وقف وعلى كتفيه عباءة مغبرة، وعلى رأسه عمامة أضحى لونها باهتًا من كثرة اللمس. وقف ينتظر سكوت الرصاص ودوي الانفجارات وطال انتظاره فخاطب الحشود: "وفِّروا الرصاص للأعداء الذين على الحدود، الأعداء ليسوا هنا". صور المدينة والناس، استقبلا الإمام الصدر في مهرجان صاخب تدفقت عليه الحشود من كل حدب وصوب في الخامس من أيار من سنة 1974، خاطب فيه الإمام الدولة لتحمُّل مسؤولياتها. وهذا نص المهرجان كاملًا:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة المؤمنون،
أيها الأخوات والإخوة،
أيها الأبطال،
يا أبناء الجنوب الصامد، يا أبناء من هاجر اليوم، وزحف إلى أرض المعركة، لكي يؤكد وقوفه مع أبناء هذه المنطقة في ساعة المحنة، ساعة المحنة مع العدو، وساعة المحنة مع ذوي القربى وظلمه أشد وآلم.
أيها الإخوة الأعزاء،
نحتفل اليوم بذكرى فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، بضعة من رسول الله وبضعة من الإسلام، والمجاهدة الشهيدة في سبيل الحق والإيمان. وقد بلغت فاطمة هذا الشأن، لا لأنها بنت رسول الله، بل لأنها عملت، وجاهدت، وتحملت في سبيل الحق ما تحملت. وقد قال عنها أبوها رسول الله: يا فاطمة، اعملي لنفسك، فإني لا أغني عنك من الله شيئًا. إذًا، بلوغ فاطمة هذا الشأن الكبير لأجل عملها، وسعيها، لا لأجل أنها بنت الرسول. وهذا هو منطق الحق، ومنطق الإسلام، ومنطق القرآن حيث يقول: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ [النجم، 39]. فكل انتساب، وكل ارتباط، وكل شيء لا يعود إلى عمل الإنسان فهو باطل، لا امتياز ولا تمييز بين البشر، كلكم لآدم وآدم من تراب: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ [الحجرات، 13].
ذكرى فاطمة ذكرى العمل والبطولة والجهاد، وقد وقعت هذه السنة بين عيد العمال وبين عيد الشهداء، تأكيدًا في هذه السنة بالذات، أن الإنسان لا يمكن أن يحفظ كراماته ولا حرمه ولا عرضه ولا مقدسات دينه إلا بالعمل، وفي النهاية بالشهادة.
أولئك الذين يفكرون بأن الوطن يُحفظ بالصالونات أو بالتصريحات أو بالوعود أو بالاجتماعات في القصور، أولئك الذين يفكرون أن الحدود تُحفظ بالوعود وبالكلمات، وأن الكرامات تُصان بالألفاظ والاجتماعات، تكذبهم فاطمة ويكذبهم محمد ويقول: يا فاطمة، اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئًا. الوطن يُحفظ بالجهاد. الكرامات تُحفظ بالشهادة. الشأن والازدهار، والراحة تحصل من الشقاء وتحمل المشاق.
اجتمعنا اليوم، في مدينة صور، كل الناس في الشمس، أنا تحت الظل؟ غير معقول. خلِّه لغيرنا.
خلِّ الراحة للتنابل والكسالى، نحن... (ما بدنا قواص يا جماعة، ما بدنا قواص لأنه... طولوا بالكم اسمع يا حبيبي... اسمع، اسمع، اسمع) أمس طول الليل كان هناك مسامير ومؤمرات... عندما ترجعون سيُعتدى عليكم. خذوا الخراطيش للدفاع. هل فهمتم؟ لا تقوصوا، لا تقوصوا! حطوا الخراطيش، خلُّوا الرصاص! هذه المسامير أمس كانت في طريقكم. الشباب جمعوها في نصف الليل. طريق الجهاد شائك، ونحن لها بإذن الله. من أمس كان هناك مسامير واعتداءات وإطلاق نار على زجاج السيارات وكذب ودجل وتشويش وكل شيء لكن أنتم أتيتم. وها جمعكم يؤكد على أنكم تحررتم من عقدة الخوف، من عقدة الإقطاع، من عقدة سيطرة الأوهام. احفظوا رصاصكم، بعد أن ترجعوا لقراكم... عندما ترجعون لقراكم ممكن خفافيش الليل الجبناء، التي لا تقدر أن تبرز في النهار، شرفوا أنا بينكم! قوصوني... (طولوا بالكم، طولوا بالكم)... العصابة المأجورة أجبن من أن تقوِّص في النهار. عندما أنتم ترجعون لقراكم في المساء ممكن أن تتعرضوا للاعتداء خففوا القواص، احفظوا كم رشقة لكم للعودة وللعدو، انتبهتم!
فإذًا، لا نريد (قواص) الآن... ثم أريد أن أخبركم شيئًا، هناك نوع من الرصاص يصوِّت، لا يقوص، للاحتفالات، يجب أن نستعمل هذا النوع مثل سويسرا. أما هذا الرصاص حرام، هذا يجب أن نتركه لصدر العدو، العدو الخارجي والعدو الداخلي.
