الأبرز هنا: البابا، الصدر، صفير، الصابونجي، مطر، شمس الدين، غيث مسلمون ومسيحيون يتشاركون متفقين في الموضوع الواحد الأسرة واقعها والمرتجى: مؤتمر بدأ بقوة المتدخلين

calendar icon 05 تشرين الثاني 1997

افتتح مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات مؤتمر "الأسرة واقع ومرتجى" أمس في فندق الكومودور، في حضور رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين وقائم مقام شيخ عقل الدروز الشيخ بهجت غيث ومطران بيروت للطائفة المارونية بولس مطر ممثلاً البطريرك مارنصرالله بطرس صفير ومفتي طرابلس والشمال الشيخ طه الصابونجي ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني والمطارنة حبيب باشا ويوحنا حداد وخليل أبي نادر ومفتي صور الشيخ نجيب سويدان وممثل الرئيس حسين الحسيني ولده حسن والوزير محمود أبو حمدان والنواب عبد الرحيم مراد وحسين يتيم وحسن علوية إلى الوزراء السابقين عدنان مروة وجوزف الهاشم ومحمد صفي الدين والنواب السابقين سعيد الأسعد ومحمود عمار وأحمد عجمي والعميد هشام جابر ممثلاً قائد الجيش والقائم بأعمال السفارة البابوية المونسنيور دومينيك مامبرتي والشيخ محمد مهدي التسخيري على رأس وفد من السفارة الإيرانية ورئيس الصليب الأحمر اللبناني العميد جورج حروق ورئيس مجلس إدارة مؤسسات "أمل" التربوية خليل حمدان ورئيس بلدية صيدا أحمد الكلش ووجوه ثقافية وأكاديمية واجتماعية.
تلاوة من القرآن ثم النشيد الوطني ونشيد الإمام الصدر "إلام"، وقدم الإفتتاح حسين حمادة.

الصدر شرف الدين
وكانت كلمة لرئيس المركز رباب الصدر شرف الدين: "من وحي الكلمة السواء بوابة البحث عن الوطن، نطرح موضوع الأسرة واقعاً ومرتجى عنواناً لمؤتمرنا لسببين، أولهما أنه نتيجة لتصنيف المقترحات الواردة على أمانة سر المركز، تبين لنا ان كثيرين من الأخوة المشاركين يومها، اقترحوا تناول موضوع الأسرة في العمق، ادراكاً منهم أنها اللبنة الأولى في بناء المجتمع. والثاني هو لأن الإنسان كان الهم الأول للإمام الصدر، تناول الإمام كل الموضوعات التي تؤثر في انسانية الإنسان سلباً كان ذلك أم إيجاباً، فالدين والسياسة والإقتصاد والتربية والتعليم والثقافة وما إلى ذلك من مواضيع أخرى تناولها الإمام الصدر في محاضراته وأبحاثه وطروحاته وممارساته بعمق.
والأسرة النواة في المجتمع الأكبر، أولاها إهتماماً كبيراً".
خاتمي
ثم تلت حوراء موسى الصدر رسالة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد خاتمي وفيها: "الأسرة مؤسسة إجتماعية كانت دوماً موضع احترام وتقديس خاص من الأديان الإلهية على اعتبار أنها مضمار النمو والتكامل والإزدهار للفرد أو للمجتمع، ولهذا السبب كانت دائماً الموضوع الرئيسي في سياق الحقوق والواجبات الدينية. وبالتصدع الثقافي والإجتماعي الراهن والناجم عن فقدان التوزان بين التنمية في العديد من المجتمعات ووجود الفوارق في العالم، يعد الإهتمام المتضافر بالتحكيم والتدعيم لدور الأسرة وإعادة صياغته في الظروف المستجدة في مختلف المجتمعات، ضرورة لا بد منها".

