الشيعة والتشيع

calendar icon 20 اذار 1970 الكاتب:موسى الصدر

حاوره محمد الصلحاني
*كان للرسول مقامان إلهيان، مقام الرسالة ومقام الولاية.
*السعي والعمل لإقامة الحكم الصالح واجب أولي للمسلم.
*الحكم الصالح أهم عناصر إقامة المجتمع الصالح وهذا الأخير يشكل التربة الخصبة لبناء الإنسان الصالح.
*الاجتهاد ليس تشريعاً ولا جموداً؛ بل فهم جديد متطور مستمد من النصوص الشرعية والمصادر الفقهية.
*ما تم تناقله عن الأئمة من أهل البيت أثرى الفقه الشيعي وأغنى أصوله العقائدية.
*الترابط بين الناحية الفقهية والنواحي الاجتماعية الأخرى حقيقة قائمة ولا يمكن الفصل بينها.
*إن اسرائيل هي عدو لبنان الأول.
*لا يمكن للبنان أن يكون بوليساً لإسرائيل ولا التخلي عن واجباته في تحرير فلسطين.
*إن ما تقوم به وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر طلائع خير وبشائر صادقة للمستقبل.

ثمانون مليون مسلم شيعي ينتشرون في أرجاء الدنيا... من بينهم إثنا عشر مليوناً في العالم العربي وحده.. وهناك مثلاً مئة وخمسون ألفاً منهم يعيشون في أميركا اللاتينية ويحتلون مراكز قياديّة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية هناك ويؤدون ويمكن أن يؤدوا دوراً متزايداً كسفراء غير رسميين لقضايا العالم العربي والاسلامي في التحرر والتقدم الاجتماعي.
من هم هؤلاء المسلمون الشيعيون.. وكيف يفكرون. وما هو المذهب الشيعي. وما أوجه الخلاف بينهم وبين سائر الفرق والمذاهب الاسلامية.. ما هي نقاط الإلتقاء وما هي نقاط الإختلاف.. وما هي آفاق المستقبل للتعاون بين الشيعة وسائر المذاهب الاسلامية؟
لقد كان انعقاد المؤتمر الخامس لمجمع البحوث الاسلامية الذي تم في القاهرة منذ أسابيع فرصة رائعة كي نجد إجابات شافية على تلك الأسئلة وغيرها.. إذ التقى مندوب "روز اليوسف" بالامام موسى الصدر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الذي ساهم بنشاط ملحوظ في أعمال المؤتمر.. وكان ذلك التحقيق..
لنبدأ القصة من أصلها التاريخي..
*من أين جاءت الشيعة ومتى ظهرت أول فرقة إسلامية شيعية في العالم الاسلامي؟
- من اتخذ إنساناً له إماماً وقائداً فهو يتشيع له، أي يتبعه ويقدره.. وفي فجر الاسلام تشيعت فرقة من المسلمين الأوائل لأهل بيت رسول اللَّه واتخذوهم قادة وأئمة، ومن ثم اكتسبوا إسم شيعة آل البيت.
وربما كان النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو أول من أطلق تلك التسمية (الشيعة) عندما كان يصف عدداً من كبار الصحابة الذين كانوا على علاقة وثيقة بعلي بن أبي طالب بأنهم "شيعة علي"...
ونحن نجد تلك التسمية من قِبَلِ الرسول في حديث صحيح رواه الحاكم في شواهد التنزيل والعسقلاني في الصواعق والطبراني والديلمي والامام ابن حنبل في المناقب والسيوطي في تفسيره الدر المنثور إذ يقول النبي (صلى اللَّه عليه وآله وسلم): "يا علي ستأتي يوم القيامة أنت وشيعتك راضين مرضيي".
ولقد كان من شيعة علي سلمان الفارسي ومقداد الدؤلي وعمار بن ياسر وجعفر بن أبي طالب وأبو ذر الغفاري أول ثائر اشتراكي في الاسلام!..
أما من النساء فقد كانت هناك أم المؤمنين أم سلمة وفاطمة بنت الرسول ومارية القبطية. وتوجد عدة مذاهب تحمل إسم الشيعة أيضاً.
ولكننا سنتناول بإيجاز أهم مذهب من تلك المذاهب وهو مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية..
*ما هي عقائد مذهب الشيعة الإمامية؟
- بادئ ذي بدء إن ذلك المذهب هو أكثر المذاهب أنصاراً، فالأغلبية الساحقة من الشيعة في العالم تتبعه ويتجاوز عدد هؤلاء الاتباع ثمانين مليوناً من بني الانسان.. وأبناء الشيعة الامامية لا يتناقضون مع سائر فرق المسلمين في الأصول والمبادئ العامة والقواعد الأساسية للاسلام..
*ما هي نقاط الإلتقاء؟
- الإيمان باللَّه وبوحدانيته وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر.. هذه مسائل يؤمن بها كل مسلم شيعي إيماناً قاطعاً..
