عائلة الإمام الصدر: كل تأخير في تحرير الإمام وأخويه يُلحِق أذية بهم، بأهلهم، بوطنهم وبالعدالة

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 08 أيلول 2012

برعاية دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري أقام منبر الإمام الصدر الثقافي ملتقاه الرابع تحت عنوان "العدالة بمرتكزاتها العامة في ممارسة الإمام الصدر"، والذي شاركت فيه نخبة من الشخصيات الاجتماعية والفكرية والقضائية والرسمية، بالإضافة إلى حضور حشد من الفاعليات والهيئات والاحزاب اللبنانية. وقد ألقى السيد صدر الدين الصدر كلمة عائلة الإمام والتي شدد فيها على أهمية التمسك بثوابت قضية تغييب الإمام الصدر وأخويه، وعلى اتخاذ خطوات جديّة وسريعة لإنهاء رصيد 34 عاماً من الألم، كما أشار إلى تحرير الإمام وأخويه والوصول إلى مكان احتجازه هو الأولوية في هذه القضية. وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه خير خلقه وخاتم رسله وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
صاحب الرعاية،
أخواتي وإخواني أبناء الإمام الصدر وأحباؤه
الحضور الكريم... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يشرفني بدايةً أن أتقدم من منبر الإمام الصدر بالشكر على استضافتي في ملتقاه الرابع، نيابةً عن عائلة الإمام الصدر، ولا أملك إلا الدعاء بأن تكون محاور ونتائج مؤتمركم هذا مثمرةً بفضل أبحاث المحاضرين الأفاضل وجهودكم المتميزة، متمنيًا لكم دوام النجاح والتوفيق.
ونحن نجتمع اليوم، وخاصةً تحت عنوان "العدالة بمرتكزاتها في ممارسة الإمام الصدر" لا نريده لقاءً عابرًا، بل فرصةً لرفع الظلم والجهل عن قضيةٍ طالها مؤخرًا الكثير من العبث السياسي والإعلامي، ما زاد ألم الخطف وحجز الحرية والكذب والتضليل والسكوت والركون. 12426 يومًا وليلة مرّتْ على أبشع عملية غدرٍ وخطفٍ وسجنٍ وسكوت على تغييب سماحة الإمام السيد موسى الصدر وأخويه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ السيد عباس بدر الدين. لا يسعني الآن إلا أن أتساءل وإياكم، عندما يكون موضوع مؤتمرٍ عن "العدالة في ممارسة الإمام الصدر"، أين هي قضيته من العدالة؟
ترى ما الذي يجمع بين العدالة وبين الإمام الصدر؟ هل كونه أصبح رمزًا للعدالة المفقودة وهو الذي قال: "هنا أمام الإنحراف العامد، أو الإنحراف الخاطىء يجب أن يكون ضمانةً في المجتمع حتى يعيد الحق إلى نصابه، وهل هناك من يعيد الحق إلى نصابه غير القضاء. فإذًا، القضاء هو ... من الرسالة الإلهية الكونية".
أيها الأعزة،
إننا كعائلة الإمام هدفنا الأول والأخير تحرير الإمام وأخويه وعودتهم إلى أهلهم ووطنهم سالمين غانمين..
وعليه، فإن الحجز المتمادي لحريات الأحبة الثلاث، إنما يوجه أصابع الاتهام إلينا كشركاء صامتين عن هذه الجريمة، فماذا فعلنا أيها المسؤولون اللبنانيون لاسترجاع إمام الوطن وعَونيه؟ وهل قمنا أيتها القيادات في الدول العربية والإسلامية بل في العالم أجمع، وكثيرٌ منكم من أصدقائه، بواجبنا الإنساني والأخلاقي والقانوني والعملي والشرعي تجاههم؟
نعم، العدالة مطلبٌ إنساني، وظّف الإمام الصدر طاقاته كلها لهذه الغاية وهو من قال: "لا شيء يجعلني أغير الطريق الذي رسمته لنفسي: إنه طريق العدالة الذي سأسلكه بكل جدارة ودون خوفٍ مهما كلف الأمر، رغم العراقيل والحواجز وحتى الاعتداءات التي من الممكن أن أتعرض لها". وجميعكم تعلمون أن الإمام تعرض للكثير منها.
