لبنان، الوطن الإنسان

calendar icon 26 تشرين الأول 1975 الكاتب:موسى الصدر

تصادف اليوم ذكرى وفاة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، وقد ألقى الإمام الصدر بتاريخ 26 تشرين أول 1975 كلمة في نادي الإمام الصادق بدعوة من جمعية البرّ والإحسان، وقد ربط "بين المناسبة وبين الاجتماع، بين محنة الوطن وبين شخصية الإمام" ليخلص إلى الاستفادة من هذه القدوة التاريخية للوصول إلى الوطن الذي نريده. النصّ كاملًا:

* خطبة للإمام موسى الصدر  بدعوة من جمعية البرّ والإحسان في نادي الإمام الصادق في صور بمناسبة استشهاد الإمام جعفر الصادق بتاريخ 26 تشرين أول 1975، تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات
[...] والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله محمد وعلى أنبياء الله المرسلين، وسلام الله على آل بيته وصحبه الطاهرين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها الإخوة الأعزاء،
مهما حاولت أن أعبِّر عمّا في نفسي من انطباع أمام الأحداث المؤلمة التي تعصف بوطننا، فأنتم باجتماعكم هذا، وفي جموعكم الحاشدة، وفي جلوسكم متآخين ﴿على سرر متقابلين﴾ [الحجر، 47]، وفي تحملكم المشاق ووقفتكم المتعبة، إنكم تعبِّرون عمّا في نفسي بأفصح مما أريد أن أقول. ففي الساعة التي يقاتل المواطن أخاه المواطن دون أن يعرف ودون أن يدرك أبعاد المحنة، أنتم تجلسون وتجتمعون في مكان واحد إخوة مواطنين متعاطفين متألمين على ما يجري على ساحة الوطن تفتشون عن العلاج وتتمنون الخروج من الأزمة. إذًا، كلمتكم هي الأقوى وهي الأسرع، ووقفتكم هي المعبِّرة وهي الكاشفة عمّا في نفس هذه المنطقة: لبنان الحقيقة، لبنان الوطن. إنكم بجلوسكم تعبِّرون عن حقيقة شعور الوطن والمواطنين، الوطن المجد، الوطن امتداد الإنسان، الوطن ربط الإنسان بماضيه وبمستقبله.
إنكم تعبِّرون بحضوركم عن كلّ هذه المعاني المزدحمة في النفوس. تلك المعاني التي لا يفهمها تجار السياسة، فالوطن لهم كرسي، والوطن لهم شهرة، ومجد وتجارة وتغلّب وعلوّ في الأرض وفساد. ولذلك، عندما يشعرون أن مجد الوطن لا يؤمن لهم مجدًا ومسؤولية حماية الوطن تتعبهم، يتخلون عنه. فمنهم من يهرب إلى العواصم الأوروبية وغير الأوروبية، ومنهم من يفتش عن التخلي عن المسؤوليات، ومنهم من يتحدث عن التقسيم وما أدراك ما التقسيم؟ ماذا لهم في هذا الوطن، في وحدة هذا الوطن حتى يتحدثون عن التقسيم. إنهم لا يعرفون ماذا يعني التقسيم، بل ماذا يعرفون عن لبنان الوطن؟!
هذا الوطن الذي يرتبط بالآف السنين من التاريخ؛ هذا الوطن الذي يشكل بحدّ ذاته عالمًا صغيرًا، هذا الوطن الذي في مستقبله واحة نموذجية للعلاقات الإنسانية في العالم. تلك العلاقات التي تزداد نتيجة لتكافؤ العلاقات بين المؤمنين بالله، بين المسلمين والمسيحيين. هذا الوطن واحة لنجاح تجربة التعايش بين المسلمين والمسيحيين، ولذلك يطمئن العالم.
