نص الكلمة المرتجلة للدكتور طلال عتريسي

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمة سواء" الحادي عشر: الإنسان في رؤية الإمام الصدر

بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يبقى الحشد الى آخر محاضرة.. مسؤولية.. إن شاء الله سأحاول أن لا أطيل وإن كانت المحاضرة لها طابع نظري لأنه عندما تتحدث عن مسؤولية الإنسان الاجتماعية وغير الاجتماعية نكتشف أن هناك آراء مختلفة متعددة حول هذه المسألة الآراء الفلسفية الدينية الاجتماعية. فهناك من يعتبر أن المسؤولية الاجتماعية حاجة هناك من يعتبرها قيد مفروض على الإنسان وهناك من يريد أن يتخلى عن المسؤولية الاجتماعية لأنه يعتبر أن هذه المسؤولية تفسد الدين على سبيل المثال أو يبتعد عن المجتمع لأنه يسيء الى العملية التربوية او من نأى بنفسه عن كل الأمور الاجتماعية صونًا لعقيدته او تقربًا لأوضاع.. هذه كلها آراء مطروحة في مجال الإنسان خصوصًا ومسؤوليته الاجتماعية عمومًا.

الاسلام أيضًا له رأي في موضوع المسؤولية الاجتماعية لدى الإنسان شأنه في ذلك شأن كل ما له علاقة بهذا الإنسان. الإمام "الصدر" في الحقيقة مرجعيته في رؤية مسؤولية الإنسان هي المرجعية الاسلامية هذا واضح يضاف اليها رؤيته الخاصة لهذه المسؤولية انه كيف يرى هذه المسؤولية. كل عالم من العلماء المسلمين مرجعيته: الاسلام، القرآن، النصوص، الأحاديث وبالتالي هو له رأي أيضًا. أضيف، الإمام "الصدر" لديه رأي سنحاول أن نتناوله بما تيسر مما عثرت عليه.

الإضافة الثالثة أيضًا هي تجربة الإمام لأنه قد يكون هناك عالم لديه رؤية وليس لديه تجربة وقد يكون هناك عالم لديه رؤية وليس لديه إضافة ويحلل ما يجد في النصوص. الإمام بهذه الحدود كان لديه المرجعية الإسلامية، لديه رأيه الخاص ولديه تجربته التي يؤكد فيها هذا الرأي ربما الرأي يأتي من التجربة ربما التجربة تأتي من الرأي ربما هناك تداخل بين هذه الامور لم يكن من السهل في الحقيقة أن نعثر على نصوص واضحة او كتاب حول مسؤولية الإنسان الاجتماعية عند الإمام "الصدر" طبعًا مركز الإمام الصدر للأبحاث عنده جهد كبير ونصوص وكتيبات وكتب لكن طبعًا الشخص بحاجة أن يبجث في معظم ما أنتج لكي يتمكن من أن يستنتج ما أعتبر أنا على الأقل كباحث أن هذا يفي بالغرض أو يفي بالغرض المطلوب في حدود هذه الندوة أو هذا اللقاء.

لهذا السبب يمكن أن نقول أن الإمام "الصدر" مثله مثل باقي علماء المسلمين من موقعه الإسلامي تناول قضية مسؤولية الإنسان الاجتماعية ولكن شأنه في ذلك شأن قضايا أخرى عند الإمام أنه حاول أن يربط دائمًا بين هذا البعد النظري وبين الواقع العام وهذه ميزة الإمام الصدر لا ننسى وأنا دائمًا اذكر عندما أتحدث عن الإمام أن هذا الكلام قيل قبل نحو أربعين عامًا يعني الآن طبعًا كل الناس تتحدث في هذه المسألة أصبح انتشارها أكثر الأفكار أصبحت مقبولة أقوى ولكن أن تُقال قبل أربعين سنة هذا يدل على التفكير في أهمية ما قيل في تلك الفترة. أيضًا الواقع بالنسبة اليه هو المقياس الذي يشير من خلاله الى أن وعي المسؤولية الاجتماعية لهذا السبب يمكن أن أقول أن الإمام "الصدر" رأى مسؤولية الإنسان الاجتماعية من خلال الخلفية الدينية والقرآنية وما تعنيه تلك الخلفية من أبعاد تتصل بالحدودية والخلافة، واحد...