- والقرآن الكريم بوضعه الحاضر، هو كتاب اللَّه نصاً وروحاً منزل من عند اللَّه.
- والصلوات الخمس في مواقيتها.. وقبلة الصلاة.. والصيام والحج والجهاد والزكاة على أنواعها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل هذه القواعد والأحكام الاسلامية قواعد يسلم بها كل مسلم شيعي تسليماً تاماً..
- ومحمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين ولا نبي من بعده وحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة..
- والاسلام دين اللَّه الواحد بشّر به الأنبياء جميعاً.. وهو دين خالد الى الأبد، وكان لكل نبي شرعة ومنهاج كما يصرح القرآن الكريم.. ومحمد (ص) بلَّغ الناس الدرجة الكاملة من الدين بأفضل وأوضح منهاج، بالشريعة السمحاء..
- والدين الإسلامي يشمل جميع الأمم والشعوب حيث أرسله اللَّه رحمة للعالمين وهداية لجميع الأماكن والعصور دون استثناء..
- والإسلام فوق أنه عقيدة فهو ثقافة ونظام كامل للحياة وهو سلوك وأخلاق للإنسان في حياته وزادٌ لآخرته ينظّم علاقاته مع ربه.
ما سبق هو نقاط لا يختلف عليها المسلم الشيعي مع أي مسلم آخر ينتمي مثله الى الدين الإسلامي الحنيف..
على أن هناك في الحقيقة نقطتي خلاف وهما ليستا نقطتين فرعيتين بل هما نقطتان أساسيتان.. يعتبران ركنين للمذهب الشيعي ولا يتم الايمان الحقيقي في نظر المؤمنين بالمذهب الشيعي إلا بهما جنباً الى جنب مع سائر القواعد والأحكام الاسلامية التي سردناها من قبل..
نقاط الخلاف
النقطتان اللتان يتميز بهما الشيعي.. هما مسألتا العدل.. والإمامة.. وسنحاول أن نستعرض في تبسيط غير مخلٍ المسألتين..
العدل...
*هل هناك خلاف حول العدل؟
- بعض المسلمين فقط كانوا في الماضي هم المؤمنون بالعدل الإلهي.. وعامة الناس جميعاً الآن يؤمنون به.
ولكن الشيعة جميعاً منذ اللحظة الأولى لإسلامهم يؤمنون بالعدل الإلهي.. ويعتبرون عدل اللَّه عدلاً مطلقاً يستحيل صدور القبح والظلم منه.
*أين موقع الحوادث كالفيضانات والزلازل من العدل الإلهي؟
- الشيعي يجد التفسير لذلك والطمأنينة النفسية بالإيمان بالعدل الإلهي المطلق. فلله في خلقه شؤون وحكم خافية علينا ومصالح ندرك بعضها وقد لا ندرك البعض الآخر.
وربما كانت الحكمة مثلاً من تلك الكوارث دفع الانسان الى التحرُّك بإثارة غريزتي حب البقاء والميل الى الأحسن باستمرار.
ولو لم توجد التحديات الطبيعية لما وجدت الحضارة ولما تقدمت العلوم.
*ماذا اذن عن الظلم الاجتماعي كالفقر والجهل والتخلف.. ما هي الحكمة منها؟
- الفقر والظلم يحصلان بما كسبت أيدي الناس، وكذلك كل العلل الاجتماعية "ليذيقهم الله بعض ما عملوا لعلهم يرجعون".
الإمامة...
الإمامة تعني عند الشيعي مفهوماً عقائدياً واضحاً هو الولاية• والولاية تعني عندهم مفهوم الحكومة الحقة التي تسيّر أمور البلاد والعباد، وقد أخذت هذه الكلمة من قوله تعالى ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ [الاحزاب،6].
والإمامة أيضاً لها معنى فقهي سوف يرد الحديث عنه فيما بعد عندما نتحدث عن الفقه عند الشيعة.
والإمامة أصل من أصول المذهب عندهم كما بيَّنا من قبل.
وعندما يقول اللَّه في كتابه ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ فإن الشيعي يرى أن الرسول الكريم كان له مقامان إلهيان:
المقام الأول هو مقام الرسالة.. يعني أن الله كلفه بإبلاغ الأحكام الإلهية إلى الناس كافة، وقد قام الرسول بهذه المهمة خلال ثلاثة وعشرين عاماً متواصلة خير قيام.. بأمانة ودقة دون تفريط أو إهمال.
أما المقام الثاني فهو مقام الولاية، ويعني هذا أن الله كلف النبي عليه الصلاة والسلام بتطبيق شريعة اللَّه وإقامة مجتمع إسلامي تنظم فيه العلاقات بين الناس بعضهم البعض، وكذلك العلاقة بينهم وبين الحاكم وبينهم وبين اللَّه. وهذا التكليف الإلهي قد تم بموجب مبدأ الولاية.