كل العالم ينظر إلى الوطن الصغير، يده على قلبه مضطرب وقلق على مصير التعايش، فإذا فشلت تجربة التعايش في لبنان، فغدًا ماذا يعمل الأوروبي مع العرب؟ وماذا يعمل الغرب مع الشرق؟ وماذا يعمل الشعب مع بقية الشعوب؟
هذه التجربة الغنية هي تجربة الإنسانية المستقبلية وهي أضخم من رجالنا الحقيرين، وهي أكبر بكثير من سياسيينا الأقزام الذين لا يفهمون معنى الوطن، ولا [...] وكأن الوطن شركة تجارية من شركاتهم التي تنبع كل يوم كالفطر، تنبع كل يوم شركة، فيقسمون أسهمهم، وكأن الوطن شركة يقسمون أو لا يقسمون.
ماذا تعرفون يا تجار السياسة، يا متعطشي الدماء، يا مصاصي أموال الناس وحرمات الناس وكرامات الناس؟ ماذا تعرفون عن الوطن، الوطن الإنسان، الوطن الحضارة، الوطن التاريخ؟
أنتم تعرفون أن الجنوب... أن جبل عامل، عظام علمائه في مقابر كسروان، وكتب المتن وجبل لبنان تُدرّس وتُكتب في الجنوب. يد من الجنوب ويد من الشمال تتصافحان وتمكنان وتكونان جسم الوطن. إن الوطن اللبناني سماء قبل أن يكون أرضًا، إن الوطن اللبناني سماء قبل أن يكون أرضًا، وتاريخ قبل أن يكون جغرافيا، وإنسان قبل أن يكون ترابًا، وحياة قبل أن يكون مالًا. ماذا تعرفون عن الوطن؟ أيّها الناس، يا من أبلى لبنان وابتلى لبنان بكم في هذه الفترة العصيبة، عندما كنّا نريد أن نجعل لبنان سندًا لإدانة إسرائيل ودليلًا قاطعًا على عدالة القضية الفلسطينية ونجاح [...]. إن هذا الوطن الذي قدّم للإنسان ثقافته وحروفه وكلماته وأعمدته الحضارية، والعالم لا يزال يعرف أنه مدين للبنان دون أن يعرف أن صور هل هي أنتجت الحروف أو جبيل، وجبيل في الشمال وصور في الجنوب، فبعد أن امتزجت صور وجبيل خلال آلاف السنوات، أنت أيها السياسي الحقير، أصغر من أن تتمكن أن تفصل بين صور وجبيل.
إن الوطن متمثل بكم أيها الشعب رغم حرمانكم، ورغم تجاهل المسؤولين لكم، ورغم احتكار المصالح والمنافع للمحظوظين وللإقطاعيين ولأزلامهم... رغم كل ذلك، ساعة المحنة تجتمعون كإخوة ﴿على سرر متقابلين﴾ [الحجر، 47] حتى تقولوا لمن يتقاتلون في بيروت وفي زحلة وفي طرابلس لا، إنكم على خلاف أمانة وطنكم، إنكم نقضتم عهدكم بماضيكم وفقدتم ارتباطكم بمستقبلكم.
آفة لبنان ليست الإسلام والمسيحية المتعايشة، آفة لبنان ليست في الناس، إنكم يا سياسيو لبنان، آفة لبنان، وبلاء لبنان، وانحراف لبنان، وخطر لبنان، ومرض لبنان، وكل مصيبة في هذا الوطن.
إنكم المرض، إنكم الأزمة، إنكم المشكلة. إرحلوا عن لبنان، ليس بين المسلم والمسيحي إلا التآخي وإلا التكاتف وإلا المساواة حتى في الحرمان. كلمتكم الصامتة في جلستكم الأخوية تعبير عن ضمير هذا الوطن، فماذا تراني أقول لكم، وأنا أعرف أنكم تنكرتم لضحاياكم ولمصائبكم ولآلامكم، فسعيتم لنجدة الوطن ساعة المحنة، وتنكرتم لمشاعركم وعواطفكم الشخصية لأجل إنقاذ البلاد، فاجتمعتم هنا. ماذا أقول أكثر من إفصاحكم وتصريحكم، إلا أن أربط بين المناسبة وبين الاجتماع، بين محنة الوطن وبين شخصية الإمام، التي حاول شباب البرّ والإحسان مشكورين لكي يضعوا أمام الوطن والمواطنين صورة لبنان الغد التي يتحدثون عنها تجارة واستغلالًا ورغبة في مزيد من المكاسب الشخصية.