ثانيًا- لقد نظر اليها من منظور شامل للإنسان يعني أنت تعمل في المجتمع... هي جزء من رؤية شاملة تتصل بالأبعاد الروحية والجسدية والأخلاقية والمعنوية وأيضًا بعلاقة الإنسان بالآخر وبنفسه، وليست فقط بعلاقته بالآخر وسأشرح قليلًا هذه المسألة.

ثالثًا-ربط بين مسؤولية الإنسان الاجتماعية وبين العمل من أجل بناء المجتمع المسلم الذي يعتبره هو المجتمع الاسلامي يحدد المعنى.

4-لم يميز الإمام "لصدر" بين الرجل والمرأة في تحمل المسوؤلية الاجتماعية.
يمكن أن نترجم هذه الرؤية للإمام من خلال مجموعة عناوين مثلما قلنا حاولنا ايجادها في هذا المكان، في هذه المحاضرة، في هذا النص استطعنا أن نحصل على مادة متماسكة تعبر عن هذه المسؤولية الاجتماعية.

سأشير لاحقًا الى بعض العناوين التي لم يتحدث عنها علماء الاجتماع أو منظرو التربية وغير ذلك، سأعطي إشارة من أنه بالنسبة لي لأني أعمل في هذا الميدان لم أرَ أنه مثلًا عندما يتحدث عن كرامة الإنسان، الفكرة بالنسبة للإمام "الصدر" أنها: ﴿إني جاعل في الارض خليفة﴾ [البقرة، 30]، هي أهم كرامة أعطيت للإنسان وتبدأ مسؤوليته الاجتماعية في تحميله هذه المسؤولية يعني هو يصبح في أعلى درجة من المسؤولية لأن من كلفه هو الله سبحانه وتعالى.

أي لا مسؤولية بالنسبة للإمام بدون هذا التكريم المهم للإنسان. الكرامة هنا هي شرط أساس لاستقلال الإنسان وحريته في التصرف، ليختار الطريق الأقوم.

إذا كان الله، هذا الكلام للامام "الصدر"، قد فضّل الإنسان على كثير من الخلق... فمعنى ذلك أن المسؤولية بمستوياتها كافة، لأنه يرى المسؤولية شاملة، وستكون محط تطلع واهتمام، نظرًا لموقع الإنسان وكرامته من جهة، ولموقع من يقوم بخلافته من جهة ثانية.

ومن تجليات كرامة الإنسان التي ستجعل مسؤوليته الاجتماعية أكثر رقيًا وأكثر إنسانية، هذه النقطة المهمة، هي قدرته على الحد من اندفاع النفس للسيطرة على السلوك والعقل. يعني يشرح أنه "من ترك الشهوات كان حرًا" تلك القدرة على "الترك" هي من تجليات كرامة الإنسان، هذه النقطة الإضافية التي قد لا نجدها في الأدبيات الاجتماعية أو التربوية. كلما أتتك القدرة على الترك يعني أن لا تسير على هواك، تتجلى كرامتك الإنسانية أكثر فأكثر طبعًا هناك معادلات أخرى بالعلوم الثانية.

الإشارة الثانية، أنا أستنتج بحسب نصوص الإمام، التي لا تقل أهمية عن الأولى، بحسب استنتاجي، في تجليات كرامة الإنسان. إن هذه الكرامة ترتبط بحسب هذا البعد بخدمة أناس الذين هم "عباد الحق" خصوصًا وأن الكون كله في منظور الدين هو محراب كبير، وكل جزء من أجزائه ساجد ومسبح ومصلٍّ. يعني أنت تتجلى كرامتك كلما خدمت عباد الحق يعني هذا يصير عملك الاجتماعي هو في خدمة عباد الحق لأن الكون كله سابح ومصل وساجد وكما يقول الإمام "لخميني" في الإطار نفسه: "الكون كله محضر الله، فلا تعصوا الله في محضره".