وقد أعطى النبي عليه الصلاة والسلام من أجل تحقيق ذلك الهدف الكبير، مقام الحكم على الناس والفصل في شؤونهم.
وأوجب اللَّه على الناس طاعة الرسول فيما يراه ضرورياً لصالح الجماعة الاسلامية من تعاليم وقرارات جنباً الى جنب مع الأحكام الاسلامية العامة التي يُعَدُّ تنفيذُها إطاعةً للَّه.
أما تلك التعاليم والقرارات النبوية أي الصادرة من قبل الرسول بموجب مبدأ الولاية فإن الناس عندما ينفذونها فإنما هم يطيعون الرسول. وطاعة الرسول طاعة أوجبها اللَّه تعالى.. طاعته هو جل جلاله.
والذي حدث في التاريخ أن الرسول قد مارس حق الولاية هذا، وتسلّم في المدينة مقاليد الحكم وبدأ بوضع مبادئ عامة تصلح أساساً لتنظيم مجتمع إسلامي كامل في إطار الشريعة الإلهية، وأصدر قرارات كثيرة بهذا الشأن فيما يتعلق بحياة الانسان الفردية ونشاطه في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدفاعية.
ومن راجع السيرة النبوية في تلك الحقبة الزاهية من الاسلام يجد تفاصيل دقيقة ورائعة عن صور اهتمام الرسول بحماية المجتمع من أعدائه في الخارج ومن المنافقين والانتهازيين في الداخل.. وكيف وضع الاسلام تعاليم ونظماً لمنع التصدع الاجتماعي ومقاومة التخلف والميوعة والجمود والتراخي في الانتاج.
وعندما ترك الرسول أمته ولحق بالرفيق الأعلى بعد عشر سنوات وبضعة شهور تولى فيها ولاية أمور المسلمين.. أصبح أمر الولاية لمواصلة إكمال بناء المجتمع الجديد موضع بحث وخلاف بين المسلمين.
ولنتناول المسألة بصراحة ودون حساسية.
الولاية بعد الرسول:
يصدر رأي الشيعة في هذه المسألة في الحقيقة من فكرة أصلية عندهم.. هي أنه من الضروري أن يوجد نص من الرسول وأمر من اللَّه تعالى بشأن من يتولى شؤون الأمة وهو ذلك الذي يصبح "أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الاحزاب،6].
ذلك لأن المجتمع الاسلامي يختلف عن المجتمع الجاهلي اختلافاً كلياً. فالإسلام في الحقيقة كان ثورة غيّرت المجتمع الجاهلي جذرياً.
ولكي يصبح النظام الجديد راسخاً في نفوس الناس يحتاج إلى من يرعاه ويراقبه وهذا هو مقام الولاية التي هي في دور تأسيس المجتمعات تكتسب حساسية ودقة، ومن ثم فإن الاختيار يجب أن يتم في تلك الفترة من عند اللَّه تعالى تجنباً لتلك الحساسية المفرطة وحرصاً على المرحلة الجنينية لذلك المجتمع الديني الجديد.
وقد تم ذلك الإختيار بالفعل.
وهي قصة ذات مغزى عندما رجع الرسول الأكرم من حجة الوداع وبلغ مع جماهير المسلمين من مرافقيه الى مفترق الطرق عند غدير في الصحراء أوقفهم وقال صلوات اللَّه عليه:
ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا: بلى.
ثم قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه.
ثم طلب من الناس أن يبايعوه بإمرة المؤمنين.
وتعني مسألة الولاية هذه بذل الجهد لإقامة الحكم الصالح بين المسلمين، وتعتبر أيضاً أهم الواجبات في الاسلام وأولى الوظائف لدى الانسان المسلم.
أي أن اختيار المسلم لمن يتولى أمر المسلمين وظيفة دينية مهمة، وطريقة البحث والاختيار في الولاية تختلف الآن عما كان عليه الأمر في أوائل عهد الخلفاء الراشدين وبعد وفاة الرسول لاختلاف الظروف. ومن ناحية أخرى لأنه حدث تاريخياً أن استقرت الخلافة للخلفاء الراشدين بالفعل حسب الترتيب المشهور والمعروف الذي جعل علي بن ابي طالب آخر الخلفاء الأربعة.
ولكن الجدل في سلامة ما حصل لم يعد أمراً مفيداً.
ولينصبّ إذن اهتمامنا إلى الحاضر.
إن البحث في الولاية الآن يتمثل في اعتبار السعي والعمل لإقامة الحكم الصالح واجباً أولياً للمسلم.
ذلك لأن الحكم الصالح أهم عنصر لإقامة مجتمع صالح. والمجتمع الصالح هو التربة الخصبة لبناء الانسان الصالح قبل أي شيء.
