مؤتمر في جامعة ميشيغن في آن آربر بمشاركة عدد كبير من المختصين: "الشيعة والحداثة وظاهرة الإمام موسى الصدر"

calendar icon 29 اذار 2008 الكاتب:M.Kay siblani

اقام "مركز دراسات الشرق الأوسط وشمالي افريقيا (سي ام إي اي اس) في جامعة ميشيغن في مدينة آن آربر مؤتمراً تحت عنوان "الشيعة، الحداثة، وظاهرة الإمام الصدر" هو الأول من نوعه حول الإمام موسى الصدر الأسبوع ما قبل الماضي واستمرت اعماله على مدى يومين.
ولقد تم المؤتمر بالتعاون مع مؤسسة الصدر في ديربورن، وحضره عدد كبير من المشاركين.
وتحدث المتكلمون، ومعظمهم اساتذة جامعيين مختصين في شؤون الشرق الأوسط وتاريخه الحديث، عن سيرة الإمام الصدر وإنجازاته على الساحة اللبنانية وتأثيره على تاريخ الشيعة.
وكانت أول محاضرة للدكتور أوغستوس نورتون، الخبير بالشأن الشيعي اللبناني، صاحب ثلاثة كتب حول لبنان: "حزب الله: تاريخ موجز"، "مجتمع مدني في الشرق الأوسط"، "أمل والشيعة: صراع من اجل روح لبنان". والدكتور نورتون يعمل على دراسة حول الانقسام الشيعي السني في جامعة بوسطن وهو عضو في "مجلس العلاقات العامة".
وقال نورتون: كان للإمام الصدر تأثيراً مهماً على الشيعة. وعندما قرر الرئيس الاميركي جورج بوش ادخال الشيعة، بما فيهم سكان جنوبي شرق ميشيغن، في استراجيته قصيرة المدى لاسقاط الرئيس العراقي السابق صدام حسين، تصدر الشيعة الساحة الدولية بطريقة لم يكن الإمام الصدر يتصورها، او حتى يدعمها.
وتحدث نورتون عن تجربة الإمام بعد وصوله إلى صور، لبنان، من العراق في بداية الستينات لخلافة أحد أهم قادة الشيعة بعد وفاته، حاملاً معه تعليمه الديني وشهادة اقتصاد من جامعة عصرية في طهران. وعمل الصدر على البناء على المؤسسة التي خلفها سلفه للشيعة.
وطبقاً لنورتون كانت الظروف في ذلك الوقت مؤاتية جداً لنهضة الشيعة على الاخص وقد كان هناك العديد من اليساريين الشيعة الذين عملوا على رفع شأن الطائفة. وكان الذي دفع العديدين للتعاون والتجاوب مع مشروع الإمام الصدر هو الخوف من ان يكسب اليسار كل الجيل الجديد من الشيعة مع غياب اي مشروع بديل.
ولقد لاقى الإمام ترحيباً كبيراً من القيادات اللبنانية ومن المسيحيين الموارنة لأنهم ايضاً رأوا فيه شخصية تستطيع أن تنتزع الشيعة من تأثير اليسار اللبناني، وايضاً من تعاظم تأثير القومية العربية.
ويرى نورتون ان الإمام نفسه كان اصلاحياً مؤمناً بالتجديد والتغيير المتراكم تدريجياً نحو الوصول إلى الثورة. وفي نظر الإمام تلك الثورة سلمية وهي تعكس حاجات الناس بكل واقعية وليس معتمدة على العنف.
وقال نورتون "ان الاصلاحيين الناجحين يمتلكون شخصيات معقدة لأن الاصلاح يعني التغيير المتراكم والذي يتضمن بناء الاجماع وعقد الاتفاقات والتسويات" غير ان بعض الحضور اعترض في مداخلة على هذا التوصيف مؤكداً على ان الإمام الصدر كان مدفوعاً بالمبادئ ولم يكن سياسياً متحذلقاً. إلا ان نورتون اجاب بأن الساحة كان بها منافسون للصدر، رجال دين وغيرهم، ويبدو انه من المنطقي ان يقوم الإمام بالمساومة لا على مبادئه بل على حجم المطالب ليصل إلى النتيجة التي يرغب بتحقيقها. جانت من المشاركين في المؤتمر
وتطرق نورتون إلى صفات الإمام الصدر الشخصية من قبيل سماحته وبشاشته وقدرته على المرح الذي تميز به اسلوبه "لم يكن الإمام رجل سلاح، بل كانت حملته اجتماعية وسياسية الأبعاد ... فعند قدومه إلى لبنان كان الشيعة من اقل الطوائف حظوظاً". مشبهاً وضع الشيعة في لبنان "بوضع السود في الولايات المتحدة الاميركية قبل الحرب الاهلية".