الإمام الصادق (عليه السلام) يعيش في أواخر القرن الأول وبداية القرن الثاني من الهجرة، فيصادف زمانه أيام التلاقي بين الحضارة الإسلامية الفتية وبين الحضارات العريقة التي كانت عند الإغريق والإسكندرية وفي [بلاد] حمورابي وفارس وبقية المناطق في العالم. كانت هناك حضارات وحضارات، فوُجدت الحضارة الجديدة الحضارة الإسلامية، فالتقت مع هذه الحضارات. وكان يقود حملة التمازج والامتصاص والهضم والتفاعل الإمام الصادق (عليه السلام) يقف في المعبر كالقائد المعلم، فيختار من الحضارات ما تتناسب إنسانية الإنسان وكرامة الإنسان، ويرفض من الحضارات ما نَمَتْ لا لمصلحة الإنسان إنما لتكريس سلطة الإقطاع ولتكريس وهم الإنسان ولفرض عبادة الأصنام، آلهة الأرض قبل آلهة السماء. وقف الإمام ينتقي فيختار، ولذلك ترى أن كثيرًا من الكتب والعلوم قد تُرجمت... أما كتاب "نغمات بيليتيس"[1] مغازلات الآلهة... الأوهام التي كانت تكرس الآلهة، آلهة الحرب والسلام وغير ذلك، الشرك الذي يحطم وحدة الإنسان الفرد ووحدة الإنسان الجماعة، رفض أن يترجم هذا الكتاب وغيره.
أما الكتب التي تحرر الإنسان من ذاته، من طواغيه، من سلطاته المزيفة، من عبادة المال والجاه، من عبادة المجد المبني على الأنقاض، فهذه الكتب تُرجمت ودخلت في المجتمع الإنساني، وتفاعلت مع الحضارة الجديدة، وقدمت للعالم حضارة مطعّمة مكتملة. ولذلك، ترى أن الإنسان في ذلك العصر أصبح إنسانًا عالميا، العائلة الإنسانية أصبحت واحدة، الإنسان المتحضر، الإنسان العربي أصبح منفتحًا... ومجد الأديان الأخرى وعطائهم، حتى مجد اليهود في تلك الفترة كان بلا مثيل، لأنهم كانوا يجدون في الوقت وفي الفرصة المناخ الملائم لنمو كفاءاتهم ولتقديم عطاءاتهم دون تمييز.
ولذلك، اختيار الشباب لذكرى الإمام الصادق، وجمع جميع المواطنين وإصرارهم على إشراك صاحب السيادة المطران حداد[2] (حفظه الله) في الاحتفال، اختيارهم لذكرى الإمام الصادق اختيار موفق. حصلت احتفالات كثيرة في أقطار لبنان، في قرى لبنان، في محافظات لبنان، فجمعوا المواطنين على اختلاف أديانهم في مكان واحد، وقد فكر الشباب بذلك في جمعهم، ولكنهم أبوا على أنفسهم أن ينزلوا إلى هذا المستوى، فيفتخرون بأننا لا نقاتل بعضنا بعضًا، هل هذا مجد! هذا من أوليات حياتنا الجنوبية.
في هذا البلد الذي عاش [فيه] عبد الحسين شرف الدين الإمام الكبير، وكان غبطة البطريرك المعوشي مطرانًا في صور، وكانا يعيشان كإخوة، أخوان في سراء البلد وضرائها. لا مجد إذا اجتمع المسلم والمسيحي في مكان واحد، هذه من أوليات قضايانا في هذا البلد. نحن إذ نحتفظ بهذا المبدأ لا نكتفي به، نحن نريد باجتماعنا وبإعادة اسم الإمام الصادق إلى الذاكرة، أن نقول لبيروت أن نقول للمناطق الأخرى في لبنان كفى قتالًا وتجارة بالأديان وبالأرواح وبالأبرياء.