أيها الإخوة،
ذكرى فاطمة الزهراء، ذكرى العمل والشهادة، ذكرى الشقاء في سبيل الله. ونحن أخذنا من فاطمة في هذا اليوم شفيعة لنا حتى نؤكد ونقول: يا فاطمة بنت رسول الله، يا رسول الله، يا ربنا نحن خرجنا عن الصغر، بلغنا النضج والقيمومة، لا نريد أوصياء، لا نريد أن نخاف، ولا نريد أن نطمع ولا نريد أن نظلم؛ تحررنا، رغم جميع الوسائل التي كانوا يستعملونها سابقًا حتى يمنعوا البشر من الثقافة، من العلم... رغم كل الوسائل اجتمعنا بأعداد هائلة، حتى نؤكد أنه لا وصاية. يا فاطمة نحن على دربك، نبدأ بالعمل وننتهي بالشهادة.
ويا صور، يا مدينة صور، أيتها المدينة البطلة، من هنا بدأنا، وقد كنتِ معنا أيام المحنة؛ الأيام التي كانت الأيادي الخفية تلعب، تتآمر، تتهم، تزوِّر، مدينة صور أضربت، ووقفت، وجاءت الحشود من كل مكان للدفاع عن الحق. أرادوها شرًّا، ولكن الله أرادها خيرًا. من ذلك اليوم بدأت المسيرة، من ذلك اليوم تأسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، من ذاك اليوم انقضت مضاجع الطغاة، فراحوا يتآمرون بشكل أو بآخر، وبدأنا في المسيرة.
تحية لبنان، تحية الشيعة، تحية المناطق، كلها إليك يا مدينة صور. وتحيتك، وتحيتنا جميعًا إلى أبناء الجنوب البواسل، أبناء مرجعيون، أبناء بنت جبيل، أبناء النبطية، أبناء الزهراني، أبناء صيدا، أبناء جزين الذين حضروا هذا المهرجان رغم الموانع والتشكيك والنشرات والبيانات.
وتحيتنا جميعًا من الجنوب الصامد، إلى أهل البقاع، أبناء بعلبك الهرمل، أولئك الذين اجتمعنا معهم قبل أربعين يومًا، بالسابع عشر من آذار، وحلفنا يمين الشرف على متابعة السير. وتركنا المجال للمسؤولين أن يبدأوا بتنفيذ المشاريع، وأن يتخذوا القرارات. ولكن آمالنا حتى الآن خابت، فما وجدنا إلا التمييع والتشكيك والإحراج.
ما وجدنا إلا مرور من هنا وهناك، لإجهاض المشاريع. فاضطُررنا لهذا المهرجان معهم، مع أبناء بعلبك الهرمل، مع أبناء بيروت، مع أبناء البقاع الغربي، مع أبناء الشمال. وإذا لم تلبونا، وإذا لم توافقوا على صيانة لبنان التي لا تحصل إلا بتخفيف الآلام عن هذا البلد، إذا لم تلبونا، نضطرَّ عند ذلك إلى التصعيد، إلى إقامة مهرجان كبير في قلب العاصمة، حتى تعرفوا أن حب لبنان والدفاع عن لبنان، بكل الوجود لا يقتصر على البقاع والجنوب، بل كل أبناء لبنان سالكون هذا الدرب.
أيها الإخوة الأعزاء،
لماذا هذه المهرجانات؟ لماذا هذه اللقاءات في هذا البلد. هذا البلد الذي مرَّ عليه السيد المسيح في التاريخ؛ هذا البلد الذي كان قلب جبل عامل في التاريخ؛ لماذا ونحن في أجواء السلام والعلم والثقافة والحضارة، ومصدر الأبجدية، لماذا نتحدث بصوت عنيف، وبلهجة قاسية؟ ما السبب؟
السبب! أنا أقول لكم! نحن تعلّمنا من الدين أن نعمل، وأن نفرض العمل على الحكومة. بلدنا ديمقراطي، بلدنا بلد حرية، بلدنا بلد الكرامات، حرية الكلمة، حرية الصوت، حرية القول، حرية التعبير. في هذا البلد مسؤوليتنا أن نتحدث بعد أن عملنا. يعني أول شيء نعمل. وأتصور أنتم تعلمون أنه نحن عملنا.
هذا البلد يشهد: المؤسسة المهنية، معهد الدراسات الإسلامية، بيت الفتاة، نوادٍ، مؤسسات، حسينيات، مساجد، مستوصفات، وفي كل مكان بذلنا الجهد قدر المستطاع. وكان المفروض أن نصر على الحكومة أن تعمل. طالبنا الحكومة منذ تأسيس المجلس الشيعي -تأسس المجلس الشيعي في أواخر 69- كانت الأزمة الوزارية مستحكمة، لم تكن هناك وزارة مدة سبعة أشهر. ضغوطنا لأجل الدفاع، مساهمتنا الإيجابية في صيانة الوحدة الوطنية معروفة. سنة 70، بعد تأسيس الوزارة ضغطنا على الحكومة بواسطة الإضراب، الإضراب الذي أدى إلى تأسيس مجلس الجنوب. هذه المدارس التي يعتزون بها، هذه الطرق والكهرباء التي حصلت من مجلس الجنوب كانت كلها نتيجة لإضراب عام من لبنان سنة 70.
ثم جاء العهد الجديد، علقنا الآمال، واعتمدنا الوعود وصبرنا، وقلنا سنصل في الجنوب إلى كراماتنا وإلى حقوقنا، سنصل كشيعة إلى حقوقنا ومشاريعنا، سنصل كمحرومين إلى كرامتنا ومستوى العيش اللائق بنا، سنصل كمحبي لبنان، أولئك الذين يفكرون بمستقبل لبنان، سنصل إلى أهدافنا.