والحقيقة أنه بعد عرض فكرة الشيعة عن العدل والإمامة يبدو على الأقل أنه لا يوجد هناك خلاف رئيسي يستعصي على الحوار والتفاهم بين الشيعة وغيرهم من فِرَقِ المسلمين.. فالعدل والولاية قريبان جداً من إيمان أكثر المسلمين.
تحرير فلسطين هو المشكلة الأولى الآن.. عند الشيعة.
*ولكننا قبل أن نختم هذا الحديث عن أوجه الخلاف بين الشيعة والمذاهب الاسلامية الأخرى لا بد من أن نتعرض لاتهام تقليدي للشيعة بأنهم وجهوا الطعن والسب لبعض الصحابة، فما هي الحقيقة؟
يرد الامام موسى الصدر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان على هذا السؤال بصراحة كاملة.
-الحقيقة إن هذا غير وارد اطلاقاً في مذهب الشيعة، بل إن الامام عليّ نفسه قد منع أصحابه منعاً قاطعاً حينما رآهم يسبون معاوية وجيشه في حرب صفين.
*ما زال الحديث متصلاً بيني وبين الامام موسى الصدر.. وهو يفيض في الحديث بغزارة عن المذهب الشيعي تأصيلاً وتفريعاً. وانتقل الحديث بنا الى الفقه الشيعي أو المذهب الجعفري. ما مصادره وما تعاليمه؟
يقول العالم الاسلامي الشيعي اللبناني الكبير:
- يعتمد المسلمون في معرفة الاسلام وأحكامه وتعاليمه على كتاب اللَّه وسنة نبيه الكريم كمصدرين رئيسيين.
واعتمد جمهور المسلمين أيضاً على أقوال الصحابة كمصدر ثالث لمعرفة الشريعة الاسلامية.
وفي حكاية المصدر الثالث هذه يعود الشيعة فيختلفون مع باقي المسلمين..
إن الشيعة رغم احترامهم للصحابة لا يأخذون بأقوالهم إلا فيما تعلق بنصوص وردت على لسان النبي أو نص من الصحابة عن ضرورة إرجاع الأمر إليه أو اتباع واعتبار كلامه.
ولكن الشيعة يعتمدون على أقوال آل بيت رسول الله حيث أن الرسول قد دعا الى وجوب التمسك بهم واعتبار كلامهم.
وقد تمسك الشيعة بتعاليم أئمتهم وبما كانوا يسمعون يومياً من الامام أبي جعفر محمد الباقر والامام أبي عبد الله جعفر الصادق في هذه الفترة بالذات.
وقد ساعدتهم هذه التعاليم على إيجاد إطار معقول للتعاليم الدينية لا يشكل الاجتهاد من خلاله خطراً، ولذلك بقي باب الاجتهاد مفتوحاً عندهم.
ومن ناحية أخرى توفر لديهم (الشيعة) مجموعات كبيرة من النصوص صادرة عن الله نقلاً عن هؤلاء الأئمة من آل البيت.
وقد أثرى كل ذلك الفقه الشيعي وأغنى أصوله العقائدية. فقد أدى ذلك الى فتح باب التطوير والتجديد والحيوية للفقه.
وهذه نقطة خلاف أخرى بين الشيعة وبين بقية المسلمين. الفقه والامام المعصوم.
وهذا يقودنا الى نقطة جديدة هي المجتهد والمراجع.
والاجتهاد معناه الفهم الجديد والمتطور المستمد من النصوص الشرعية والمصادر الفقهية. وليس تشريعاً ولا وضعاً للقانون وليس أيضاً جموداً وإصراراً على الزمن السابق بحروفه.
ولكن الاجتهاد هذا أصبح أمراً عسيراً حيث اتسعت دائرة الفقه ومصادره وحالت الأحداث التي مرت على المكتبات وعلى الكتب بيننا وبين الينابيع الأصلية ودخلت صعوبات كثيرة بسبب الإهمال في حفظ الكتب عند البعض. وبسبب التزوير للأحاديث من قبل أعداء الاسلام وغير ذلك.
ومن جانب آخر أصبح الترابط بين الناحية الفقهية وبين النواحي الاجتماعية الأخرى حقيقة قائمة لا يمكن الفصل بينها.
هذه الصعوبات وأمثالها في الماضي جعلت الاجتهاد اختصاصاً نادراً في الأمة الاسلامية يتفرغ له نخبة من العلماء ويقضون كل عمرهم لا معظمه في الانكباب عليه.
وعلى المكلفين استشارتهم في أمور الشرع وأحكام الدين وأخذ نصائحهم وآرائهم، وقد أمر الأئمة في فترة "الغيبة" جميع أفراد الأمة بذلك، أي بوجوب اتباعهم والسير على هداهم فإن الرادّ عليهم كالرادّ على اللَّه.