2- حرية الإنسان: كرامة الحرية
لا يرى الإمام المسؤولية الإنسانية بمعزل عن الحرية طبعًا هذه فكرة فلسفية نوقشت كثيرًا في إطار ما يريده الإنسان وما هو مفروض عليه. المعادلة صعبة أنه ما يريده وما هو مفروض عليه بين حريته في مستوياته كافة وبين واجباته ومسؤولياته القانونية والاجتماعية والأخلاقية. فالإمام "الصدر" لا يرى مسؤولية بلا حرية.
يقول: "لا صيانة للحرية إلا بالحرية" الحرية اعتراف بكرامة الإنسان. يستحيل أن يكون الإنسان بلا حرية ويمارس مسؤوليته الاجتماعية. كيف تتحقق المسؤولية الاجتماعية بالنسبة للامام؟

هذه المسؤولية ليست شأنًا فرديًا بالنسبة اليه كما قد يتبادر إلى ذهننا.
هذه المسؤولية لا تتحقق إلا من خلال وجود الفرد كجزء حقيقي في مجتمعه أي أن المسؤولية هي عملية تبادل بين الأفراد لا تذهب في اتجاه واحد. وهي ليست من دون هدف. الهدف كما يقول الإمام هو بناء "المجتمع الإسلامي". والمجتمع الذي يقترحه الإسلام هو المجتمع الإنساني الحي. بهذا المعنى تكون مسؤولية الإنسان الاجتماعية هي المساهمة في بناء هذا المجتمع.

ما هو دور الدين في هذه المسؤولية:
يرفع الدين لواء المسؤولية الاجتماعية ويدعو إلى التغيير وإلى الحرية. يبدأ الإمام "الصدر" هنا بالتمايز عن كثير من آراء العلماء ويقول أن الأنبياء والعلماء والأئمة عملوا من أجل التغيير ومن أجل نقلهم من الظلمات الى النور تحدث عن سيرة الأنبياء، كل الأنبياء. لكن يضيف الى ذلك الواقع المعاصر، يتحدث عن "جهاد الأفغاني"، "عبد الحميد بن باديس" في الجزائر، عن تلامذته الذين كانوا "القوة المحركة للثورة الجزائرية..." إلى علماء العراق الذين قادوا الثورات التحررية في العشرينيات إلى السيد "عبد الحسين شرف الدين" في لبنان الذي جاهد الاستعمار الفرنسي. لذا هذه إضافة الإمام "الصدر". يربط الإمام "الصدر" بين المسؤولية الاجتماعية وبين التحرر والانعتاق من الظلم ومن الاحتلال، يعني المسؤولية الاجتماعية ليست فقط أن نساعد عددًا من الناس نعطيهم مالًا مثلًا هذا جانب، الجانب الآخر يربط بين المسؤولية الاجتماعية وبين التحرر والانعتاق من الظلم والاحتلال. هذا الربط الديني بالسياسي، عندما يربطهما معًا... هذه تجلياته أن تقوم بواجبك في عتق الناس من الظلم ومن الاحتلال. لذا يقول الإمام أن من اعتنق هذه الإيديولوجية يعني الايديولوجية الاسلامية عليه أن ينهض لمواجهة الاستبداد والاحتلال حتى يحقق مسؤوليته الاجتماعية.

يعتبر أن المسؤولية الاجتماعية هي مسؤولية مشتركة يعني هو يربط بين المسؤولية الاجتماعية وبين تحقيق العدالة. لم تعد سهلة المسؤولية الاجتماعية لذلك أنا قلت أنّه من الصعب على أحدنا أن يلتقط كل هذه العناوين، يعني ندخلها كلها تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية. يربط الإمام "الصدر" بين المسؤولية الاجتماعية وبين تحقيق العدالة بالنسبة اليه لا يعترف الاسلام بإيمان لا يثمر العدالة في حياة الفرد والجماعة.