أذكر لكم مثل -أرجو الاستماع- أحد الملوك القدامى، في الصين، يسمي نفسه ذي القرنين، ذو القرنين يعني صاحب قرنين اثنين لماذا؟ لأجل ماذا قرنين؟ الرجل عندما استلم، وجد أن بلاده تعيسة، وأن العاطلين عن العمل كثيرون، فبدأ يعمِّر ويشغِّل الناس، فوضع حول العاصمة بناء فخمًا، يشغِّل الناس في بنائه، ويدفع لهم الرواتب، يمنعهم عن البطالة، ويصون البلد، ويعمِّر العاصمة. فسمى هذا القرن الأول. ثم بدأ يبني حائط الصين المشهور، حول الوطن، لصيانة الوطن، فسُمِّي ذو القرنين.
أنا ورفاقي، وكل مطَّلع على أوضاع لبنان يرى أن لبنان أيضًا ذي القرنين: قرن الحزام البائس الحزام البائس، والمنطقة المحرومة هذا الحزام المحيط، حول بيروت: منطقة الكرنتينا وحي السلم وبرج البراجنة وبرج حمود وسن الفيل والنهر والدكوانة وتل الزعتر وجديدة المتن... حزام حول بيروت، حزام الشقاء، حزام البؤس، حزام الحياة البائسة، هذا القرن الأول. والقرن الثاني، حول هذا الوطن، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، نقول لهم: يا جماعة! الحدود هي التي تحفظ العاصمة، وحول العاصمة هو الذي تحفظ الوطن. الحدود تحفظ الوطن، وحزام العاصمة يحفظ العاصمة. اجعلوا هاتين المنطقتين منطقة عامرة، لأن وطننا في خطر من جراء الانفجار بين المناطق المختلفة. القضية ليست قضية طائفية، القضية ليست قضية الشيعة. من سوء حظ هذه الطائفة، أنها تعيش غالبًا في الحدود وفي العاصمة. فإذا تجاهلتم، وإذا ما عالجتم هذين القرنين اللذين يجب أن يحفظاكم ويكونا سهامًا في صدور عدوكم، سينقلبان في قصوركم وقلوبكم وصدوركم.
تجربة التاريخ ليست بعيدة عنكم. مناطق التاريخ ليست مستبعدة عنكم. كل منطقة من المناطق. كل مكان، كل مجتمع، كل فترة من التاريخ شهدت انفجارات من هذا النوع. عالجوا المشكلة.
قلنا لهم ذلك، قدمنا طلبات، عشرين، طلباتنا ما هي؟ قلنا: المدارس. ذاك اليوم كنت أحكي في بعلبك أنه في بعلبك لا يوجد مدرسة مبنية حكومية. الآن أقول لكم في صور لا يوجد مدرسة مبنية حكومية. مجلس الجنوب بنى مدرسة هنا على البص! جمَّدوا... لماذا؟ لأن أموال مجلس الجنوب يجب أن تُصرف في سبيل الفتك والإرهاب والإرضاء والإغراء. أموال الناس، ملايين الناس؛ خُصِّصت لكي نقدمها للمجروحين والمنكوبين، تعرفوا حتى الآن ما دفعوا تعويضات البيوت المهدمة، والقتلى في منطقة بنت جبيل، ومنطقة مرجعيون. حتى الآن، المخطوفون ما رجعوا. حتى الآن يا أهل صور، المساكن الشعبية، كم صار مبنيًا منها؟؟ لا يتمموها، ولا يعطوها للناس. إهمال! ﴿ظلمات بعضها فوق بعض﴾ [النور، 40]، ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ [البقرة، 156].
قلنا لهم، لا تصنفوا الناس. قلنا لهم كل المواطنين أكفاء. قلنا لهم كل المواطنين يستأهلون أن يكونوا موظفين. لا تصنفوا المواطنين. لا تميزوا بين الطوائف. اعطوا الحقوق للطوائف جميعًا. عملوا تشكيلات! أنتم أخبر بما عملوا من التشكيلات. كيف عملوها؟ وكيف تصرفوا. بالنسبة للفئة الأولى، يجب أن يعطوا الطائفة أربعة مراكز. الفئة الثانية والفئة الثالثة، والمؤسسات، والمصالح المستقلة، والدوائر التابعة؛ حقوقنا غير واصلة.
قلنا لهم دافعوا عن الجنوب. قلنا لهم الشرط الأول في المسؤوليات الوطنية هو الدفاع. حاولوا أن يتهموا الجيش. قلنا لهم إن الجيش مهيأ. أيها السياسيون الجبناء! أأمروا الجيش! أأمروا الجيش! يدافع، يستميت.
لجنة عسكرية فرنسية، في سنة 68 و69 وضعت خطة دفاعية، واعتبرت أن لبنان بإمكانه أن يدافع عن الجنوب مع وجود صواريخ ومع وجود دبابات خفيفة لأن الأراضي التي الله سبحانه وتعالى أعطاها للبنان، مثل القرون. ألهوا... الآن مقدمين خطة دفاعية. أنا سأخبركم ما الخطة الدفاعية؟ اليوم قرأنا بالصحف، وضعوا 800 مليون لشبكة صواريخ. صواريخ! هناك عرض موجود بخمسة وخمسين مليون ليرة. ماذا تريدون بـ 800 مليون ليرة؟ فإذًا، غليتم المهر، حتى لا تزوجوا بنتكم.