المقصود بفترة "الغيبة"، تلك الفترة التي تعيش فيها الأمة دون وجود إمام بينها، هي إذن تكون في حالة انتظار لظهور إمام حسب ما ورد في الأحاديث المتواترة عن الرسول الكريم أنه قال "لو لم يبق من عمر الأرض إلا يوم واحد لظهر فيه رجل من أهل بيتي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً".
ذلك الرجل هو المهدي المنتظر، والفترة الحاضرة هي الفترة التي تسمى "بالغيبة الكبرى" والتي على المسلمين فيها اعتبار المجتهد هو المرجع الصالح للقيام بمهمات الإمام في الأمور الدينية شرط أن يكون ذلك المجتهد كما ورد في الحديث الشريف: "صائناً لنفسه حافظاً لدينه عاصياً لهواه مطيعاً لأمر مولاه".
وللمجتهد العادل وحده الحق في الإفتاء والقضاء في المسائل والأحكام الشرعية وله الحق في ممارسة الأمور الحسبية حسب الامكان.
المرجع الأعلى وكيفية اختياره
*اذا كنا قد عرفنا دور المجتهد، فما هو دور المرجع الأعلى؟
- إن استشارة المجتهد العادل في الأحكام الدينية هي مراجعة الانسان للمختصين... لأصحاب الاختصاص في تلك المسائل أو على حدّ التعبير القرآني "فاسألوا أهل الذكر" [النحل،43].
وحيثما كان المجتهدون مختلفين في الرأي وتمكن السائل من مراجعة أكثرهم تفقهاً تعيّن عليه ذلك.
وهذا هو المبدأ لاختيار المرجع الأعلى للمذهب الشيعي في العالم والذي يعتبر أفقه المجتهدين الأحياء.
*حسناً.. بعد أن عرفنا كيفية اختيار المرجع الأعلى للمذهب الشيعي.. من هو المرجع الشيعي الأعلى في العالم اليوم؟
- هو السيد محسن الحكيم، الذي يعيش في النجف الأشرف في العراق بجوار مزار الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. وله من العمر 68 عاماً وهو من ذرية الامام الحسن السبط ومن فرع طباطبا المنسوب الى ابراهيم الذي ينتسب أيضاً من جانب الأم الى الامام الحسين.
*ما الدور الذي يقوم به المرجع الأكبر؟
- يمارس أعماله الجسام القيادية في مجال المذهب الشيعي علاوة على إدارته لأكبر جامعة دينية وأسبقها وهي تلك الموجودة في النجف ويقوم أيضاً بتأليف وتدريس وتثقيف واستقبال المراجعين للمذهب.
وللسيد الحكيم مؤلفات كثيرة أهمها كتاب "مستمسك العروة الوثقى" في الفقه الاستدلالي ويقع في اثني عشر مجلداً.
*ما هي العلاقة بين جامعة النجف وجامعة الأزهر؟
- في جامعة النجف كبار المجتهدين والاختصاصيين في مختلف حقول العلوم الاسلامية والآداب العربية، وقد قامت بدور تاريخي كبير في المحافظة على الفقه والعلوم الاسلامية واللغة العربية.
وقد بدأ التفاعل بين النجف وبين جامعة الأزهر يتسع وينمو ويعتمد على قواعد متينة في سبيل تحقيق الأماني التي يحلم بها المسلمون جميعاً في جميع أرجاء العالم.
ولكن.. إن هذا التفاعل المطلوب لا يعني أبداً التنكر للتراث المذهبي والعودة الى الجمود الفكري أمام الأحكام الغيبية.
ولكن المطلوب هو الحوار وتبادل التجارب والأساس لهذا وجود الاحترام والثقة بين الأطراف بعيداً عن المساومات والتحديات العدائية لكي ينعكس هذا التفاعل على الأمة وترتفع موانع وحدتها في الأهداف وفي المسلك.. كما أن المطلوب أيضاً هو توحيد الشعائر الدينية والمظاهر في أقطار العالم الاسلامي كالأعياد وصيغة الأذان ومظاهر الجماعة وبعض مناسك الحج.
واستطرد الامام موسى الصدر يقول:
ولقد قدمت رسالة خاصة بهذا الصدد الى مجمع البحوث الاسلامية عندما حضرت اجتماعاته الأخيرة في القاهرة مع تمنياتي وأملي بالتوفيق لأن في توحيد تلك الشعائر ما يؤثر على عامة المسلمين ولا شك.
المذهب الشيعي والشيعة.. بالأرقام
يتجاوز عدد الشيعة في العالم الاسلامي ثمانين مليون مسلم.. منهم اثنا عشر مليوناً في العالم العربي تقريباً يعيشون في العراق ولبنان واليمن والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وسوريا ومنطقة الخليج وبعض القبائل في السودان والجزائر والجمهورية العربية المتحدة.