البابا
ثم تلا رسالة قداسة البابا إلى المؤتمر المونسنيور مامبرتي: "يشجع موضوع مؤتمركم لهذا العام على الحوار الإسلامي المسيحي بما أنه يتطرق إلى مستقبل الأسرة. بحسب كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي ان الأسرة "هي الخلية الأصلية للحياة الإجتماعية". وصرف البابا يوحنا بولس الثاني جهوداً كبيرة للدفاع عن الأسرة، وأشار إلى أنها مشروع هندسي إلهي ومشروع هندسي بشري متكاملان. أي ان الإنسان مدعو إلى بناء أسرته الخاصة وتوسيعها على القاعدة التي خلقها الله وفي ظل مراعاة الأصول التي وضعها الخالق. (...) نحن نعلم ان بعض الايديولوجيات تسعى إلى حل الأسرة أو على الأقل تعتيم مفهومها ودورها في مواجهة تيارات مماثلة فان العمل المشترك لبلدان ذات وحي مسيحي وأخرى ذات وحي مسلم هو الذي سمح بالتعريف بقيم الأسرة واحترامها".

قباني
وألقى مفتي طرابلس الشيخ الصابونجي كلمة مفتي الجمهورية الشيخ قباني، ومما جاء فيها:
"(...) الأسرة اليوم في لبنان يتهددها خطران، أولهما التغيير الذي يطرأ على قيمها وتقاليدها وافداً من خارج محيطنا الثقافي، مستغلاً رغبة تقليد الآخرين. والثاني هو السعي لإسقاط الأسرة من المنظومة الدينية التي تضع لها أسس قيامها، وتجعل لها أفقاً يرفعها عن بقية التصرفات والممارسات المعتادة من شؤون الناس".

صفير
وألقى كلمة البطريرك صفير المطران بولس مطر: "الأسرة مستهدفة ثقافياً، في عالمنا المعاصر وهذا أخطر استهداف تتعرض له. وبات هذا الخطر يدق على أبوابنا فلا ندعه يتغلغل إلى أفكارنا وإلى تصرفاتنا الفردية والجماعية. واننا لنلفت هنا باعتزاز إلى التضامن الرائع الذي ظهر في مؤتمر التنمية والسكان الذي عقد منذ ثلاث سنوات في القاهرة بين وفد الكرسي الرسولي القادم من الفاتيكان ومجمل الدول الإسلامية التي وقفت معه دفاعاً عن كرامة الإنسان ووقف التلاعب في قضية إيقاف عدد سكان الأرض عند حدود رفاهية بعض الدول التي لا ترى في الكون إلا رفاهيتها على ما كان ينادي به في المؤتمر عينه وفد الولايات المتحدة الأميركية. وكان النصر بإذن الله، ولو معنوياً وأخلاقياً، حليف القوى الروحية الحقة، المسيحية والإسلامية معاً وفي صراع واحد.
من هذا الواقع يبدأ المرتجى لعائلاتنا ولكل العائلات في العالم. وما يهمنا بصورة أولى في بلادنا هو الحفاظ على تراثنا وصون عائلاتنا من الضياع، لا لأنها تتأثر ثقافياً بعالم معاصر يفرز أخطاء فكرية قاتلة، بل لأنها توجد اليوم في حالة فقر أفرزتها الحرب الأخيرة باتت تهدد مصيرها ومصير أولادها. ان التقصير في سياسة الاسكان في بلادنا وفي مجال تأمين التعليم لأولادنا والطبابة لمرضانا، وفي مساعدة الاهلين على مواجهة مشاكل الحياة ومصاعبها سوف يؤدي وبات يؤدي إلى التقليل من تأسيس العائلات وإلى تفكك بعض ما تأسس منها، وإلى العيش الصعب لمن بقي صامداً مع معتقداته ومستلزمات إيمانه القديم".