وكان خطابه الموجه إلى الشيعة يعتمد على عنصر القوة والكرامة وأول خطوة اقدم عليها في صور كان منع الاستجداء الذي كان منتشراً بين الفقراء الشيعة. كما ذكر نورتون بأن الاعتداءات الإسرائيلية في جنوب لبنان ابتدأت حتى قبل الوجود الفلسطيني وكان موقف الحكومة اللبنانية هي مساعدة الصليب الاحمر على ايصال خيم مأوى للذين تدمرت منازلهم. وكان من موقف الصدر أن رفض تلك الخيم مستنكراً فكرة الإحسان من قبل الدولة معتبراً ان على الدولة ان تحمي مواطنيها وتمنع الاعتداءات الاسرائيلية في المقام الأول.
واعتبر الإمام الصدر، حسب نورتون، ان العدالة لا يجب فقط ان تطلب من الدولة بل من الناس بعضهم من بعض لأن الحرية هي مطلب ديني والظلم مرفوض بين الناس ويخالف تعاليم السماء. وعرض نورتون نظرة الإمام موسى الصدر للايمان حيث اعتبر ان الجميع يعبدون رباً واحداً ولا يوجد غير هذا الإله وان الجميع ذاهب إلى نفس الخاتمة من أي ديانة كانوا.
وكان من مناوئي الصدر الاقطاعي كامل الاسعد الذي رأى ان الإمام الصدر يراكم القوة الاجتماعية ويهدد الامتيازات التي يتمتع بها.
ثم تحدث نورتون عن تأسيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" وعن الوجود الفلسطيني ووصوله إلى لبنان، وبدايات الحرب الاهلية اللبنانية، والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، والاضرابات العمالية التي نظمها الإمام في العام 1973.
وكان ختام حديث نورتون حول تلخيض مهمة الصدر في لبنان الذي كرس حياته لرفع شأن الطائفة الشيعية في لبنان واشراكهم في الحياة السياسية وتأمين فرص عمل لهم.
وفي النهاية تطرق نورتون إلى ذهاب الإمام الصدر إلى ليبيا في العام 1978 وغاب من بعدها وعرض لموقف الرئيس الليبي معمر القذافي الذي لم يكن على وفاق مع موقف الإمام موسى الصدر من الفلسطينيين في لبنان، وقد اعتبر نورتون ان هناك اعتقاداً ان تكون المخابرات الليبية قد قتلت الإمام الصدر ورفيقيه.
أما يوم الاحد فقد تتالى على الكلمات عدد من المحاضرين منهم السيد مصطفى قزويني من "المركز الإسلامي التعليمي" في مقاطعة اورانج في كاليفورنيا الذي استعرض الاثر الايجابي للإمام الصدر على الحياة السياسية والاجتماعية للشيعة في لبنان. ووصف قزويني الإمام الصدر "انه كان صاحب رؤية وخطيب كاريزمي وشديد الذكاء عمل على احياء الطائفة الشيعية وتقويتها سياسياً واجتماعياً". وعرض قزويني لحياة الصدر وتاريخ عائلته ولتحصيله العلمي غير الديني ولمرتبته العلمية الدينية التي بلغت مرحلة الاجتهاد في وقت مبكر من حياته.
كما تحدث البروفسور لياقات تكيم من "قسم الدراسات الدينية" في "جامعة دنفر" حيث عرض لدور الإمام الصدر في الفقه الشيعي. وركز على دور الإمام الانساني الذي تخطى الدور الاعتيادي لرجل الدين حيث ألهم الإمام العديد من رجال الدين من بعده.
وتطرق إلى ان رؤية الصدر التجديدية كانت في نظرته إلى العالم فبعد ان كان رجال الدين ينظرون إلى العالم من قبل على انه مقسم إلى عالم المسلمين وغير المسلمين نظر اليه الإمام الصدر على انه منقسم إلى عالم المحرومين وعالم غير المحرومين. وقال بأن الصدر "وحّد العالم حول المبادئ الاخلاقية بدل تقسيمه على اسس جغرافية".
أما البروفسور رولى ابي سعد من مؤسسة الدراسات الاسلامية في جامعة "مكنيل" فقد تحدثت عن "ازمة الحداثة: موسى الصدر ودولة الأمة". ورأت أن الإمام الصدر دعم الدولة القائمة على الدستور الذي يساوي الجميع.
والجدير بالذكر أن المؤتمر نظمه، رونالد ماك كاي"، المتخصص في الدراسات العليا في "مركز دراسات الشرق الأوسط وشمالي افريقيا" وغاتفرايد هاغان البروفسور في قسم "دراسات الشرق الاوسط" في جامعة ميشيغن في مدينة آن آربر.
مواضيع ذات صلة
جامعة ميشيغن تستضيف مؤتمرا حول الشيعة وظاهرة الإمام موسى الصدر

U of M to host conference on Shiism and Musa al-Sadr​
History-making convention on Musa al-Sadr

source