نشكر الاستاذ لؤي شرف الدين على قراءته ورقة الدكتور كلوفيس مقصود والتي شدد فيها ان تقارير التنمية الإنسانية الصادرة عن الامم المتحدة هي صرخة بين صانعي الرأي وبين صانعي القرار. وقد أكّد فيها أيضاً على تأكيد الثوابت والتكيف مع المتغيرات. هناك فسحة لطرح الاسئلة لمن يريد.
1- الاستاذ عادل قرطاس: سيدتي أود أولاً أن أهنئكم على إدارة هذه الجلسة القيمة واسمحوا لي بالتعليق أو بوضع بعض الاسئلة لبعض المحاضرين. أولاً المحاضرة التي تفضل بها الدكتور السيد يسين، ألفت النظر انه في تاريخ الامة العربية هناك فترات من الديمقراطية وأريد هنا أن آخذ دستور سنة 1923 في مصر، وكذلك في العراق وفي سورية، وحتى في بلدان المغرب العربي. ونحن نتساءل اليوم وقد أعجبتني كلمة إزاحة. أزحنا عن الموضوع بعض المرات، لم نكمل المشوار الذي بدأنا به وأنا أخالف الرأي في القول، أن الأمة العربية بدلاً ان تتقدم تأخرت الكثير الكثير خاصة من الناحية الديمقراطية. يعني أنه بعد الاستقلال، بعد أن حصلت الدول العربية على هذا الاستفلال بدل أن تكمل التجربة الديمقراطية والحريات في مجتمعاتها أزاحت عن ذلك وأكملت ضمن "العسكرتاريا"، تقريباً في كل الدول العربية من الجزائر حتى العراق.
الملاحظة الثانية، سيدي، تعود الى دور المرأة في العالم العربي. أعود بالذاكرة والتاريخ الى سنة 1925 في مصر، وحركة هدى شعراوي لمكافحة الحجاب في مصر. وأنا أثير هذا الموضوع ولا أريد أن أكمّل إنما أشير الى التقرير الرابع للامم المتحدة عن الدول العربية عن دور المرأة. وأخيراً لي ملاحظة خاصة في التعليم. نظم التعليم في العالم العربي يا سيدي يجب إعادة النظر فيها كلها. نحن نكثر من عدد المعاهد والكليات والجامعات إنّما لا نخرّج المتدربين لمواكبة العمل وحاجات التنمية البشرية. نحن في صدد التنمية الإنسانية في هذا المؤتمر وهذا يشمل التنمية البشرية أيضاً يجب ان نلاحظ ذلك. وشكراً
2- المستشارة نبيلة صعب فتح الله مديرة تنفيذية سابقة في منظمة العمل العربية-جامعة الدول العربية:
الحقيقة أريد أن أقول إن الذي قاله الدكتور السيد يسين المشكور على هذه المحاضرة القيمة، وأنا أتابعه دائماً يعني هو ليس غريباً عليّ، أقول له بأن التغييرات الكونية المؤثرة علينا بالقوة للانتقال من المجتمع الصناعي الى المعلوماتي العالمي يفرض على المجتمع العالمي هذا القيام على أساس الديمقراطية والشفافية كما الالكترونية. ولكن أريد أن أقول هنا أنه على ما يبدو أنّ هناك ترويج للمعلوماتية السائدة بقوة تسونامي الى الأمام مع المراوغة بكل ما لمعنى الشفافية والديمقراطية من دقة وواقعية.
