شكراً للدكتورة يكن على هذا الإلقاء القيم والبحث الشيق لتعديل البرامج في لبنان. نفتح الوقت للمداخلات. بداية هناك طلب لسماحة الشيخ زغموت.
الشيخ زغموت: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته الحمد لله حمداً يعلو حمد الحامدين وله الشكر شكراً يزيد على شكر الشاكرين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله صلاة تامة دائمة بدوام الله العظيم. قال الله في كتابه العزيز: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً". صدق الله العلي العظيم. [الاحزاب/23].
في الواقع أنا إبن فلسطين أتيت إلى مؤتمر سواء لكي أقول كلمة سواء وأشهد شهادة حق سأسأل عنها يوم القيامة. البارحة لقد كفاني أصحاب السماحة والفضيلة والسيادة. سماحة المفتي وسماحة الشيخين الفاضلين واصحاب السيادة المطارنة ولكن أبت عليّ نفسي إلا أن أشهد هذه الشهادة، أنا لا أخوض الآن في موقع الحرية في التجديد والإصلاح لأنه لا تجديد ولا إصلاح بدون الحرية. وديننا الحنيف وسائر دعوات الأديان تقول بهذا وتنصّ على هذا وتنادي بهذا وتشهد على هذا. إذن فقط أريد أن أشهد وأقول كلمة سواء للإمام المغيّب (أعاده الله إلينا سالماً):
بالغدر استدرجوك وبالفجور استقبلوك وبلؤم ما بعده لؤم غيّبوك ولكن غاب فألهم وطاش سهمهم وقوّض الله أعمالهم ونكّس أعلامهم وساءت عاقبتهم إن شاء الله.
إن كانوا غيّبوا منك الجسد، وما دروا أنّ ما بقي أحسن مما غاب ألا وهي الطيف والذكرى والروح وما حَسُنَ من أعمال وما ثبت من مواقف لا يستطيع أحد أن يمحو هذه الأعمال ولا يطمس تلك المواقف أو يعتم على ما شاع وانتشر من أفكار لو طبقنا منها القليل لكفتنا مؤونة الحجر على العقول والحبس على النفوس. يا أيها المغيب، الذي لم تغب قضية القدس عن فكره ولا عقله ولا قلبه ولا لسانه لحظات. لم تغب قضية فلسطين بمجملها والسعي لاسترجاعها عن عمله أوقات، ولا قضية المحرومين من كل الفئات، ولا قضية من قضايا لبنان والعرب والمسلمين والنصارى وقضايا الإنسان عامة من خطاباته وندواته وأفكاره، ولم تفتَّ من عضده الصعوبات والمعوقات، وشاء الله ثم شاء المشرفون على هذا المؤتمر أن لا تغيب كلمة فلسطين عن منبر الإمام فما شاء الله كان.
أيها الإمام، قلت سأحمي قضية فلسطين بعمامتي وعباءتي ومحرابي، وحملت القضية على عاتقك بصدق وأمانة ورجولة وشجاعة كما لم يحملها ابن من أبنائها، دافعت عن الإنسان مسلماً كان أو غير مسلم ، وآثرت ركوب الأهوال على هنيء العيش، كما لم يفعل بعضهم وهم كثر وها أنا اليوم أقول لك أيها المغيّب الذي نسأل الله أن يعجل بعودته، ويسهّل عليه غربته، ويعيده لنا سالماً ظافراً، أني والله سأحمل - كما حملت سابقاً - على عاتقي قضية تغييبك كما أحمل قضيتي بل أكثر وسأدافع عن هذه القضية بعمامتي وعباءتي وقلمي ولساني وبندقيتي وحجري ومقلاعي.
لست أنا وحدي، ولكنّ أتباعك وأعوانك وأحباؤك كثر، ومن يحمل همّ قضية فلسطين وقضايا لبنان العرب و الإسلام والإنسان والحمد لله كثيرون وأقول لك أن شعب فلسطين لا ينسى من أحسن إليه ويحسن إليه ويعاونه، ويسامح من يسيء إليه ولا يرحمه متأسين برسول الرحمة والوفاء سيدنا محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ومتأسين بسيدنا عيسى عليه وعلى أمه السلام.