خطة دفاعية؟ قلنا لكم: هؤلاء المسلحون والمسلحون الآخرون خذوهم صبوهم في الحرس الوطني، في ميليشيا الوطنية... واحدة مدربة. ابعثونا! ابعثونا! قلت لهم: أنا الشيخ مستعد أن أروح وأموت في الحدود، حتى نحفظ كراماتنا. دافعوا! دافعوا عن الوطن. نحن على استعداد، والآن أبلغكم من هنا من صور أن هذه المجموعة من المسلحين على استعداد أن تذهب، كما قطعت الطريق الشائك، على استعداد أن تروح للحدود، وتدافع عن الحدود، لكن ضمن خطة معينة صحيحة.
لا فائدة! قلنا لهم: قدِّموا خدمة العلم. اليوم قرأنا أنهم أقروا خدمة العلم. (طيب من غير شر)، الوزارة الحديثة، عندما أتت، المشروع الوحيد الذي وضعت له مدة، وقالت خلال شهرين نقدم مشروع خدمة العلم، الآن صارت 11 شهر، متى ستضعونه؟ كأنه نحن في نوم الكهف، العدو يتربص بنا، والأوضاع تتطور، والمنطقة على أبواب الانفجار، لا يعرفون ماذا يجري وراء الكواليس حول المناطق، وبصورة خاصة حول الجنوب، هناك أخطار في المساومات العالمية على الجنوب. متى ستقدمون المشروع؟ متى ستقرونه؟ متى ستنفذونه؟ متى سترصدون له؟ لا فائدة.
قلنا الدفاع! قلنا خدمة العلم! لا نقول إننا سنقوى على الناس، لم نطلب شيئًا لأنفسنا، لم نطلب مشاريع تخصنا ونأخذ سمسرتها، لم نطلب شيئًا من هذا النوع؛ طلبنا شيئًا للوطن، طلبنا صيانة البلد. تعرفون كم مرَّ؟! مرَّ 11 شهرًا. من 2 حزيران 73 حتى الآن، 5 أيار 74.
هذه المرحلة الأخيرة، المراحل السابقة راحت. قلنا لهم مكتومين... اسمعوا يا إخوان! القوة يجب أن تكون مقترنة مع الوعي. انتبهوا وتفهموا الحقائق. ما السبب؟
قالوا لكم السيد موسى لماذا (زعلان)؟ ليس هناك من زعل، مبسوط، مرتاح. ولكن لا أقبل أن أكون أنا عزيز، ووطني يكون ذليلًا، لا أقبل! لا أقبل أن بيروت والشمال والبقاع، قبل الجنوب، أجواءها تهتك كل يوم من الطائرات الإسرائيلية. حتى ابنتي الصغيرة، عمرها سنتين عندما تسمع صوت هزة تقول: الطائرات، حتى البنت الصغيرة تفهم معنى خرق جدار الصوت.
يا جماعة! هذا مش عزًّا، هذا ذل. كيف يمكن أن يقبل الواحد بذلك؟ ثم أين تذهب هذه الطائرات التي تخرق أجواءنا؟ أين تذهب؟ تذهب تضرب إخوانًا لنا، مجاهدين في سورية. تطعنهم في الظهر، تقصف أماكنهم، تقصف بيوتهم.
أخرجونا من هذا الذل، هذا الذل غير ممكن الواحد منا يصبر عليه. طائرات (رايحة جاية)... بالإضافة إلى خرق الحدود وإطلاق النار وقصف البيوت، والمتاجرة، والمتاجرة، والمتاجرة. ما حاربوا إسرائيل قدر ما حاربوا هذا المهرجان في هذين اليومين... ثلاثة لماذا؟ لأن هذا المهرجان يريد أن يكشفهم، هذا المهرجان يريد أن يؤكد أن الشعب في الجنوب متحرر، لا يُباع، لا يُشترى، لا يُؤجر، لا يُجيَّر.
قلنا لهم، نعرف (يا حبيبي)، نعرف، من العديسة، ومن محيبيب، ومن مرجعيون، أعرف، أعرف مراجلهم. المكتومون، قلنا لهم يا جماعة هناك سبع قرى لبنانية حسب الاتفاقيات: هونين، وصلحا، وتربيخا، وقدس، ومالكية، وإبل القمح، هذه القرى لبنانية، سجلاتهم لا زالت في صور. اسألوا محمد بزي، مأمور النفوس هنا محمد بزي؟ حلاوي؟ اسألوه، اسألوه تعال سجلاتهم كلها موجودة في صور. هؤلاء لبنانيون.
وقسم منهم، عشْرهم أخذوا جنسيات لبنانية؟ أبدًا! (ما في).
(الحضور: دفعوا حقها)
في الجنوب -أحسنت- هؤلاء الذين أخدوا الجنسيات دفعوا حقها، صحيح صحيح. في البقاع هناك مجموعة من العشائر، لبنانيون أقحاح، منذ ألف سنة، أو أكثر، ليس لهم هويات. في وادي خالد، في الشمال بعكار، مجموعات كبيرة من البشر لبنانيون؟
ولا نريد أن نخرق التوازن الطائفي في لبنان. ضعوا مقابلهم من تريدون! نحن نريد بقاء لبنان، وصيانة لبنان، والتوازن في لبنان، والعدل في لبنان؛ لكن عالجوا المشكلة.
