مناقشات ومداخلات الجلسة الأولى

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمة سواء" الحادي عشر: الإنسان في رؤية الإمام الصدر

د. علي الخطيب: أساتذة كبار علماء أجلاء، وتطلبون منّا أن نعلق... يعني فقط من باب الشكر لفيضكم لأن كلماتكم ومحاضراتكم كانت من نبض الإمام "موسى الصدر" الذي هو جمال وجلال وكمال. لكن تدخُّل... سؤال لكل واحد منكم:


أولًا- سماحة الشيخ "سامي أبو المنى" أنهى كلمته بأبيات شعر... فقط نضيف إليها شعر يستعمله الإمام الصدر لـ"حافظ الشيرازي" على أبيات الشعر:
يا نسيم الصبا إذا مررتَ بديار الحبيب        فاعطِه وردة ولا تخدش حياءه

ثانيًا- فضيلة الدكتورة "سعاد الحكيم" قالت عن تشييد الإنسان اليوم في هذا العالم. الإمام "موسى الصدر" مصداق لذلك الحكيم الشرقي الذي قال: من الصعب أن تكون حالمًا، ومن المستحيل أن تكون إنسانا. الإمام "الصدر" كان إنسانا من أجل كل إنسان في الأرض، وكل الإنسان في الأرض كما ذكر النص في صباح اليوم. لو الإمام "الصدر" كان موجودًا لا يسمح بـ 25 ألف طفل يُسرقون من أوكرانيا على يد الكيان الصهيوني ليبيع أعضاءهم. لو الإمام الصدر... لا يسكت عن 49 مليون جائع في الولايات الأميركية وحدها. هؤلاء أناس... لا يصبر أيضًا على 113 ألف عائلة في مدينة نيويورك بلا مأوى، لا يصبر عن 113 مليون طفل بين الخمس سنوات و15 سنة لا يدخلون المدارس، اليونيسيف تقول لهؤلاء في الأمم المتحدة أنهم بحاجة فقط إلى سبع مليارات دولار، لا تُدفع السبع مليارات دولار، في الاتحاد الأوروبي ينفقونها على أكل البوظة في السنة. على كل الأحوال، الإمام "موسى الصدر" كان الإنسان من أجل كل إنسان وكل الإنسان. يكفي فظاعة في هذا الشرق أن ترى هذا الصهيوني كيف يدهس المواطن الفلسطيني بعجلات سيارته، والمصريون وغيرهم يختلفون على لعبة كرة القدم. الإمام "موسى الصدر" هو الذي حمى لبنان، حمى الكيان لولاه لما بقي لبنان، لولاه لما بقي عالم عربي، لولاه لسُحِق الإنسان في العالم أجمع. نشكركم من فيض عطائكم أخذنا هذه الروح فتجرأنا بهذا الكلام بصوت عالٍ، ولكن مثلما قال الجنرال "عون" عندما راح إلى طهران وعاد... قال وجدتُ قومًا عندما يتكلمون لا يطلع الكلام بما يتجاوز الأذن... يحكون بهدوء كمصداق قول الإمام "الباقر" (ع) شيعتنا الخُرُس. كان يجب أن نخرس في محضر العلماء الذين أفاضوا عن الإمام "موسى الصدر" وأعطوه حقه، لكن هذا من باب شكر لكلماتكم وكانت مداخلة مرتبكة قليلًا، لكنها ما ظهر من القلب قد وقع في القلب. أعاد الله الإمام "موسى الصدر"، وصدق كلمة سعد "الشيرازي":
قل لشفة مظلوم اضحكي فإن أسنان الظالم سوف تُقتلع
وشكرًا.

الرائد يعقوب ضاهر: ما ورد في المحاضرات قيِّم، ولكن أريد أن ألفت إلى نقطة صغيرة، إلى نقص في هذه الجهة سواء عند الدكتورة أو عند الدكتور "رشاد سلامة"، هي أنه لم يُذكر أبدًا الناحية التطبيقية لأفكار الإمام "الصدر" التي تكلمتم عنها، يعني أنتم تكلمتم بكل الأفكار النظرية ولكن ما حُكي مثلًا عن مدرسة التمريض، مثلًا عن مدرسة الفتاة، مثلًا عن المؤسسة المهنية، مثلًا عن معمل النسيج، مثلًا عن المجلس الشيعي، مثلًا عن حركة المحرومين وكم كان لها تأثير بجمع المثقفين، ولم يُحكَ أخيرًا عن حركة أمل، أفواج المقاومة اللبنانية - أمل، التي هي كانت ضمن الخط الأساسي للدفاع عن الوطن. الإمام "الصدر" قضى حياته للوطن ولكنه كان عمليًا مع أفواج المقاومة اللبنانية. شكرًا.

