تقدمت السلطات الليبية من السلطات الإيطالية بطلب بتاريخ 15/2/1980م لإعادة التحقيق القضائي في القضية، معززة طلبها بتحقيق أمني ليبي مزعوم ـ ثبت فيما بعد تزييفه ـ ادعت أنها باشرته بتاريخ 3/11/1979م (أي بعد أكثر من أربعة عشرة شهرًا على حصول الجريمة).
وبعد تحقيقات واسعة أجراها القضاء الإيطالي مجددًا ووقف فيها على أدلة جديدة، وانتقل خلالها المحقق الإيطالي إلى ليبيا ثم لبنان حيث استمع في تحقيقاته إلى شهود عديدين بينهم أشخاص جالسوا الإمام الصدر وتحادثوا معه أثناء وجوده في ليبيا وشاهدوه مع أخويه ينتقلون من فندق الشاطئ في طرابلس لمقابلة القذافي (حيث جرى إخفاؤهم بعدها) ولم يعودوا إلى الفندق الذي بقيت فيه حقائبهم قبل ظهور بعضها لاحقًا في فندق «هوليداي إن» في روما، لفظ القضاء الإيطالي قراره النهائي بمطالعة النيابة العامة في روما تاريخ 20/12/1981م (1) وقرار قاضي التحقيق تاريخ 28/1/1982م (2) المتوافقين، والمتضمنين تثبيت نتيجة التحقيق الإيطالي الأول، بالإضافة إلى إعلان تزييف التحقيق الأمني الليبي.
_____________________________
1- وضع النائب العام في روما الدكتور سلفاتوري فكيوني مطالعة بتاريخ 20/12/1981م أورد فيها بتفصيل الأدلة على تزوير التحقيق الليبي المزعوم، وقال أنه تكونت لديه "قناعة ترتكز إلى أدلة ثبوت دامغة ومتطابقة بصورة دقيقة جداً فيما بينها، سواء من الناحية المنطقية أم من الناحية الحسية الملموسة" يتحصل منها بالضرورة "أنه ثبت بالتأكيد الجازم أنه في إيطاليا لم يرتكب أي جرم بحق الشخصيات الثلاث موضوع البحث".
2- وضع قاضي التحقيق في روما الدكتور دومينيكو نوسترو Dr.Domenico Nostro
بتاريخ 28/1/ 1982م تحت رقم 8168/81 (سجل عام غرفة التحقيق) قرارًا أورد فيه حرفيًا: "إن التحقيقات الإضافية المعمقة التي أجريت، عززت وأيدت بشدة، نتائج التحقيقات السابقة، وأفرزت أدلة ثبوت متطابقة لا يرقى إليها أدنى شك، وهي وفيرة جدًا، بحيث يترتب الجزم، بكل تأكيد، أنه لم يرتكب أي جرم على أراضي الدولة الإيطالية بحق موسى الصدر ومحمد يعقوب وعباس بدر الدين، لأنه ثبت أن المذكورين لم يصلوا مطار فيوميتشينو (روما) في ساعة متأخرة من ليل31 آب 1978على متن طائرة أليطاليا (الرحلة881) القادمة من طرابلس، وأن أشخاصًا آخرين غير معروفين انتحلوا شخصيات الأشخاص الثلاثة، وزيفوا أثارًا لدخولهم وإقامتهم على أراضي بلدنا". ونظراً لانحصار سلطان القضاء الإيطالي بالحدود الإقليمية بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، ولكون الجرائم المقترفة بحق الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين لم ترتكب في إيطاليا، قرر التحقيق الإيطالي عدم لزوم تحريك الدعوى الجزائية وحفظ الأوراق.