السؤال باعتقادك: هل هذه المراوغة التي أعتقد أنها مقصودة من قبل الغرب هي للعمل لتشويه أو تضليل الشعوب العربية في خضمّ تفتيته بحيث يلجأون للالتهاء بالتقدم المعلوماتي متناسين الشق الأهم والحقيقي لمعنى الديمقراطية. هذه الديمقراطية هي القائمة أساساً على الشفافية بل العدالة وأين قوة الروح في دولنا العربية المستمدة من أدياننا السماوية السمحاء, جميع دياناتنا تدعو إلى المحبة والمساواة والعدل, لترد على هذه الأضاليل الغربية الكاذبة التي تريد أن تصدّر ديمقراطيتها العرجاء البعيدة كل البعد عن الواقع العربي. ولماذا لا ننادي بالعالمية بدل العولمة, العالمية التي لا تفرق لا لون ولا جنس ولا عرق إلا ما يقدمه كلٌّ منهم على العالم بالفائدة من دون استثناء ولدينا الكثير من المفكرين والعلماء والفقهاء، لذا ندعو مركز الإمام موسى الصدر باسم العلامة الخالد السيد موسى الصدر تعديل العولمة الغربية بالعالمية الإنسانية لنبيّن الفرق الشاسع بين العولمة المفروضة بالقوة والمفرقة والعولمة الجامعة والموحدة.
وشكراً.
3- شكراً دكتور السيد يسين, السؤال كيف ترى المعلومة التي ترشح أنّ العمر النصفي half Life للمعلومات تكاد لا تكون أكثر من ثلاث سنوات, يعني نصف ما نعرفه يذهب في ثلاث سنوات. وهذا سبب في ما يسمى التعليم المستمر. نحن نملك المعرفة ولكن معرفة صارت قديمة ويجب أن ننبه الى ضرورة التعلّم المستمر لأن العلم ثلاث, كُتُبٌ صحاح وعالم فتّاح ومتابعة والحاح. فكيف ترى منظومة التعليم المستمر في اذكاء الفكر العربي وتوجهه نحو المعرفة الكاملة؟
4- حسيب فقيه, دكتور علم اجتماع تنمية: حقيقة دكتور السيّد يسين تفاجأت بالمقدمة التي تقول إنّ الزمن وكأنه رجوع الى المنهجية الليبرالية التقليدية ونحن أصبحنا متقدمين جداً, متقدمين جداً بالمعرفة والمعلوماتية وما معنى الحالة؟ هل هي المنطقة, الدولة, القومية, الفرد لم أعرف, ما هي الحالة التي تقصدها؟ هل هي حالة برنارد شو. دكتور أحمد بشرتنا أنه اذا اردنا أن نعمل تنمية هناك صعوبات فإذا لم نتعلم من التجارب تكون مصيبة. شكراً.
5- منى كنعان من اذاعة النور: يعطيكم العافية, الحقيقة الموضوع في أكثر الأسئلة قد دار حول التربية والتعليم, الأسئلة المطروحة بمجملها تتكلم عن التربية والتعليم وعن الواقع المعلوماتي أو المجتمع المعرفي نحن نعرف أن كل تنمية تمر في مراحل. فالتنمية أولّ ما ابتدأت هي تنمية بشرية حتى أصبحنا في التنمية الإنسانية, هل كل تنمية تحتاج الى ادارة حتى نستطيع أن نقول عنها تنمية أو لا؟ كل تقرير يصدر عن عدد من الخبراء يستحق الوقوف عنده والتحدث عنه بكل هذه التفاصيل وننسى أن كل موضوع تنمية هو بحاجة الى ادارة كما تفضل الدكتور أحمد بعلبكي أنّ التمكين بحاجة لخطوات, التأهيل المعلوماتي بحاجة لخطوات, كل شيء بحاجة لخطوات. في تقارير التنمية البشرية الاربعة تحدثت عن تمكين المرأة ، عن حرية الرأي، عن التربية والتعليم في الدول العربية. لكن ما الخطوات العملية والادارية لانجاز النقد الذي تمّ في التنمية الإنسانية؟ سؤالي هو مداخلة وليس سؤالاً. الخبراء العرب والقيمون على تقرير التنمية الإنسانية هم مضطلعون بأوضاع المنطقة العربية فأين يكمن دورهم في ادارة التنمية الإنسانية أو نكتفي كل سنة بإصدار تقرير نناقشه والسنة التي تلي نبقى على نفس المنوال؟
السيد يسين: أشكر السادة الزملاء والزميلات على الأسئلة والملاحظات النقدية.