لا أريد أن أذكر مزاياك، فهي كثيرة ولا عن أعمالك فهي عديدة، ولا عن أفكارك فهي رشيدة، وإني وإن لم أذكرها فالمؤشرات تدل عليها صارخة معلنة، وهل تحجب الشموس بحجب، فأقوالك أسمعت من في آذانهم صمم، وأعمالك رآها من في عيونهم عمى، وأقوالك وافكارك أضاءت دياجير العقول والنفوس المظلمة، وعواطفك السامية أزالت درن القلوب المغلفة ولا أحسبك على الله إلا صالحاً. ردّك الله إلينا بعجل، وأحيا الله بك الأمل، وجعل الله في ذريتك الخير، وفي أتباعك الوفاء، وفي أهلك الصبر على البلواء، ونصر الله الإسلام والمسلمين ومن يعاونهم من المسيحيين، وحرّر المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وباقي فلسطين، وحمى الله لبنان وشعبه من الأعداء والفتن، وأبعد عنه المحن، وأعان الله شعب العراق على بلواه ونصر مجاهديه وهزم جنود الصهيونية الأنغلو أميركية، وأخرجهم من ديار العرب والمسلمين. إنه سميع مجيب الدعاء، شاكراً لمن نظّم هذا المؤتمر وشرّفنا بالكلام من على منبر الإمام وحقق الله آمالهم وأنجح مقاصدهم لما يرجون من هذا المؤتمر من خير للبلاد والعباد. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الذي أتى بالرشاد والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أجمعين.
الأسئلة
د. احمد ناصر الدين: الأفغاني، الشيخ محمد عبده، الطهطاوي، الكواكبي رواد أخذوا عن الغرب بدون انبهار ولا تقليد أعمى في وقت كان العرب والإسلام في سبات عميق. فأين منهم رواد اليوم في ظل تعميم ثقافة الهزيمة بل الهزائم؟
الإصلاح لا يمكن أن يقوم إلا إذا بدأ من الأسرة أولاً، مع احترام العناصر الثلاثة التي ذكرت وهي المعلم، المنهج، الهدف. فكيف نبدأ السير في ظلّ هذا الطوفان من اللاقيم؟
ـ أحيي الدكتور الأب مونس على رفضه لمنهج ضرب في التعليم وندعو إلى تعديله.
ـ العنصر غير المذكور هو الرابع أي التلميذ أو المتلقي، شروط ومزايا ومواصفات العناصر الثلاثة الأولى كافية. أتمنى أن أبحث العنصر الرابع الذي في بعض الأحيان يمتنع عن تلقي العلم والمعرفة والوعي، ويتعلق بما لا يسمح به المنطق ولعل ذلك يعود إلى حالة ضياع يعيشها المتلقي بين الكلاسيكي والحديث والمخضرم وعليه آمل إفراد زاوية لدراسة شخصية المتلقي واعتباره عنصراً هاماً من العناصر الأربعة وبدونه لا يمكن تأدية واجب التربوي الاجتماعي.
مداخلة
د. تيسير حمية: النقطة الأولى بالنسبة إلى المناهج التعليمية التي تمّ تعديلها في لبنان، أو إذا صح التعبير تم نسف المناهج التعليمية لوضع مناهج جديدة، مع الأسف الشديد جزء منها يهدف إلى ضرب اللغة العربية وخصوصاً إلى نسف كل ما يمت بصلة إلى اليهود خاصة في التاريخ العربي، في تاريخ صدر الإسلام.
