إختتم مؤتمر "كلمة سواء" السادس بعنوان حوار الحضارات، أعماله أمس بعد ست جلسات من النقاس تناولت محاور الموضوع بشتى جوانبه وهي: "من الصدام الى الحوار" "الآخر في إطار حوار الحضارات" "الحوار الإسلامي- المسيحي في إطار حوار الحضارات" "الصراع العربي الإسرائيلي في إطار حوار الحضارات" "سبل ومعوقات حوار الحضارات " و"آفاق ومستقبل حوار الحضارات".
وفي ختام الجلسات، صدرعن المجتمعين بيان دعا إلى تنامي الحوار في كل دوائره على قاعدة إعادة تقييم واكتشاف الذات ورؤية الأشياء كما هي وإعادة اكتشاف جوهر النصوص الدينية، وشدد على إجراء الحوار بين الممثلين الحقيقيين لأصحاب العلاقة حيث أن الحل الوحيد لأختلاف الرؤية هو الحوار والأخذ برأي الأكثرية، ودعا الى المساواة بين أطراف الحوار والإعتراف بإختلافاتهم والإحترام المتبادل، إلى إدخال كل تجارب الحياة داخل مجال التأمل وأعمال العقل في تحليل الأسباب التي زيفت وتزيف التواصل بين الحضارات.
وأصدر المؤتمر التوصيات الآتية:
1. إذ يتقدم المشاركون في المؤتمر بالشكر على كافة الجهود المخلصة والمبذولة في كل من لبنان وإيران وسائر بلدان العالم، ويثمنون بكل إعتزاز واعتداد بالنفس دعم زعماء بعض الدول، يدعونهم لتنسيق جهودهم والضغط على السلطات الليبية للإفراج عن الإمام ورفيقيه وتحميلها كافة التبعات الأخلاقية والمادية، كما يعلن المشاركون رفضهم لأي شكل من أشكال المفاوضات لا يؤول في النهاية الى تحرير الإمام موسى الصدر ورفيقيه وإعادتهما.
2. بناء على دعم المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي للمواقف والقضايا المدرجة في البيان الختامي للمؤتمر الخامس فإن أي إجراء يتخذ لتحرير الإمام موسى الصدر ورفيقيه وإعادتهما يعد واجباً شرعياً.
3. يطالب المؤتمر هيئة المتابعة بمضاعفة جهودها وتنفيذ وعودها كما جاءت في بيان الهيئة الموجهة إلى المؤتمر. وذلك بوضع جدول عمل واضح لكيفية تحرك الهيئة، بما في ذلك توسيع دائرة إتصالاتها لنقل القضية الى كافة المراجع والمحافل والمحاكم المحلية والعربية والدولية.
4. يطالب المشاركون في المؤتمر وبقوة المعنيين بالإسراع في البت في الدعاوي المسجلة على النظام الليبي في المحاكم المختصة والهيئات الدولية المعتمدة.
5. وبأخذ الظروف المستجدة بنظر الإعتبار يتقدم المؤتمرون بدعون المسؤولين في لبنان وإيران وكذلك شعوبها وسائر المهتمين بتحرير الإمام الصدر في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا، إلى الضغط على الحكومات والأوساط الدولية وملاحقة الدعاوى المطروحة على الهيئات الدولية بما فيها منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان، ودعم مسألة تدويل قضية الإمام الصدر ورفيقيه.
6. وإذ يطالب المشاركون في المؤتمر السلطات اللبنانية بحزم أمرها وبتصنيف القضية وما يتناسب مع حجمها الفعلي محلياً وقومياً وإنسانياً والتعاطي بجدية مع هذا التصنيف المرتجى رئيسياً في جدول أعمالها الدائم، يطالبونها بتقديم تقرير شاف عن الإجراءات المنجزة خلال السنة الماضية، ويعارضون أية موافقة على تشكيل أية لجان لإعادة النظر بحقائق وثوابت قرارات القضائين الإيطالي واللبناني والتي أخذت بها منظمة العفو الدولية.
7. في حين يؤكد المؤتمرون على المسؤولية المباشرة للنظام الليبي ومعمر القذافي بالذات أمام المحاكم الإيطالية واللبنانية، يعتبرون إختطاف الإمام موسى الصدر ورفيقيه وتغييبهم أحد أبرز مصاديق الإجراءات الإرهابية التي تجاوزت تأثيراتها ومضاعفاتها الحدود الإقليمية إلى النطاق الإسلامي.
8. دعوة الأمناء والقيمين بالتداعي لإقرار آلية تحرك تطلق الطاقات الحبيسة والتواقة إلى فك أسر الإمام ورفيقيه بالسبل المتناسبة مع فظاعة الجريمة.
فرنجية
وكان المؤتمر قد واصل أعماله أمس وعقد أربع جلسات تحدث في الجلسة الأولى سمير فرنجية مشدداً على أهمية الحوار الإسلامي- المسيحي في مواجهة مختلف مظاهر الأصولية ومشيراً إلى أن البعض يعتبر أن الأصولية تعني العودة إلى الأصول في مواجهة ما هو قائم وإنها بالتالي حالة رفضية تتميز عن غيرها بأنها تعتمد على الماضي في مواجهة الحاضر في حين أن الحركات اليسارية مثلاً توظف المستقبل لتخطي الحاضر.