وخارج العالم العربي يقيم الشيعة في تركيا والاتحاد السوفياتي وايران وباكستان والهند والصين واندونيسيا والصومال. وللشيعة في أقطار العالم المختلفة ألوف من المؤسسات الثقافية والمكتبات العامة وكذلك الجامعات والجمعيات وهناك بعوث ووفود في أوروبا وآسيا الشمالية وأميركا وأرجاء افريقيا.
وقد استطاع أحد علماء الشيعة الكبار هو الشيخ آقا برزك الطهراني الذي عاش بالنجف وتوفي فيه عام 1389 - 1970، استطاع الشيخ آقا أن يجمع مؤلفات الشيعة في كتاب كبير واحد باسم "الذريعة الى تصانيف الشيعة" في عشرين مجلداً ويحتوي على عشرات الألوف من الكتب والرسائل.
كما استطاع عالم جليل آخر هو السيد محسن الأمين العاملي الذي عاش في دمشق أن يؤلف كتاباً يضم تراجم لرجالات الشيعة في حقل الدين والأدب باسم "أعيان الشيعة" ويقع ذلك السفر الكبير في سبعة وأربعين مجلداً تقريباً.
وكذلك يمكن بمطالعة كتاب: (تأسيس الشيعة الكرام لفنون الاسلام) للسيد حسن الصدر العاملي أن نرى مجهوداً للكثيرين من رجال الشيعة الآخرين في ميدان الدين والأدب.
الشيعة في لبنان
ويعيش الشيعة في لبنان منذ فجر الاسلام وقبل أي بلد إسلامي آخر فيما عدا مدينة الرسول بالحجاز.
ويرجع السبب في انتشار الشيعة في لبنان وسوريا الى أن حَمَلَة الدعوة الاسلامية في تلك المنطقة كانوا من الشيعة أمثال أبي ذر الغفاري، كما أن منطقة الشامات كانت منفى لكبار الصحابة والتابعين الذين كانوا يمارسون النقد العنيف ضد الخلفاء وحكامهم وأكثر هؤلاء كانوا من الشيعة مثل مالك الأشتر وحجر بن عدي وعمرو بن حمق وغيرهم. وقد قُتِلَ الأخيران في الشام ودُفِنَا مع رفاقهما هناك.
ثم كانت واقعة صفين التاريخية المشهورة، وبعد ذلك جاءت مأساة قتل الحسين أبي الشهداء.
ثم جاء حكم الحمدانيين وبني عمار فسجل عهداً ذهبياً في المنطقة كلها للشيعة، أعقبته سبعة قرون من الاضطهاد والتشريد والحرق والقتل.
ويبلغ عدد الشيعة في لبنان حوالي ستمئة وخمسة وأربعين ألفاً وفي المهاجر اللبنانية في أميركا الجنوبية والشمالية وافريقيا الغربية وليبيا والخليج واستراليا وغيرها عدد يتراوح ما بين مئة وخمسين ألفاً ومئتي ألف.
والمناطق التي يتركز فيها الشيعة في لبنان هي الجنوب والبقاع وبيروت وبعض مناطق الشمال.
والمعروف أن تقاليد الحكم في لبنان تنص على أن يكون رئيس مجلس النواب مسلماً شيعياً وحسب القانون أيضاً يمثل الشيعة في البرلمان تسعة عشر نائباً من تسع وتسعين.
وهذه النسبة 19/99 أي حوالي عشرين في المائة هي حقوق طبيعية للشيعة في الوزارة والوظائف الحكومية وفي مختلف مرافق الحياة العامة..
وفي جميع مناطق تركيز الشيعة تنتشر المساجد والنوادي الثقافية التي تسمى بالنوادي "الحسينية".
وللشيعة ثمانون رجل دين من العلماء ولهم محاكم شرعية جعفرية ابتدائية واستئنافية يضمها مع المحاكم الشرعية السنية مجلس القضاء الاسلامي.
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان
الحديث مازال متصلاً، والسيد موسى الصدر يسهب في الاجابة على كل أسئلتي عن الشيعة.. حتى يستطيع القارئ العربي أن يلمّ تفصيلاً بهذا المذهب الكبير الذي أدى أنصاره دوراً بارزاً خطيراً على طول مراحل التاريخ الاسلامي.
وكان طبيعياً أن ينتقل بنا الحديث بعد هذه الالمامة الواسعة عن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان. وهو المجلس الذي يرأسه السيد موسى الصدر الذي مثّل المجلس لأول مرة في اجتماعات المؤتمر الخامس لمجمع البحوث الاسلامية في القاهرة.