الدكتورة سعاد الحكيم: هو ليس جوابًا ولكن أنا غير مختصة بفكر الإمام "موسى الصدر"... أنا كانت مداخلتي مرتكزة على النصوص التي أملكها... يعني كما الدكتور "رشاد" وصلته هدية من الكتب أنا أيضًا وصلتني هدية من الكتب، فبالتالي كان التركيز على الجانب النظري. هذا لا يمنع أن الجانب النظري مهم جدًا لأنه هو أحيانًا الفكر الذي يؤسس للحياة. أنا أشرت إشارة بسيطة وهي أن الإمام "الصدر" لم يكتفِ بتحميل نفسه مسؤولية إنتاج المعرفة وإنما أسّس على الأرض تجمع على أسسه يمارس أفكاره. أنا أظن حتى نكون مثمرين بلقاءاتنا أتمنى على السيدة "رباب" عندما يكون هناك دعوات تكون هذه الأمور التي تتعلق بالإنجاز أن يحضرها أحد من أهل الدار، والضيف يقدم الذي هو يقدر عليه، من باب المشاركة.

تعقيب الشيخ سامي أبو المنى: كما أضيف إلى ما قالته الدكتورة وإلى ما أشارت به في مداخلتها إلى أن الإمام أيضًا بذل الجهد للنهوض بالمجتمع من خلال تأسيس تجمع... دائمًا القادة الكبار يضعون العناوين الأساسية ويملكون الأفكار والمفاهيم، وعلى من يرثهم أو من يتابع خطهم أن يبني على هذه الأفكار ويبني على هذه التوجهات. والحمد لله أن من يستمر في مسيرة الإمام "الصدر"، السيدة "رباب". الإمام "الصدر" والمسؤولين عن نماذج الإمام "الصدر" الثقافية والعلمية والمهنية يتابعون هذه المسيرة، ولو لم يزرع لما كنا رأينا هذه الثمار الطيبة.

الدكتورة سعاد الحكيم: إذا أردتَ أن تتكلم عن الصنائع، جاء السبق للعبارة بالمنجزات على الأرض... لا أحد يستطيع أن يفهم منجزاتنا كلنا، أليس كذلك؟

منى زعرور- طالبة: أحببت كلام الدكتورة عندما كانت تتكلم قبل قليل أحسستُ أنه حتى بكل الأشياء كان الإمام "الصدر" عنده رؤية استشرافية. بكل كلمة كان يقولها يمكن وقتها لم يكن هناك وعي كافٍ حتى تُفهم. ولكن عبر الوقت نكتشف هذه المفاتيح التي هي مفاتيح –إذا أردت أن تسميها- اللغة البسيطة الممتنعة والتي تحمل أفكار مهمة وكبيرة جدًا. قبل قليل ذكرتِ توعية الإنسان وكيف كان يعتمد على المجتمع على الناس العاديين... يعني هو- إذا أردتِ في هذا المجال- أهم منظِّر للديمقراطية بمعناها الحقيقي والسامي، لأن الديمقراطية التي نراها الآن هي ديمقراطية عددية، لكن الإنسان ليس معتبرًا في هذه المجتمعات. فهو كان كما تفضلتِ كان يدعو إلى هذه الديمقراطية التي هي تُعنى بالإنسان بداية ونهاية... نقطة ثانية الإمام "الصدر" هو أول من دعا إلى الإنسان... وحتى سبق "هننغتون" بصراع الحضارات، فهو كان يراها من البدء هذه الرؤية الاستشرافية. ولكن السؤال الموجه إلى حضراتكم لماذا الإمام "الصدر" وفكر الإمام "الصدر" هو يتجسد عملانيًا على الأرض مثلما نراه الآن لكن في أماكن ضيقة وأماكن صغيرة، يعني هو يصبح فكرة سامية وككلمة أخلاقية عالية لكن نحس أن هناك بعدًا حتى تُطبق في المجتمع على صعيد المجتمع ككل، وما هو في الإطارات أو الأشياء التي تدعو إليها براغماتيًا وعمليًا حتى نصل إليها في مسؤولية الإنسان كشخص وكمجتمع. وشكرًا.

