الاضراب العام

الرئيسية مرئيات التفاصيل
calendar icon 24 أيار 1970 الكاتب:موسى الصدر

في 24 أيار 1970، دعا الإمام الصدر جميع اللبنانيين إلى إضراب عام، للتضامن مع جنوب لبنان الذي كان يعاني من اعتداءات متكررة. وقد استجاب لهذه الدعوة مختلف شرائح المجتمع اللبناني في كافة المناطق. يوضح الإمام دوافع هذا الإضراب وتداعياته، كما يسلط الضوء في مطالب الإمام والوزراء والنواب الجنوبيين من الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت. نص التسجيل كاملًا:

حاوره عادل مالك
عادل مالك: صاحب السماحة، الدوافع الوطنية التي دعتك لإعلان الإضراب باتت معروفة لدى جميع اللبنانيين وقد شمل الإضراب جميع المناطق اللبنانية، بعد هذه الخطوة ما هو تعليق سماحتكم على الوضع؟

الإمام الصدر: في الحقيقة، قبل كل شيء أحب أن أشكر كافة اللبنانيين في جميع المناطق ومن جميع الفئات والطبقات والنقابات والمؤسسات، وأؤكد لهم أن الإضراب الشامل اليوم كان الخطوة الوطنية الرائعة التي وضعت لأجل دعم كيان هذا البلد والتأكيد على الجنوبيين بأن الشعب كله يحس بقضية الجنوب. وسبب الإضراب واضح، خلال سنة أو أكثر من سنة لأجل مصلحة الجنوب التي هي مصلحة لبنان طالبنا ناشدنا وحتى بواسطة التلفزيون أكثر من مناشدة حصلت، قدمنا محاضرات في مناطق مختلفة، بيانات، اجتماعات، لقاءات، مؤتمرات صحفية... لكن ما صار شيء. والحقيقة أن كارثة الجنوب هي كارثة لبنان، يعني أولًا الجنوب من جهة التمويل والدفاع والعمران والثقافة والتاريخ يعني جزء أساس في لبنان، فالحقيقة الكارثة على الجنوب كارثة على لبنان.
طالبنا بجميع الوسائل العادية ونفد الصبر، والحقيقة أنا آخر من يغضب، لكن لا أنكر لك أنه غضبت، يعني وجدت أن هذا التجاهل احتقار، هذا التجاهل احتقار للوطن في الأساس، اللامبالاة بالوطن... ولذلك، طلبنا أول خطوة أن يكون هناك إضراب سلمي، وناشدت الناس أن لا يكون مظاهرات، لكن بالفعل إذا ما تمت المطاليب وسط هذا الإضراب، مضطرون بأن نصعِّد الإضراب، يعني في الأسبوع القادم نعمل مظاهرات، ونعمل أشياء كثيرة باعتبار أنه عندما نحن نجد أن المسؤولية ضائعة المفروض أن نؤكد المسؤولية على السلطة، فهذا أساس الموضوع.
أما الطلبات، الطلبات معروفة، نحن نطالب أن السلطات والمسؤولين والدولة تقوم بمسؤولياتها، يعني تمارس أعمالها كدولة تجاه منطقة مهددة، في الدنيا كثير من المناطق مهددة، والدول تقوم بواجباتها، أولًا تعزيز الدفاع وحماية الجنوب بأية وسيلة ترتئيها الدولة، نحن نثق ونؤيد أية خطوة تقوم بها الدولة في سبيل حماية الجنوب.
عادل مالك: هل لديك اقتراح معين، صاحب السماحة مثلًا يمكن أن تطرحه في هذه المناسبة؟
الإمام الصدر: عندي فكرة، أنه كان هناك تقرير عسكري معروف يؤكد أن الجيش اللبناني إذا زاد عدده إلى عشرين ألف واشتروا صواريخ، بإمكانهم أن يدافعوا عن الجنوب بصورة صحيحة، طبعًا مع حماية الشعب. والشعب أيضًا بحاجة إلى تدريب وتسلح وتحضير... بعد ذلك القرى المحصنة، هذا اللي يسمونه كيبوتس، مجلس الإسكان، أموال مجلس الإسكان أو صندوق التعمير، يجب أن تتحول لهذه المسائل، طيب إلى متى تاركين هذه الأموال في الصناديق؟ بالمصالح كثير من الأموال، ونحن نعرف هذا الموضوع، أنا أحكي بوصفي مسؤولًا مطلعًا على كثير من الأمور.
بعد ذلك معاملة النازحين، لا يمكن أن يُعاملوا النازحين معاملة اللاجئين، وإذا كانوا يريدون معاملتهم معاملة خيام وشوادر وإسعافات، أنا مثلما قلت أبدأ باحتلال هذا البيت وأي بيت فارغ هو حق المواطن اللبناني أن يسكن فيه. وما تركت الموضوع على الصعيد الشعبي فقط، على الصعيد السياسي صار عدة اجتماعات مع نواب الجنوب ومن يؤيد قضايا الجنوب بما فيهم وزراء الجنوب، واتفقت على أن هذه الخطوات إذا ما نُفذت بخلال فترة معينة، التي أنا أعتقد أو أقترح عليهم أن يكون أسبوعًا واحدًا، وزراؤنا يستقيلون، وبالفعل تجاوبوا مع هذه الاستقالة ومع هذا الطلب، والنواب الجنوبيون الآخرين يمتنعون عن المشاركة في الحكم مهما كانت الظروف حتى نؤكد كما هو الواقع بأن الحكومة ما تمثل الجنوب، الحكومة حكومة بقية لبنان ما عدا الجنوب. هذا، وأنا أعتقد أن معلومات اللبنانيين ومعلومات الشركة ومعلومات المسؤولين عني بأني لست رجلًا مشاغبًا ولا طالبًا للشر، بالعكس أريد الخير، كل الخير، لهذا الوطن.