- أعتقد أن السؤال الأول من أستاذنا هنا, سؤال بالغ من الأهمية. لماذا لم تستكمل الدول العربية مشروعها الليبرالي والديمقراطي. رأينا في بداية الاستقلال حصل عسكرة للمجتمعات بشكل أو بآخر. وجود الانقلابات بعضها تحول الى ثورة مثل ثورة 52 وبعضها ظلّ انقلاباً بالرغم من أنه يتحدث عن الثورة, أنا أتحدث عن حالة مصر, مصر قبل 1952, من 1923 -كما تفضل أستاذنا- الى 1952 كانت فترة ليبرالية كان هناك تعددية سياسية وكان هناك دستور. التعددية السياسية محكومة الى حدّ ما بحكم الانكليزي المحتل وحكم مؤامرات الملك مع الانكليز, حزب الوفد حزب الأغلبية حكم 8 سنوات فقط في هذه المدة كلها. من1923الى 1952, كلها كانت وزارات أقليات, أحزاب الأقلية. الأحزاب الأقلية كانت ليبرالية ولكنها خانت المثال الليبرالي لأنها سمحت لنفسها أن تحكم في ظل الاحتلال ضد حزب الأغلبية, من 1945 الى 1952 سقطت مصداقية الأحزاب السياسية. أنا أحد أعضاء هذا الجيل، أنا رجل مخضرم عملت في السياسة مبكراً, قبل 1952 كنا نتمنى زوال هذا النظام وفساد النظام الحزبي وأعتقد أن هناك مشابهات في ذلك في سوريا وتونس الى آخره. أصبحت الوزارات محاولة لاستظهار وانتفاع في ظل تحكم كبار الملاك للعملية الاجتماعية والاقتصادية. مثلاً في 1952 كان هناك مشكلتان: المشكلة الوطنية، اجلاء الانكليز؛ والمشكلة الاجتماعية: الفجوة الطبقية الكبرى بين الأغنياء والفقراء. شعار العدالة الاجتماعية أو مطلب العدالة الاجتماعية كان هو المطلب الأساسي. حين جاءت ثورة يوليو قدمت للشعب العدالة الاجتماعية وانتقصت حرياته ولكن كان هناك تفويض سري من الشعب لعبد الناصر، إفعل ما تشاء ليس لنا دعوة بالحريات السياسية ونحن نريد عدالة اجتماعية. القضية الحقيقية مطروحة الآن في العالم العربي، ديمقراطية نعم ولكن هل تصلح في ظل غياب العدالة الاجتماعية، برأيي لا ديمقراطية بغير عدالة اجتماعية. في مصر ضجة كبرى, مصر انتخابات (ودَوشة وهيصة) أين مضمون العدالة الاجتماعية؟ كيف سيعتدل الميزان الطبقي في مصر والفجوة الهائلة زادت بين الأغنياء والفقراء؟ عدنا الى موقف ما قبل 1952, الشعب العادي يحتاج الى العدالة الاجتماعية في ظل الحرية السياسية. الدرس المهم في هذا الموضوع نحن كأناس عشنا في عهد عبد الناصر قبلنا بالمقايضة بين الحريات السياسية والعدالة, كان ذلك خطأًً تاريخياً, ليس ممكناً. الرئيس السادات أتى، وكان القرار الجمهوري قد قضى على منجزات الثورة الناصرية. اذاً الحرية السياسية أساس والعدالة الاجتماعية أساس لا يمكن أن يقايضا.