غيث
إلى كلمة قائمقام شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ غيث: "أين نحن اليوم في لبنان وأين هو العالم وإنسان هذا العصر والعائلة والأسرة البشرية التي تعيش في ظل الشجرة الكونية المضطربة امام هبوب رياح التغيير وعواصف الحروب واهراق الدماء والتخريب والتدمير، وكيف يواجه الإنسان جنون حضارته المادية وخطرها المحدق بمستقبله الذي صنعه وارتضاه لنفسه عندما غرق في مستنقع شهواته الغريزية ونسي قيمه الروحية وأغفل الأوامر والنواهي الإلهية، فتاة عن الحق والحقيقة التي تربى عليها وسمعها في الكلمة السواء التي نطقت بها كل الرسالات السماوية والأديان والرسل والأنبياء الذين تعاقبوا عبر الدهور والعصور ورددوها على مسامع العائلة الآدمية.
(...) فإن لم تتنبه الأسرة الدولية بما فيه الكفاية لما يحدق بها من الخطر فعلى الأسرة العربية والإسلامية ان تكون في تمام الوعي والصحوة والاستنفار بكل الطاقات والقدرات والإمكانات للتصدي الفعال والوقوف صفاً واحداً في وجه الوحش الصهيوني الزاحف لافتراس الأمة العربية".

شمس الدين
وإلى كلمة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين فتناول نقاطاً حول موضوع المؤتمر أولها الهدف الأعمق لوجود الإنسان على الأرض وهو عبادة الله، وتحويل المادة الخام الإنسانية إلى كائن نقي يتعملق ويتألق بعبادة الله. والهدف المصاحب الذي يتبلور من خلاله الوجود الإنساني هو اعمار الأرض واصلاحها على قاعدة الاستخلاف..
واعتبر الشيخ شمس الدين ان الأسرة تتعرض لمخاطر كبرى في العالم، حيث "خرجت في العالم الغربي عن مضمونها وجوهرها باعتبارها مؤسسة إلهية لتصبح مؤسسة خالية من أي معنى إنساني أو عبادي".
وأضاف: "هذا الخطر بانحلال الأسرة بدأنا نشهده في عوالمنا نحن في العالم الإسلامي أو المسيحي الذي لا يزال متمسكاً بقيمه الروحية وشرائعه الدينية، إذ نلاحظ نمو حالات الطلاق وتأخراً غير صحي في سن الزواج وانحلالاً جنسياً يتنامى. إلى دعوات ملحة في العالم الغربي وعوالمنا ومجتمعاتنا الخاصة إلى التحلل من قيود الزواج تحت ستار الزواج المدني (...) وتتعرض الأسرة إلى انتهاك شديد يتولد من السياسات الإعلامية. واننا نرى حقنا رفع دعاوى قضائية ضد مؤسسات الإعلام والإعلان وضد الشركات المنتجة للسلع أو للمواد الثقافية التي تروج ما نشكوه ونخاف منه على أسرتنا. والنقطة التي آمل ان يعنى بها المؤتمر هي قضية التعليم الديني في المدارس وان توليه الدولة والمؤسسات ذات العلاقة العناية التي يستحقها".
ووردت على المؤتمر رسالة من والدة الإمام موسى الصدر، فيها: "نشارككم فرحة ولوج باب الحقيقة، تطلون عليها من نافذة الضوء الأبهى تعالجون أمور الأسرة التي تشغل بال العالم اليوم، وتعدون العدة لاستقبال الآتي بانسان محصن ضد كل المؤثرات السلبية الآتية من الخارج. وما أكثرها.
ولأن الموضوع يعنيني كما يعني كل أم تهتم بغد أفضل لأبنائها، والفكر الحارس لمؤتمركم هذا هو فكر السيد الذي أحببتم وهو قطعة من كبدي، أحسبني معكم في كل ما تفعلون، عين على خطاكم ترافقها أدعيتي بالتوفيق، وعين على الآتي تنتظر العودة، ليلتم شمل الأسرة، والله العلي القدير الذي منّ عليّ بعودة إبنتي إليّ من غياب طويل وانتظار أطول هو القادر وحده على إعادة السيد الحبيب الذي لن أمل انتظاره.
لكل الأمهات أقول بلسان مصلح لبناني كبير "أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة فأعدوهم لها".

source