الليطاني! الليطاني! قالوا خصصوا 191 مليون ليرة من الموازنة العامة، خلال عشر سنوات، حتى ينفذوا المشروع. اسألهم! اسألهم... هذه المرحلة الأولى، ما هي المرحلة الثانية؟ لا يعرفون، لأن ليس من مرحلة ثانية. اسألهم في المرحلة الأولى وضعتم عشرة آلاف هكتار للري. أين العشرة آلاف هكتار؟ لا يعرفون. (مش دارسين، مش عاملين شيء). لماذا عشرة آلاف، وليس خمسة عشر ألف؟ لا أحد يعرف. أنا أخبركم بأنه (مش دارسين). يريدون أن يميعوا؟ أتعرف لماذا؟ لأنهم وضعوا الموازنة في الفصل الثالث من الموازنة. اسألوا النواب والاختصاصين في قضية الموازنة. الفصل الثالث يعني المشاريع. موازنتنا نقص فيها 350 مليون ليرة إلى 450 مليون ليرة. يعني البند الثالث، الفصل الثالث طبيعيًّا يُحذف، ولا ينفَّذ. المشاريع لن تُنفذ.
اسألهم لماذا؟ ما المرحلة الأولى؟ ولماذا المرحلة الأولى؟ لا يعرفون. وضعنا دراسات، لسنا نحن الذين وضعنا، منظمة الأمم المتحدة للتغذية التي أخذت تسعة ملايين ليرة للدراسة: لبنان دفع ثلاثة ملايين ليرة والأمم المتحدة دفعت ستة ملايين ليرة. وضعوا خرائط، هذه الخرائط موجودة. على أساس هذه الخرائط كلفنا مهندسي الليطاني بالذات، هؤلاء الشباب الذين يشتغلون، لا يدعوهم يشتغلون، يتحكمون فيهم؛ وضعوا دراسة، تبين -اسمعوا عن مشروع الليطاني سنطبعها أيضًا- مشروع الليطاني يكلف مليار وميتين مليون ليرة، هذا المشروع يروي 45 ألف هكتار. يعني 450 ألف دونمًا في الجنوب. وهذا أقصى انتفاع للجنوب. ولا نريد منهم مصاري. لا نريد لا 191 مليون ولا أكثر ولا أقل. اسمحوا للمهندسين للخبراء أن يشتغلوا.
دولة الإمارات، إمارات الخليج، بعثوا خبرًا لي، بواسطتي مستعدين أن ينفذوا هذا المشروع بالشكل الصحيح. لا نريد مصاري منهم.
قالوا الليطاني سيُنفَّذ، مسؤول في مجلس الإدارة، مسؤول في مجلس إدارة الليطاني، في لجنة برلمانية، صريحًا يقول: الليطاني سيُنفَّذ. قالوا له: لماذا؟ أنتم بعثتم تقريرًا للرئيس. قال: والله نحن بعثنا تقريرين، بعثنا تقريرًا كي يسكت السياسيون، والناس يلتهوا. لكن التقرير الثاني كتبنا أنه الليطاني لا يمكن أن يتنفذ. سيبرم ويبرم ويبرم ولن يتنفذ، ولن يتنفذ. لا جهاز، لا خريطة، لا دراسة، لا اهتمام. لن يتنفذ... هذا مسجل في جلسات مجلس النواب.
قالوا: لا، الليطاني سوف يُنفذ، وسمعنا بالإذاعة والتلفزيون والصحف الحكومية التي نسمع منهم... لا أعرف! قالوا اليوم هناك مطر؟ عندما كنا في البقاع، قالوا هناك أمطار ولم يكن، كان هناك شمس. إن شاء الله اليوم أيضًا قالوا هناك أمطار؟ نعم، قالوا هناك أمطار؟ على كل حال خلِّهم، خلِّهم متمادين في الكذب حتى لا يصدقهم أحد.
الآن، أنا أقول لكم، جاءوا وأقاموا جدولًا زمنيًّا لليطاني، سجِّلوا هذا بمسؤوليتي، يا صحفيين، جدول الليطاني، جدول زمني وضعوا لليطاني. قالوا (موجودة راجعوا أرشيفكم في الصحف) المناقصة الأولى لتنفيذ المرحلة الأولى من الليطاني ستكون في 1 أيار 74 يعني قبل أربعة أيام. المثل المعروف يقول: (الكذاب ينسى بس البشر ما بينسوا). نحن غير ناسيين. أين المناقصة؟ لم يحصل شيء أبدًا، ولن يحصل شيء. ذاك اليوم أنا قلت لا خرائط، مسؤول حكومي في التلفزيون يقول: كل شيء يجب أن يكون هناك خرائط؟ بلا خرائط. مشروع عريض طويل، يريدون أن ينفذوه بلا خرائط؟
قالوا نريد أن نسحب مياه الليطاني إلى بيروت، لأن بيروت عطشى. قلنا لهم يا جماعة أنتم مرضتم أبناء الجنوب من العطش، تريدون أن تمرضوا أبناء بيروت من البلهارسيا؟ مياه الليطاني لا تصلح للشرب. ثم هناك مياه نهر بيروت مشروع مدروس، نفقاته أقل، دراساته جاهزة، لا يوجد أي مشكلة إلا أن ينفذوه.
تعرفون ماذا يحصل إذا سحبوا مياه الليطاني؟ 350 مليون مترًا مكعبًا سحبوا سابقًا. والآن يريدون أن يسبحوا 50 مليون مترًا مكعبًا، يعني ماذا يحصل سد بلا ماء. هناك مثَل يقال إنه أميرًا هنديًّا جاء إلى النجف. انبسط هناك بالدين، قال يريد أن يعمل جسر. قالوا: أين؟ قال: بين النجف والكوفة. قالوا: بين النجف والكوفة لا يوجد ماء. قال: نحن نعمل الجسر ولاحقًا نضع ماء.
