رسالة حركة المحرومين

calendar icon 09 أيلول 1977 الكاتب:موسى الصدر
*لبنان بأحداثه يكاد يجعل المنطقة والعالم أمام مفترق.
*رؤيتنا تكشف مدى خطورة المستقبل وإمكانية انفجاره مع أول خطأ.
*اللبنانيون لا يزالون هم عناصر الفتنة.
*ترفع اللبنانيين الى مستوى المسؤولية يمكّنهم من إيقاف الأزمة.
*كل المواطنين يملكون المبادرة اذا أرادوا.
*إن وصول الجيش الى الحدود بداية لعمل شاق وطويل وليس نهاية الأحداث.
*إن رسالة الحركة هي رسالة تغييرية، تعتمد على تغيير القيم والالتزام وليست في أن يكون أبناؤها فئة سياسية تعتمد الوسائل التقليدية الزعامية والحزبية لمكاسب خاصة بها.


قال سماحة الامام السيد موسى الصدر إن لبنان بأحداثه الأخيرة يكاد يجعل المنطقة والعالم أمام مفترق.

وأعلن الامام أنه متفائل بدخول الجيش اللبناني الى الجنوب مع حلول عيد الفطر السعيد.
وقد جاء ذلك في حديث أجرته "أمل ورسالة" مع سماحة الامام وجهت خلاله خمسة أسئلة أجاب عليها سماحته على الشكل التالي:

*هل لكم من كلمة توجهونها للمواطنين على صفحات "أمل ورسالة" بمناسبة انتهاء شهر رمضان المبارك؟
- ان شهر رمضان المبارك بما لصيامه من آثار عظيمة في حياة الانسان وإعادة بناء ذاته، وبما له من ذكريات تاريخية هي من مقارنات هذا الشهر، بل من آثار صيام الفرد وصيام الأمة فيه، وبخاصة بما لنزول القرآن في هذا الشهر من معانٍ وعِبَر منها معنى القدر ولياليه.

إن شهر رمضان، لهذه الأسباب هو أشبه بدورة سنوية أقره الاسلام لأبنائه لإعادة بنائهم ولتوفير الصبر وقوة الارادة وتحسسهم أمام المعذبين فيه.

ولذلك فإني أتمنى على الإخوة المؤمنين ما يتمنى الإنسان للطالب بعد التفرغ من سنته أو دورته، وأرجو أن يعتبروا أنفسهم في نهاية رمضان مهيئين لمواجهة الحياة العادية بإرادة واحساس ورؤية استثنائية توفرت لهم في هذه الدورة.

والحقيقة أن حياتنا في لبنان على صعيد شخصي ووطني وقومي لم تعد حياة عادية، بل لم تمر على لبنان وعلى المنطقة فترة تكون الحياة بأبعادها ونتائجها ذات دقة وتفاعل في التاريخ وفي الجغرافيا كما نراها في هذه الفترة.

إن لبنان بأحداثه الأخيرة يكاد يجعل المنطقة والعالم أمام مفترق، فإما صمود الانسانية والحضارة الانسانية وإما الصراعات الفئوية والنزاعات المذهبية وتحكّم الغرائز بصبغة دينية وانهيار الانسان وحضارته. والمعروف أن اسرائيل تقود التيار الثاني بجدارة لا مثيل لها.

ورغم عدم التكافؤ بين القوى المحبذة لهذه الجبهة وبين عناصر الطرفين، إلا أن اللبنانيين لا يزالون هم عناصر الفتنة، ومع الانتباه والترفع الى مستوى المسؤولية يتمكنون من ايقاف الأزمة رغم تسلط العدو على الموقف وغياب العرب عن الصراع.

إن المواطنين، كل المواطنين يملكون المبادرة، إذا أرادوا لإخراج وطنهم ومستقبل أجيالهم من اللعبة، ولمنع تسرب الفتنة الى المنطقة كلها.

إن دروس رمضان والرصيد الذي يوفره للناس، والمناخ الذي يكونه في الآفاق والأنفس تساعد وتساند كل فرد منا من أجل القيام بدور الانقاذ.

رؤيتنا الواضحة، اليوم، من خلال تقييم رمضاني للأحداث تكشف مدى خطورة المستقبل وإمكانية انفجاره مع أول خطأ أو عمد.

وتكشف أيضاً مدى ضرورة الانتباه وعدم الانجراف مع الشائعات ومع ردود الفعل ومع الأعمال الارتجالية.

ولا شك أن النية الصادقة التي نكسبها في رمضان تضاعف أثر الدقة في السلوك المنسق وفي الانضباط المطلوب في مثل هذه الأجواء الحساسة.

