لماذا نقاتل... ومتى؟

calendar icon 28 تموز 1976 الكاتب:موسى الصدر

باسمه تعالى  

في سبيل الله...
ولا يمكن أن نقدم أعز ما نملك، بل جميع ما نملك، إلا لأعز هدف وفي سبيل أشرف مقصد.
فالحياة رأس مالنا الوحيد في الوجود، وفرصتنا الواحدة على مسرح الكون، الفرصة التي لا تتكرر أبدًا..
وبذل الحياة، كل الحياة، وفي لحظة واحدة، لن يكون إلا لما هو أشرف منها وفي سبيل ما هو أبقى وأغلى، في سبيل الله، والله هو الحق.
وخدمة الإنسان هي الطريقة التي فضّلها الله وجعلها هدفًا لحياتنا ورسالة لها، خدمة الإنسان لا خدمة شخص، ولا تحقيق مكسب للغير، ولا أوهامًا متمثلة بشعارات، ولا غرائز وأحقادًا وإنفعالات.

إننا نقاتل من أجل الإنسان:
الوطن، وهو الإنسان الجماعة، نقاتل لحمايته من الإعتداء. الوطن وهو الجنوب الحق الذي يتعرض لتجاوزات إسرائيل، وهي الباطل بعينه.
من أجل الوطن ودفاعًا عنه وعن إنسانه نقاتل...
ومن أجل وحدة لبنان، من أجل منع قيام إسرائيل أخرى، أو إسرائيلات تدعم إسرائيل الأم، نقاتل.
ولكي نمنع تصنيف الإنسان وتحقيره وتشويهه تحت كابوس الفكر الإسرائيلي العنصري، الذي يتكون هنا وهناك في حالة التقسيم، نقاتل...
ولأجل الحفاظ على الشعلة الإنسانية الحقة والعادلة.
لأجل المقاومة الفلسطينية ضد الشر المطلق، إسرائيل، نقاتل...
إننا في لبنان، وفي هذه المرحلة، نقاتل لهذه الأهداف المثلثة.
لأنها تمثل الإنسان،
ولأنها حق لا سبيل إليه إلا السـلاح،
ولأن القتال في سبيل تحقيقها بذل للحياة في سبيل الله وصيانة لما هو أشرف من الحياة وأبقى.
* * *
أما الإصلاحات الإجتماعية والسياسية، فإننا نرى ضرورة النضال الديمقراطي المستمر لأجلها حيث أن النضال المسلح في مثل هذه الظروف يعرض الأهداف الكبرى للخطر.

ولقد رفضنا، وسنرفض بقوة، حمل السلاح، في سبيل التحديات أو المنافسات أو الإنفعالات الطائفية، وحتى من أجل الرد على الإستفزازات الفردية أو الجماعية.
* * *
هذه مواقفنا كانت في البدء وستبقى، نتحمل مسؤوليتها ونستمر في الإلتزام بها لا نؤخذ بالمصاعب ولا نغتر بالجواذب.

إننا نعتبر حياة المواطن أمانة غالية جدًا، لا نبذلها رخيصة، نقدمها في سبيل حياة الوطن وبقاء الأمة، لا نستهتر بنقطة من الدم ولا نتاجر بالشهادة والشهداء. لا نبني مجدًا على حساب حياة المواطنين ولا نستسلم لإغراء المزايدات، ولا أمام أمواج الإستفراد والإفتراء والتشكيك...

سنبقى ملتزمين بأهداف شهدائنا الأبرار أكثر من حرصنا على حياتهم، لأنهم ودعونا وحياتهم وأودعونا المشعل وحياة أمتهم.

إننا نؤمن بخلودهم وبتكاملهم الدائم طالما تستمر آثارهم، وبرضاهم ودعوتهم ودعائهم وفي هذا عزاؤنا وعزاء أهلهم، وكلنا أهلهم..
﴿ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله امواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم﴾ [آل عمران، 168-169].
صدق الله العظيم.

سماحة الإمام السيد موسى الصدر
صوت المحرومين 28/7/1976

source