تقاطع قرار القضاء الإيطالي الأخير (تموز 2015) وقرار القضاء اللبناني (آب 2008): الديكتاتور القذافي وراء خطف وحجز حرية الإمام وأخويه

الرئيسية آخر الأخبار تفاصيل الخبر
calendar icon 02 تشرين الثاني 2015

أغلق القاضي الإيطالي ملف قضية اختفاء الإمام اللبناني موسى الصدر، بتبرئة روما من جريمة الخطف، موجها الاتهامات صوب الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وجاء هذا الحكم بعد أن عكف القضاء الإيطالي منذ عام 1978 على فك لغز اختفاء موسى الصدر الذي ظل النظام الليبي يقول إنه "اختفى في روما في ذلك العام بعد وصوله إليها قادما من طرابلس، غير أن حكم القضاء الإيطالي قبل أشهر برّأ بلاده من ذلك.
وحسب قرار قاضية التحقيق الإيطالية تيتسيانا كوكولوتو التي حصلنا على نسخة منه، فإن التحقيقات توصلت إلى أن "الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين لم يصلوا ليل 31 أغسطس/آب 1978 إلى مطار روما، وأن جريمة الخطف وقعت في ليبيا إبان حكم القذافي".
وجاء حكم قاضي التحقيقات الإيطالي بعد ثلاثة تحقيقات قضائية موسعة في ايطاليا بدأت عام 1978 وبتت فيها قاضية التحقيق سلفاتوري فيكيوني عام 1982 بحفظ القضية نظراً لعدم التوصل إلى دلائل بأن جريمة الخطف ارتكبت في إيطاليا، مما يعني أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية وبالتالي لم يغادروا ليبيا.
لكن مسار التحقيقات أخذت منحىً آخر عام 2005 عندما فتحت القضية مجدداً بضغط من الحكومة الليبية، وقضت التحريات آنذاك بأن "المسافرين الثلاثة كانوا موجودين على متن الطائرة الإيطالية رقم أي.زد 881، لكن ليس واضحا إن كانوا لدى وصولهم إلى روما، قد نزلوا بفندق هوليداي إن أم أن آثار وجودهم هناك كانت ملفقة"، الأمر الذي غيّر مسار القضية لفترة طويلة وأبعد ليبيا عن مسرح الجريمة لتبقى التهمة عالقة بروما.
محامي عائلة الصدر في إيطاليا روبرتو ليبيراتوري أكد أن "التحقيقات القضائية الإيطالية مرت بمراحل متباينة ربما دخلت فيها أحيانا الاعتبارات السياسية، إذ يُعتقد بأن الحكومة الإيطالية آنذاك بزعامة سيلفيو برلسكوني تعاونت مع نظام القذافي بممارسة الأخير ضغوطاً اقتصادية على البلاد".
وألمح ليبيراتوي في حديث للجزيرة نت إلى أن "القذافي حاول ابتزاز الحكومة الإيطالية بمطالبتها بدفع تعويضات عن الضرر الذي ألحقه الاستعمار الإيطالي ببلاده"، الأمر الذي ساهم في وضع عراقيل أمام الحقائق حول خطف وحجز حرية الإمام الصدر، على حد قوله.
ويعتبر هذا الحكم نقطة تحول في القضية لتصبح الكرة الآن في ملعب الأطراف الأخرى المعنية بالملف وعلى رأسها لبنان. وحسب المحامي ليبيراتوري، فمن المتوقع أن تتابع أسرة الصدر والحكومة اللبنانية هذه القضية  
بقوة أكبر لدى النيابة العامة اللبنانية (المحقق العدلي) ولدى المحكمة العليا اللبنانية (المجلس العدلي) حول ما تعتبره جريمة تهديد لأمن الدولة.
ويتقاطع هذا القرار مع قرار أصدره القضاء اللبناني في عام 2011 وقبل سقوط نظام القذافي ومقتل هذا الاخير، وجه فيه الاتهام مباشرة إلى الرئيس الليبي معمّر القذافي و المتهمين الآخرين من أركان نظامه. وأكد القرار الذي أصدره المحقق العدلي القاضي سميح الحاج، بناء على تحقيقات مكثّفة، أن «الإمام الصدر ورفيقيه لم ينتقلوا من طرابلس إلى روما، وفق ما زعم النظام الليبي، وأن كل المعلومات تثبّت أن نظام القذافي هو من خطفهم وقيّد حريتهم». واعتبر أن «القذافي هو المسؤول الأول عن هذه الجريمة المتمادية، لأن الإمام الصدر سافر إلى ليبيا بدعوة رسمية من القذافي شخصيا». وطلب القرار عقوبة الإعدام للعقيد الليبي و16 آخرين اعتبرهم القضاء اللبناني مسؤولين عن الجريمة. إلا أن قضية الإمام الصدر أعيد فتحها في لبنان مجددا، وعيّن وزير العدل اللواء أشرف ريفي القاضي زاهر حمادة محققا عدليا فيها، بعد أن تقدمت عائلة الصدر بدعوى جديدة بحق أشخاص تكشّفت أدوارهم في هذه القضية بعد سقوط حكم القذافي، وهي الآن قيد المراسلة وتبادل المعلومات بين الجانبين اللبناني والليبي.
من جانبه أكد المؤرخ الإيطالي رافائيلي ماورييلّو أن إيطاليا في تلك الأعوام كانت أرضا خصبة لعمليات التجسس الدولية، لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأدنى، ومن غير المستبعد أن تكون عناصر من المخابرات الإيطالية تواطأت مع نظام القذافي وكانت على علم بالجريمة.
وأضاف ماورييلّو للجزيرة نت أن تضليل الأحداث من قبل روما ساعد بالتأكيد على استبعاد التهمة عن الساحة الليبية، لكن مقتل القذافي وسقوط نظام حكمه عام 2011 كان بمثابة نقطة تحول ساهم في الكشف عن دلائل جديدة.
وكانت الحكومة اللبنانية وأسرة الصدر قد تقدمت بطلب توضيح من حكومة طرابلس الانتقالية حول قضية خطف وحجز حرية الصدر، وبعد سلسلة تحريات أجرتها الحكومة الليبية، تبين أن عملية الاختطاف تمت في ليبيا، حسبما جاء في تصريحات سابقة لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.
وبموجب ذلك تقدمت عائلة الصدر بطلب إعادة فتح القضية في روما عام 2014، قبل أن يصدر الحكم النهائي في القضية يوم 20 يوليو/تموز 2015 الماضي بناء على إعادة بناء الأحداث "التاريخية".

وسائل الاعلام اليومية