وبما أن العدالة يجب أن تتحقق في المجتمع فهي تحتاج إلى طريقي الفرد والمجتمع معًا. يلفت الى مسألة مهمة أيضًا، يقول أن ما بلغه هذا الفرد من مال وتجارب وقوة ليس ثمرة جهده الشخصي فقط، مثلما كلنا نعتبر: أنا عملت، أنا سويت، أنا حصّلت... بل شاركه في تكوينه الآخرون. يعني من سبقه ومن عاصره مثل الشجرة التي ساهمت في إنتاج الثمرة لكنها استفادت من الماء والهواء والشمس والأرض. بهذا المعنى أن الفرد أمين على ما يملك، ومسؤول عنه أمام المجتمع. بحسب ما يرى الإمام "الصدر"، أن يحتكر ما عنده، ولا أن يتلفه، أو يهمل في شأنه ولا يجوز له أن يسيء إلى نفسه أو يؤذيها.. لأن كل ذلك هو تفريط في حق الجماعة التي ينتمي إليها هذا الفرد، هذا أيضًا يختلف عن الأدبيات التقليدية في هذا المجال.

وفي مقابل المسؤولية الفردية عن سلامة المجتمع، تأتي المسؤولية الجماعية او مسؤولية الجماعة عن الفرد وهي تأمين ما يحتاج إليه، فلا يتضور جوعًا في حين يشبع آخرون أو يتخم بعضهم... كما هو حاصلٌ الآن.

يشير الإمام "الصدر" إلى مسألة دقيقة عندما يعتبر، ودائمًا استنادًا إلى القرآن الكريم أن مسؤولية الإنسان الاجتماعية تنطبق أيضًا على الجوانب الأخلاقية، أيضًا نحن ممكن أن لا ننتبه أن الجوانب الاخلاقية هي جزء من المسؤولية الاجتماعية يعني لا تنطبق فقط المسؤولية الاجتماعية على الجوانب المادية فقط، فتجنب الغيبة على سبيل المثال هي أيضًا مسؤولية تجاه الآخر، يعني مثل ﴿لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾ [البقرة، 188] ، أيضًا ﴿ولا يغتب بعضكم بعضًا﴾ [الحجرات، 12]. هو يعتبر أن الأمرين مسؤولية لأنه لا تستطيع أن تأخذ مالًا، أن تأخذ له ماله لأن هذه مسؤولية اجتماعية. أيضًا أن لا تغتاب الآخر هي مسؤولية اجتماعية. أيضًا هذه طبعًا مفهوم إسلامي يربط بين سعي الإنسان لتوفير فرص الحياة للآخرين، أو فرص المساعدة للآخرين وبين عودة هذا الخير إلى نفسه. وهذه خاصية إسلامية. وهذا الربط بتقديري من أهم ما قيل عن نتائج المسؤولية الاجتماعية المشتركة بين الفرد وبين المجتمع. يعني ليس هناك نظرية تقول أن الخير الذي تعطيه للآخرين هو لك لمصلحتك. مسألة أيضًا ربما من الإضافات التي أكد عليها الإمام "الصدر" من خلال مرجعيته الدينية هي إشارته إلى "أن العلاقات البشرية تعتمد أساسًا على الكمال البشري". ماذا يعني؟ يعني عندما يقدم الإنسان خدمة فإنما يفعل ذلك في طريق الكمال وليس مقابل الأجر. لأن العطاء في المجتمع المادي تجارة، يعطي يأخذ. هذا معناه، كما يقول الإمام "الصدر"، تجميد الإنسان، تنزيل نفسيته وروحيته، بينما في المجتمع الإسلامي الذي يتحدث عنه الإنسان يعطي لأنه يعبد الله، وخلال ذلك هو يحقق الكمال.

طبعًا هنا يتحدث الإمام عن التربية والمسؤولية الاجتماعية، طبعًا الدكتور "سعد الدين" حكى عن هذه النقطة عندما تبدأ من الأسرة. في هذه الأسرة ثمة تقسيم للوظائف وللواجبات الاجتماعية. يؤكد الإمام على تأثير الأم القوي على الطفل كعناوين.

ما يختص به الإمام في هذا المجال من خلال تجربته الواقعية تحدث عن المسؤولية الاجتماعية على مستوى الأمة.