طبعاً اشارة سيادته لتحرير المرأة... هدى شعراوي ابتدأنا مبكرين ابتدأنا من عهد رفاعة الطهطاوي, لما كتب كتابه الشهير "تعليم البنين والبنات" من زمن وحصل تطور في تعليم البنات في مصر وتعليم المرأة في مصر, لا زالت بعض المجتمعات العربية تكافح ضد تحرير المرأة. نحن نرى أحياناً مفارقات في العالم العربي أنّ الحكام يكونون أحياناً أكثر تقدماً من المجتمع. لنأخذ حالة الكويت, الجبهة الاسلامية في الكويت, الحكام يريدون أن يعطوا المرأة حقها في الانتخاب وهُم رافضون. انظر الى المفارقة وأصدروا قراراً ملزماً في مجلس النواب الكويتي قال الفصل بين البنين والبنات في الجامعة والحكومة عاجزة عن تنفيذ الخطة ستبني كليات للبنات وكليات للبنين, اذاً عندما يتخرجون، ينشئون وزارة شؤون للبنات، ووزارة شؤون للبنين, هذا كلام عبثي, وهوسة معينة ازاء المرأة, هستيريا. التيارات عندها هستيريا لماذا يفعلون ذلك؟ يريدون القبض على المرأة وحبسها وسجنها ولا تعمل وتغطي وجهها. ما هذه الحكاية؟ ماهذا الهوس؟ هناك مشاكل أيضاً خاصة بالمجتمع المدني ليست كلها مشاكل الأنظمة وتحكماتها, هناك رجعية اتجاهات المحافظة في المجتمع المدني وهذه هي الأخطر. في مصر على سبيل المثال, هناك رجعية شديدة ازاء وضعية المرأة وهناك سيادة للفكر الخرافي وليس الفكر الديني. فكر خرافي يستند الى تأويل مشوه للدين وأصبحت المسألة فيها خرافات سائدة وليس فيها فكر ديني مستنير. ومن هنا أهمية ما نسميه تجديد الخطاب الديني, المسألة أصبحت خطيرة لأنه أصبح هذا الخطاب التقليدي مُعوّق من معوقات التقدم وليس من معوّقات الديمقراطية.
- السيدة الفاضلة تثير قضية بالغة الأهمية, العالمية والعولمة, على فكرة عندي كتاب "العالمية والعولمة", أنا أختلف معكِ اسمحي لي, العولمة عملية تاريخية نتيجة تراكمات في الخبرة الإنسانية في البحث العلمي والتكنولوجيا والتقدم. هناك كلام كثيرعن العولمة كونها ظاهرة حديثة فيما يقال العولمة الثالثة أو الثانية. عندما اخترعوا اللاسلكي هذه كان عولمة قبل الآن, عندما انفتحت الأسواق العالمية, هذه عولمة.
نحن الآن في ظل الثورة الاتصالية الكبرى، هذه إحدى ميزات العولمة الراهنة ننفتح على العالم, تسمى connectivity ، أيّ ولد في مصرمن الممكن ان يتصل بأيّ ولد في الصين, وهذا أبداً ما كان ليحصل قبل الآن, انفتحت وسقطت الحواجز والسدود, ما مشكلة العولمة؟ نشأت في ظل رحم النظام الرأسمالي ولكنها لن تبقى كذلك الى الأبد وشاركت في صنعها.. العولمة هذه شارك في صنعها هنود ومصريون من الذين هاجروا الى أمريكا, العقول المهاجرة من صناع العولمة ومن صناع الابتكارات التكنولوجية ثقافات متعددة، الهيمنة الأمريكية لن تبقى الى الأبد, معاهدة التجارة العالمية فيها نصوص مجحفة في العالم الثالث ولكن هناك كفاح داخل مجموعة الـ15 ضد الهيمنة الموجودة، ولكن أصبح ما هو تعريف العولمة؟ العولمة معناها فك الحدود أو التدفق الحر للسلع والخدمات والأفكار والبشر, طبعاً تدفق البشر عليه خطوط حمراء الآن في أوروبا, يمنعون المهاجرين من دخول أوروبا، خاصة المسلمين, لماذا؟