أيها الأحباء،
لقد عانى الإمام وأخواه من ظلم الغدر والخطف وحجز الحرية، ومن ظلم السكوت على جريمة القذافي وعانينا معهم ومع القضية من التباطؤ والتخاذل والتبرير.
مرّتْ ثلاثة عقودٍ حتى تحرك القضاء اللبناني وأصدر قرارًا اتهاميًا عن المحقق العدلي الرئيس سميح الحاج حفظه الله في 21/8/2008، ولكن للأسف، ما كاد المجلس العدلي ينطق بحكم العدل والحق والتاريخ بحق معمر القذافي، حتى قتل هذا الأخير، وليته لم يُقتل.
ولأن النظام سقط، صرنا نترقب ونترصد أبواب ليبيا وما تسرب منها أو عنها. وطرقْنا أبواب القيادة الحالية، فتوافقنا معهم على الثوابت، وسررنا لسماع أنّ هذه القضية أولويةٌ وطنيةٌ ليبيةٌ أيضًا، وأنه سيكون هناك تعاونًا قضائيًا حثيثًا وسريعًا، لتتبع الخيوط التي تقود إلى تحرير أحبائنا من سجن مجهول هناك، لكن، الفوضى و"اللادولة" التي خلّفها القذافي، أنتجت بطئًا في التحقيقات، نحاول ونأمل من المسؤولين معالجته.
وقد حاولنا أن نبلور منطلقات وثوابت وآليات عمل تمحورت حول ما يلي:
أولًا: هدفنا تحرير الأحبة من مكان احتجاز مجهول بأسرع وقت، إذ إن كل تأخير يشكل أذية لهم، وظلمًا جديدًا يلحق بهم وبأهلهم ومحبيهم وبوطنهم وبالعدالة.
ثانيًا: تبقى الساحة الليبية هي مسرح جريمة الخطف وحجز الحرية، إليها تشخص الأنظار، ومنها ينبع الأمل بعودة الأحبة، وفيها ينبغي أن تفتح أبواب التعاون مع اللجنة اللبنانية الرسمية، وقد قامت اللجنة بمتابعات مع السلطات الليبية مرارًا وتكرارًا، لكن للأسف، كان التجاوب محدودًا ودون المرتجى والمقبول.
وهنا أود أن أعلن للجميع أنه في منتصف تموز الماضي، جرت فحوصات ومطابقات الحمض النووي على أغراض وثياب وجثة ادعت السلطات الليبية إنها تعود للإمام وذلك في مختبرات مؤسسة عالمية في دولة أوروبية اختارها الجانب الليبي، وكانت النتيجة عدم صحة ذلك، والحمد لله خرجنا من هذا النفق؛ ولكننا تألمنا كثيرًا من تعامل بعض وسائل الإعلام في تسريبات وتأويلات وتحليلات وأقوال أضرت بالقضية وهي بعيدة كل البعد عن العدالة وعن رؤية الإمام الصدر للإعلام. وضاع الكثير من الوقت الثمين، ولكن ثبت بالدليل العلمي والقانوني والقضائي الرسمي القاطع والنهائي، أن لا صحة لكل ما أعلن في الآونة الأخيرة، وأن الإخوة في ليبيا، على مختلف المستويات، عادوا بفضل جهود الفريق اللبناني، إلى الثوابت التي ما فتئنا نتمسك بها، واقتنع الجميع أن المطلوب بكل بساطة: التركيز والتسريع بالتفتيش عن أماكن إحتجاز غير مكتشفة.. وهذا ما يحتم على الجانب الليبي التنبه والدقة وعدم تكرار الأخطاء، والتعويض عن ذلك بتسريع الخطى والإلتزام والأخذ بما حمله ويحمله المنسق القضائي اللبناني، القاضي حسن الشامي الذي يحظى بثقتنا ودعمنا المطلق، من معلومات واقتراحات ومطالب مدروسة ومحقة ومفيدة.
