* مقابلة تلفزيونية مع سماحة الإمام الصدر في ساحل العاج في 1978/3/7.
لي الشرف الكبير بالتحدث هذا المساء مع سماحة الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان. إنه في ساحل العاج منذ يوم الثلاثاء 28 شباط الماضي، وهو رجل ذو ثقافة عالية ومسموع جدًا في أوساط جميع الطوائف اللبنانية، المسيحية والإسلامية، تجدر الإشارة إلى أن سماحته ينحدر من سلالة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). الإمام يتحدث بالعربية وللترجمة، معنا حضرة السيد عبد اللطيف مملوك القائم بالأعمال في السفارة اللبنانية.
س-سماحة الإمام، ما هدف زيارتكم لشاطئ العاج؟
ج-للزيارة ثلاثة أهداف، الأول تفقد الجالية اللبنانية والاطمئنان على وضعها التربوي والأخلاقي بشكل خاص؛ والهدف الثاني شكر السلطات العاجية وبخاصة فخامة الرئيس على رعايته للجالية سيما في ظروف لبنان القاسية حيث التجأ آلاف من الناس إلى شاطئ العاج؛ أما السبب الثالث فالتحدث مع فخامة الرئيس حول مشكلة الشرق الأوسط وبخاصة وضع لبنان لأن له دورًا وصوتًا مسموعين في العالم.
س-سماحة الإمام، أنت رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، هل تحدثنا عن معنى ذلك؟
ج-في لبنان ست عشر طائفة يعيشون إخوة مواطنين، والنظام القائم نظام طائفي أي إن المؤسسات الرسمية تتوزع بين الطوائف المختلفة، فهناك شؤون دينية وشؤون سياسية وشؤون المشاركة في الحكم، لا بد من وجود مؤسسات مركزية معترف بها، أحدها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. بالإضافة إلى أن هذه المؤسسات المعترف بها من قبل الدولة تقوم بخدمات اجتماعية وإنسانية وثقافية واسعة من مدارس ومهنية ومستشفيات وإدارة شؤون الأيتام وغير ذلك.
س-صاحب السماحة، كتبت صحيفتنا اليومية "Fraternité Matin" عنك بأنك رجل سلم ورجل حوار، وهذا ما يتلاءم جيدًا مع فكر رئيسنا فيليكس افوي بوانييه، ماذا يمثِّل السلم والحوار في الدين الإسلامي؟
ج-يكفي لتوضيح موقف الإسلام أن نقرأ آيتين: آية حول السلام وآية حول الحوار. الآية الأولى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور﴾ [المائدة، 15-16]، معنى الآية أن جميع رسالات السماء والكتب الإلهية جاءت لهدفين؛ الهدف الأول، إشاعة السلام، والهدف الثاني، خروج الناس من الظلمات إلى النور، أي من ظلمات الجهل أو المرض أو الفقر أو التخلف إلى نور التقدم والعلم والعلاج والصحة.
الآية الثانية عن الحوار: ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون اللَّه فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون﴾ [آل عمران، 64]، يعني بأهل الكتاب، اليهود والنصارى. وهذه الآية تعني أن هناك رفضًا للاستعمار السياسي والإمبريالية. كما تعني عدم هيمنة البعض على الآخرين ثقافيًا وفكريًا، كما أن الحوار يعني المساواة بين كل الأطراف من أجل الوصول إلى حل للمشاكل، فالحوار في الإسلام جاء كي يسود السلام وليس أي شيء آخر غيره.
س-صاحب السماحة، بالعودة إلى بلدك لبنان، نلاحظ حاليًا وجود خطوات تجري للبحث عن السلم في هذا الجزء من العالم الذي أنهكته الحرب. بالنسبة لك، ما الأمل الذي تعقدونه على السلام في بلدكم؟
ج-في الواقع، إن آمال السلام في لبنان قوية في هذه الأيام، ونحن ننتظر بين يوم وآخر أن يعلن فخامة الرئيس سركيس للبنانيين صيغة الوفاق ويكون بذلك وفاقًا وطنيًا ونهاية كاملة للحرب.
س-أنت في زيارة لساحل العاج هي الثانية، ما شعورك أثناء إقامتك في بلدنا؟ وماذا تقول لسكان هذا البلد؟
ج-الحقيقة، إن الإنسان عندما يشاهد شاطئ العاج بعد عشر سنوات يشعر بإعجاب كبير، لأن العمران والتقدم قائمان في جميع مرافق الحياة، ومدينة أبيدجان ومختلف البلاد تشبه الدول المتقدمة؛ ولذلك، نحن انطباعاتنا أن المستقبل الزاهر أمام هذا البلد وشعبه، ونحن نتمنى أن يقدّر هذا الشعب هذا الوضع ويعاون ويساعد على استمرار الأمان والازدهار.
ج-أنت إمام كبير بالإضافة إلى أنك تنحدر من سلالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولهذا لا يمكننا أن نتركك دون أن نطلب منك مباركة.
س-طبعًا نحن نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على ساحل العاج وعلى رئيسها وعلى مساعدي الرئيس وعلى كافة شعب ساحل العاج بالصحة والأمان والازدهار، وأن يعمّ الإيمان والأمان والسلام في هذا البلد، كما نتمنى لبلدنا لبنان ورئيسه وشعبه السلام والازدهار، وبالتالي المزيد من العلاقات المتينة والتعاون الشريف بينهم وبين أبناء شاطئ العاج. نحن نتمنى من الله أن يمنّ بالسلام على القارة الأفريقية كافة وفي العالم كله، وأن يجعل الإيمان في قلوب جميع الناس، وأن يطهّر ألسنتهم وقلوبهم وأجسادهم من الشرك والنفاق والمعاصي، وأن يمنّ على جميع الناس وأن يكونوا عادلين وأن يرفضوا الظلم وأن يبتعدوا عن الأوساخ والمعاصي والانحرافات، وأن يعيشوا بعضهم مع بعض بسلام وأخوة كما يريد الله سبحانه وتعالى من الناس كافة.