النقطة الثانية ملاحظة صغيرة بالنسبة للمعلم المحور الأولى في محاضرتك التي سبق وألْقيتٍها ـ بنظري ـ وأنا كذلك معلم في الجامعة، يجب أن يتصف المدرس قبل كل شيء بالحكمة. ووضعت يدك على الجرح بقولك أن يتميز بالتواضع، لأن العلم مرادف للتواضع، ومتى تكبّر الإنسان سقط علمه. الحرية هي هبة من الله حباها بني البشر وعليها يقوم مبدأ الثواب والعقاب. وقديماً قال ديكارت: أنا أفكر إذاً أنا موجود. ويصح القول كذلك أنا أمتلك حريتي إذاً أنا موجود، ومن نافلة القول إن الفكر والحرية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، فالفكر يحرك الحرية ويتكفل بحمايتها ويشكل درعاً حصيناً لها لا يمكن للحرية أن تتنفس من دونه، والحرية تفجر الفكر والعلم والعطاء، وتشكل مناخاً راقياً لإبداعات العقل وعطاءته. جاء في الحديث القدسي: "إن الله لما خلق آدم، خلق له العقل، ثم قال للعقل: أقبل، فأقبل، ثم قال للعقل: أدبر، فأدبر. قال عزّ وجلّ: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أفضل منك، بك أحاسب، وبك أثيب وأعاقب". وارتباط الحرية بالفكر والعقل هو ارتباط بالإبداع والتجديد، لا بل بالإصلاح والتجديد. إذا أردنا للفكر وللعقل أن يتحركا فلا بد من توفير مناخ حر. يروى أن الملاحدة كانوا يترددون على مجلس للإمام جعفر الصادق (ع) وكان يحاورهم، ويترك لهم حرية النقاش والحوار في بيت الله وبعد وفاة الإمام (ع) جاء الملاحدة كعادتهم إلى المسجد، يريدون محاورة أحد تلامذة الإمام. ثم ما لبث أن طردهم وعنفهم وأراد إخراجهم من بيت الله. إلا أنهم أجابوه قائلين: يا هذا ما هكذا كان أستاذك يحاورنا ويقابلنا، والله إنه كان يكيد لنا الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق والعقل بالعقل: يقول الله عز وجل: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر [الكهف/29]، ويقول أيضاً: "لا إكراه في الدين" [البقرة/256]، ويقول كذلك: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"[سبأ/24]. هكذا كانت طريقة الإمام الصدر في مخاطبة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة بالحوار الهادىء والمنطق الصائب والحجة الدامغة، لذلك كله ما اجتمع إلى الإمام المغيب جمع أو جماعة يسألون ويتحدثون إليه، إلا خرجوا من عنده راضين مرضيين مسرورين معجبين بحكمته وعقلانية أجوبته وبسرعة بديهته. ومن أجل ذلك كله، كان الإمام محجة للناس من كافة اتجاهاتهم وانتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية. والإمام كان من أول الداعين إلى الحرية وإلى التغيير بالمجتمع نحو الأفضل، لأن عمله كان قائماً على مبدأ من تساوى يوماه فهو مغبون كما جاء في الحديث الشريف. فالإنسان يجب أن يتطور كل يوم نحو الأفضل، يقول الشاعر:
إذا مرّ بي يوم ولم أستفد علما ولم أصطنع يداً فما ذاك من عمري
س: كيف نبدأ السير في ظل هذا الطوفان من اللاقيم؟
د. يكن: أنا نوّهت بذكر انسحاب القيم من مجتمعاتنا بسبب ما يأتينا من الخارج. فعلاً هناك طوفان لكن لا بد من السير، إذا كان هناك طوفان، هل يترك الإنسان نفسه للغرق، أو يحاول المقاومة. لا بد من المقاومة والمواجهة. هناك لا قيم في المجتمع. ونحن كمربين علينا تقديم القيم ببساطة يطرح السؤال: الإصلاح لا يبدأ إلا من الأسرة. نحن الآن لم نبحث الأسرة بل المناهج التعليمية والإصلاح في المناهج التعليمية. طبعاً الأسرة هي التي تنشىء. يولد الإنسان أو الطفل على الفطرة وأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه أو يعطونه الإسلام، فالطفل يولد على الفطرة والأسرة هي التي تعطي القيم والدين والرسالة والخُلُق. كان موضوعنا عن المناهج التعليمية. الأقانيم الثلاثة هي لخدمة المتلقي. نتحدث عنها ونبحث عن مواصفاتها ومعاييرها من أجل هذا المتلقي. المتلقي هو المستفيد أساساً من المنهاج والمعلم. والهدف وضع لمصلحة المتلقي، ولم يتم تغييّب المتلقي ولكننا نعتبره جهة والأمور الأخرى هي أقانيم لخدمة المتلقي، فلا نستطيع تصنيف المتلقي معها فهي تشكل مثلثاً يعطي المتلقي ما يريد وما يحتاج.