فنحن نلتقي مسلمين ومسيحيين لا لكي نتصافح ونتباوس ولا نتقاتل، فليس هذا مجدًا، بل لكي نلتقي يدًا بيد وقلبًا إلى قلب، لكي نحمل مشعل لبنان عاليًا في العالم، ونقول للعالم المُضَلل بأفكار إسرائيل أننا مسلمون ومسيحيون نحمي الثورة الفلسطينية وندافع عنها ونتحمل في سبيلها ونقف إلى جانبها [...] الحضاري القادم للإنسان.
نحن هنا نلتقي لكي نقدم شعلة حضارية وتجربة ناجحة للإنسان الذي يفتش عن صيغة التعايش بين أوروبا وبين العرب، بين المسلمين في العالم وبين المسيحيين.
إذًا، نحن نقول باللقاء ولا نكتفي بعدم القتال، بل نقول باللقاء على أننا حملة مشعل واحد وحضارة واحدة وإنسانية واحدة وإنسانية عادلة. نقدم المشعل للعالم، نحن بموقفنا هذا وأنتم بجلوسكم هذا تتحدون وتثبتون أن أُسس الوطن اللبناني أعمق وأعرق ودعائمه أكثر رسوخًا بكثير من أن يتمكن تجار السياسة من اللعب بها ومن تحطيمها ومن التفريق بين المواطنين.
نحن هنا رغم حرماننا ورغم أننا ما أخذنا من وطننا حقنا، لا نسأل ماذا أعطانا الوطن، بل نفتش عما يجب أن نعطيه لوطننا، فنقدم لوطننا ولمواطنينا كل وجودنا، ونعتبر هذه رسالتنا وسلوكنا وحياتنا ولا فخر لنا بذلك. فليس لنا غير لبنان وطنًا، وليس لنا غير مجد لبنان مجدًا، وليس لنا غير حمى الوطن حمى. نحن نتمسك بهذا الوطن، ونقول للمتاجرين المزايدين أولئك الذين شوهوا سمعتنا بتشويههم للجثث، أولئك الذين قضوا على أمانتنا بتعرضهم للأبرياء، أولئك الذين سوّدوا وجوهنا بإحراقهم للإنسان... نقول لهم كفى توبوا إلى الله وتوبوا إلى الوطن، فلتعتبروا أنها كانت موجة هستيرية وذهبت من دون رجعة، تراجعوا عن مواقفكم قبل أن يقوم الشعب، كل الشعب، وقبل أن يزحف الجنوب والبقاع والشمال، وقبل أن يتحرك المواطنون الأبرياء وقبل أن تتحرك السيدات قبل الرجال فيكنسونكم من هذا الوطن المجيد.
إن بوادر تحرك الناس، (اسكت اسكت، ما بدنا شعارات) اسمعوا، بوادر تحرك الناس، بوادر تحرك الأبرياء، بوادر تحرك الأمهات، بوادر تحرك الجياع، بوادر تحرك الأطفال، بدأت تظهر في شوارع بيروت فإذا لم ينتهوا فقد يقضي عليهم الوطن بأياديه الحقيقية، بأنصاره الحقيقيين أي بالمواطنين الشرفاء.
نحن نقول لهم هذا الوطن الذي يمثله الأوزاعي تلميذ الإمام الصادق، فقد وقف في وجه السياسيين على مستوى العالم ومنع حدوث الاقتتال بين المواطنين، هذا هو وطننا قبل ألف سنة أو أكثر، فكيف تريدوننا في القرن العشرين، قرن تحكم الإنسان، قرن تقدير الأديان ووضعها في خدمة الإنسان، قرن المجتمع العالِم. نرجع للأحقاد الصليبية وغير الصليبية في هذا الوقت؟! لا، لن نكون ذلك، فتشوا عن شبكة أخرى، وعن ساحة أخرى، وعن مجال آخر، وعن تجارة أخرى، فهذه التجارة لو نجحت أشهرًا، سوف تخسر وسوف تأتي بثمار لا تساعدكم ولا تنفعكم.
