مع المرأة في الدول النامية

calendar icon 05 تشرين الثاني 1997 الكاتب:رندة الحسيني

مؤتمر "كلمة سواء" السنوي الثاني: "الاسرة واقع ومرتجى"
(كلمات الجلسة الثالثة)

بسمه تعالى
أصحاب السعادة
أصحاب الفضيلة
سيداتي، سادتي

بادئ الأمر، أود ان أنقل اعتذار الدكتور خفاجي، المستشارة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة UNIFEM، عن عدم تمكنها حضور مؤتمركم الكريم لظروف شخصية قاهرة.
كما أود ان أشكر الأخت العزيزة الست رباب على دعوتي دون زميلاتي في المكتب الإقليمي في عمان، لسد غيبة الدكتورة خفاجي، وذلك لا يعود لعلمي بالأمور، بل يعود إلى العلاقات الأسرية التي تربط بين عائلتي وعائلة سماحة الإمام السيد موسى أعاده الله إلينا بسلامة وأحاط عائلته بالرعاية وأعطاهم القوة لمزيد من العطاء.

أما بعد،
فإن صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة يهدف إلى تكمين Empowerment النساء في الدول النامية من خلا تحفيز المبادرات التي تؤدي إلى مساعدة المرأة، وبالتالي أسرتها على العيش الكريم، وذلك يعني إحداث التغيير الملائم في العوامل المؤثرة على صعيد وضع السياسات والبرامج التنموية، وطريقة عمل وتنظيم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ومعايير وأعراف المجتمعات المحلية الأسرية، وعلى مستوى المرأة نفسها في سبيل حصولها على فرص أكبر في تحقيق الذات وإزالة العوائق في إدراكها الموارد وحقوقها المشروعة.

لن أتوسع هنا في ذكر المهام المكلف بها الصندوق ونشاطاته الحالية في لبنان، فهذه المعلومات واردة في المنشورة التي سوف توزع عليكم. لكن أود ان اشدد على ان الصندوق يعمل تحت رعاية الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة، وبتعاون وتشاور دائم مع منسقي شؤون المرأة في معظم منظمات الأمم المتحدة، من أجل توفير الإمكانات المالية والفنية والبشرية التي تسهل مواكبة النساء في العمل التنموي. ولإتمام هذه المهام يعمل الصندوق مع شركائه على توفير الإحصاءات والمعلومات والمؤشرات، وجعل هذه المؤشرات مطابقة ومعبرة عن واقع النساء وواقع التمييز ضدهن، وتحليل هذا الواقع من منطلق تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة، وبالتالي بناء برامج تأخذ بعين الإعتبار حاجات كل من المرأة والرجل، فيتم تمويل المبادرات التي يكون لها أثر في عملية إحداث التوازن فيما بين حاجات ومصالح كل من الجنسين، على ان تكون هذه البرامج قادرة على الاستمرار والتطور في تحقيق التنمية.

في إطار عملي المباشر في برنامج "تعزيز الشؤون الاجتماعية في تشجيع وتنمية المشاريع / المنشآت الصغيرة Small and micro-enterprises التي تملكها وتديرها نساء"، والذي تم من خلاله إعداد العاملين في مراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية على إدارة وتنفيذ برامج هذا القطاع، بالإضافة إلى تدريب ومواكبة حوالي 800 امرأة من ذوات الدخل المحدود وبالأخص المعيلات لأسرهن على تأسيس وتطوير منشآتهن الإنتاجية الصغيرة والسعي إلى تأمين الخدمات المالية وغير المالية لهن، من خلال هذا العمل خلال السنتين الماضيتين توفرت لنا الملاحظات التالية، والتي لها علاقة بموضوع مؤتمرنا:

1- ان نسبة كبيرة من المنشآت التي تديرها نساء تقع في القطاع غير النظامي أي غير المسجل وتدور أعمالها في داخل المنزل Home-based، فضلاً عن وجود عدد كبير من المنشآت ذات الطابع العائلي family Based. ويشكل دعم العائلة لصاحبة المنشأة عنصراً هاماً في نجاح عملها وتطوره، ويتجلى هذا الدعم في المساعدة في تمويل المشروع (90% من المشاريع تمول من المدخرات الشخصية او من الأهل او من الأقارب)،والمساعدة ايضاً في إدارة المشروع وإدارة الأعباء المنزلية لكي تتمكن المرأة من الموازنة بين أدوارها في إعادة الإنتاج Reproduction، وعملها الإنتاجي فضلاً عن مشاركتها في النشاطات الاجتماعية والسياسية.