يريدون أن يعملوا السد، بعد أن سحبوا كل المياه إلى بيروت، ولماذا لا تسحبون من مياه نهر بيروت؟ لماذا ليس من مياه نهر إبراهيم؟ لماذا ليس من مياه نهر الكلب جعيتا؟ بأقل كلفة، بأسرع وقت، لا! يريدون أن يسحبوا مياه الليطاني.
يقول مسؤول إن مياه بيروت معرضة للهزة الألفية. أي هزة ألفية؟ هذا كلام قديم. المشروع مدروس على أساس الهزة الألفية. والقنالْ مدروسة على أساس الهزة. لا فكرة.
أتعرف! هذا القاسمية الذي رأيتموه. نهر القاسمية، مشروع القاسمية كلف الحكومة عشرة إلى 12 مليون ليرة. أتعرف كم المدخول... مردود الدخل القومي سنويًا؟ 45 مليون ليرة على الأقل. صرفوا 12 مليون ليرة في الجنوب! كل سنة الجنوب يعطيهم خمسة وأربعين مليون ليرة.
بعدين قالوا الليطاني يحتاج وقتًا. جاء بعض أولاد الحلال من المهندسين قالوا إنه ممكن منطقة يسمونها مثلث: يارين-يارون-كفـرا، يُروى بالبحيرات الاصطناعية. وقتها تحمس بعض المسؤولين ووضعوا مشروعًا لإرواء هذه المنطقة المثلث التي تروي هذه المناطق، اسمعوا:
يارين-الضهيرة-البطيشية-مطمورة-أبو شاش-أم التوت-الزلوطية-طير حرفا-شيحين-مجدل زون-مروحين-رامية-صالحاني-قوزح-دبل-رميش-عين إبل-رشاف-بيت ليف-صربين-ياطر-كفرا-حاريص-حداثا-طيرى-عيتا الزط-تبنين-برعشيت-بيت ياحون-كونين-عيناتا-بنت جبيل-يارون-عيتا الشعب؛ كلها تروى، يعني سبعة وستون ألف وخمسمئة دونمًا، والموازنة جاهزة من المساعدات العربية التي جاءت من أربع سنوات ولا زالت مجمدة، تنفيذها سهل. أبدًا! والمشروع جاهز للتنفيذ. لا يوجد فكرة للتنفيذ. هذا في ما يخص مشاريع الجنوب. ننتقل إلى مشاريع البقاع. مشروع القاع-الهرمل: سنة 36، الفرنسيون بدأوا يدرسونه ونفذوا بعض مشروعه، نفذوا قنال، حتى الآن مجمد.
مشروع بحيرة اليمونة، مشروع اللبوة، مشروع عيون أرغش، مياه بعلبك، السدود، الطرق. كلها مجمدة دون أي معالجة وحتى الآن. جاءوا ووضعوا مشروع الطرق، وضعوا قانونًا مؤخرًا، بتخصيص 200 مليون ليرة للطرق. ماذا حصل؟ خصصوا من 200 مليون ليرة 22 مليون ليرة للجنوب، و19 مليون ليرة للبقاع. يعني الخمس لهاتين المحافظتين، وأربع أخماس للمحافظات الأخرى.
أتوستراد صور وصيدا وشتورة، في ميناء صيدا البواخر تتجمع بالعشرات، والتجار يدفعون كل ليلة 15 ألف ليرة إيجار. يعني تزداد قيمة البضاعة كل يوم، كل يوم. لا يستعملون بقية الأمور. ضواحي بيروت، المدارس في جرود الهرمل، الثروة المعدنية في لبنان؛ مسائل ذكرناها بكثرة. وأخيرًا! الدخان! تعرفون أيها الإخوة، أن الدخان في لبنان كل كيلو يكلف خمس ليرات ونصف، بينما يكلف في العالم ليرة ونصف. كله نفقات وهدر، وتكرار التوظيف. أسعار السنة. ادعوا أنه سيعطون زيادة، السعر العالمي ازداد ثلاثين في المئة إلى خمسين في المئة، في لبنان نقص اثنين ونصف في المئة.
الآن اسمع. نحن أعلنا هذه المطالب، ووقفنا معها. تبين أن هناك محرومون كثيرون، ونحن على استعداد لأن نمد يدنا لكل المحرومين في لبنان، ونتعاون معهم في سبيل بناء لبنان أفضل. إليكم بعض الأمثلة:
في لبنان عشر مليارات متر مكعب من الماء، يُستعمل منها أربعمئة وخمسين مليون متر مكعب فقط. في بيروت 23 مجرور ماء يصب في البحر. حياة المواطنين في ضواحي بيروت، حياة المواطنين في كل مكان معرضة للأخطار، ومعرضة للمحنة والبلاء. من يهتم بالمواطنين؟
أيها الإخوة،
في هذا اللقاء، في هذا المهرجان الثاني، نحن نقول ونمد يدنا أيضًا للحوار، ونعلن: إذا ما لبيتم هذه الطلبات، نحن نخشى على وطننا منكم، يعني أصبح حماة الوطن، يشكلون خطرًا على الوطن؛ وعند ذلك نحن لا نصبر على هذه الأوضاع، وسنتعاون مع جميع المواطنين لكي نصحح الوضع، بالرفق أولًا وبالقوة ثانيًا.
