مؤتمر "كلمة سواء" إختتم أعماله والمحاضرون أكدوا على الحوار والوحدة

calendar icon 15 تشرين الثاني 1996

تتابعت أمس أعمال مؤتمر "كلمة سواء" الذي ينظمه مركز الصدر للأبحاث والدراسات في أوتيل الكومودور وذلك لليوم الثاني والأخير، وعقدت جلستان الأولى صباحية والثانية ظهراً، وحضرها حشد من الفاعليات الثقافية والدينية والإجتماعية والمهتمون.
ورأس الجلسة الأولى رئيس تحرير جريدة "السفير" الزميل طلال سلمان الذي اعتبر ان الحاجة إلى الحوار مع الذات أولاً ثم الآخر شرط حياة الآن، والأمة عطشى إلى الحوار، وإلى أن تحاور ذاتها أولاً لكي تعرف ذاتها، ولكي يعترف عناصرها بعضهم بالبعض الآخر.

قبلان
ثم تحدث المفتی قبلان متناولاً المراحل التی عايش ورافق فيها الإمام الصدر وقال: في ذكراك أيها الحبيب المغيب نستذكر رجل المواقف الجريئة والحوار البناء والدعوة إلى المحبة والتعاون على البر، رجل المرحلة والتوجه الصادق لبناء وطن صحيح لا طائفية ولا مذهبية فيه. أضاف: أن الإمام الصدر كان يرفض أن تبقى الوحدة بين اللبنانيين شعاراً مرفوعاً وكلاماً مقروءاً، وراح يعبر عن رفضه هذا بحركة لم تهدأ وسعي لم يتوقف طارقاً كل الأبواب شارحاً، محاوراً، سائلاً متسائلاً، منبهاً محذراً، فهو المدرك تماماً بأن الوطن المعافى ليس اتفاقية مكتوبة تربط بين مناطقه المتعددة بل مشاركة حقيقية في الآلام والمال.

الجميل
المداخلة الثانية كانت للأب انطوان الجميل مدير المركز الكاثوليكي للاعلام تحت عنوان "الأخطار التي تهدد المسيحية والإسلام" فقال: ان الأخطار عديدة، منها ما يأتي من الخارج وبعضها ما يأتي من الداخل. ويتفاقم الخطر إذا تألبت الأسباب، فما علينا لمواجهتها إلا أن نبقى لها بالمرصاد، وأن نسعى إلى توعية مجتمعنا، ولا سيما الشباب، كي يتصدوا لها هم بدورهم ويجابهوها بالفكر والإيمان الأصيل والمواقف والتصرفات الإنسانية السليمة.

البوطي
والمداخلة الأخيرة في الجلسة الأولى كانت للشيخ الدكتور سعيد البوطي فأوضح أن الذي أعرفه ان منهج الإمام الصدر كان يتمثل في الحوار مع جميع الآخرين، وغايته من الحوار هي تحقيق أقدس ثمرة للحوار وهو تحصين الأمة. وتساءل عن الهدف من الحوار الذي كان يسعى إليه جاهداً الإمام الصدر معتبراً أن الأول منه حماية صلات البر من أن تتقطع. وإذا تحقق البر استطعنا في حصن حصين لا يمكن العدو من اختراقه، بالبر المتبادل يتحصن المجتمع. والعدو لا يستطيع أن ينال من هذه الأمة إلا إذا أوجد في داخلها من يعمل على النيل منها.

الأب عون
وبعد استراحة قصيرة انعقدت الجلسة الثانية التي رأستها السيدة لور مغيزل وأعطت الكلام للأب مشير عون.
المداخلة الأولى كانت للأب مشير عون وهي تحت عنوان "المسيحية في لبنان بين الدين والدنيا" فقال أن "منطق هذا البحث واقع إسلامي سياسي، تعضده رؤية دينية مغرقة في صون بداهتها يستحث المسيحيين على استجلاء فكرهم في مسألة ارتباط دينهم بدنياهم. ففي الفكر الإسلامي الراهن، وأبرز تجلياته باتت اليوم ضرورة العودة إلى الأصول، ان الدولة الإسلامية، وهي في مساحتها المثالية على امتداد المسكونة، تنشىء لسكانها المؤمنين ما يرنون إليه من وحدة نظام شامل يرعى لهم عباداتهم الدينية ومعاملاتهم البشرية. فالعقيدة والشريعة مقترنتان، في ظل هذه الدولة، اقتراناً لا انفصام فيه ولا محيد عنه. فالتعددية الدينية اللبنانية الفريدة تستحثنا أولاً على اختبار نمط من المشاركة السياسية ينهل من معين الفكرين المسيحي السياسي والإسلامي السياسي ما من شأنه أن يعزز الممارسة السياسية اليومية القويمة المعتدلة المنصفة. وهذا مما لا يتأنى لنا في لبنان ما لم نفصح نحن اللبنانيين المسيحيين عن هوية فكرنا السياسي الناضج، كما نهواه، بشذا الإنجيل الطيب وهذه التعددية عينها تحرضنا ثانياً على التيقظ الفكري لأنها ما انفكت تطبع لبنان بطابع تقليدي خاص قلما نجد له مثيلاً في المجتمعات الأوروبية التي اخترقتها تيارات العلمنة المنبثقة من الثورة الفرنسية وثورة الأنوار. ولبنان، من طبيعة تكوينه الثقافي، قائم في منزلة وسط بين التراث والحداثة، بين التقليد والتجديد، بين المنصرم والمقبل.

المولى
تلاه الدكتور سعود المولى بمداخلة تحت عنوان "الحوار الإسلامي – المسيحي، المنطلقات والإشكالات"، فأشار إلى أنه تعاظمت في السنوات الأخيرة دعوات الحوار الإسلامي - المسيحي ومبادارته، بحيث شكلت حصيلة غنية بل شك، سواء على صعيد موضوعاتها وعناوينها، أو على صعيد أطرافها وميادينها، غير أنها عادت ولا تزال من نقص في المنهجية والتصويب، ومن غياب المراكمة المعرفية والجهد التوثيقي والتبويب. كما افتقدت الإطار النظري الضابط الذي يسمح وحده ببلورة خبرات الحوار وتطويره، وبتجديد أسئلته واشكالياته واغنائها واستخلاص دروسه وصولاً إلى صوغ برنامج نضالي مشترك لمواجهة تحديات عالم اليوم.

شرف الدين
وختمت الجلسة بمداخلة للسيد حسين شرف الدين، الذي تحدث عن تجربته مع الإمام الصدر. وتساءل: من هو الآخر عند موسى الصدر، وعاد إليه منذ العمل في صور يوم أراد أن يوقف موضوع التسول، ملاحظاً أنه جند الكبار في السن ليعملوا بهمة الشبان ويجمعوا المؤن ويوزعوها على المحتاجين.
واعتبر أن الدين هو محاولة لصنع الإنسان من جديد، وهو أداة لبنان الإنسان، وهو بالتالي أداة تربوية.
وختم بالقول: ان الإمام الصدر دفع ثمن مواقفه من قضية الجنوب والعدوان الإسرائيلي وصولاً إلى مواقفه العربية الوحدوية.
يذكر ان عائلة الإمام الصدر والوفود المشاركة ستقوم بزيارة إلى قانا اليوم الجمعة لوضع أكاليل من الزهور على أضرحة شهداء المجزرة.

source