نزار رعد- أستاذ في التعليم الرسمي وباحث اجتماعي في علم الاجتماع المعرفي والتربية: لا بد من الإشادة في البداية إلى ما ورد عند سماحة الشيخ "أبو المنى" والدكتورة "سعاد الحكيم" والدكتور "رشاد سلامة" حول المكنون الفكري لفكر الإمام "الصدر" في الأبعاد التي تناولها. هناك جملة من المسائل التي تناولها الإمام "الصدر" في المرحلة الأولى للبنية التي عمل على إعادة استنهاضها، ولكن من حيث المسؤولية الأخلاقية هل استطعنا الوصول في لبنان إلى إعادة صياغة أسس تربوية لإعادة ذلك المكنون لبنية الطوائف السياسية وإعادة تقييم المجتمع اللبناني على أسس تجمع في الترابط أكثر دون بنية الطوائف. شكرًا. يعني السيد "موسى الصدر" استطاع بفطرة صادقة أن يتناول جملة مسائل، هذه المسائل عمل على تطويرها في عدة أماكن، وكان من مكنونه في الفكر الاجتماعي أن يحاول الوصول إلى إعادة صياغة أسس لبنية ترتيب المجتمع اللبناني على أسس لا تسمح له ببنية طوائف بحيث تُدمج الطوائف في بنية واحدة.

السيد حسين شرف الدين: لا شك نحن نشكر... أنا شخصيًا أشكر جدًا رئيس الجلسة والأستاذين الفاضلين الأستاذة الدكتورة "الحكيم" التي أتحفتنا... وإن كان باختصار شديد جدًا، ولكن النقاط التي قدمتها تحتاج إلى أبحاث بحد ذاتها. كل نقطة تحتاج إلى بحث طويل لأنها استطاعت أن تمسك بالأصل أو بالأساس في فكر الإمام "الصدر" من خلال هذه النقاط الخمس أو الثلاث أو ما شاكل. وكذلك الدكتور "سلامة" الذي استطاع أن يحدد مجموعة كبيرة من أقوال الإمام "الصدر" ليطرحها وهي بحد ذاتها محاضرة أو هي جزء من محاضرة. وبنفس الوقت ليس نقاشًا بين الجالسين أو المستمعين، وإنما شوقًا للأخ "أبو خالد" لأني أشتتاق إليه من فترة طويلة لم أره لأقول له بأن الإمام "الصدر" قد جعل من الأمور الاجتماعية التنفيذية هي المَثل لأفكاره النظرية. هذه الأفكار التي تمثلت بالنقاط التي طرحتها الدكتورة "الحكيم". فمن خلال فهم الإنسان عند الله، ابتداء الإنسان، علاقة الإنسان، البعدين للإنسان ما بين الأرض والسماء، هذين البعدين مثّلهما الإمام "الصدر" في جانب نظري وفي جانب عملي، هو ما عدده... وربما أيضًا أشياء أخرى أكثر من هذا. فإذًا، الحديث عن الجانب النظري لا يعني إهمال الجانب العملي وبالذات الاجتماعي لأنه ابتدأ بالإنسان المخلوق والمجعول مخصوص لأن يكون خليفة في الأرض كيف يكون خليفة في الأرض. فالجانب العملي والتربوي والاجتماعي الذي كان هو للوصول بالإنسان الخليفة بالشكل الذي عرضت له بايجاز كبير الدكتورة "الحكيم". بقي سؤال للعزيز الصديق "سلامة" تحدثت عن موضوع الأكثرية والأقلية عند الإمام "موسى الصدر" ربما لم أفهمها، فيمكن إذا كنتَ تتذكر ذكرني بها. ما رأيه بالأكثرية والأقلية؟

تعقيب الدكتور رشاد سلامة: هذا كلام يعود للإمام "الصدر"، حكى عن أشياء كثيرة قبل زمانه وزماننا وقبل هذا الزمان الرديء، منها مثلًا هذه التي وردت هكذا... هذه وردت في مرجع اسمه "رعاية الإسلام للقيم والمعاني الإنسانية" من منشورات مركز الإمام الصدر للأبحاث، والصفحات أنا أشرت إليها هنا... يحكي ويقول: "إن المجتمع يتكون من الإنسان بدون امتياز فيه لفرد، أو لطبقة، أو لعنصر أو فئة "حتى ولا أكثرية دون أقلية، ولا العكس"... هذا هو.