قوتنا في صوتنا، قوتنا في ضميرنا، قوتنا في إخلاصنا، قوتنا في صفاء رؤيتنا، قوتنا في عدم التزامنا بالمصالح الخاصة. كل المصالح فداء مصالح الناس ومصالح المعذبين. نحن هنا نكرر معكم اليمين الذي حلفناه في بعلبك، حتى نؤكد للمسؤولين ولأنفسنا، ليس هناك مجال للتراجع، وليس هناك مجال للتردد.
وها نحن في يوم ذكرى فاطمة الزهراء، نقف أمام القبلة، ونشهد الله على إيماننا والتزامنا بهذه المبادئ ونحلف هذا اليمين اتجهوا للقبلة نحلف:
نحلف بالله العظيم أن نتابع مطالبتنا بحقوقنا المواطنية، وبحقوق جميع المحرومين دون تردد أو ضعف أو مساومة، وأن لا نهدأ حتى لا يبقى محروم في لبنان أو منطقة محرومة، إننا اليوم نلتزم بهذا الميثاق الديني المرتبط بشرفنا الإنساني وبكرامتنا الوطنية، وسنحتفظ به أوفياء حتى تتحقق الأهداف. نقسم بجمال لبنان وجباله، بجنوبه وشرقه وشماله، بشمسه لدى الغروب في البحر، وبإشراقتها المطلة من الجبل، نقسم بأمجاد تاريخه وبعطاء إنسانه وبالحب الذي ضم به أبناءه، نقسم بدماء الشهداء، بدموع الأيتام، بأنين الأمهات، بآلام الجرحى، بضياع المكتومين، بقلق الطلاب والمثقفين، بذعر الأطفال في الحدود، وبعزم المرابطين والمجاهدين وبتضحياتهم، بليالي الخائفين وبأيام البائسين، بالأفكار المهملة وبالكرامات المهدورة وبالجهود الضائعة، نقسم أن لا نوفِّر جهدًا لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ومحاربة الطغيان، والنضال مع أعداء الوطن والمواطن. والله على ما نقول شهيد[*].
هذا اليمين، أيها الإخوة! هذا اليمين...
(الحضور: بالروح بالدم نفديك يا إمام بالروح بالدم نفديك يا إمام بالروح بالدم نفديك يا إمام...)
اسمعوا! اسمعوا يا إخوان. اسمعوا! اسمعوا! أيها الإخوة هذا اليمين، اسمعوا يا جماعة أيها الإخوة الأعزاء كما تلاحظون كما ترون، مجال الكلام مجال الكلام قد انتهى. تحدثنا كثيرًا وبحثنا كثيرًا، وحاولنا كثيرًا. حضوركم هنا، وفي صور، وبهذا الحشد الهائل أقوى كلمة.
أيها الإخوة، عهد الكلام قد انتهى، عهد الكلام قد انتهى. اليمين اليمين قطع علينا الطريق. من كان له قلب من كان له قلب فليفهم من كان له قلب فليفهم، ومن كان له سمع فليسمع، ومن كان له عقل فليفكر. نحن نحن حلفنا اليمين، واليمين كما شاهدتم يمين ديني، وبموجب تعليمات القرآن. القرآن يحلف بالبلد، وبالشمس، وبالقمر. حلفنا بلبنان، نحن أمام هذا الالتزام. لا مناص ولا تراجع، نحن في هذا الخط سالكون، جنود الوطن، بناة المستقبل.
لا نريد علوًا في الأرض ولا فسادًا، ولا نريد -الله يسامحك، الله يسامحك- لا نريد لا نريد هدم البلد، نريد حفظ البلد، نريد إنقاذ البلد من الزمرة التي تتحكم في هذا البلد. نريد إنقاذ البلد من الذين اعتبروا الوطن مزرعة، يسرقون وينهبون. نريد سلامة الوطن، ولسنا لا طامعي الحكم، ولا النيابة، ولا الكرسي، ولا أي شيء. شرفي بأن أكون بينكم كما قلت أشرف مقام عندي؛
(الحضور: الله أكبر، بالروح بالدم نفديك يا إمام، بالروح بالدم نفديك يا إمام، بالروح بالدم نفديك يا إمام، بالروح بالدم نفديك يا إمام)
أكبر شرف أكبر شرف لي أن أصلي في محراب رسول الله، في المسجد. أكبر شرف أن أصعد منبر رسول الله بينكم؛
(الحضور: الله أكبر)
أكبر شرف ثقتكم، تلبيتكم، وقفتكم، جهدكم. كم بذلتم من جهد؟ من أي مكان جئتم؟ من أماكن بعيدة. هل أحد أخد لكم سيارة؟ هل دفع أحد لكم فلسًا، قرشًا واحدًا؟ هل أحد بعث...
(الحضور: لبيك اللهم لبيك)
هل بعث أحد لكم بطاقة واحدة؟ تلبية عامة. هذا أكبر شرف وأكبر توفيق لي.
ماذا أريد بعد ذلك؟ أريد صيانة هذا الوطن ومنعه عن الانفجار. المشكلة؟ عدالة في البلد، إذا لم تكن، البلد يتعرض للانفجار. فليسمعوا! وليعوا! وليستعملوا ما هو من حكمتهم. نحن سالكون بإذن الله، ذاهبون في الدرب بإذن الله.
