كلمة السيد خاتمي في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ببيروت في 3/12/2005.
بسم الله الرحمن الرحيم
إنه لمن دواعي حبي واعتزازي أن أكون حاضراً معكم هنا اليوم في هذا الحفل الكريم. كما أود بذلك أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لهذه الدعوة الكريمة التي وجهها نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة الإمام العلامة الشيخ عبد الأمير قبلان.
إنّ ما نشهده اليوم في هذه القاعة وأمام هذا الحفل الكريم ما هو الا انعكاس لصورة لبنان النقية والساطعة والجميلة.
لبنان المتحد.
لبنان الواحد المتحد الذي يعيش في ظهرانيه مختلف الطوائف والأديان والمذاهب والثقافات والتقاليد وتعيش بشكل متسامح بجانب بعضها البعض من أجل أن تنهض وتسمو بهذا البلد العزيز.
وحيث نرى أن الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية يعملان ويسيران جنباً الى جنب من اجل اعلاء كلمة هذا الوطن العزيز.
ولكن هذه الجلسة الكريمة لها ميزة اخرى ايضا،ً هذه الجلسة تنعقد في مقر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى.
وهذا المجلس الكريم الذي يعتبر إرثاً ثقافياً ينتمي إلى تراث لا يحتاجه لبنان فقط أكثر من أي وقت مضى بل يحتاجه أيضاً المسلمون والعرب لا بل تحتاجه البشرية جمعاء.
عنيت به سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر الذي غُيب على أثر عملية ارهابية شنيعة.
الارهاب هذه الظاهرة البشعة والمدانة التي يعاني منها البشر في يومهم هذا سواء كانوا ينتمون الى شرق هذه الدنيا او الى غربها.
وقد شاهدنا في الأمس القريب كيف أنّ يد الارهاب الآثمة والمجرمة قد امتدت الى هذا البلد الحبيب الى لبنان, حيث استطاعت أن تنال من أحد أبناء هذا الوطن البررة ألا وهو الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
هذا الارهاب الذي لا يتوقف عند حد بل يطال الجميع سواء كانوا في لبنان او في فلسطين او في العراق او في ايران وحتى أنّ يد الارهاب الطويلة والآثمة تصل الى الولايات المتحدة الأميركية والى القارة الأوروبية.
ونحن نجد ان ظاهرة الارهاب قد امتدت لتصبح هناك تجليات للحكومات الارهابية في العالم.
وهناك أيضاً القوى المتسلطة والمتجذرة والكبرى الموجودة في العالم والتي من خلال السياسات الخاطئة التي تعتمدها في الواقع تؤسس أفضل بيئة لانتشار ظاهرة الارهاب.
بالنسبة لشرق الكرة الأرضية بشكل عام وبالنسبة لأبناء هذا الوطن لبنان بشكل خاص نجد ان اقوى تجليات الارهاب يتمثل في الكيان الصهيوني الغاصب.
هذا الكيان المصطنع الذي وُجد وزُرع في هذه المنطقة من خلال توسع الظلم والارهاب وهو مستمر في حياته حتى الآن من خلال توسع الظلم والارهاب.
ولبنان العزيز الذي يعتبر منارة تُحتذى في مجالات الديمقراطية والحرية والسيادة والثقافة والفكر والمعرفة يمكنه أن يكون أيضاً منارة كبرى تُحتذى في مجال مكافحة هذا الظاهرة الارهابية.
نحن نعتبر ان مقاومة الشعب اللبناني الباسلة هي احدى مفاخر البشرية.
هذه المقاومة التي لم تنبري منذ البداية لتعتدي على غيرها بل انبرت الى الساحة لترد الاعتداء عن وطنها.
هذه المقاومة الباسلة والبطلة التي لم تنبري بداية بقصد شن الحرب والعدوان ضد الآخرين بل قامت ونهضت واستمرت من اجل ان تضع حداً لتلك الكيانات الغاصبة التي تتمتع بروح العدوان والاعتداء على الآخرين.
ولبنان هذا الذي منذ كان عُرف بالثقافة والتسامح والحضارة والانفتاح ونور المعرفة. هذا لبنان سيبقى دوماً متمسكاً بهذه القيم الانسانية الراقية ولبنان ايضاً منذ كان عُرف بالشهامة والاباء والكرامة والمقاومة فلطالما انّ هناك اعتداء يمسُّ مسلمات هذا البلد العزيز فإن هذه المقاومة الأبية والبطلة سوف تستمر في التصدي لهذا العدوان.
