رسالة الى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية 22/2/2010

الرئيسية إصدارات القضية العدالة لن تغيب

فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان حفظكم الله،

بعد التحية والسلام،
يُحار المرء في هذا الموقف بأي حبر يخط سطور رسالة موجهة إليك، وبأية لغة نبلّغك عن جرحٍ ما زال ينزف غيابًا، وأنت الحاضن للحق والساعي لاتمامه. في الحقيقة لا نستطيع أن نتصور سببًا واحدًا يدعو المظلوم للذهاب الى الظالم، لا! ولا أن نتخيّل أن يبتسم السجين في وجه سجّانه. لقد توقفنا شاكرين عند إعلانكم منذ أيام أنه: "لدى الشعب اللبناني سؤال: أين الإمام الصدر ورفيقيه؟ ونحتاج الى جواب عن هذا السؤال. لم يتلقَ الشعب اللبناني عن هذا السؤال المطروح أي جواب حتى اليوم".

ففيما تستضيف ليبيا أعمال القمة العربية في آذار لسنة 2010، فإنها لا زالت تحتفظ بضيوفها "الإمام موسى الصدر وفضيلة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ الصحافي السيد عباس بدر الدين" الذين وفدوا عليها منذ اثنتين وثلاثين عامًا في زيارة رسمية، وشوهدوا فيها لآخر مرة في 31 آب 1978، مغادرين فندقهم ولا يزالون محتجزين في سجون القذافي إلى اليوم.

ومنذ تاريخ التغييب وكل سعي مع السلطات الليبية يصطدم بحائط مسدود، رغم تواتر الأخبار على وجود الإمام وأخويه على قيد الحياة. وبدل إطلاق سراحهم تعاقب الترهيب ضد عائلات المخطوفين ومحاميهم وترغيبهم مقابل الصمت، واستمر الإنكار المتّصل والرفض التام لدى جميع المسؤولين الليبيين، وتتالت المؤامرات الجرمية في المراوغة والكذب للإيحاء بأن الإمام وأخويه غادروا ليبيا إلى إيطاليا ليلة تغييبهم في 31 آب 1978. وقد كذّب قضاة التحقيق في إيطاليا هذه المحاولات مرتين في عام 1979 وعام 1982. وبقي النمط الليبي مستمرًا على إنكار خطفهم بالرغم من حديث تلفزيوني للقذافي في آب 2002 أقرّ فيه أن الإمام "اختفى هو ومعه إثنان في ليبيا".

وبتعاقب السنوات الطوال على الوساطات غير المجدية لعدد كبير من زعماء العالم، رَفَعت عائلات المغيبين دعوى جزائية في لبنان، وهو البلد الذي ينتمي إليه الإمام وأخواه. وبعد سبعة أعوام من معركة قاسية في المحاكم، أصدر قاضي التحقيق لدى المجلس العدلي قرارًا في 21 آب 2008، انتهى فيه إلى "اتهام المدعى عليه معمر القذافي... لجهة التحريض على خطف وحجز حرية كل من سماحة الإمام السيد موسى الصدر وفضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين" ، وقد خلص النائبان العامان المتتاليان في لبنان إلى النتيجة ذاتها. وبناء على التحقيق أصدر القضاء اللبناني مذكرات للتوقيف ضد القذافي وسبعة عشر متهم آخرين اشتركوا في خطف الإمام وأخويه.

فخامة الرئيس،
في عهدك الرئاسي تمَّ ولأول مرة التأكيد على أن مسؤولية التغييب تقع على ليبيا، وتأكيدًا على تعهداتها السابقه أكدت حكومة الوحدة الوطنية في بيانها الوزاري الذي نالت الثقة على أساسه في أول سنة 2009 "ستضاعف الحكومة جهودها في متابعة قضية تغييب سماحة الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في ليبيا، من أجل التوصل إلى معرفة مصيرهم وتحريرهم ومعاقبة المسؤولين، الليبيين وغير الليبيين، عن جريمة إخفائهم ومنفذيها والمتورطين بها، استنادًا إلى ادعاء النيابة العامة في الثاني من آب 2004 والقرار الاتهامي الذي أصدره المحقق العدلي في الحادي والعشرين من آب 2008. كما تؤكد ضرورة إسراع المجلس العدلي في إنجاز عمله واتخاذ الإجراءات الوطنية والدولية التي تفرضها القوانين المرعية".

لقد حُرم لبنان، وهو في أحلك الظروف وفي أشد الحاجة للإمام موسى الصدر، و حُرم شعب لبنان من جسر التواصل بينهم، وحُرم العالم كله رسول سلام إلى الأديان. أما العذاب فهو يومي متواصل لعائلته وعوائل أخويه، ولن يرضوا بشيء سوى إطلاق سراح أحبابهم، والمساءلة والتبعة الجزائية للقذافي في تغييبهم والتمادي في حجز حريتهم وطمس الحقيقة والهروب من المسؤولية.

بناءً على ما سبق نطلب من فخامتكم

1- أن يُقاطع لبنان مؤتمر القمة في ليبيا، بناءً على احترام القرارات القضائية وهو أقل ما يمكن انتظاره من دولة ذات سيادة.

2- أن تُفعّل مذكّرات توقيف القذافي والمتورطين معه.

3- أن يُسرِّع المجلس العدلي تعيين جلسته لمحاكمة المتهمين بعد مرور ثمانية عشر شهرًا على صدور القرار الاتهامي من القضاء اللبناني.

4- أن تُرفَض كل محاولات القذافي غير المجدية في أي وساطة أو مساومة أو تعويضات أو ابتزاز أو لجان تحقيق أو... والتي ثبت أن الهدف منها المراوغة والتضليل والهروب من العدالة والمسؤولية.

فخامة الرئيس،
نخاف على الحق وعلى الحقيقة والمساءلة وهذه أساس الاستقرار في الأوطان... وما نحن إلا طلاب حق، نسعى لتحرير نفوس ضحت بالغالي والرخيص في سبيل حفظ الإنسان والوطن لبنان الذي تركه الإمام الصدر أمانة في أعناقنا.

ودمتم لنصرة الحق.
عائلة الإمام المغيب السيد موسى الصدر
22/2/2010