2- إن سرعة نمو المنشآت الصغيرة التي تملكها نساء اقل من تلك التي تملكها نساء أقل من تلك التي يملكها رجال وذلك لانحصار مشاريع النساء في القطاعات الإنتاجية التقليدية ذات المردودية الضعيفة والتي تعاني من منافسة داخلية وخارجية شديدة، فضلاً عن ان النساء يعمدن إلى وضع جزء كبير من عائدات منشآتهن في مصاريف الأسرة بدلاً من استثمارها في توسيع وتطوير منشآتهن، كما ان حركة النساء غالباً ما تكون محصورة في دائرة جغرافية محدودة وغير قادرة غلى الحصول على معلومات عن السوق وحركته والتكنولوجيا الملائمة فيتسنى لهن بالتالي استغلال الفرص وإدراك التوسع في منشآتهن.

3- من الملاحظ أيضاً أنه بالرغم من الضغط النفسي الناتج عن محاولة المرأة الملائمة بين أدوراها المتعددة، فإن معظم النساء اللواتي تدربن، وأكثرهن (60%) من صاحبات مستويات تعليمية لا تتعدى المراحل المتوسطة، أصبحن يشاركن أكثر في عملية اتخاذ القرار داخل أسرهن بعد دخولهن معترك العمل.

4- كما وجدنا ان الدافع الأغلب في عمل النساء في العائلات ذوات الدخل المحدود هو دافع اقتصادي، أي تأمين مداخيل أساسية (فهنالك الآن حوالي 60,000 أسرة تعيلها نساء، حسب إحصاءات المعطيات السكانية) او مداخيل إضافية للأسرة أكثر منه في سبيل تحقيق الأهداف الشخصية والمساهمة في الاقتصاد الوطني، وذلك يعود في طريقة تنشئتهن وتوجيهن إلى الزواج، وعدم توفر آفاق متنوعة للتعليم والتدريب المهني والتقني.

5- ان المؤسسات والجمعيات المهنية المساندة لقطاع المشاريع الحرة موجهة بأغلبها (في أسعارها، وفي طريقة تقديمها للخدمات، وفي أنواع الخدمات المعروضة) إلى المشاريع او المنشآت الكبرى، وهنا يتعادل النساء والرجال أصحاب الدخل المحدود في حرمانهم من خدمات المساندة المالية وغير المالية، غير ان النساء يحتجن أيضاً إلى وسائل أساسية أخرى مثل المساعدة في تربية الأطفال، وتشجيعهن على المخاطرة وتوعيتهن الكافية على أنظمة وطرق عمل المؤسسات، والتوعية القانونية، وهذه الأسر تلعب دوراً أساسياً في تقديم هذه الخدمات.

6- وأخيراُ نذكر ان معظم هذه المنشآت تمر حالياً في حالة من الجمود الاقتصادي المتأثر في ضعف القوة الشرائية وجمود الأسواق والمزاحمة الشديدة وما إلى ذلك من انعكاسات السياسة العامة المتجاهلة للاستثمار في معالجة الوضع الاجتماعي والاقتصادي وبناء الإنسان، فهناك أزمة واقعية تحد من تطور هذه المنشآت ومن قدرة أصحابها في تأمين حتى الحاجات الأساسية، وهنا أيضاً وأيضاً تلعب الدور الأساسي في تخطي الامور المعيشية.

وهذا كل شيء عندي حتى الآن، ولكنني أكيدة أنه بعد استماعي إلى محاضرات الأمس والتي سترد اليوم سيتوجه انتباه المشروع الذي ذكرته إلى دراسة أعمق للأسرة كعامل أساسي في مساعدة المرأة في أعمالها الإنتاجية.

وباسمي وباسم الـ UNIFEM أكرر شكري للسيدة رباب الصدر مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات بدعوتي إلى المشاركة في هذا المؤتمر، لأنه يثري معلومات منظمات الأمم المتحدة فتكون هذه المعلومان محفزة لإجراء التحسينات في البرامج الموضوعة.

السلام عليكم

source