في القرن الذي يجنح الإنسان، كلّ إنسان، نحو الوحدة، اجتماع البرلمانيين في العالم يمثل برلمانًا واحدًا للعالم، مجلس الأمن يمثل شبه حكومة لكلّ العالم، الأمم المتحدة تتسع كل يوم بأجهزتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والزراعية والثقافية والإنسانية، وكأنها تتحول إلى حكومة ودولة لكلّ العالم...
في العصر الذي نجد اتحاد دول أفريقيا، جامعة الدول العربية، مؤتمر عالم عدم الانحياز، اتحاد الدول الإسلامية، اتحاد دول أميركا اللاتينية، اجتماع المنظمات السياسية في عصر الأممية...
في قرن جنوح الإنسان نحو الوحدة... نرجع ونتحدث في لبنان وعشرة آلاف كيلومتر في التقاسم، ونعمل على هذا الأساس. إن هذا رجعية أكثر من أيّ رجعية أخرى، وخيانة للوطن أكثر من أيّ خيانة وطنية أخرى.
نحن في لقائنا بهذه الصورة وعرض هذه الصورة للمواطنين نؤكد أننا من خلال حياة الإمام الصادق وجعل احتفالنا في يوم ذكراه (عليه السلام)، نرفض أيّ انقسام أو تقسيم في لبنان، ونلتقي لا لكي نتآخى فقط، بل لكي نتفاعل ثقافيًا وحضاريًا وسياسيًا ووطنيًا وعربيًا. نتعاون لكي نحفظ وطننا ونبعد عنه الأخطار، نتعاون لكي نحمي الثورة الفلسطينية ونبعد عنها الأخطار والاتهامات، نتعاون لكي نقدم للعالم المتعطش صيغة التعايش الناجحة وبذلك نشعر بأن لوجودنا أساسًا ومعنى على مسرح العالم.
فحيّاكم الله، حيّاكم الله يا شباب البرّ والإحسان، وحيّاكم الله يا أبناء صور، يا مدينة عبد الحسين شرف الدين والبطرك المعوشي، يا مدينة المؤمنين، أيتها المنطقة العزيزة التي تتحرك لإبعاد من اتّجر باسمك واستغلّ مصلحتك، وها هو يحاول قلع جذورك رغم حرمانك أيتها المنطقة، تقومين لكي تلقني العاصمة وغير العاصمة درسًا، فتقولي لهم:
أنتم للوطن ساعة الرخاء ونحن للوطن ساعة الشدة،
أنتم للوطن ساعة الهدوء والشمس والنسيم والمجد،
ونحن للوطن ساعة الموت والدمار والهدم والقنابل، نحن للوطن وللموت في سبيل الوطن ولصيانة الوطن ساعة الشدة، وأنتم للوطن عندما تريدون أن تُنتخبوا أو تتاجروا أو ترتفعوا على رؤوس الآخرين أو تعملوا صفقات باسم هذا الوطن.
حيّاك الله أيتها المنطقة العزيزة الكريمة، وتأكدي بأن هذا الدرس سينعكس على لبنان كلّ لبنان، فيجعله يستيقظ فيعرف أنصاره وأبناءه وحقيقة المتاجرين باسمه وعند ذلك سيكون في المستقبل هدوءًا وأمنًا... لا كالهدوء والأمن السابقين هشّين مهزوزين، لأنه يعتمد على الاحتكار والاستغلال والاستثمار والتفاوت والظلم، لا، سيكون في المستقبل هدوءًا وأمنًا معتمدين على عدالة وتفاهم وحقيقة وتكامل ووحدة للكلمة وشعور بالرسالة العالمية.
وعند ذلك، أدينا واجبنا فعسى أن تكون هذه المحنة بداية انفتاح وتغيّر في السلوك، وإن لم يكن فسوف يكون هذا السلوك بقوتكم وبكلمتكم وبأياديكم وبألسنتكم وبمواقفكم وباستيحائكم من المواقف التاريخية العظيمة التي تشكل وطنكم العظيم.
حيّاكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] نُشِرت تحت عنوان "أغاني بيلتي" 1894 لافرنسية ويجوز أن الإمام ترجم العنوان للحضور.
[2] المطران جورج حداد راعي أبرشية الكاثوليك في صور.

source