مازال (السيِّد) هنا

calendar icon 14 تشرين الثاني 1996 الكاتب:طلال سلمان

كلمة رئيس الجلسة الاستاذ طلال سلمان في الجلسة الثالثة من مؤتمر "كلمة سواء" الأول: الإمام الصدر والحوار

ما زال "السيد" هنا، معنا وبيننا وفينا

لا يختطف الفكر ولا تغيب الروح ولا تتهاوى الرسالة الحق إذا صمت الداعي.

وموسى الصدر مستقر في وجدان الناس والمحاصرين ببؤس الحاضر، وغموض المستقبل وارتجاج اليقين نتيجة غياب الثقة بالنفس والاسترابة بأصحاب القرار.

ولقد غيب الإمام موسى الصدر، مرتين:
المرة الاولى حين اختطف وأُخفي، وتلك واحدة من أبشع جرائم التاريخ، والمرة الثانية حين طُمِسَتْ رسالته، وفُرِضَ على تراثه ليل ثقيل من الصمت، وحين شوّه بعض من نسبوا أنفسهم اليه منطلقاته، واجتزأوا كلماته، واستثمروا شعاراته لغير ما أراد وقصد وعمل له طيلة حياته.

ان الحاجة إلى الحوار، مع الذات أولاً، ثم الآخر شرط حياة الآن.

والحوار معطل مع الأسف، أكاد استدرك فأقول: ان نوعاً من الحوار البائس مع العدو هو المفتوح الآن، يتحدثون عن حوار بين الأديان، ولكن الحوار بين المؤمنين يكاد يكون متوقفاً، ويسود مناخ ارهابي يكاد يعطل الحوار داخل المنتمين إلى الدين الواحد ذاته.

المذهبية لا تحاور إلا المذهبية،
والطائفية لا تحاور إلا الطائفية،

وهذه وتلك تُغيّبان الدين كرسالة وكدعوة للتلاقي في رحاب الايمان، واذا كانت الاصوليات رد< فعل غاضباً على تراجع الايمان، فإن تسيّسها حوّلها إلى أحزاب ينبذ واحدها الآخر وتكاد تنبذ مجتمعة الآخرين فتخرجهم من الدين إلى الكفر.

تعالوا إلى "كلمة سواء"
من يطلق الآن مثل هذه الدعوة داخل بيته، داخل بيئته الصغيرة، داخل طائفته، قبل ان نتزيد فنطلب اطلاقها ارض حوار بين الرسالات؟

ان الأمة عطشى إلى الحوار، إلى ان تحاور ذاتها أولاً لكي تعرف ذاتها، ولكي يعترف عناصرها بعضهم بالبعض الآخر.

ان الأمة عطشى إلى الحوار.

لقد اصابتها المونولوغات والاصوات المفردة بشيء من الصميم، وكادت تخرجها عن طريقها.

فعسى هذه البداية المتواضعة التي أقدمت عليها مشكورة مؤسسات الإمام الصدر ان تكون خطوة أولى على الطريق.

وتحية للسيدة رباب الصدر، ولمركز الأبحاث والدراسات، ولجميع من أسهم في إعلان هذه الدعوة وفي تنظيمها، ممن جمعنا في ندوة الصدر الفكرية هذه لنستعيد هنا ومعكم لغة تكاد تكون منسية ومهجورة ، هي لغة الناس.

أيها الاخوة والاخوات،
معنا في هذه الحلقة اليوم ثلاثة من الأعلام ممن لا يحتاج اي منهم إلى تعريف، وقد غاب الرابع معذوراً.

فأما نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، فلقد كان وما زال الرفيق الأمين والصديق المخلص والمؤتمن على الدعوة والرسالة، لم يبدلها ولم يتاجر بها ولم يسقط رايتها، وما زال بين الناس ومعهم يدعو ولا يتعب.

وأما الأب انطوان الجميل، فواحد من الدعاة الشجعان والمربين المتميزين والاعلاميين النشيطين الذين عرفوا كيف يصلون بالدعوة إلى الناس، كل الناس.

وأما الدكتور الشيخ محمد سعيد البوطي، فهو الآن الشغل الشاغل لدمشق وسوريا وللمحيط العربي باجتهاداته الجريئة، وبتصديه الذي ربما أثار كثيراً من الاعتراضات، لكن لديه القدر الكافي من الشجاعة لكي يُطلق ما يؤمن به ويواجه الاعتراضات على ما يقول ويفعل، ولست أنا من يُعرف به، ولكننا من جيل يتعرف بأننا سمعنا وشهدنا وقرأنا عنه. 

source