التهويد سقوط لمعنى الإيمان

calendar icon 08 أيار 1975 الكاتب:موسى الصدر

باسمه تعالى  
إن القضية الفلسطينية في أبعادها هي قضية لبنان، بل هي قضية لبنان في الدرجة الأولى، لأن الأخطار الناجمة عن وجود دولة عنصرية إلى جوار لبنان الوطن، تجعل من كيان إسرائيل خطرًا مستمرًا على لبنان.
ولأن القدس في معناها تشكل ركنًا أساسيًا في الدين عند المسلمين والمسيحيين الذي يتكون منهم الشعب اللبناني. والقبول بتهويدها سقوط لمعنى الإيمان عندهم؛
ولأن هيكلية الحكم في لبنان وهيكليته في إسرائيل تتناقضان ولا يمكن تعايشهما؛
ولأن الشعب اللبناني أثبت غير مرة وبكل فئاته إستعداده الكلي لتبني القضية الفلسطينية؛
ولأن الرئيس اللبناني أمام المجتمع الدولي أعلن عن ذلك. ناهيك بالتلاحم بين الشعبين خلال ربع قرن وبنسبة مكثفة.
كل هذا يجعل القضية الفلسطينية قضية لبنان.
ثم أن بقاء لبنان وقوته وصورته الحضارية، وكفايات شعبه وقناعات أبنائه ووضعه الجغرافي وكل ما فيه رصيد كبير، بل الرصيد الأول لشعب فلسطين وللثورة الفلسطينية وللإنتصار الفلسطيني في فلسطين وفي العالم. وهذا المبدأ مكرس من خلال تصريحات القادة الفلسطينين وفي الدراسات المختلفة التي تصدر عن المؤسسات الفلسطينية.
ولعل أفضل فرصة تاريخية وفرها الله تعالى للشعبين اللبناني والفلسطيني هي أن يتبنى لبنان قضية فلسطين فيطل على العالم. وهذا العالم في جهله وتجاهله للحقائق المصيرية، يطل عليه لبنان مرة أخرى حاملًا أبجدية العدل وأسس الحضارة الحق،
فيدخل في الضمائر التي إهتزت نتيجة الجهاد الفلسطيني، ويرسم أسس العالم الذي لا مكان فيه لحق القوة،
ولقناعة الإعلام الكاذب،
ولتأثر العطف المصطنع،
وليقظة الضمير الخادعة،
وللحل المعتمد على التهرب والتسويف.
ذلك العالم الذي لا ينفذ فيه الله وعده بالنابالم ولا يتصدق الإنسان فيه بوسائل التدمير،
ولا تعتمد الحضارة فيه على الأكاذيب والإفتراءات.
عندما يحمل لبنان هذا المشعل الذي ﴿يكاد زيته يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور﴾ [النور، 35]، المشعل الذي يوقد من عقل الشعب الفلسطيني وقلبه ودمه وفدائه.
عند ذلك نشعر أن أساسًا جديدًا لمستقبل الحضارة قد وضع.
وأن تعانقًا لبنانيًا فلسطينيًا تمثل على مشارف المدينة الفاضلة، ذلك العناق الذي يجسد تفاعل الحاضر والمستقبل، أو تمازج الجهد والجهاد أو المداد والدماء.
وتحقق المعراج حيث أسرى الله بعباده في ليلة البشرية الظالمة إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ليريهم من آياته، وليثبت أن الله يأبى ﴿الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾ [التوبة، 32].

الإمام السيد موسى الصدر
"النهار"، 8/5/1975

_____________________
مواضيع ذات صلة:
* نداء للإمام الصدر حول احراق المسجد الأقصى
حوار مع سماحة الإمام الصدر حول احراق المسجد الأقصى

source