فمن هنا ومن هنا من عندكم، من هنا من عندكم، أبعث تحية إجلال وتكبير وتأييد ومواساة وتشجيع واحترام للجيش السوري البطل، الذي يحارب بكل بطولة وتضحية، ويرفع شأن هذه الأمة.
وتحيتنا إلى كل المجاهدين، وإلى كل الذين يناضلون لسعادة هذه الأمة. ولكرامة هذه الأمة، في داخل الأراضي المحتلة وفي خارج الأراضي المحتلة.
تحياتنا للجنود المجهولين،
أولئك الذين يقومون بتضحيات في صفوف جيشنا، وفي صفوف قوات أمننا، وفي صفوف المحافظين على البلد.
أولئك الذين يقومون بواجبهم في ظروف صعبة، ويعانون حرمانًا وصعوبة بالغة، وراتبًا متواضعًا، أولئك هم المحرمون أيضًا. نحن نقدر شؤونهم، نحن نقف معهم. نحن نقدِّر، إذا وقع في الطريق واحد منهم في ظروف صعبة، لا يريدون الشر لنا، نحن نقدِّر ظروفهم وبإذن الله سندافع عن حقوقهم وعن كرامتهم، وعن لقمة عيشهم بكل ما نملك من القوة.
لسنا ضد أحد. نريد الخير لكل أحد. لنا عدو واحد: الشيطان وجنود الشيطان، طغاة الأرض، أولئك الذين يريدون أن يتحكموا بالناس، دون أن يقدموا خدمة، أولئك الذين حكموا عشرات السنوات، دون أن يبنوا مدرسة، أو يعمروا مسجدًا أو يضعوا حجرًا في بناء بيت أو ميتم، أو يبعثوا منحة دراسية طوال عمرهم. أولئك جنود الشيطان خصومنا.
أيها الإخوة،
هؤلاء خفافيش الليل، لا يتجرأون أن يظهروا. تفضلوا! كما ترون أنا بينكم، ولا مرافق لي. ليل ونهار أمشي بسيارتي وحدي.
(الحضور: الله معك)
لا خطر لأنه لا يوجد أحد.
(الحضور: الله أكبر الله أكبر، الله معك يا إمام، الله معك موسى الصدر)
يا سيدي!! هؤلاء أيضًا شيطان. قبل أن يكون الشيطان كان إبليس، وكان من المقربين. عندما يتركون صفة الشيطنة، يكونون مواطنين عاديين إلى جانبنا، أهلًا وسهلًا فيهم. لكن ليتركوا دماء الناس، ليتركوا كرامات الناس، ليتركوا التحكم بالناس، ليتركوا السيطرة على الناس، ليتركوا خلق الفتنة بالناس، ليتركوا استغلال الخزانة الرسمية للسيطرة على الناس. ليتركوا ... ويتوبوا إلى الله، قلبنا مفتوح.
أيها الإخوة الأعزاء،
موقفنا لا يحتاج إلى البحث، وسلوكنا واضح. الذين لا يعرفون، ويتهمون، ويناقشون، نحن نشفق عليهم، ونطلب من الله أن يهديهم. وهنا نعلن، بأننا نقف كما وقفنا وقلنا في قسمنا. نقف مع كل المظلومين، من جميع الطوائف، من جميع المناطق، من جميع الإنسان والبشر الذي جرحت كرامته في هذا الوطن، ويريد وطنًا كريمًا، نريد الخير لجميعهم، لا أكثر ولا أقل.
أيها الإخوة،
اسمعوا! أنا أودعكم، وسأكون معكم إن شاء الله في دربنا الطويل، الذي قد نحتاج فيه في فترة قريبة إلى مهرجان آخر في بيروت، وقد نحتاج وقد نحتاج إلى... ظروف صعبة، ومسالك شاقة. على كل حال، نحن سالكون الطريق للنهاية. أنا الآن أودعكم وسأكون معكم. أقدر بقلبي ونفسي وعيني ما بذلتم من جهد، وما تحملتم من شقاء، وما صبرتم على حر الشمس، وتعب الطريق، وعناء السفر، أقدِّر ذلك.
أضع كل وجودي بتصرفكم، وبخدمتكم. لا أريد علوًا في الأرض ولا فسادًا، لا رئاسة ولا شخصية ولا الركوب على ظهر الناس.
نحن نسلك معكم، نودعكم وأطلب منكم، أطلب منكم، احفظوا! (لا تطلقوا الرصاص) احفظوا، أيها الإخوة رصاصاتكم للخطر المنتظر. أتسمعون؟ للخطر المنتظر.
(الحضور: بالروح بالدم نفديك يا إمام)
وإن شاء الله، وإن شاء الله في المستقبل نتمكن من وضع الأمور في نصابها، بهذا الاحتفال نحن حاولنا كل يوم، بالبيان، والتوزيع على الميكروفونات واللافتات حتى نمنع ظهور المسلحين في هذا المهرجان، لأن مفهوم هذا المهرجان الديمقراطية.
كنا نريد أن نقول إن الجنوب حر، إن الجنوب يعبر عن حياته، وعن إرادته، هذه كانت الغاية. أستودعكم الله، وكان الله معكم، ظهركم، ونصركم، ويدكم، وقلبكم، ونوركم، وضياء بصيرتكم وإلى الأمام.
والسلام عليكم.
_____________________
[*]- ترداد الحضور القسم وراء الإمام.
* خطبة للإمام الصدر في مدينة صور بتاريخ 5 أيار1974، تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.