عادل مالك: صاحب السماحة على كل حال معنا اثنين من أصحاب المعالي في هذه الجلسة، معالي الدكتور رفيق شاهين والأستاذ عبد اللطيف الزين. دكتور رفيق، أشار صاحب السماحة إلى أن وزراء الجنوب قد أعربوا عن استعدادهم للاستقالة إذا ما دعت الحاجة، ما هو تعليق معاليكم على هذا الطلب؟
شاهين: إن التأييد الشامل الذي لاقته دعوة سماحة الإمام السيد موسى الصدر للإضراب يؤكد حقيقة واقعية وهي بأنه لا حياة للبنان من دون لبنان الجنوبي، وأن أي اعتداء على لبنان الجنوبي هو اعتداء على لبنان وتهديد لكيان واستقلال لبنان، فلهذا نحن كوزراء للجنوب وممثلين في هذه الحكومة نود أن نقول ونتضامن مع سماحة الإمام فيما قاله وأشار إليه، لأنه سبق لنا ونادينا في مناسبات متعددة بتأمين الحماية لأبناء الجنوب وبتحصين قرى الجنوب ولهذا لم نلقَ لتاريخه أي تجاوب شامل، ولهذا كان هذا النداء الذي وجهه سماحة الإمام للإضراب السلمي، وعليه نؤكد بأننا سنعود ونكرر مطالبتنا للمسؤولين في تأمين الحماية، وإذا لم يتجاوبوا معنا في هذا السبيل فإننا مستعدون لأي مطلب يُطلب منا من قبل سماحة الإمام السيد موسى الصدر.
عادل مالك: معالي الأستاذ عبد اللطيف الزين؟
الزين: أن يتجاوب اللبنانيون جميعًا في هذا الإضراب السلمي ما هو إلا تحسسًا منهم بصرخة الألم التي أصابت الجنوبيين، وما نداء سماحة الإمام إلا لإسماع الدولة ما كنا قد تكلمنا وطالبنا به أشهر وأشهر، وأن نضع استقالتنا كوزراء يمثلون الجنوب في هذه الحكومة فهو أقل الإيمان بحقوق أبناء الجنوب، فهناك اعتمادات وهناك موازنة سيكون لنا موقفًا صريحًا في مجلس الوزراء، إن لم تتجاوب معنا الحكومة برمتها سنعود إلى صفوفنا النيابية ومع النواب سنعود إلى الصفوف الشعبية لنذهب إلى الجنوب ونموت كرامًا، وابن الجنوب لم يأتِ لاجئًا إلى هذا البلد، فهو هذا البلد وكيان هذا البلد.
عادل مالك: صاحب السماحة إذًا حددت مهلة أسبوع لمناشدة المسؤولين النداء الأخير ليلبوا هذه المطالب، وبعد أسبوع لديك خطوات مقبلة يمكن أن تعلنها، نأمل أن تتمكن الدولة بما تيسر لديها من إمكانات أن تؤمن ما تطالبون به.
الإمام الصدر: نحن نعتقد أن الإمكانات موجودة يعني ممكنة ممكنة، والآن وسط السنة وكثير من المشاريع العمرانية ما لُزِّمت بعد؛ نحن لا نشك، وعندنا معلومات كثيرة عن وضع الخزانة وعن كل الأمور، يعني ما أتحدث كحديث شخص غريب...
عادل مالك: طبعًا مطَّلع...
الإمام الصدر: أيضًا الوزراء وزير الشؤون، وزير الزراعة، وزير العدل يعني، داخل المسؤولين.
عادل مالك: معالي... أستاذ الزين، لديك ما تضيف؟
الزين: كل ما أريد أن أوضحه بأن موقفنا كوننا وزراء ثلاثة في هذه الحكومة، بما فيهم معالي الرئيس عادل عسيران، موقفنا واحد لا يتجزأ، فإننا ثلاثة بواحد، وجميعنا مع النواب في موقفهم تجاوبًا مع الرغبات الشعبية الجنوبية وأقول تجاوبًا مع رغبات اللبنانيين جميعًا، لأني أُجزم بأن اليوم لبنان قد أحس بصرخة الألم التي أطلقها ابن الجنوب عن حق.
الإمام الصدر: وكلمة ثلاثة وواحد طبعًا كلمة حلوة على مسامع جميع اللبنانيين من المؤمنين...
عادل مالك: صحيح طبعًا. هذا إجماع في ما خص بالنسبة للجنوب. شكرًا صاحب السماحة، شكرًا أصحاب المعالي.
___________________________
* حوار صحفي للإمام الصدر في بيروت عن الإضراب العام في 24 أيار 1970، تسجيل مرئي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.

تلفزيون لبنان، قناة