السيد حسين شرف الدين: إذًا، صحيح من هذه الناحية أنا كنتُ مشتبهًا بطرحها. وشكرًا لك على التوضيح.

غنى مونس- طالبة جامعية: السلام عليكم، أولًا شكرًا لحضراتكم على هذه المحاضرة المنيرة والمثقِفة جدًا والتي تسمح أن نطلع أكثر على فكر سماحة الإمام المغيب السيد "موسى الصدر". ثانيًا، أحب أن أوضح نقطة معينة أن حضرتكم النخبة المثقفة في البلد. ونحن الآن كطلاب جامعيين نشهد أزمة طائفية لا مثيل لها، رأيناها خاصة في 2005 حتى الآن... لماذا لا يتم –عندنا- الدعوة لاستراتيجية فعالة من قبل النخبة المثقفة التي تشكلون حضراتكم جزءًا منها من أجل أن نعمل استراتيجية للتثقيف في فكر الإمام المغيب "موسى الصدر"، وبكيفية تطبيق هذا الفكر سلوكيًا عند الطلاب الجامعيين، عند طلاب المدارس... نعمل منه نوعًا من ثقافة الحوار ونعمم هذه الثقافة على الطلاب اللبنانيين من مختلف طوائفهم، من مختلف انتماءاتهم. أنا اليوم للصراحة بمحض الصدفة عرفت بالمؤتمر، واطلعت على أشياء... مطلعة على أشياء من فكر سماحة الإمام لكن ليس كل هذه الأشياء، وأكيد هناك كثير من الطلاب الملمين بمجال الهندسة ومجال العلوم التطبيقية وغيرها من المجالات الجامعية لكنهم شبه أميين في هذه المجالات التي هي تدعو فعلًا إلى أنسنة الإنسان من أول وجديد. وشكرًا.

ردينة شمس الدين- تنشيط اجتماعي: حضراتكم ناديتم أو حكيتم عن فكر الإمام الصدر في تعميم العدالة الحقيقية، فهل يكفي اجتماعنا هنا سنويًا لتعميم هذه الدعوة. لا شك أن مؤسسات الإمام الصدر تقوم بأعمال كثيرة في هذا المجال ويوجد أيضًا مؤسسات أخرى... فنحن من هنا، على منابركم هذه نناشدكم أيضًا بالمناشدة بإنشاء جمعيات ومؤسسات تعنى بتعميم عدالة حقيقية والصدق المطلق وعدم التمييز العنصري بين الطوائف والمذاهب جميعًا. شكرًا.

الأستاذ الحاج علي جابر: عندي توصية تتقاطع مع ما تفضلتم به في محفلكم الكريم، من المعروف أن القادة في التاريخ هم نادرون ونحن في لبنان منَّ علينا بقائد فريد هو "موسى الصدر" والقادة باعتقادي من سلالات الأنبياء والصلحاء. لذلك هذا النوع من البشر عادة يكون غير الباقين. هذه النعمة التي منَّ الله التي أعتبر أنا من خلالها أن الإمام "موسى الصدر" هو أكبر من الأحزاب اللبنانية كلها... هو أكبر من حزب الله وحركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، هو أكبر من الشيعة. هو لم يتقوقع في زاوية، كان الإمام "الصدر" أكبر من لبنان كل الطوائف اللبنانية كانت تحترم الإمام "الصدر"، هناك ميزات أنا أعجز عن أن أستعرضها، وأنتم أساتذة في معرفتها. الإمام لا شك هو مفكر وفيلسوف، أتمنى أن نخرج بتوصية ولا تكون هذه التوصية محصورة بفكر الإمام "الصدر"... هل ممكن الجامعة اللبنانية... المدارس في لبنان تتضمن مناهجها أفكار وآراء هذا النوع من القادة. وأدعو أن نفتش عن قادة من مختلف الطوائف اللبنانية حتى لا يكون هناك أسباب تمنع من الاستفادة من فكر الإمام "الصدر"، فنحاول بسعيكم أنتم أساتذتنا في الجامعات أن نُضَمّن المناهج التعليمية في لبنان أفكار لهذا النوع من البشر، وألا تبقى أفكار تُطرح في المؤتمرات والكتب... حتى نضمن استمرارية الاستفادة من هذه الأفكار. والسلام عليكم.