*فما هي قصة ذلك المجلس..؟
- قبل أن نتحدث عن المجلس لا بد من فكرة سريعة عن الطوائف الدينية في لبنان ومجالسها•
إن في لبنان ست عشرة طائفة دينية لكل طائفة مجلس ينظم شؤونها الدينية ويدير أوقافها الخيرية ومؤسساتها الاجتماعية، والباعث الحقيقي على تشكيل هذه المجالس والتنظيمات في لبنان هو ثلاثة أمور:
أولاً: تنظيم الشؤون الدينية والمعابد والأوقاف، ومثل تلك الأمور لا يمكن للحكومة القيام بها لكثرة الطوائف ولوجود الحساسية البالغة بشأنها.
ثانياً: إن النظام اللبناني القائم هو في الحقيقة نظام قائم على أساس تحالف بين الفئات اللبنانية المسماة بالطوائف، وعلى أساس التقسيم والمشاركة النسبية في الحقوق والواجبات.
ثالثاً: ان الطوائف اللبنانية تساهم مساهمة فعالة في تأمين المصالح العامة كخدمات التعليم والصحة.
وبالنسبة للشيعة فإن نسبة عدد الطلاب في المدارس فقط عام 67 - 68 كان يتوزّع بين المدارس الخاصة والمدارس العامة كالآتي: 64 الى 36، علماً بأن أغلب المدارس الخاصة هي المدارس الطائفية.
والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى هو أحدث المجالس الطائفية الستة عش.. إذ إنه تأسس بموجب قانون صادر عن مجلس النواب اللبناني عام 1967 ونفذ في مايو 1968.
أهداف المجلس
مهمته كمهمة سائر المجالس الطائفية الدينية كما أوضحنا من قبل.
والهيئة الشرعية المؤلفة من إثني عشر عالماً دينياً منتخباً من مجموعة علماء الدين في لبنان تشرف على جميع القوانين التي تمتُ بصلة إلى المسائل الدينية وتشرف أيضاً على قوانين الأحوال الشخصية بصورة خاصة. وهي ترعى التوجيه الديني في كافة المناطق وتقوم بتعليم الدين بالصورة المتطورة في المدارس وتشرف على الارشاد الديني في المهاجر اللبنانية والجامعات وفي النوادي ووسائل الاعلام الرسمية. هذا ما عدا مسؤولياتها المشتركة حول تنظيم الأوقاف والسياسة الدينية العليا.
والهيئة التنفيذية المؤلفة من كافة نواب الشيعة في مجلس النواب ومن إثني عشر مثقفاً كبيراً من مختلف الخبرات القضائية والطبية والقانونية والهندسية والاعلامية والاجتماعية والادارية، مع لجانها المتعددة، تقوم بمختلف النشاطات لرفع مستوى أبناء المذهب في مختلف الحقول ابتداءً من مكافحة الأمية والتشرد ومروراً بتأسيس المستشفيات والمؤسسات الاجتماعية وتأييدها، الى صيانة حقوق أبناء المذهب، الى الوظائف والتكافؤ في الحقوق وفي الواجبات.
كل هذا ما عدا ممارستها لصلاحياتها التنفيذية.
*ما نصيب المرأة من نشاط المجلس؟
- المجلس يهتم بصورة خاصة بحقل المرأة المسلمة، ويعمل على تهيئتها الكاملة لمواجهة معركة الحياة الصعبة في اطار من التعاليم الاسلامية وذلك بتأسيس وتنشيط الحركات النسائية ومؤسساته.
الدور الاعلامي للمجلس...
وإدراكاً من المجلس لقضايا العالم العربي والاسلامي فإنه يقف موقفاً ايجابياً من مسألة الاعلام ويخصص لها مكاناً بارزاً في نشاطه، وذلك عن طريق المهاجرين اللبنانيين المنتشرين في أقطار العالم والذين يساهمون كسفراء غير رسميين في حقل العلاقات العامة والتحرك الاعلامي والدبلوماسي.
وبصورة خاصة يعتقد المجلس حسب الدراسات التي قدمها السيد موسى الصدر شخصياً في عام 1967 أن الجاليات اللبنانية في العالم وفي افريقيا تصلح أن تكون ثروة عربية كبيرة لخدمة قضايانا.
وقد بدأ المجلس بالفعل في توجيه وتنظيم حركة نشطة وعلنية لأجل توحيد جهود المسلمين على المستوى القومي اللبناني وعلى المستوى العالمي ووضع دراسة دقيقة حول تلك المسألة والمأمول كثيراً أن ينجح المجلس في تحقيق تلك الرسالة الكبرى ويتمكن من أداء دور أساسي لتحقيقها.
*والآن ما هي نتائج زيارة الامام موسى الصدر للقاهرة أثناء اجتماعات جلسات مجمع البحوث الاسلامية؟.. يجيب على السؤال بقوله:
- لقد زاد الأمل بصورة مباشرة وبأضعاف ما كنا نعمل لتحقيقه قبل انعقاد مجمع البحوث الاسلامية. لقد وجدت تفتحاً بين الجميع والمسؤولين الكبار لخدمة الاسلام.
