المحور الثالث: التنمية الإنسانية في فكر الإمام الصدر وتجربته
القاضي الحلبي: شكراً لمداخلة الدكتور طه, سأفتح المجال اذا كان أحداً يريد أن يعلّق على شيء.
شيخ: السلام عليكم, ارتفاعاً أو حتى نرفع التهمة عن بعض العلماء السالفين, وتبياناً للحقيقة, الإمام موسى الصدر جاء رائداً وقائداً وسيداً وإماماً مما لا شك فيه، لكن القصور عند بعض المعممين وليس العلماء, قصوراً أو تقصيراً عند بعض المعممين وأقول للتأكيد والتنبيه ورفع الالتباس كي لا تقعوا في الغيبة. الذي قال وهو شاعر قد توفاه الله وكان من رجالات الدنيا وكان مبتلى، أعاننا الله واياه. لكن مجيء الإمام غيّر في بعض عقول هؤلاء المعممين, منهم من انضوى, وأذعن والتزم وسار في ركب الإمام، ومنهم من تيقن من الجهل المركب في ذاته. الجهل جهلان, جهل بسيط وجهل مركب, لمن لا يعرف الجهل المركب هو لا يعلم أنه لا يعلم, ليس العلماء كذلك, أهل العلم مع الإمام موسى الصدر كانوا, ولا زالوا وسيبقون, وهي المقاومة. المقاومة الاسلامية في لبنان هي خط الإمام السيد موسى الصدر هذا النهج, هذه العقلنة، هذه العملقة, هذه القوة, هذا الانفتاح, هذا العطاء, هذا الزخم, هذه القدرة, هذه المنعة, هذا السمو, هذه الأخلاق, هذه القيم, أُخذت من مدرسة الإمام القائد السيد موسى الصدر. على هذا الأساس نحن نقول على خط الإمام موسى الصدر رقياً, سمواً, نقاءً، صفاءً, بقاءً مع الطيبين, مع الواعدين, مع المخلصين, لا مع الناس الذين لا يفقهون ولا يعلمون ويعتمّون وهم ليسوا من أهل العلم وأعتقد أن الدكتور القاضي الحلبي والدكاترة يوافقون على هذا القول. أهل العلم هم في سمو ورُقِيّ، والمعممون يختلفون عن أهل العلم, من تكلم عنهم الشاعر وقاله بلسان الدكتور هم أهل عُمّة وليسوا أهل علم.
القاضي عباس الحلبي: شكراً مولانا، تفضل سيد أبو رائد.
السيد حسين شرف الدين (أبو رائد): بسم الله الرحمن الرحيم. لا شك أنّ هذه الجلسة كانت غنية بما فيها من ابحاث الدكتور السيد ساسين والدكتور طه, وإن اقتضى لي أن أتحدث فقط لتوضيح بعض النقاط هي: ما يرتبط مثلاً بقضية -وهذا وضحه الدكتور طه- أن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى.. لم يستطع أن ينفذ هذه المطالب التي عرضها في البدء, وهذا أيضاً قاله الدكتور طه بأنها لا ترتبط به، بل ترتبط بالدولة. هنا توضيح لإبراز صفة من صفات الإمام الصدر وهو أنّ ما كان يقتضي على الدولة أن تفعله ولم تفعله وبإمكانه أن يفعله، نفّذه. منها مثلاً: المؤسسات التي عرض لها رائد, منها القضية أفواج المقاومة اللبنانية, باعتبار عندما.. كان يطالب باسم المجلس الشيعي الأعلى, كان يطالب بتشكيل جماعة سمّيت أو طرح عليها اسم الأنصار جماعة مدربة بإشراف الجيش اللبناني لتقوم بهذه المهام, واذا الجيش اللبناني نفسه ينسحب من الجنوب, فقط كان هناك مربط في صور وليس في صور, كان مكتباً ادارياّ في صور, كان مربطاً في قرية أرزون, ومربطاً أظن في منطقة مرجعيون, في بلدة في مركبا. يعني مربطان شكليان, مخفران. فإذاً هذا الجنوب الذي يُقصف يومياً, من يردّ عنه, هل نبقى؟ يبقى أهل الجنوب، أهل جبل عامل فقط المتابعون للعمل الفدائي, هم المؤيدون له ومجندون معهم ولكن هل يبقى؟ فقط الصورة الوحيدة للدفاع عن الجنوب هم الأخوة الفلسطينيون, فاذاً لا بد من أن يكون هناك شراكة, شراكة من اللبنانيين أهل الأرض, فكانت أفواج المقاومة اللبنانية، هذا مثل من الأمثلة. مثلاً بالنسبة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هو من طروحاته أن يؤطّر الطاقات الشيعية أولاً كما تفضل الدكتور طه, أن يؤطّر الطاقات الشيعية، في أي مجال؟ أن يؤطّرها لتستطيع أن تصل إلى قضية الحوار, إلى قضية التفاعل مع الجماعات الأخرى والطوائف الأخرى, لذلك كان له الحديث أن من يتحدث باسم جماعة من الجماعات هم الممثلون الحقيقيون لهذه الجماعة. فأوجد هذا التمثيل الحقيقي المعترف به من الدولة, والذي اعترف به من قبل الشعب, قضية حركة المحرومين في البدء لم تكن حركة شيعية، فرضتها ظروف الحرب في لبنان أن تكون حركة شيعية. لأنّ كما نعرف جميعاً (كل عنزة تعلقت بكرعوبها) هذا مثل شعبي معروف. الشيعة أصبحوا وحدهم تمثلهم حركة المحرومين, وغير الشيعة لهم جماعاتهم المختلفة, ولكن كيف بدأت الفكرة, من شارك في البدء, ميشال أسمر ماروني, ومن يرى محاضر الجلسات التي كانت تجري يرى وكأن ميشال أسمر سيكون أمين السر العام لحركة المحرومين أو لأي نشاط. هذا لم يكن لها اسم. هذا من خلال محاضر الجلسات, من كان من الموجودين بشكل دائم, بحضور دائم في الاجتماعات الوزير طبارة, الأستاذ أنيس نصولي, المطران جورج خضر, بيار حلو, وهكذا من هذه الأسماء السيد حسين الحسيني, يعني أنا ذكرت بعض الأسماء ومع الاعتذار من الآخرين الذين لم تحضرني أسماءهم. اذاً ومن الذي وقّع على العرائض 199 مثقفاً لبنانياً, من الذي وقّع؟ من الناقورة الى العبودية، ومن البحر الى الحدود الشرقية, من الذي وقّع؟ كل اللبنانيين. من الذي ساهم؟ أيضاً لم أذكر صاحب جريدة لسان الحال الأستاذ جبران حايك أيضاً, كان من المتحمسين ومن حاملي العرائض, جبران حايك, كانت جريدته لسان حال هذا التجمع. أما المجلس بحدّ ذاته فقد مثّل فعلاً بالنسبة للشيعة, هو عملية الجمع, الغطاء, الغطاء لهم. هؤلاء الشيعة الموزعون في اتجاهات متعددة, وفي اعتبارات متعددة, استطاع أن يوجد لهم كياناً. فكان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى وبمن ينتخب ادارته هم الفئة النخبوية، هناك فئة أخرى لأن المطالب.. الخبز والعيش والفقر من كان سيحملها, ليست الفئة النخبوية, تخطف فيه الفئة النخبوية. أما من يحمله هم فقط الجائعون والذين يريدون الخبز, ولذلك كانت حركة المحرومين, في هذين الشكلين وعدم المؤاخذة اذا أطلت ولكن فقط للتوضيحات, أشكركم.
السيد عقل حمية: بسم الله الرحمن الرحيم, بالنسبة لمهرجان بعلبك, نحن الذين تصورنا أنّ له بُعد داخلي, وله علاقة بمطالبنا الشيعية, المطالب التي تتعلق بالمحرومين, كل المحرومين في لبنان. سنة 80 مع بداية انتصار الثورة الاسلامية في ايران اجتمعنا وكنا مجموعة من الشباب في ايران وبقينا فترة طويلة, كنا ندردش مع بعض القيادات المسؤولة ومنهم الدكتور ابراهيم يزدي, سألنا: ما هو مهرجان بعلبك, ما هو مهرجان صور, قلنا له نفس الكلام الذي تفضلت فيه دكتور غسان. فقال: التظاهرات مشت في شوارع طهران ضد الشاه في ايران.
وهناك نقطة ثانية أريد أن أضيء عليها حول ما يجري اليوم, في سنة 1975 كنا في ثانوية برج البراجنة, أقمنا أسبوع الجنوب, كل يوم محاضر, افتتح الأسبوع الإمام الصدر, حجبنا النشاط عن رفاقنا, نحن كنا باسم الشباب المؤمن قبل تسمية حركة المحرومين. خبأنا النشاط عن رفاقنا الحزبيين والطلاب في المدرسة مخافة أن يعطلوا المهرجان. حضر الإمام الى المهرجان, قدمناه أول ما نطق بكلام دعانا الى الحوار مع الآخرين وعدم إلغاء الآخر, عملنا بالوصية. في صورة له هي صوت الحق, هذه الصورة الخضراء, الصورة الملائكية الرحمانية, مثل جميع صوره كنا قد وضعناها على صندوق من الكرتون على الأربع جهات, معلقة في خيط مسبحة, لا يُرى, تظهر وكأنها معلقة في الهواء. نسمة هواء حرّكت الصورة شدت أنظار الحضور كله لهذه الصورة. التفت الإمام لهذا الأمر, أمسك الصورة وقال :"أرفض أن أُصبِح صنماً أُعبَد, استمعو إلى الكلام واعملوا بما تسمعون من كلامي". يعني الناس التي تقدّس الصور الحالية. الإمام أنزل صورته وقال استمعوا لكلامي. ولو الأمر..
الدكتور ساسين عساف: لو يرى اليوم كم هناك من صُوَر, كم هناك من صنمية؟
عقل حمية: يعني هذا الذي أريد أن أقصده, وبالنهاية لو كان الأمر يعود لي أن أضع عمامة على رأس الدكتور ساسين نظراً لأني شعرت فيه بفكر الإمام الصدر الحقيقي ومُعايش الإمام بشكل تفصيلي, يعني أفكاره الحقيقية انعكست من خلال الدكتور ساسين.
القاضي الحلبي: باسمكم جميعاً أتوجه بالشكر إلى حضرة المحاضرين الدكتور ساسين عساف, والدكتور طه والأستاذ رائد شرف الدين كما أشكر لكم جميعكم حسن استماعكم وبصورة خاصة تحملكم عناء هذا النهار الطويل. التحية الأخيرة هي الى مؤسسات الصدر التي دعتنا الى هذا اللقاء, الى القيمين, الى العاملين والعاملات, الى السيدة رباب الصدر, تحية الى أنجال الإمام والى عائلة الإمام والتحية الأولى والأخيرة هي الى الإمام ورفيقيه وشكراً والسلام عليكم.