تفاعلت القضية على الصعيد الشعبي في لبنان، وعلى الأصعدة الرسمية محليًا وفي الخارج، لبنانيًا وعربيًا وإسلاميًا، طوال الأيام اللاحقة، وتعددت الاتصالات من مراجع عدة بالقذافي، وبقيت السلطات الليبية ساكتة لا تولي القضية أي اهتمام، إلى أن اضطرت تحت ضغط المراجعات والرأي العام العالمي وبعد تحرك بعثة التحقيق اللبنانية وأجهزة التحقيق الإيطالية إلى إصدار بيان رسمي نشر بتاريخ 18 أيلول 1978م، تزعم فيه «أن الجماهيرية تولي الأمر اهتمامًا كبيرًا» و «أن الجماهيرية تلقي بكامل ثقلها مع القوى الإسلامية والتقدمية لمعرفة مصير الإمام موسى الصدر وإنقاذ حياته وحياة رفيقيه» (هذه الأقوال والتعهدات بقيت كلامًا دون أي تنفيذ).
وهذا البيان الليبي الرسمي، الذي أكد مجددًا أن الإمام الصدر وأخويه غادروا طرابلس الغرب في الساعة الثامنة والربع مساء 31 آب 1978م متجهين إلى روما بطائرة «أليطاليا» (الرحلة 881)، تضمن مغالطات عدة، منها:
1 - القول إن الإمام الصدر «زار الجماهيرية مرات عدة من قبل»: هذا الكلام غير صحيح لأن الإمام الصدر لم يزر ليبيا من قبل سوى مرة واحدة في أواخر شهر آب 1975م للمشاركة في مؤتمر فكري إسلامي.
2 - القول في مطلع البيان الرسمي إن الإمام الصدر «تربطه بالجماهيرية علاقات متينة مبعثها التقدير والاحترام»، وتكراره في ختام البيان بالقول «تؤكد أمانة الخارجية أن الإمام الصدر تربطه بالجماهيرية علاقات أخوية متينة وتكن له كل احترام وتقدير».
هذا القول عن العلاقات لا أساس له من الصحة، لأنه لم تقم بين الإمام وبين الجماهيرية الليبية أية علاقة، من أي نوع كانت.
أما القول عن التقدير والاحترام، فتدحضه ممارسة عبد السلام جلود الذي أقام في لبنان أكثر من /45/ يومًا خلال شهري حزيران وتموز 1976م، في ظروف القتال، عقد أثناءها اجتماعات ولقاءات مع مختلف القادة والزعماء ورؤساء الفعاليات والأحزاب والتنظيمات في لبنان، واستمع إلى وجهات نظر الجميع، من مختلف الفرقاء، دون أن يجتمع مع الإمام الصدر. وعندما التقيا صدفة في دمشق بتاريخ 12/7/1976م، وعد جلود الإمام بالاجتماع به في بيروت عند عودتهما إليها، وحصلت هذه العودة بتاريخ 14/7/ 1976م واستمر جلود في بيروت مدة أسبوعين بعدها متابعًا اجتماعاته واتصالاته الواسعة دون أن ينفذ وعده.
3 - أما الأقوال والوقائع الأخرى التي أوردها البيان الليبي الرسمي المنشور بتاريخ 18/9/1978م فتدحضها التحقيقات القضائية التي ستعرض نتائجها لاحقًا.