باسمه تعالى
القرآن الذي شاء الله له أن يكون قافلة من النور الإلهي، شاء الله أيضًا أن يقدِّر له رجالاته في تأويله وتفسيره. وتبقى تفاسير الإمام موسى الصدر واحدة من أبرز نتاجاته فرادة وتميزًا في رحاب تأويل وتفسير النص المقدس. في نصه التفسيري يقدم الإمام الصدر مجموعة هامة من المفاهيم منها: الصراع، الإنسان، الخير والشر، العمل الصالح، الولاية، الإنفاق، الإيمان بالغيب... هادفًا من هذه المفاهيم إلى بيان التلاقي العميق بين الإسلام الحق وبين تفاعل الإنسان مع مجتمعه وكونه.
ثمانية وثمانون تفسيرًا انطلق أولها من الإذاعة اللبنانية -حيث حلَّ صوت الإمام الصدر ضيفًا على الصائمين في فترة السَّحر- وجُمِعَت في هذا الجزء وهو الثاني من سلسلة "معالم التربية القرآنية" والذي سيصدر بالتزامن نفسه مع الجزء الأول "دراسات للحياة". وقد جُمِعت هذه التفاسير من التسجيلات الصوتية المتوفرة بين أيدينا والتي جرت معالجتها بالاستماع والتفريغ والتدقيق والتحقيق إلى أن وصلت إلى شكلها النهائي. وقد لا تكون هذه كل تفاسير الإمام، ولربما يكون هناك تفاسير أخرى ألقاها الإمام الصدر في جلسة ما، وفي حلقة ما غير أننا اكتفينا حتى هذا الحين بما جمعناه، وهذا ما يشجعنا على دعوة كل من لديه مادة سمعية كانت أم خطية أو حتى معلومات أن يزودنا بها كي تتعمم الفائدة للجميع.
سنة 1999 خرجت الطبعة الأولى من هذا الكتاب والتي أسهمت إلى حد كبير في تلبية الرغبة في التعرف على الفكر التأويلي للإمام الصدر باعتباره اتجاهًا متمايزًا، والاطلاع على أسلوبه في التربية القرآنية. وها هي الطبعة الثانية من الكتاب المنقحة والمزيدة، وقد أُضيفت إليها زيادات لم تكن موجودة في الطبعة الأولى: كبعض التفاسير، وفهرس الآيات، وفهرس الكلمات، واستجدت عليها تغييرات في العناوين السابقة لضرورات ارتأيناها في التنسيق والتبويب مع مراعاة الترتيب القرآني للسور، وهو ما يجعل الكتاب متكاملًا منسجمًا في صياغة منظمة. وقد حاولنا المحافظة على متن النص الأصلي، مع إعادة صياغة بعض الكلمات الواردة باللغة العامية لتكون ضمن إطار لغوي واضح.
وأخيرًا، نتوجه بالشكر إلى: كل من بذل الطيب من الجهود في تلبية واجبنا نحو إمام قدّم في سبيل الفكر والإنسان كل العطاء... كل من قرأ واستمع وكتب وأبدى رأيًا وصوّب خطأً للوصول إلى الأفضل.
هي فرصة أتاحها لنا الإمام الصدر من موقعه الديني والثقافي، نرجو أن نكون قد حافظنا على الأمانة لله وللإنسان.
والله من وراء القصد.
مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات