قضية الوطن قضية الوجود والمصير

calendar icon 28 حزيران 1975 الكاتب:موسى الصدر

إن الاعتصام خطوة بناءة تتجاوز في أبعادها عنصر الضغط على المسؤولين عن الأزمة وعن الأحداث الدامية التي تجري في ضواحي بيروت وكل أراضي الوطن. ذلك لأن الأفق اللبناني في هذا الوقت مشحون بأعمال العنف القاسي الذي يتجاوز الحد المشروع، وبالمناورات السياسية الخطرة التي هي مثل اللعب بالنار.
لذلك، فإن اللجوء إلى الاعتصام في بيت الله، واستعمال الصيام والعبادة كوسيلة لتحقيق المطالب، هما تحوير في السلوك السياسي وتبديل للأساليب التقليدية. إن الاعتصام في رأيي هو خدمة للوطن من جهتين، أسلوبًا وغاية:
1- إن الأحداث الدامية التي بلغت في حجمها ضحايا حرب كاملة، وتجاوزت في شراستها وسلوكيتها أي حرب شريفة، إن هذه الأحداث لم تحصل من قبيل المصادفة ولا على أيدي القوى السحرية، بل إنها جرت علي أيدٍ لبنانية أيضًا وقد تبنى بعض الأحزاب هذه المواقف علنًا. لذلك، فإن التحقيق في الأحداث وكشف الفاعلين ومعرفة الدوافع، أصبحت ضرورية. ومن جهة أخرى، إن اشتراك أطراف الدعوة في الوزارة العتيدة يختلف مع منطق التحقيق ويتنافى مع تجرد القضاء وبعده عن المؤثرات.
2- إن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تتم خلال مصافحات ولقاءات بين الشخصيات السياسية المرموقة في البلاد فحسب، بل يجب معرفة أسباب الخلاف وطرح وجهات النظر المتفاوتة بوضوح، وبالتالي مكاشفة المواطنين بعضهم بعضًا، واتفاقهم النابع من قناعاتهم الكاملة. فقضية الوطن هي قضية الوجود والمصير، ولا يمكن بناؤه على المجاملات والألفاظ ذات المعاني المتعددة.
ومن جهة أخرى، إن الشعب عانى الآلام والمحن وعاش الحرمان، ثم اعتبر السلطات كليًّا أو بعضها مسؤولة عن ذلك كله، ثم حدث خلاف كبير وشقاق بينه وبينها، لذلك، فإن المصالحة الوطنية يجب أن تشمل أيضًا هذا الواقع الأساسي.
3- إن مشاريع التنمية التي أشرنا إليها مطروحة منذ نحو سنة ونصف سنة على السلطات، وقد درستها لجان مشتركة من المجلس الشيعي والجيش.
وملخص المطالب هو تكافؤ الفرص للمواطنين ورفع التصنيف الطائفي أولًا.
إعطاء المواطن أبسط حقوقه وهو الانتماء إلى الوطن وتزويده ببطاقة هوية، أي حل مشكلة المكتومين ثانيًا.
ثم قضية الجنوب والدفاع عنه وتنفيذ مشاريع التنمية كالليطاني والعاصي واليمونة والطرق الدولية واستكشاف الثروة المعدنية وغيرها.
_______________________________
* رسالة الإمام الصدر إلى رجال الصحافة في اليوم الثاني لاعتصامه في مسجد الصفاء- الكلية العاملية في بيروت بتاريخ 28 حزيران 1975، النهار 29 حزيران 1975.

source