*في هذه الأيام المباركة، هل من خبر نزفّه للمواطنين الكرام عما تنوون البدء به في مؤسسة "سويسرا الشرق - خلدة" قريباً؟
- إن هذه المؤسسة تصلح لأن تكون مستشفى يحتوي على مئتي سرير تقريباً، كما أنها تصلح لأن تكون مؤسسة مهنية للأعمال الخاصة بالمستشفى مثل التمريض، والمختبر والأشعة وشؤون الضيافة (الفندقية).

وقد كلف الاختصاصيون لدراسة المكان ومعرفة صلاحيته لأحد الهدفين الضروريين واللذين يكمل أحدهما الآخر.

وفي تصورنا أن نهاية هذا الشهر يحمل البت بالأمر والشروع بالتعديلات على البناء الذي تعرض قبل شرائنا له لحملة النهب والتخريب.

*مبرة الامام الخوئي في بيروت، دار الأيتام في الهرمل، وصور (وطرابلس والنبطية قريباً) والمستشفى الميداني - ومدرسة التمريض - هل لكم أن تحدثونا عنها، وعما تنوون العمل قريباً في اطار الخدمات الاجتماعية؟
- إن سماحة الامام المرجع قد تعهد بنفقات إيواء ستمئة وثلاثين يتيماً (630) بصورة عاجلة، ريثما نتمكن من بناء ميتم قرر سماحته أن يأوي ألف يتيم.

وقد آوينا في المؤسسة المهنية في صور وفي بيروت والهرمل حوالي أربعمئة طفل ونسعى لإيصال العدد الى ستمئة وثلاثين في بعض مناطق الجنوب والشمال.

وهناك دراسة تفصيلية عن وضع الأيتام في لبنان قيد الدرس قد يؤدي اكمالها الى بعض التعديلات في المشروع العام.

وهناك تجربة عالمية لإيواء الأيتام ورعايتهم في بيوتهم ندرس امكانية تطبيقها في لبنان.

أما الخدمات الاجتماعية، فإن حاجة المواطنين ومأساتنا الكبرى تجعلان كل سعي في سبيلها دون مستوى الحاجات المطلوبة. نرجو أن نتحدث خلال الأعمال وتتحدث "أمل ورسالة" في ريبورتاجات ميدانية...

*بنظركم، سماحة الامام، هل ستكتمل فرحة الجنوبيين بعيد الفطر المبارك بانتهاء الأحداث في منطقة الجنوب ودخول القوات اللبنانية إليها؟
- إن معلومات الدولة مثل انطباع السلطات السورية تؤكد قرب وصول الجيش اللبناني الى الحدود الجنوبية وتتحدث عن الإيجابية الكاملة لدى الفلسطينيين.

وعرفت أن الضغوط المطلوبة من الولايات المتحدة الأميركية على اسرائيل من أجل وقف القصف وتسهيل مهمة الجيش اللبناني، تتجه نحو النجاح.

ومع ذلك فالعدو أمام فرصة لا يمكن التأكد من أنه يتنازل عنها، ولذلك فإن السعي نحو الوفاق الوطني وكشف المداخلات الاسرائيلية وإبعاد الفتنة التي تستعملها اسرائيل على الساحة هو الحل المفضل.

إن وصول الجيش الى الحدود بداية لعمل شاق وطويل وليس نهاية لأحداث، ونرجو أن يعيد بعض ما فقده الجنوب الحبيب خلال المحنة. نسأل الله التوفيق ونتفاءل بحلول عيد الفطر السعيد.

*هل من كلمة توجهونها لشباب حركة المحرومين؟
- إن رسالة الحركة، كما هو مذكور في الميثاق، ليست أن يكون أبناؤها فئة سياسية في الجنوب تختار المسالك والوسائل التقليدية، الزعامية والحزبية لمكاسب خاصة بها. إنها رسالة تغييرية تعتمد في المرحلة الأولى على تغيير القيم والالتزام، ولذلك فهي تعتبر نفسها في خدمة جميع المؤمنين دون فرق في طائفتهم أو في انتمائهم السياسي.

ولعل مواجهة الأحداث والظروف بعد رمضان، لأول مرة بعد الحرب الأهلية، تجربة دقيقة أمام شباب حركة المحرومين.

والمطلوب، بإذن الله، أن يتحملوا بقوة الايمان وبزاد أخذوه من شهر رمضان مسؤولياتهم ويتابعوا إعادة بناء النفوس والعقول والمدن واثقين من عناية الله وتسديده لهم.
أمل ورسالة، صحيفة