الشيخ سامي أبو المنى: شكرًا لمداخلاتكم. الدكتورة "سعاد الحكيم" عندها رد قصير.

الدكتورة سعاد الحكيم: رد قصير جدًا، من باب الصدق مع الذات ومع الآخر. أنا برأيي الشخصي أنه يصير دراسات كثيرة لكلام الإمام "موسى الصدر"، إنما فكر الإمام "موسى الصدر" إلى الآن لم يحظَ بالدراسة الكافية... يعني لم يقدر المؤمنون بهذا الفكر أن يقدموه بشكل... أن ينقلوه من كونه ثقافة خاصة إلى كونه ثقافة عامة تخص كل الناس. أنا برأيي هذه الخطوة لم تتم... أنا كإنسانة خبيرة بالفكر أقول هذا الكلام هذا رأيي الشخصي، يمكن يعجب البعض ويمكن ألا يعجب البعض. ولكن أنا برأيي الشخصي أنه لا بد إذا فعلًا أردنا لهذا الفكر البقاء أن ننقله من هذا الحيز الذي هو يخص جماعة من الناس، لأننا نحن في زمن الجماعات وأفكار الجماعات، وكل إنسان يقف على حدة، وفكر الآخر دائمًا هو شيء مزعج لا نفهمه كفاية، ولكن إذا خرج من هذا الحيز... وهناك إمكانات كثيرة في فكر الإمام "الصدر" تُخرجه من الحيز المحدود بفئة من الناس ليكون لكل الناس؛ لكن يحتاج إلى إجادة بالتقديم، يعني يحتاج إلى دراسة فكرية لائقة بهذا الفكر الذي قدمه، وخاصة أنه قدّم فكره بنصوص حرة. والنص الحر من أصعب الأمور... من أصعب الأمور العمل بالنص الحر لأنك لتقدر أن تشتغل على موضوع واحد من مواضيع الإمام "الصدر" أنت مضطر أن تقرأ مسافة كبيرة. الذي يساعدك على القراءة أن الإمام الصدر دائمًا لديه نفس النصوص لا تتغير عليك. فبالتالي إذا قرأت له مثلًا كتابين يمكن تكوين فكرة ليست كاملة ولكنها فكرة أساسية يظل تنقصك التفاصيل. فمن هنا إذا قدرنا أن نصنع هذه النقلة، أنا برأيي إذا أردتم أن تقوموا بتوصية لنشتغل على الناحية الفكرية النظرية لنقلها وتحديدها وتقديمها كفكرة عامة تخص كل الناس... بدل أن نقول أنه فكرة عامة تخص كل الناس، يجب أن ننقله ليصير فكرة عامة لكل الناس وتأتي الشهادة من الآخر. هذا هو رأيي الشخصي.

الشيخ سامي أبو المنى: أتمنى أن تتسجل هذه التوصية.