لأن المهاجرين المسلمين في أوروبا كان لهم حاجاتان إمّا أن يحتفظوا بخصوصياتهم الثقافية وينعزلوا عن المجتمعات المضيفة، وإما أن يتمثلوا ويندمجوا مع المجتمعات. في كثير من الأحيان رفضوا التمثل والاندماج, كان الذي يهاجر من عشرين وثلاثين سنة الى بلد يمشي جانب الحائط لا يتكلم كثيراً, الآن منذ عشر سنين تقريباً حصل نوع في العالم كله مما أسميه ظرف التبجح الثقافي, أن الواحد يعلن خاصيته ويتبجح بها ويتحدى الآخرين, رأينا أفلاماً عن بعض المهاجرين, الرجل هناك يجلس في الجامع ويخطب ويحرّض على انكلترا أو الغرب, يا رجل هذا لا يصحّ, هذا نوع من الخطابة, يذهب شخص مصري، أصولي مصري يفتح الجريدة ويشتم فيهم ويحرّض على قتلهم, هذا سلوك غريب, لذلك في انكلترا وفرنسا أصبحت هناك قوانين متشددة جداً ازاء استقبال هؤلاء الناس. عندنا مشكلة. وهناك حاجات ايجابية الشيخ يوسف القرضاوي مثلاً لعب دوراً أساسياً في بناء فقه يتفق مع وضع الأقلية المسلمة الموجودة في المجتمعات الغربية, لا زالت التيارات الأصولية المتطرفة تسيطر على هذه المجتمعات.
العولمة فيها العالمية, من تجليات العولمة, هناك تجليات ثقافية للعولمة يعني محاولة بناء ثقافة كونية Global Culture ، المحاولات هذه موجودة، الاستفادة من قيم الأديان هذه كلها المسيحية واليهودية والاسلام, لبناء نسق مشترك من القيم يحكم الإنسانية ويركز على قيم التسامح وقبول الآخر والعدالة. فالعولمة فيها جانب ثقافي وفيها جانب اتصالي، ومن هنا يمكن القول لا يمكن استبدال العالمية بالعولمة، صعب, قد تكون هذه دعوة. عندك العولمة فيها أسس مادية وأسس تكنولوجية وعلمية واقتصادية, كيف ندخل العولمة؟ ندخلها برؤية نقدية. ندخلها برفع المستوى, برفع مستوى الانتاج, رفع مستوى المعرفة, نقبل التحدي إنّما نرفض العولمة ونشكو من العولمة ونحن غارقون في التخلف, ليس هناك فائدة. أعتقد أن هذه مسائل متعلقة بالتقدم.
-الأستاذ العزيز تحدث عن مسألة بالغة الأهمية, في اليونيسكو في باريس "ايزاك دولور" الوزير الفرنسي كلفوه برئاسة لجنة عن اتجاهات التعليم في القرن الحادي والعشرين, التقرير هذا مهم وترجم الى العربية, التقرير يتحدث كما تحدث أستاذنا عن التعليم المستمر. وهذه رسالة مهمة ولكن أهم من هذا التعليم العربي يقوم على العقل التلقيني الاتباعي. فشل التعليم الجامعي العربي في تقييم في ما أسميه العقل النقدي، بدون عقل نقدي ليس هناك تقدم, لو عندك عقل نقدي تتفاعل مع الآخر ولا تخشى شيئاً, التعليم المستمر يقتضي من الأساتذة ومن المثقفين ما أسميه التجدد المعرفي. والتجدد المعرفي هذا عملية يومية وليس كل سنة, كلما تجلس أمام الانترنت تشعر أنّ هناك أشياء يجب أن تتعلمها, حاجات تسقط وحاجات تقوم, كيف يمكن للنخبة المثققة قبل النخبة الأكاديمية أن تضع موضوع التجدد المعرفي في المقام الأول وكيف نصون مؤسساتنا لتساعد على التجدد المعرفي وعدم التجمد على مقررات أصبح لها أربعين وخمسين سنة؟ أيضاً من اتجاهات التعليم المستمر الجامعة المفتوحة أي التعليم عن بعد, لأن التعليم المستمر يحتاج آلية. ما هي آلية التعليم المستمر؟ الجامعة المفتوحة.. التعليم عن بعد... إنّ الناس يرتبطون بهذه الجامعة لتمدّهم بالمعارف الجديدة وبالتطورات في المقررات. اذاً نحن نحتاج الى ثورة في الواقع لموضوع التعليم لأن هذا موضوع أساسي وهو مفتاح التقدم.
