إعلان إنطلاقة حوار الحضارات

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر كلمةٌ سواء العاشر: التنمية الإنسانية: أبعادها الدينية والإجتماعية والمعرفية ... وإشراقات من فكر الخاتمي

كلمة السيد خاتمي في نقابة الصحافة اللبنانية مساء يوم الخميس بتاريخ 1/12/2005.

بسم الله الرحمن الرحيم

أود أن أعرب عن بالغ سروري وغبطتي بالتقائي بكم أيها الأخوة الأعزاء والأخوات العزيزات.
وأود أن أغتنم هذه المناسبة كي أتقدم بالشكر والتقدير إلى نقابة الصحافة اللبنانية الموقرة وإلى شخص النقيب العزيز سعادة الأستاذ محمد بعلبكي الذي أتاح لنا هذه الفرصة الكريمة.
وأنا أعتقد أن وسائل الاعلام تتمتع بأهمية خاصة في عالمنا اليوم لسببين أو لعاملين اثنين.
وان الدور الذي تقوم به وسائل الاعلام اليوم ليس دوراً بروتوكولياً وحسب.
بل هو يعتبر ضرورة ماسة بالنسبة لمجتمعات اليوم.
كما تعرفون فإنه من احدى المواصفات الأساسية التي تميز عالمنا اليوم هو وجود ظاهرة يُطلق عليها باللغة الانكليزية ظاهرة Nation State.
وهذا الأمر بات معترفاً به ومقبولاً لدى العالم الغربي وفي العالم بصورة عامة.
وهذا المفهوم يدل على أن أي حكومة في العالم لا تستمد شرعيتها إلا من الارادة الشعبية.
وإذعاناً لهذا المفهوم الذي بات معترفاً به في كل دول العالم كما ذكرنا حتى أكثر الحكومات استبداداً ودكتاتورياً تحاول أن تسوّق لنفسها وتطرح نفسها على أنها تتوافق مع هذا المفهوم.
من هنا نحن نرى ونلاحظ في عالمنا اليوم وأكثر من أي عصر مضى أن مسألة الرأي العام باتت تتمتع بمكانة مرموقة للغاية.
وصحيح أنه من الناحية النظرية فإنّ أي نظام سياسي يدعي أنه ديمقراطي ينبغي أن يستمد شرعيته من الارادة الشعبية الصادقة كما قلنا، ولكن هناك بعض الأنظمة والدول والحكومات في العالم لا تتمتع بمثل هذه المصداقية الشعبية.
ولكن بما أن هذا المفهوم الذي تحدثنا عنه والذي يطلق عليه اسم الأمة، الدولة هذا المفهوم بات راسخاً ومعترفاً به في كل العالم بحيث أنه حتى الحكومات القمعية والاستبدادية تحاول أن تدعي انها تتماشى مع هذا المفهوم السياسي.
واليوم نحن نرى أنه حتى بالنسبة لأكثر الدول تطوراً ونمواً وقدرة من الناحية السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية ينبغي لها ان تحاول أن تستجلب الرأي العام في دولها وشعوبها إذا أرادت أن تمضي قِدماً في تحقيق المشاريع التي تصبو إليها.
وأنتم لاحظتم هذا الأمر بصورة جلية من خلال اجتياح العراق.
في البداية يُهيأ الرأي العام على المستوى الدولي.
ومن ثم تبدأ العمليات العسكرية.
وأنتم جميعاً سمعتم بالأمس خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش تجاه المعارضة التي لقيتها سياسته في العراق.
هنا نلاحظ ان الطرفين يحاولان كل من ناحيته أن يستجلب الرأي العام في أميركا.
من هنا نحن نستطيع القول إن أحد الأمور الأساسية التي باتت تميز عالم اليوم عن عالم الأمس أن مسألة الرأي العام وإرضاء الرأي العام باتت مسألة معترف بها من قبل الجميع.
من هنا تتبدى لنا مدى الأهمية التي تحظى بها وسائل الاعلام.
نحن نعتقد أن وسائل الاعلام هي الوسائل الرئيسية التي تخاطب الرأي العام في كل مكان.
ولكن في الوقت عينه من الممكن أن نشاهد هناك آلية متناقضة في الترابط بين هذين العاملين.
العامل الأول هي أن تحاول وسائل الاعلام أن تؤثر على الرأي العام بالشكل الذي يتماشى ويتوافق مع المصلحة الوطنية العليا.
أو قد تكون هناك طريقة أخرى في تعاطي وسائل الاعلام مع الرأي العام بحيث انها تعمل على الرأي العام كي تجعله مسخراً في الاتجاه الذي يخدم السياسات التي تريد أن تنفذها هذه الدولة أو تلك.
من هنا نحن نعتقد أن أرباب الصحافة وأرباب الاعلام قبل أي طرف آخر ينبغي ان يلتفتوا بصورة جيدة إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يقوموا به في هذا الاطار.
ونحن رأينا الدور البيّن والهام الذي لعبته الصحافة ووسائل الاعلام طوال الحياة التي عشناها معاً.
وكما تذكرون فإن الدور التي قامت به وسائل الاعلام هي التي مهدت لانتهاء الحرب في فيتنام.
ووسائل الاعلام هي التي دفعت من خلال الدور الذي لعبته في فترة من الفترات إلى تنحي الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون عن منصبه لأنه سقط عملياً في نظر الرأي العام الأميركي.
ووسائل الاعلام تستطيع أيضاً من خلال الدور الهام الذي يمكن أن تقوم به أن تبطئ المفاعيل التي تقوم بها الحروب النفسية المعتمدة لتنفيذ بعض السياسات.
ونحن نعتبر أيضاً ان وسائل الاعلام يمكن أن تكون الوسيط المناسب للتلاقي والتماشي بين السلطة سواء كانت سلطة محلية أو سلطة دولية والرأي العام في هذا البلد أو ذاك.
وهذا الأمر يتوقف على الدور الذي تختاره وسائل الاعلام لنفسها، أن تكون في هذه الجهة أو تلك.
ولكن هناك أمر هام يتعلق بالصحافة أو وسائل الاعلام لا ينبغي أن نغفل عنه في هذا الاطار.
إن البيئة المناسبة لاستمرار دور وسائل الاعلام يتمثل في تأمين دور الحرية.
كل بني البشر بحاجة إلى الحرية.
ولكن نحن نعتقد ان وسائل الاعلام إذا أرادت أن تكون وسائل إعلام بالفعل وأن تقوم بالدور المطلوب بالفعل فلا تستطيع أن تقوم بذلك إلا من خلال بيئة حرة.
وهنا نرى أن هناك واجباً ملقى على عاتق الصحافة وعلى عاتق وسائل الاعلام كي تدافع عن مادة الحياة الأساسية التي لا بد أن تتوفر لها ألا وهي الحرية.
وأنا فخور بالغاية كوني أقوم بهذه الزيارة إلى لبنان العزيز, هذا البلد الذي يتمتع بحرية مميزة في مجال الأفكار وفي مجال طرح الآراء وتبادلها مع الجميع.
ويزيد فخري واعتزازي عندما أكون وسط هذا الحفل الكريم الذي يمثل نخبة متميزة من أرباب الصحافة وأرباب الرأي وأرباب وسائل الاعلام. هذه الوسائل التي تعتبر بحق منبراً للحرية ليس في لبنان فحسب وانما في منطقة الشرق الأوسط وقد أستطيع أن أتجاوز ذلك لأقول في العالم بأسره.
وأنا في خدمتكم وجاهز للاستفادة من آرائكم. افهم الفصحى، أما اللغة الدارجة فيجب ان تترجم.