المسؤولية الاجتماعية بالنسبة إليه هي التصدي لتغيير أحوال الأمة. وهي مسؤولية لا يمكن التهاون فيها أو التراجع عنها. هكذا نفهم موقفه في لبنان بالنسبة لاسرائيل والدعوة لبناء مقاومة وبناء مجتمع مقاوم لأنه هو يعتقد على المستوى النظري أن هذه مسؤوليته الاجتماعية كما سأذكر لاحقًا. إذًا، هو يعتبر أن هذه المسؤولية لتغيير أحوال الأمة مسؤولية لا يمكن التهاون فيها أو التراجع عنها.

تتطابق هذه الرؤية للمسؤولية الاجتماعية عند الإمام مع دوره هو نفسه في إجابته عن سؤال التأخر الذي لحق بالمسلمين، لماذا تأخر المسلمين يقول: الاستعمار الخارجي هو المسؤول والتخلف الداخلي هو المسؤول ويدعو إلى الاستعمار بأشكاله كافة. عندما ننظر إلى تجربة الإمام في لبنان، وما قام به عمليًا سوف نلاحظ أن مسؤوليته الاجتماعية كانت مسؤولية شاملة متعددة الأبعاد والمستويات. فقد عمل من أجل:

1- رفع الغبن والحرمان عن اللبنانيين عمومًا وعن اكثرهم غبنًا وحرمانًا: الشيعة، الفيلم الذي عُرض صباحًا يحكي أنه أنا أدعو الى رفع الحرمان عن كل الناس لكنها تصدف بهذه المنطقة الناس المحرومين هم الشيعة لذلك أخذ هذا الطابع. اذًا، هو يدعو لرفع الغبن والحرمان عن كل اللبنانيين لأن هذه النقطة المهمة "لأن العدالة الاجتماعية تعزز الشعور بالمواطنية". والمواطنية، كيف بدنا نصنع المواطنية، إعملوا عدالة اجتماعية يصبح عندنا عدالة اجتماعية لأنه نشأ عند الناس شعور بعدم الإحساس بالمواطنية لأن الناس لا تشعر أنها تنتمي الى وطن يعطيها حقوقها بكل بساطة.
2- فتح قنوات الحوار بين الطوائف المختلفة "لأن التعاون مع الطوائف كما يقول من صميم الدين".
3- ضرورة المواجهة مع إسرائيل، وهذا الذي عمل له.
4- بناء مجتمع مقاوم.
5- قدّم عمليًا نموذجًا مختلفًا لمسؤولية رجل الدين الاجتماعية هذا الذي قلته أنه من أربعين سنة ما كان عندنا هذا النموذج، كان هناك نماذج مختلفة... هذا بحث آخر. عندما جعل الاهتمام بشؤون الناس والمجتمع والدعوة الى التغيير والتصدي وطلب تغيير أوضاع الأمة في صمت دوري يؤدي الى التعبد. لأن النشاط السياسي السليم بالنسبة إلى الإمام "الصدر"، هو مشاركة في بناء المستقبل، والدين لا يعزل أبناءه عن المشاركة في بناء المستقبل، لأن كما يقول "طاقاتي الاجتماعية ليست ملكي، ولا يحق لي أن أتصرف بها إلا في صالح صاحبها الأصيل الذي هو الله والدين".

خلاصةً، هكذا دمج الإمام في رؤيته لمسؤولية الإنسان بين أبعاد عدة. بين خلافة هذا الإنسان من المنظور الديني، بين الكرامة التي أعطيت له لتحقيق هذه الخلافة، بين ربط المسؤولية الاجتماعية وبين الحرية. إذ يستحيل على من كان أسيرًا لهواه أو للظلم والطغيان أن ينهض للقيام بمسؤولياته الاجتماعية بالتعاون مع الآخرين.

اعتبر الإمام أن المسؤولية الاجتماعية هي عملية تربوية تبدأ في حضن الأسرة. أن المسؤولية هي تفاعل مشترك بين الفرد وبين الجماعة لتحقيق العدالة الإنسانية التي هي هدف الأنبياء والرسل. من هنا للدين مكانة بارزة وأصيلة، في تحمل المسؤولية الاجتماعية وفي دعوة المتدينين خاصة والناس عامة إلى عدم التخلي عن هذه المسؤولية.

وشكرًا.