- الأخ العزيز تكلم عن التنمية في تونس . أظن, ما كان سؤالك بالتحديد؟
- الفاصل الزمني الذي تكلمت عنه. الفاصل الزمني هو فكر تقليدي, ليبرالي تقليدي بعيد ونحن في عصر العولمة, حضرتك تتحدث كيف نستجلب عصر الزمن القديم الى الآن؟
- أشكرك. أنا كتبت في الورقة التي قدمت لهذا المؤتمر, هناك فقرة بعنوان اختبار الحداثة السياسية, أنا لم أفتح الموضوع لأنه له أبعاد عديدة, الكاتب المؤرخ المغربي المعروف "عبدالله العروي" له كتاب جميل جداً اسمه "الايديولوجية العربية المعاصرة", أخذ ثلاثة أنماط من الوعي يسميها: وعي الشيخ, ووعي الليبرالي ووعي داعية التقنية.
يقصد بوعي الشيخ الشيخ، محمد عبده، الذي قال بأن الإسلام يمكن أن يكون معاصراً، لسنا محتاجين لنموذج الغرب. ووعي الليبرالي يقصد به أحمد لطفي السيّد، المثقّف المصري الكبير، الذي قال دعونا من التراث ولنحتذي أوروبا اقتصاداً وفكراً وثقافة. ووعي داعية التقنية سلامة موسى الذي قال التكنولوجيا والتصنيع هو الأساس واتركونا من التراث. عبر الزمن الذي نجح هو التيار الليبرالي, لا التيار الماركسي ولا التيار الديني حُكماً, ولكن في التيار الليبرالي أخذنا الأشكال دون أن نأخذ الجوهر, حتى رفاعة الطهطاوي عندما أحبّ أن ينقل الفكر الفرنسي في "تخليص الابريز"، لم يستطع أن ينقل النموذج الغربي الكامل لأن أوروبا كانت قد بنت ثورتها الثقافية وكان المعيار هو العقل، هو محكّ الحكم على الأشياء وليس النص الديني, لم يستطع الطهطاوي أن يقول هكذا. أولاً لأنه في مجتمع تقليدي، فمارس ما أسميه عملية تهريب المعاني, يأتي بالفكرة الغربية ويلبسها عمامة إسلامية حتى يستطيع أن يُمشّيها، فنشأت الازدواجية في الفكر العربي منذ تلك اللحظة. أخذنا فكرة البرلمان، هذه فكرة غربية ولكن حولناها الى مجلس للحديث عن عبقرية الحاكم, الحاكم العبقري الملهم, يعني نادي مغلق للتصفيق عن الهام الزعامة, أخذنا فكرة الحزب السياسي ولكن في الواقع هو قبيلة وليس حزباً سياسياً بالمعنى الأوروبي للكلمة. أحزابنا قبائل بالمعنى الواسع لمعنى قبيلة. وبالتالي الفاصل الزمني مهمّ جداً لماذا, لأن الفاصل الزمني في أوروبا بُنِيت الليبرالية عبر مئتين سنة, أنت تريد أن تعملها عشرين أو ثلاثين سنة, حرق المراحل قد لا يصلح في بعض الأحيان لتحقيق الشكل والمضمون في المؤسسات والنظم. أشكركم.
شكراً دكتور السيد يسين.