ولن أنسى مطلقاً ما لمسته خلال مقابلتي للسيد الرئيس جمال عبد الناصر من اهتمامه بلبنان تماماً كاهتمامه بمصر وبكل قطر عربي وأنه متفهم لقضاياه كل التفهم وهذا ما يجعلنا نؤمن بأن النصر سيكون حليف الأمة العربية بإذن اللَّه.
*ما هي المسألة الرئيسية التي تشغل بال المجلس الاسلامي الأعلى للشيعة؟
- مشكلة جنوب لبنان... وبخاصة بعد أن حاولت اسرائيل احتلال جزء من هذا الجنوب فتصدى لها الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية بمساندة لبنان والدول العربية حتى اضطرت القوات الاسرائيلية الى الانسحاب بعد تكبدها خسائر فادحة وقد أثبت أهل الجنوب بذلك تمسكهم بأرضهم والصمود مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
- والمشكلة مع اسرائيل تتلخص في الاعتداءات المتكررة والاطماع الصهيونية في الجنوب استراتيجياً، وفي منابع المياه بالأرض المحتلة... والصهيونية تتخذ من الحركات الفلسطينية الفدائية ذريعة لتحضير الرأي العام الغربي لتحقيق هذه المطامع.
إن لبنان لا يمكن أن يكون بوليساً لحماية الحدود اللبنانية.. كما أن لبنان لا يمكنه التخلي عن واجباته في المشاركة لتحرير فلسطين ووضع حد للطغيان الاسرائيلي واعتداءاته.. ولذلك فإسرائيل هي عدو لبنان الأول.
هذه هي المبادئ التي تصدر عنها قرارات المجلس الأعلى.
*ما هي الخطوات الايجابية التي قمتم بها؟..
- حاولنا تنظيم التعاون بين المنظمات الفلسطينية وبين القوات اللبنانية (المقصود الجيش اللبناني) لتنفيذ اتفاقية القاهرة وتحضير منطقة الجنوب شعبياً ودفاعياً.
دور المجلس في الدعوة الاسلامية..
1- الاسلام يرفض الرهبانية وفتح الباب أمام الانسان ليبتغي فيما أتاه الله الدار الآخرة وأن يعبد اللَّه في عمله وعشيرته وحياته الخاصة، وفسر الاسلام الزهد بألا يملك الانسانَ شيء ... لا أن يملك الانسان شيئاً.
ولا يمكن لدعوة أن تنجح وهي تتجاهل وضع الانسان الحياتي.
2- يجب التأكيد على النواحي الحضارية في الاسلام الى جانب التعاليم الفقهية والأخلاقية.
3- يجب الانتباه لمشاكل الشباب والشابات صانعي المستقبل. وضرورة عرض الاسلام لهم كمنهج لبناء مجتمع أفضل يتصف بالكفاية والعدل والنمو الشامل.
4- لا تجاهل لوضع المرأة والاهتمام بها واعطاؤها دورها ولا بد من تقليل التحفظات ومن الاحتياط في ممارستها شؤون الدعوة الإسلامية.
5- رفع التكلف بين الداعي الى الاسلام وبين الناس حتى يتمكنوا من طرح كل سؤال.
وبعد...
فمنذ ثلاثين عاماً أسس عالم مجاهد من علماء الشيعة الأبرار هو الشيخ محمد تقي القمي بالتعاون مع بعض كبار علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد المجيد سليم.. أسسوا دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في القاهرة وقد لاقت الدار منذ تأسيسها صعوبات وعراقيل حينما كانت تعرّف المسلمين بعضهم ببعض في مجلتها رسالة الاسلام.
ولكن اليوم يرى المراقب في القاهرة تفتحاً يبشر بأن تلك العراقيل في طريقها للزوال•
وأمام المؤسسات الدينية في القاهرة، عدا موسوعة عبد الناصر للفقه التي هي أضخم دراسة للفقه المقارن، مشروع آخر.. وهو جمع ما رواه المسلمون متفقين عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لأجل وضع خطوة عميقة لتوحيد السنة وتجسيد التقارب الفقهي. هذه الخطوات والأنشطة الاسلامية الواسعة التي تقوم بها وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر في مختلف الشؤون الحضارية الاسلامية والتحرك المفتوح والمنظم الذي بدأ في منظمات الشبان المسلمين طلائع خير وبشائر صادقة للمستقبل المجيد.
وانتهى حديثي مع الامام موسى الصدر.. وما زال في القلب اشتياق أكثر لمعرفة الكثير من كنوز المعرفة عن الشيعة والمذهب الشيعي الذي لعب دوراً خطيراً هاماً في إثراء الدين الاسلامي على طول مراحل التاريخ.
وإلى اللقاء مرة أخرى على صفحات روز اليوسف وفي المؤتمر القادم للبحوث الاسلامية.

source