ثالثًا: لبنانيًا، وإذ نقدر جهود الجميع، إلا أن المراجع المعنية مطالبة بالارتقاء إلى ما يستحقه الإمام في المتابعة الجدية الملحة وبانتهاج سياسة واضحة تقوم على الإقلاع عن مظاهر التطبيع المباشر أو المقنع مع الحفاظ على أواصر المحبة للشعب الليبي الشقيق والتأكيد على أن مفتاح ومدخل وشرط علاقات سوية بين الدولتين، هو تعاون ليبيا الجدي والصادق والسريع في هذه القضية المقدسة التي تحوز على إجماع اللبنانيين، كل اللبنانيين.
أما التفاصيل العملية، فعلى الحكومة اللبنانية الرجوع إلى بياناتها الوزارية ومطالباتنا الوجاهية والتسريع بالقيام بما وعدت به وبدعم اللجنة اللبنانية الرسمية لتقوم بدورها، وسيكون لنا متابعات معهم إن شاء الله.
رابعاً: على المستوى العربي والاسلامي والعالمي، نطالب الدولة اللبنانية والدول الشقيقة والصديقة بإثارة هذه القضية في مختلف المحافل الرسمية والأهلية، لإبقائها حية، ولجعل متابعتها فاعلة، وترجمة ذلك عمليًا بالضغط على ليبيا والدول الأخرى المعنية للتجاوب مع مطالب لبنان.
خامساً: على المستوى الإعلامي، مع تأكيدًا على خطاب الإمام حيث يقول: "الحرية لا تصان إلا بالحرية"، فإن وسائل الإعلام مطالبة بالتحلي بروح المسؤولية في التعاطي مع هذه القضية، إنسانيًا على الأقل.

السيدات والسادة،
هذه هي دعوتنا إليكم اليوم كخطوة جدية لإنهاء رصيد من الآلام يمتد منذ 34 عامًا وهنا أُودِعكم قولًا للإمام الصدر: "أتمنى لكم أنتم على الأقل أن تحافظوا على البقية الباقية من الأخلاق في هذه الأمة، وما أكثر الأمم التي أنقذت بواسطة القضاء، وكيف لا والقضاء رسالة السماء"... ترى لو كان الإمام اليوم بيننا، فماذا كان سيقول في وطن يفتقد حتى إلى عدالة الأرض ويَمنعُ أكثرُ مسؤوليه عدالة السماء بل يستغلون الأرض والسماء لما يتنافى مع العدالة والإنسانية.؟!
إلى فخامة رئيس الجمهورية، ودولة رئيس الحكومة، ومعالي الوزراء وسعادة المسؤولين اللبنانيين، أيعقل في قضية الوطن والإنسانية والعدالة أن يجبر دولة الرئيس بري التدخل في كل صغيرة وكبيرة حتى يتخذ إجراء بسيط أو لتغيير موقف مسؤول كبير كما حصل في رسالته المشكورة...
دولة الرئيس الراعي، شكرًا جزيلًا، ولكن يظهر أننا بحاجة إلى انتفاضة منك للوصول إلى الخواتيم السعيدة، والوقت ليس لصالح الأحباء المحتجزين.
كلمة أخيرة إلى محبي الإمام في كل أنحاء العالم:
- القضية بخير طالما تنبض بها قلوبكم وتحظى بدعائكم.
- الإمام وأخواه بخير طالما نحن وإياكم يقظون نتمسك بالثوابت. وليعلم الجميع: لن نهادن، لن نساوم، لن نسكت ولن نألوَ جهدًا.

source