الدكتور أحمد بعلبكي: يعني خلاصة المداخلات التي توجهت اليّ شخصياً أنا أعتقد أنّ هناك ضرورة للتنبه للقيمة ولآلية الوصول اليها. يعني هناك ديمقراطية، صحيح هي الهدف البعيد ولكن الدمقرطة هي مصاغ تاريخي, هي اعادة تربية تسمى Re- Education ، يجب أن يكون هناك مسار طويل، لا يصح أن نحاسب المجتمعات على مدار قرنين أو أكثر. أما هذه العملية الدمقرطة الذي يريد الدمج فيها يجب أن يدخل فيها كل الأطراف المعنية. الشراكة كلام جميل ولكن أنا أقول أيضاً بالاشراك أيضاً لأنه ليس طبيعياً أن نذهب عند ناس لتصل في بعض المناطق نسبة الأمية بين النساء الى أربعين في المئة في مناطق لبنانية, نعم في مناطق لبنانية في أقضية الفقر تصل الى أربعين في المئة, وفي مناطق كثيرة ليست الأمية الهجائية فقط، هناك أميات أصعب في فهم الأمور والأوضاع الاقتصادية والانتاجية وغيرها، واذاً، نطلب منهم قولوا ماذا تريدون؟ ما هي خطة التنمية التي تقترحونها لننفذها لكم؟ هذا ليس صحيحاً, هذا اسمه "ديماغوجية" أي تضليل. يوجد عملية اشراف, عملية تأهيل, التأهيل هذا من يقوم به؟ لا أعلق أهمية وأقول إن الحكومات هي من تقوم به. أعلق أهمية على المعارضات بين مزدوجات التي تأخذ بالخطاب العقلاني التنموي. وهنا أقول في أنّ في طليعة هذه الخطابات التنموية العقلانية المعارضة هو الخطاب الاصلاحي الديني. وأخيراً أقول إنه لا يمكن قالت الأخت أو أحدهم قال بشّرتنا بالصعوبات، أنا نعم لا أتجاوز الصعوبات لأنني أعرف أنه لا يمكن الخروج أو تجاوز التخلف الا بدفع ثمن كبير, ثمن الخرافة, ثمن الخرافة، الميثولوجيا التي تستحكم في عقولنا, وهذه الخرافة المهيمنة في الثقافة هي التي تعيد انتاج التخلف وسلطات التخليف من الحكومات والأجهزة. أنا أقول مثل لطلابي وأصدقائي، أقول لهم الراكب مبسوط والمركوب مبسوط يعني في الآخر لا أحد من القيادات المقررة في القيادات الا أن ينزل بوسطة ويُرْكِبُ فيها مئات الآلاف من الناخبين أو عشرات الآلاف من الناخبين ونستعجب ذلك طبعاً, الفقر له ثقافته والسلطة تفهم كيف تتعامل مع الفقراء. أنا أريد أن أسأل دكتور يسين أرجو أن أكون فهمت ما طرحه أننا أخطأنا في التخلي عن الديمقراطية السياسية عندما قبل الشعب المصري وأعطى لعبد الناصر وغير عبد الناصر للنظام الجزائري وللبعثي في العراق وسوريا قبل ذلك فهل هذا هو فعلاً خطأ؟ أنا هنا أتكلم على صعيد نقد المعرفة. هل أن الشعوب تخطئ أم أنّ هذا هو مستوى نمو الثقافة السياسية, الاجتماعية، والمؤسّسية؟ يعني الجود من الموجود. الى هذا الحد الناس تعرف، الشعب المصري كان عنده حدس في المستقبل وليس التحليل ليعرف أن هكذا نظام عندما يحقق الديمقراطية الاجتماعية يهدد نفسه بأنه لم يحقق الديمقراطية السياسية.
بالنسبة للثقافة, ومنها بعض السلطات الحاكمة في البلاد والأميركية الحاكمة في العالم اليوم تقول بالاصلاح، ولكن الشعوب مع الأسف يأتيها الاصلاح من أكبر عتاة الظلم عليها سواء في دول عربية خليجية أو غير خليجية أو في دول العالم. بالنسبة للتربية والثقافة أقول متى نقبل القول "الأبناء هم الذين يربون الأهل" "Les enfants éduquent les parents" يعني لا أعلم اذا كنا سنصل, يعني لا زالت هناك سلطة السن، يعني هناك قيم لا زالت شائعة, سلطة السن, سلطة الذكورة, هذه سلطات، هذه قيم تهيمن في ثقافتنا وليس لها الا الاجتهاد الديني منه والزمني ليمكنّا من.. وإلا فإن هذه السلطات تستثمر هذه الثقافة بالذات، وشكراً.