وقال: إن هذا الوصف للأصولية وصف قديم لا يساعد على فهم هذه المظاهر، إنه مجرد محاولة لإجاد أسس عقلانية لحالة هي، بطبيعتها، مناقضة للعقلانية، وأوضح أن المنطق الأصولي هو في جوهره منطق بدائي ينطلق من غريزة موجودة عند جميع الكائنات الحية تدفعها الى اعتبار التمايز والمغايرة، والإختلاف مصدر خطر على وجودها. وأكد أن مواجهة الأصولية الكامنة في كل النفوس تكمن في العودة إلى الدين بما هو فلسفة لفهم الذات والآخر، لافتاً إلى أن الدين براء من محاولات الإختزال التي يتعرض لها هنا وهناك والتي تهدف الى توظيف إيمان الناس في خدمة مصالح خاصة.
شلق
ثم كانت مداخلة للوزير السابق الفضل شلق فلفت إلى أن العولمة وهم وأن حوار الحضارات وصراعها وهم أكبر وأن الحقيقة الوحيدة التي يجب التصدي لها هي تفوق الغرب وإن هذا التفوق ليس مسألة تقنية بل هو حصيلة تفوق القيم خاصة الأخلاقية منها، معتبراً أن مقولة العولمة ساهمت في تعميق مواقف المواجهة بيننا وبين الغرب بل بيننا وبين العالم وفي إختزال رؤيتنا للعالم تحت عنوان المواجهة ولم نعتبرها شأناً متعدد الإحتمالات فكان خيارنا أن نحشر أنفسنا في الزاوية بحجة المؤامرة ضدنا.
ورأى شلق أن عولمة النظام العالمي قد بدأت منذ 11 أيلول فالولايات المتحدة لا تترك للآخرين إلا خيار "المع" أو "الضد" والذين "مع" يتلقون التعليمات للتنفيذ، أما الذين "ضد" فيحكم عليهم بالدمار.
ولفت شلق إلى أن حضارتنا على مدى التاريخ مزيج من حضارات أخرى، وهذا هو سر عظمتها، وقد تخلينا حاضراً عن عظمة هذا التركيب الثقافي لننساق وراء مقولات وضعها دارسون غربيون عن الذاتية والمغايرة التفرد والخصوصية وهؤلاء ليسوا بعيدين عن مراكز البحث الإستراتيجي في بلادهم وقال: إن الصراع بين الحضارات، حين يوجد لا يكون صراعاً حضارياً أو ثقافياً إلا للتبرير الإيديولوجي، لتبرير أفعال سياسية وسياسات عسكرية ومنافسات إقتصادية تستخدم مطية كما يستخدم الطائفيون في لبنان الدين مطية لغايات مباشرة.
وأكد أن الغربيين يستخدمون مقولة صراع، أو حوار حضارات لأغراض سياسية فهم يتعاطون بالصراع بوجهيه الثقافي والسياسي في آن معاً. وقال أن مقولة صراع الحضارات تستغل الهاجس الديني عندنا فنستجيب لها بلهفة وننتهي إلى أن نكون نحن من يشن صراع الحضارات في حين يمارس غيرنا صراع السياسات ونبقى نحن نسعى وراء المستحيل في حين يمارس غيرنا فن الممكن.
رعد
في الجلسة الرابعة تحدث النائب محمد رعد عن الصراع العربي- الإسرائلي فقال: إن الولايات المتحدة الأميركية التي وصلت الى ذروة التفوق والإستقطاب الدولي وخصوصاً بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي تكشف في ما تمارسه اليوم من سياسات عدوانية تجاه شعوب العالم الإسلامي والعربي عن هشاشة بنيانها الحضارة، وليس إستخدام القوة بهذا الحجم المفرط ألا الدليل الأوضح على حجم الضعف بل الإفلاس الحضاري إن القوى على المستوى الحضاري لا يمكن أن يمارس ظلماً بهذا الإفتضاح.
وقال: إن الرأسمالية المتوحشة وتفاقم روح الإستغلال والعلو في الأرض أوصل المتسلطين هناك الى مرحلة الذروة حيث يبدأ بعدها السقوط. وافتعال الصدام الحضاري لا يمكن أن يبرره إلا مستوى الفساد والإستبداد وتدني المستوى الإنساني داخل المجتمع الأميركي.
ورأى أن التصادم الحضاري أمر سهل وغير معقد، ويقدم عليه المفلسون(...) أما الحوار الحضاري فهو أمر صعب لا يستطعه إلا حرّ وائق بنفسه معترف بالآخر، إنساني مترفع عن غايات شخصية أو فئوية، متطلّع إلى توسيع مساحات الإلتقاء ومواطن المصالح المشتركة.
وإذا لم تتوفر هذه المقومات فعبثاً ننشد حواراً الحضارياً وعبثاً تستمر الحوارات.
ثم كانت مداخلة للباحث في شؤون الصراع العربي- الصهيوني نافذ أبو حسنة فعرض لمراحل هذا الصراع عبر التاريخ. كما كانت مداخلة لوليد نويهض أوجز فيها الحروب العربية- الإسرائيلية والجرائم الصهيونية التي أرتكبت بحق الفلسطينيين واللبنانيين ومعظم العرب، لافتاً الى قفز إسرائيل فوق القرارات الدولية ومخالفتها وعدم التقيد بها وتنفيذها.
والجلسة الأخيرة كانت بعنوان "سبل ومعوقات حوار التضامن" رئيسها محمد السماك، وحاضر فيها كل من الدكتور برهان غليون والدكتور وجيه قانصو والدكتور محمد رضا حسيني بهشتي، وركزت المحاضرات على ضرورة الإستفادة من الفرص الحوارية.
