مؤتمر الأسرة يعتبر السلطة في المجتمع للعامل الإنساني ويطالب بتشجيع الزواج المبكر وإنشاء الأسر الشابة

calendar icon 07 تشرين الثاني 1997

اختتم أمس مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات أعمال مؤتمره الثاني الذي أقيم في فندق "الكومودور" لمدة يومين تحت عنوان "الأسرة: واقع ومرتجى"، وذلك من وحي فكر الإمام السيد موسى الصدر ونهجه.

وشارك في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر رؤساء الطوائف اللبنانية كافة والمرسل البابوي في لبنان، بالإضافة إلى عدد كبير من الباحثين والمهتمين بالشؤون التربوية والإجتماعية والعاملين في الساحة الثقافية العامة.

توزعت أعمال المؤتمر على ست جلسات لمدة يومين متتاليين، قدمت فيها الكثير من الأبحاث والدراسات التي تعالج شأن الأسرة من نواحيها كافة. ساهم في عرضها حشد من الباحثين والمحققين في شؤون الأسرة في لبنان وإيران وأوروبا.

سلطت الأبحاث الأضواء على مفهوم واقع الأسرة ومرتجاها، وتناولت ماهية العائلة ودورها وقيمتها الأساسية في بناء الإنسان والمجتمعات والأوطان، وذلك على هدي من الأنوار والتعاليم السماوية.

وأكد المؤتمر على ضرورات الحوار بين الحضارات والثقافات من أجل الرقي بمستوى التفاهم بين المجتمعات، حيث أضحى التعايش والتواصل الفكري بين المذاهب والأديان في مقدمة هذه الضرورات.

ولاحظ المؤتمرون ان اختلاف القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد وأساليب العيش وتطور البنى الإجتماعية، ولا سيما في المجتمعات الإنتقالية، قد ساهم في تقويض استقرار الأسرة وأمنها الداخلي.

ورأى المؤتمر ان الأسرة هي مشروع هندسي إلهي ومشروع بشري متكامل، ينبغي على الجميع اعطاؤها قدرها المناسب لكونها مركز التحولات الإجتماعية على تطور العصور والأزمان.
وتعرض المؤتمر للمخاطر الكبرى التي تهدد العائلة، وركز على مهمة الأديان بعد إرساء العقيدة الإيمانية في عملية تكوين الأسرة التي تحقق للإنسان النمو المعافى باتجاه العبادة على أساس إعمار الأرض وإصلاحها.

ونبه المؤتمرون إلى خطورة المناخات السائدة في الوسائل الإعلامية والثقافية العامة، والتي تركز على ذكورية الرجل وأنوثة المرأة خارج نطاق الأسرة، واعتبرها تهديداً للقيم والأخلاق وخروجاً عن الأصول والضوابط الإنسانية.

التوصيات
هذا وبعد يومين من الأبحاث والمناقشات والمداخلات خرج المؤتمر بالتوصيات الآتية:
أ‌- العمل على نشر وتعميم أفكار الإمام السيد موسى الصدر ومنهجيته المنبثقة من الأديان السماوية والتعاليم القرآنية.

ب‌- أكد المؤتمر على وجوب انعقاد مثل هذا المؤتمر سنوياً لبحث المواضيع التي تعنى بالإنسان، ولا سيما ما يخص الأجيال الشابة.
ج- اعتبر المؤتمرون ان الأسرة هي مؤسسة إلهية أنشأها الله تعالى ليستقيم بها المجتمع البشري، وخلصوا إلى ما يلي في ما يهم شأن الأسرة:

1- اعتماد قاعدة التشريع النابعة من التعاليم السماوية في تنظيم مساحات العلاقة في حياة الإنسان بما يتصل بعقيدته وبعالمه الروحي.

2- استنكار ما تتعرض له الأسرة من انتهاك شديد يتولد عن السياسات الإعلامية التي يعانيها المجتمع البشري الراهن وآثارها السلبية المدمرة في بناء الأجيال الصالحة.

3- التأكيد على أهمية التعليم الديني في المدارس والمؤسسات ذات العلاقة بالتربية، باعتباره وثيق الصلة بتنمية الحياة الروحية عند الإنسان، والوثيق الصلة بتكوين الأسرة وديمومتها.

تشجيع الزواج المبكر
4- مناشدة الجهات المعنية الرسمية والأهلية كافة، على تشجيع الزواج المبكر وتيسير إنشاء الأسر الشابة. وفي الوقت ترشيد عملية الإنجاب داخل الأسرة بما يتوافق والأوضاع الإجتماعية والإقتصادية الصعبة، بحيث لا يجوز أن يكون الإنجاب عائقاً امام التبكير في سن الزواج.

5- التوجه إلى الحكومة والدولة والمؤسسات ذات الصلة معها لتيسير السياسة الإسكانية للأسر الشابة من أجل تطبيق سياسة الزواج المبكر، باعتبارها سياسة إنسانية تتصل بالعافية الروحية والإجتماعية للمجتمع.

6- أجمع الحاضرون على أن المجتمع الإنساني ليس مجتمعاً ذكورياً، وان السلطة في المجتمع ليست هي سلطة الأب أو الأخ أو الزوج، بل المجتمع هو مجتمع إنساني، السلطة فيه للعامل الإنساني الذي يلتقي فيه الرجل والمرأة خارج مساحة الذكر الخاصة وخارج مساحة الأنثى الخاصة "لأن القرآن يعتبر المرأة مثل الرجل في الحقيقة وفي الذات".

7- ثمن المؤتمر دور الأسرة اللبنانية بشكل خاص في مقاومة الظلم والعدوان من جراء الإعتداءات الصهيونية الغاشمة، ونبه إلى الأخطار الجسيمة التي تتعرض لها من جراء التهجير والقتل والتشريد، ما يؤدي إلى تقويض أمنها واستقرارها وانسانيتها.

وانتهى المؤتمرون إلى التأكيد على أن الإسلام والمسيحية والأديان السماوية عموماً لعبت وتلعب دوراً مركزياً في الحفاظ على بقاء الأسرة وتعزيز مكوناتها، ولكن ذلك لا يكفي لتطوير الأسرة وتحصينها، بل لا بد من قيام مؤسسات في الدولة والمجتمع الأهلي للمساهمة بإنجاح المهمة والمساعدة على تطوير واقع الأسرة وإصلاحه وإغنائه بالتشريعات اللازمة لتطورها بغية الحفاظ على عملية النشوء والصيرورة والمصير في ساحة المجتمع العامة، وساحة الإنسانية جمعاء.

source