدة بتوفير الحماية لحقوق الإنسان

calendar icon 03 تشرين الأول 1998

تابع مؤتمر "كلمة سواء" الثالث الذي ينظمه مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات تحت عنوان "بحثاً عن حق الإنسان" أعماله في يومه الثاني والأخير، في فندق الكومودور، وعقد جلستي عمل، ترأس الأولى رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور أسعد دياب، وألقى كلمة قال فيها: على مدى خمسين سنة سعت الأمم المتحدة لتوسيع دائرة الإهتمام بحقوق الإنسان، ورعت المؤتمرات العالمية الخاصة بهذه القضية، وشكلت لجاناً متخصصة تابعة للمجلس الإقتصادي والإجتماعي معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان على غير مستوى. ثم انبثقت لجنة حقوق الإنسان في جنيف كهيئة متخصصة بحقوق الإنسان، ومتابعة لها، وعاملة على إصدار النشرات والدراسات والتقارير ذات الصلة.

مبادىء الأمم المتحدة
أضاف: غير أن السؤال الملح هو: هل ظلت الأمم المتحدة منسجمة في أدائها مع المبادىء التي رفعته؟ وهل ارتقت حقوق الإنسان بشكل متكافىء بين الأمم والشعوب، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها؟ أم أن اشكاليات التطبيق أخرت أعمال النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان؟

ورأى أنه يجدر التمييز بين مرحلتين من عمر الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية: مرحلة الحرب الباردة حيث طغى الإختلاف الايدولوجي بين الشرق والغرب وفي صميمه النظرة إلى حقوق الإنسان، وهل أن الاولوية هي للحقوق السياسية أم أنها للحقوق الإقتصادية والإجتماعية؟ والمرحلة الراهنة التي بدأت في مطلع التسعينات، والتي تشهد تراجع الصراع الايدولوجي وتقدم النفوذ الأميركي في العالم. انها مرحلة جديدة تشهد تركيزاً شديداً على طرح مسألة حقوق الإنسان، حيث تعتبر من الأولويات العالمية في القانون والسياسة ربطاً بمسائل أخرى مثل: التنمية والديموقراطية وحماية البيئة الطبيعية. وعلى أن هذه الإندفاعية العالمية في مسيرة حقوق الإنسان لم تلغ معاناة أمم وشعوب فقيرة. ومضطهدة ومغلوبة على أمرها، وبينها شعوب العالم النامي وعالم الجنوب الذي يشكو من عوامل التخلف وعوامل التبعية على اختلاف أشكالها. فهل ثمة توجه دولي عام تجاه حقوق الإنسان أم أن السياسة الدولية ما تزال تفعل فعلها في التمييز بين الدول على قاعدة المصالح المادية.

وختم دياب: "ثمة سباق مستمر بين لعبة المصالح الدولية وبين التنظيم الدولي في إطار القانون الدولي الذي يتطور في قواعده ومضمونه. غير أن الإشكاليات النظرية والتطبيقية لا تزال قائمة. هذا ما سيتركز البحث حوله في لجنة حقوق الإنسان، وذلك في إطار الإشكاليات التي تعترض المسيرة العالمية لحقوق الإنسان ونحن على مشارف عصر جديد.

المجذوب
ثم تحدث الدكتور محمد المجذوب عن "مسؤولية الأمم المتحدة عن توفير الحماية الدولية لحقوق الإنسان فأشار إلى الإنتهاكات الخطيرة التي تعرضت لها هذه الحقوق خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى تقنين هذه الحقوق دولياً. وإلى الجهود التي قامت بها الأمم المتحدة لتوفير الحماية لحقوق الإنسان عبر آليات وإجراءات ومناهج معينة، أهمها: الإتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان التي تدرس حالات حقوق الإنسان في الدول وترفع تقارير بها إلى الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة، من خلال قرارات مجلس الأمن الذي يتدخل في حالات انتهاك حقوق الإنسان التي تشكل تهديداً للسلام العالمي ويتخذ تدابير قمعية ضد المسؤولين عنها، ومن خلال أحكام المحاكم الجنائية الدولية التي تهتم بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة وجرائم العدوان".

وختم المجذوب: " عملية الحماية الدولية لحقوق الإنسان تواجه عقبات، أهمها مبدأ سيادة الدولة ومبدأ عدم التدخل، ولكن التطورات التي شهدتها العلاقات الدولية بسبب تقدم العلم والتكنولوجيا أدت إلى فرض قيود على سيادة الدول، ومع أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على عدم تدخلها في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي للدولة، فإنها أخذت في السنوات الأخيرة تتدخل بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان أو الشعب، والمؤسف أن الإدارة الأميركية راحت بعد زوال القطبية الثنائية تستخدم الامم المتحدة لاستعمال القوة ضد الدول التي لا تسير في ركابها".

