لا يجتمع حب الله وكره الإنسان

calendar icon 13 تشرين الثاني 1996 الكاتب:رباب الصدر

كلمة السيدة رباب الصدر ئيس مؤسسات الإمام الصدر في افتتاح مؤتمر "كلمة سواء" الأول: الإمام الصدر والحوار

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى رسل الله وانبيائه. والسلام على آل بيت النبوة الاطهار واصحابه.

ممثل فخامة الجمهورية الوزير الاستاذ باسم السبع.
ممثل دولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ الوزير فاروق البربير.
صاحب السماحة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين.
اصحاب السماحة والسعادة
اخواتي وإخوتي أهلاً وسهلاً

أخاف على الجرح لون الأنا فأناديك، وعلى الفجر ارتداد الظلمة فأناديك، وعلى الأيتام جور اليتم فأناديك، وعلى الوطن حراب الغدر فأناديك.

على الحد الفاصل بيني وبينك يسكن الوجع، وفي دائرة الخوف عليك أدوّر، اسائل عنك الدرب إلى صور فتجيب أكمام زهر الليمون القابضة على عطر العبادة من هنا مر، وأصل البيت أسأل القنديل الساهر حول يراعك فيقول مع الفجر رحل، وأطير إلى المحراب عالم عشقك فيقول صلى ومشى.

أخاف على الليمون العطش فأناديك، وعلى العيون عشق النعاس فأناديك، وعلى المحراب لهيب الشوق فأناديك. وأظل في دائرة الخوف أبحث عنك، أفلت من غربة لأدخل غربة وقد خلَّف شحّ الزيت الشهقة في السراج، وكروم الزيتون تحلم بالمطر. ومشيت مشيت جنوباً حتى حدود الصمت أبحث عنك.

ودخلت الوطن، وهناك على مطل الضوء سمعت نشيد الوطن الواحد اسرائيل شر مطلق، والتعامل معها حرام، وحدك أنت الساكن فينا، وحدك أنت الساكن فينا.

سلام عليك أخي وسيدي، فمن قال إنهم غيبوك،

لعلهم لم يحدقوا ملياً في عيون الأيتام لتطل عليهم أملا. ولم يغادروا عالم الأقزام لتنتصب فيهم جبلا. يظنون صدى نداءاتهم جوابك، وجوابك أعرف، أن اجتازوا حدود الذات وتعالوا إليّ.
لونت القلق في نفوس المتعبين راحة من سهرك. وما عرف الخوف قلبك إلا على دينك ووطنك وما تجسد الحلم حقيقة إلا على شفتيك.

شرعت الباب لكلمة سواء وتركت حرارة الايمان تفعل فعلها في جدار الجليد ليستحيل ماءً يزيل عن القلوب الأدران، وتنقلت بين جامع وكنيسة رسول سلام، همك الوطن والانسان.

أولست أنت القائل: "كانت الاديان واحدة تهدف إلى غاية واحدة، حرباً على آلهة الارض والطغاة، ونصرة للمستضعفين والمضطهدين وهما ايضاً وجهان لحقيقة واحدة ولما انتصرت الاديان وانتصر معها المستضعفون, غيّر الطغاة اللباس وسبقوهم إلى المكاسب، وبدأوا يحكمون باسم الاديان ويحملون سيفها، فكانت المحنة المتعاظمة للمستضعفين، وكانت محنة الاديان والخلافات فيما بينها، ولا خلاف إلا في مصالح المستغلين.

كانت الاديان واحدة، لان المبدأ الذي هو الله واحد، والهدف الذي هو الانسان واحد. والمصير الذي هو هذا الكون واحد، وعندما نسينا الهدف، وابتعدنا عن خدمة الانسان. نبذنا الله وابتعد عنا، فاصبحنا طرائق قددا، والقى بأسنا بيننا فاختلفنا ووزعنا الكون الواحد. وقدمنا المصالح الخاصة، وعبدنا آلهة من دون الله، وسحقنا الانسان، فلنعد إلى الانسان المعذب لكي ننجو من غضب الله".

ايها الحفل الكريم
لم يطرح الإمام الصدر مسألة الحوار المسيحي الاسلامي عبثاً والقرآن كتابه: ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ﴾. ﴿وجادلهم بالتي هي أحسن﴾

ولا غرابة في أن يتقبل المسيحي الطرح والانجيل كتابه. "لا ... لا يجتمع حب الله وكره الإنسان".
كان همَ الإمام الصدر ان يتفهم الواحد الآخر وأن يتقبل الواحد الآخر، وأن يعترف الواحد بالآخر، حتى تتوازن حركات المجازفين ويتحدى المركب جنون الريح.

ولأن الإمام الصدر كان يدرك تمام الادراك أن مشاكل العالم المتسترة بلباس الدين هي في الاصل خلافات حول المصالح، شاء أن يعريها، فأطلق شعار الحوار المسيحي الاسلامي ليكون بين العقول تواصل وبين الاديان تفاعل. وخافت "الأنا" من فعل "النحن" فكانت المأساة التي أودت بالبلاد والعباد.

ايها الحفل الكريم
إيمانا منا بخط الإمام الصدر، بادرنا إلى إنشاء مركز الصدر للابحاث والدراسات "صاد" بغية جمع آثار الإمام الصدر ضمن منهجية المدرسة التي أنشأ، نقدمها للناس الغارقين في البحث عن الحقيقة حتى يبرز الايمان كله في وجه الشرك كله.

ولعل سائلاً يسأل، لماذا اليوم وليس قبلاً، وهنا نجيب، لا يفعل العقل فعله في عالم الهوس البدائي، ولا يجدي الحوار نفعاً وسط قرقعة السلاح وضجيج الانفعالات.

اما اليوم وقد عاد للنفوس بعض اطمئنانها، وللعقول دفء مناخها، نطل بالطرح من جديد، ونصرّ على المضي قدماً في الطريق، همنا رضا الله وخدمة الإنسان والوطن.

شكراً لكم ايها الاخوة الحضور لمشاركتنا هذا المهرجان، وعهداً على متابعة الدرب حتى الوصول إلى الحق.

وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

source