وأنا أحمد الله وأشكره انه اذا كانت هناك بعض التباينات في الرؤى والتوجهات السياسية بين هذه الفئة أو تلك الفئة على الساحة الداخلية للبنان فنحن لا نرى أي خلاف أو تباين في وجهات النظر في لبنان سواء على مستوى الحكومة اللبنانية أو الشعب اللبناني أو مختلف الطوائف الكريمة التي تعيش في هذا البلد أو مختلف التيارات السياسية الحية والفاعلة في هذا البلد العزيز لا نرى اي تباين بينها حول ضرورة مضي المقاومة الأبية والباسلة, هذه المقاومة التي أصبحت عنواناً ورمزاً لكرامة لبنان وسيادته واستقلاله.
نحن نكرم في هذا المقام الذكرى الغالية لسماحة الامام المغيب السيد موسى الصدر.
وأيضاً لا يسعنا في هذا المقام الا ان نستذكر الروح الطاهرة والمتعالية لسماحة الإمام الراحل العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي لطالما عمل وجاهد من اجل تركيز وترسيخ الوحدة الوطنية في هذا البلد العزيز والذي عمل وجاهد من اجل الدفاع عن سيادة لبنان ووحدته واستقراره.
وأيضاً لا يسعنا الا ان نكرر الذكرى الغالية ايضاً لروح شهيد لبنان الكبير رئيس وزراء لبنان الأسبق السيد رفيق الحريري الذي وكما تعرفون كانت تربطني به افضل العرى, عرى الصداقة الأخوية المتينة والذي يعتبر من الشخصيات الوطنية في هذا البلد العزيز. هذه العملية الارهابية التي نالت منه وأودت بحياته الغالية كان الهدف الأساسي منها مسّ الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي في هذا البلد.
من هنا نحن نعتبر أنّ اهمّ نقطة ينبغي ان يلتفت اليها ابناء الشعب اللبناني العزيز الى أيّ دين أو طائفة او ثقافة او فكر او تيار سياسي انتموا ينبغي ان يتحلوا بأقصى درجات الحيطة والحذر تجاه المؤامرات والفتن التي تُدبّر لهذا الوطن العزيز والتي تريد ان تنال من الوحدة الوطنية ومن الاستقرار والأمن في هذا البلد.
نحن نعتبر ان لبنان هو بمثابة خاتم من الالماس يرصّع وسط منطقة الشرق الأوسط.
كلنا ينبغي ان نحافظ على هذه الدرة الثمينة.
ومن باب اولى ان الحكومة اللبنانية وانّ الشعب اللبناني العزيز ينبغي قبل اي طرف آخر ان يلتفت وينتبه الى كيفية المحافظة على هذه الدرة الثمينة التي تعتبر الوحدة الوطنية والتكاتف الداخلي ليس رمزاً وعنواناً لحفظ كرامة وسيادة واستقلال هذا الوطن بل يعتبر ايضاً رمزاً لكرامتنا وعزتنا واستقلالنا وسيادتنا جميعاً.
لبنان نعتبره بلداً حراً مستقلاً كريماً مرفوع الرأس هكذا كان في الماضي وهكذا هو الآن وهكذا سوف يبقى في المستقبل.
والجمهورية الاسلامية الايرانية تعبر بكل فخر واعتزاز أنها تقف الى جانب هذا البلد الذي يتحلى بالوحدة الوطنية ومن خلال هذه الوحدة الوطنية يتحلى بالاباء والحرية والسيادة والكرامة.
وفي ختام حديثي هذا لا يسعني الا ان أسأل الله عز وجل أن يتغمد برحمته الواسعة الأرواح الطاهرة لكل الشهداء الكرام والعظام الذين صنعوا شجرة الحرية والكرامة والاستقلال في هذا الوطن العزيز سيّما في المرحلة الأخيرة شهداء المقاومة الاسلامية الباسلة الذين طردوا الاحتلال الاسرائيلي من هذا البلد الأبيّ.
وأيضاً لا يسعني الا أن أتوجه بالشكر الخالص والتقدير الوافي لكل الشخصيات الزمنية والروحية والاجتماعية التي زينت حفلنا هذا بحضورها الكريم والشكر كل الشكر لباني هذا الحفل والداعي اليه سماحة الإمام آية الله الشيخ عبد الأمير قبلان.
أسأل لكم المزيد من الفخر والعزة والجلال.