مغيزل
وقدم الدكتور فادي مغيزل مداخلة تحت عنوان: " دور لجنة حقوق الإنسان"، تساءل فيها عن الفائدة العملية للمواثيق والشرع والإعلانات والإتفاقيات والتوصيات الخاصة بحقوق الإنسان ان لم تسهر على حسن تطبيقها منظمات دولية واقليمية ووطنية؟".

وقال: لا ينبغي الإعتقاد بأن مسؤولية مراقبة مدى تطبيق حقوق الإنسان تقع على عاتق المنظمات الدولية وحدها، وتحديداً أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وإنما هذه المسؤولية هي جماعية بقدر ما ينبغي أن يكون تطبيق حقوق الإنسان عالمياً وشاملاً وجماعياً.

وختم مغيزل: مسألة تطبيق حقوق الإنسان والسهر على ضمان احترامها تقع على السواء، على عاتق الحكومات والمنظمات الدولية والجمعيات المحلية والأفراد. وبتعاون جميع أولئك وتآزرهم تضحي سيادة حقوق الإنسان أقرب منالاً، وهي دوماً سوف تبقى هدفاً منشوداً، أشبه بمنارة تضيء الطريق".

الجلسة الثانية
ورأس الجلسة الثانية وزير العدل الدكتور بهيج طبارة، وألقى كلمة أكد فيها وجوب احترام الحقوق اللصيقة بكل عضو من أعضاء الأسرة الإنسانية وقال: ان دولة القانون ترتبط بوجود قوانين ترعى المجتمع ولكن ليس أي مطلق قانون بل قوانين ترعى المجتمع وتطبيق على الجميع دون استثناء. والقوانين المقصودة هي تلك التي تضمن حقوق الإنسان الأساسية وتكفل بالتالي حقه في الحياة والعيش الكريم والحرية وتكافؤ الفرص. هذه الحقوق التي تنص عليها الدساتير عامة، والدستور اللبناني على وجه التحديد، لا سيما مقدمة الدستور التي تضمن صراحة التزام لبنان الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، بحيث تجسد الدولة المبادىء التي ينطوي عليها من دون استثناء لهذا تبقى دولة القانون برأي هدفاً تسعى الشعوب للاقتراب منه. وبهذا المفهوم أيضاً، فإن المواثيق والعهود الدولية التي تنادي بحقوق الإنسان يبقي تحقيقها نتيجة لنضال مستمر ودائم.

الشلبي
وقدم رئيس اجامعة الاسلامية في لبنان الدكتور حسن الشلبي دراسة حول "تقييم الاعلان العالمي لحقوق الانسان"، وقال فيها: " ان محنة حقوق الانسان ليست من صنع عصر بعينه، انما هي من صنع عصور ترقى تاريخها إلى طغيان الحكام وظلمهم، إلى عهود تمس أيام اليونان والرومان.

وتابع: "رغم الصعود والسمو القانوني والدستوري الذي ظفرت به قضية احترام حقوق الانسان، فقد بقي بحاجة إلى مزيد من التحصين والمنعة. فما زالت هذه الحقوق في واد، واحترامها في واد آخر يدعو إلى التساؤل عن الأسباب والعوامل التي دعت إلى استمرار هذا الانفصال الشاسع بين الواقع والمرتجى؟".

وختم الشلبي: "لعل في مقدمة اسباب هذا العلاج ووسائله، اقامة القوة للاحتكام اليها في قضية احترام حقوق الانسان داخل الدول وخارجها على المستوى الاقليمي والدولي. والقوة السياسية المتمثلة بتفعيل رقابة الرأي العام في الداخل والخارج على سلوك الحكام والقادة، وتفعيل القوة الدولية المتاحة في ميثاق الامم المتحدة وفي ظل المادة 2 من فقرة 7 بشرط اصلاح مجلس الامن من حيث تركيبه وصلاحياته".

وقدم الدكتور عدنان حسين دراسة تحت عنوان "ازدواجية المعايير"، عدد فيها أبرز محددات الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي مهدت لصدور مواثيق أساسية متعلقة بحقوق الانسان.
وأشار حسين إلى أن "المسيرة العالمية لحقوق الإنسان اصطدمت بالسياسة الدولية، التي طالما عكست موازين القوى الدولية في كل عصر، فغدا القانون الدولي العام أسير السياسة الدولية، وغير فاعل على أكثر من صعيد، وبدت التطبيقات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان مختلفة، وأحياناً متناقضة بين دولة ودولة، وبين منطقة ومنطقة في العالم.

source