الدكتور رشاد سلامة: أولًا، أنا أريد أن أشكر رئاسة هذا المنبر وبالتالي أنوّه طبعًا في الكلمة الجيدة التي سمعناها والأبيات الشعرية أيضًا التي تفضلتم بها. أريد أن أحيي الدكتورة "سعاد"، وأحب أن أنوّه بشجاعتها للتصدي إلى بحث دقيق وحساس جدًا، طرح له علاقة بالفقه، وطرح آخر له علاقة بالحالة الاجتماعية: موضوع المسؤولية في ضوء أيضًا ما هو تتمة المسؤولية عادة عن العدالة وقضية القوانين، كم هي القوانين الآن التي تُطبق ولا تُطبق، أو القوانين على مدى تاريخ مجتمعات الإنسان كم تستوحي من هذه التعاليم التي ذكرتها. حقيقة أحييك على شجاعتك وأحيي كلمتك. أخيرًا، هناك توضيح أنا مدين به إلى الجمهور. طبعًا اختصارًا للوقت، سقط من التلاوة يمكن العنصر الأهم عندما كنتُ أتكلم بموضوعي عن الوطن والإنسان في رؤية الإمام "الصدر" هناك جانب كبير كان يجب أن نتكلم فيه عن المقاومة، كان يجب أن نتكلم فيه عن بعض ما قاله الإمام "الصدر" وارد بحرفيته بالكلمة كما هي كاملة وموزعة وموجودة. أنا حين أتكلم، أتكلم بمسؤولية أمام بعض الوجوه التي أحبها والتي تشرفت بمعرفتها... للأساتذة الأكاديميين اسمحوا لي أن أنوّه بحضور سيادة العميد الذي نكن له مودة خاصة وكلنا نحترمه، ولكن حتى أطمئنك عميد استشهدتُ ببعض ما قاله الإمام "الصدر" حول موضوعين أو بكلمتي حول موضوع... يقول عن الموضوع الوطني هذا جانب كان من البحث، ولكن بكل أسف ضحينا به من أجل الوقت، أنا أنقل حرفيًا: "إن المناطق التي نعيش ويعيش فيها إنساننا اللبناني أمانة في أعناقنا وفي أعناق المسؤولين. الجنوب والأماكن الأخرى أمانات يجب أن تُحفظ بأمر من الله وبأمر من الوطن". هذا جانب. جانب آخر وهو رؤيوي، نحن اليوم نعيش تهويد فلسطين وتزوير الأماكن التاريخية، اليوم نراها... ولكن أنا أريد أن ألفت أنه... وهذا موجود في كتاب "أبجدية الحوار" الذي هو محاضرات وأبحاث أيضًا منشورات مركز الإمام الصدر، انتبهوا لو سمحتم إلى الكلمات، الآن نعيش تهويد القدس، الآن نعيش تهويد التاريخ، طبعًا العمل على مراحل... لكن يقول حرفيًا: "لبنان هذا بلد الإنسان والإنسانية يبرز واقعه الإنساني من خلال المقارنة المعاشة مع العدو في هذا اليوم عندما نجد أنه يشكل مجتمعًا عنصريًا يمارس السحق والتفرق بجميع أنواعه الثقافي والسياسي والعسكري حتى أنه يتجرأ على تحريف التاريخ وعلى تهويد المدينة المقدسة وعلى تشويه الآثار التاريخية". هذا هو الفكر الرؤيوي عند الإمام "الصدر".

الشيخ سامي أبو المنى: سأختم أيضًا بأبيات من الشعر ولو أنني أتصور أن الإمام موجود في هذه القاعة وعيناه تدمعان وهو يسمع... سأختم بأبيات من الشعر وكأنني أتصور أن الإمام هو من يقول هذه الأبيات، وربما تكون السيدة "رباب" قد سمعتها سابقًا، عندما يتوجه إلى الأديان بالمحبة، وإلى أتباع الأديان بالكلام والأخوة، وكأني به يقول:
أخي! أخي في رحاب الله والله شاهدُيوحدنا الحق والحق واحدُ
شهادة حق واعتراف تضــــمنا يقينًا بأنّـــا كلنا لله عائدُ
صلاة لبارينا نعيش رجاءهــا فنشدو على أبــوابه ونشــاهدُ
وصومٌ سوى عن ذكره وتحقق وتوق إلى فكر يـلاحقه ســاهدُ
وفعل زكاة والزكاة محبــة ومن يعطِ يُعطَ الخير والخير واجدُ
وحج الحقيقة والصخور وسائل يعرّج منها نحـو باريه قاصـــدُ
تناول خبز الحق يحيي نفوسنا ويُروى بماء العشق صبّ وزاهــدُ
ألا تلتقي الأديان في كل غاية وما الدين إلا حـيث تسمو المقاصـدُ
أكنتُ مسيحيًا فهذه عبادتـي وإن مسلمًا إني بذاك أجـــاهدُ

شكرًا لكم جميعًا، شكرًا لمركز الإمام الصدر وللحاضرين، والتحية للإمام "الصدر" الذي يجمعنا دائمًا على الخير والمحبة.