بك .. ندخل رحاب الوطن

calendar icon 04 تشرين الثاني 1997 الكاتب:رباب الصدر

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثاني: "الاسرة واقع ومرتجى"
(كلمات الاقتتاح)


من نافذة الشوق إليك أطل عليك، أشكو وجع الغربة منذ رحلت، وصقيع الوحدة ينسل مني كل الدفء، وأقسم بالجرح النازف أني سأوصل، يحدوني أمل بلقائك، كلما أنجزت المسافة بين آب وآب...

من نافذة الشوق إليك أطل عليك، والأقلام التي علمتها كتابة القول بالوحدة والمحبة والإيمان تشكو تعداد ألوان الحبر وأنواع المحابر، وقد حولت إلى مخارز تنكاً خاصرة الحرف لنترك ثلماً في وجه الحرية.

من نافذة الخوف عليك أطل عليك، وعلى شاطئ صور الذي أوحشته هجرة النوارس تطل عليون الصيادين مشدودة إلى الأفق، لعل موجة تطل عليهم يوماً بخبر ...

ويبادر الخير التي أولمت عليها لكل العصافير المقيمة والمهاجرة، داهمتها أسراب الجراد القادم من جنوب الجنوب، وأطبقت على الفراغ أهداب السنابل ...

وأغمض عيني لأني هكذا أراك ...
فتوغل في السير جنوباً، تتجاوز قانا .. تجمع أنفاس الزعتر والريحان ...
تسكبها تحت حوافر خيل أسرجها فرحاً أبناؤك ... وتصبح كل شتول التبغ سياطاً في أيديهم، يجلدون بها ظهور العابثين بأمن الوطن ...
وأغمض عيني لأني هكذا أراك ...

فتوقظي قادمة من أرض الوجع الأزلي، حبيبة إليك، تسبقها اللهفة تسألني آخر الكلام معك.. وأهم أهمس في أذنيها ... فأشمُّ في راحتيها طيب عباءتك، وهي القابضة على حفنة من تراب كربلاء.

سلام عليك أخي وسيدي، تنشر العباءة فوق مساحة الوطن، وقد شكا العري زمناً، وتلف العمامة حول كل الجراح ضمادة، وتزرع الأرق في عينيك لتعود للوطن السكينة، فها نحن قادمون إليك عبر بوابة العمل.

أيتها الأخوات .. أيها الأخوة.
من وحي الكلمة السواء، بوابة البحث عن الوطن، نطرح موضوع (الأسرة واقعاً ومرتجى) عنواناً لمؤتمرنا هذا العام، وذلك لسببين اثنين.

أولا: نتيجة لتصنيف الاقتراحات الواردة إلى أمانة سر مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات، والتي تدور حول مؤتمر العام الماضي، تبين لنا أن الكثيرين من الأخوة المشاركين يومها، اقترحوا تناول موضوع الأسرة بالعمق، إدراكاً منهم أنها اللبنة الأولى في بناء المجتمع.

ثانياً: ولان الإنسان كان الهمُّ الأوّل للإمام الصدر، فقد تناول الإمام كلَّ الموضوعات التي تؤثر في إنسانية الإنسان، سلباً كان ذلك أم إيجابا، فالدين والسياسة والاقتصاد والتربية، والتعليم والثقافة وما إلى ذلك من مواضيع أخرى تناولها الإمام الصدر في محاضراته وأبحاثه وطروحاته وممارساته بعمق.

والأسرة النواة في المجتمع الأكبر، أولاها اهتماماً كبيراً، فهي موضوع يومي لتعرضها لمؤثرات عديدة منها الخلل الأمني، وتطور الآلة التي أثبتت فعلها في عملية التدهور الاجتماعي، يوم أفلت من قبضة إنسانية الإنسان، ونحن أبناء مدرسة الإمام الصدر نعتبر الدعوة لمعالجة شؤون وشجون الأسرة هماً اساسياً، لان الدخول إلى رحاب الوطن الحي لا يطون إلاّ عبرها.
اهلاً بكم، باحثين ومشاركين تصححون أخطاء الحاضر لتسهل قراءة المستقبل.

شكراً لحضوركم جميعاً مرة أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

source