السنيورة: رجاءً اذا كان هناك من مداخلة أخيرة مقتضبة جداً.
مداخلة: في ما يتعلق بتقسيم العناوين في المؤتمر أولاً: التجربة العربية. في ما بعد تجربة الامام موسى الصدر. وبالتالي الأثر الديني في التنمية. مقسمة أكاديمياً لكن لا نستطيع أن نفصلها عن بعضها البعض. التنمية العربية فشلت لأنها تصارعت بين فريق يشد الى الأمام وفريق الى الخلف, تراث بلا عصر أو عصر بلا تراث جمعهما الإمام موسى الصدر وخلق أو صنع من محيطه في لبنان طامحاً الى تغيير الإنسانية جمعاء في التنمية الإنسانية لأنّ التنمية هي تحسين أو تطوير كل انسان وكل الانسان. فبالتالي الإمام موسى الصدر كان ينظر الى المسيحي والمسلم واليهودي وكل انسان في البشرية نظرته إلى" أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". من ناحية ثانية كل الانسان لأنه لا يمكن أن ننميه مادياً مهما أعطيناه من رواتب وعطايا وهو معاق معنوياً وروحياً ومعنوياً وأيضاً العكس يصير تشوّهاً وبالتالي الإمام موسى الصدر في حركة المحرومين قدّم نموذجاً قادراً على حل مشاكل المحرومين في لبنان, محرومي العرب, المحرومين في العالم أجمع اليوم, ضحايا العولمة الذين يبلغون أكثر من خمسة مليارات و400 مليون مسلم. الإمام موسى الصدر حفيد الحسين هو الذي مهّد لما سيأتي بعد مدة، ثورة الإمام المهدي المنتظر ليملأها قسطاً وعدلاً بعد أن مُلِئت ظلماً وجوراً. وعن المرأة دكتور السيد يسين نحن نحترمك جيداً ونتابعك من مجلة المنهج الى غيرها لكن المرأة بنظر الإمام موسى الصدر, وهذه آخر كلمة ونسألكم الدعاء, كان يتحدث مع جهة أو فريق من المستمعين الإمام موسى الصدر عن المرأة, خلاصة القول يقول لهم: "كل شيء مادة وصورة", هذه القاعة مادتها باطون وتراب وحديد وغيره, صورتها قاعة. يقول "المجتمع أُسر، مادته الأُسر وصورته ما نراه". يقول: "أعطى الإسلام المرأة صناعة الأُسر أي صناعة المادة، وأعطى الرجل صناعة الصورة بشكل كامل". للأسف لا في تاريخنا منذ زينب الى الآن, منذ الزهراء الى الآن, لم نعطِ لا للمرأة صناعة الأسر ولا للرجال صناعة الصورة, فأصبحنا لا صورة ولا مادة في تخلف نقيض، لكي نتخطى هذا التخلف علينا أن نعود في الأساس الى القيادة والشعب والعقيدة, قائد بلا شعب، لا رأي لمن لا يُطاع, شعب بلا قادة يضيعون, شعب وقائد بلا عقيدة تربط القائد بالشعب, تضع الحقوق والواجبات للحاكم وللشعب أظن النتيجة نظير, هذا ما نجحوا به في اليابان وهذا ما سينجحون به الآن في ايران على أمل أن يستفيد العرب من الدرس. وشكراً.
السنيورة: ختاماً أود أن أشكر الحضور الكريم على حسن الاستماع, وأشكر أيضاً المحاضرين الكرام, والشكر الكبير لمؤسسات موسى الصدر ممثلة اليوم بسماحة السيد صدر الدين الصدر, ونحن دائماً نتطلع الى فكر الإمام موسى الصدر ملهماً ومحركاً ومؤثراً وشكراً لكم جميعاً.