د. رفعت: بسم الله الرحمن الرحيم: شكراً سيدي الرئيس. ملاحظاتي عامة على المداخلات الثلاث. أسئلة سريعة ـ ما هي المعيارية للإصلاح وللحرية التي هي عنوان هذا المدخل على وجه الخصوص وفي الأوراق الثلاث؟ وما هو تحديد المفهوم نفسه الذي يسميه العلماء تحرير المفهوم نفسه يعني أنا أقف أمام كلمة الأصالة بنوع من التردد أو المعاصرة بنوع من التردد. هل أستطيع أن أستبدلها بالوافد، وأستبدل الأصالة بالموروث. نحتاج إلى تحرير أو تحديد المفاهيم. وهذا يجرنا إلى بعض الإشارات التي تداخل بها السيد رئيس الجلسة بما فيها معيارية الإصلاح، حتى أنه أحياناً يقدم استشهادات أساطير وهو شاعر على ما يبدو وأسلوبه رائع حقيقة. لا أستطيع أن أستشهد بأساطير في رؤية عقائدية أو بمناظرات بمؤازرة عقائدية من منظور آخر. ومع أهميتها وجمالها، ولكن المسألة هنا تحتاج إلى ضبط للمفهوم، الكلمات التي انتبهت إليها كلمة الدكتور زكي الميلاد الذي طرح: لماذا يعلو صوت الإصلاح دائماً كلما كان هناك حرب على هذه الأمة، كلما تعرّضت إلى غارة من هذا الغرب (المتحضر) الذي جزء كبير جداً من حضارته نعيشها الآن في العراق وفلسطين. هل هي مصادفة أن الانتخابات الوحيدة مثلاً التي تجري الآن موجودة في العراق وفلسطين، رغم ان كلمة انتخابات أيضاً توضع بين هلالين لكن يحتاج الأمر إلى قراءة لعلاقة هذه الدعوات وقوتها بارتباطها بهجمة أو غارة أو استنفار غربي على هذه الأمة أو على مفاصلها.
استوقفتني محاضرة الدكتورة هلا التي أحييها، وحديثها عن دولة القانون. هناك سؤال دون الدخول في التفاصيل هل نحن بحاجة إلى دولة القانون أم دولة الديمقراطية في هذا الواقع العربي؟
ـ السؤال الأخير عن التعليم
التعليم في رأيي يتعرض الآن وبعد مبادرات الإصلاح التي عرضت على هذه الأمة لم تتعرض لها ورقة الدكتور زكي منها مشروع الشرق الأوسط الكبير منها مشروع الموسّع ووثائق كولن باول الأخيرة. هذه الوثائق تضمنت بالدرجة الأولى: المرأة والتعليم. نحن نتعرض ليس فحسب على مستوى ثلاثة عناصر، نحن نتعرض الآن إلى حالة حقيقية داخل البيت. لم يعد المشروع يطرح من الخارج. صار مزروعاً داخل البيت. قرأت قبل أن آتي إلى هنا عن كتاب يوزّع في الكويت باسم الفرقان المبين: فيه آيات من القرآن واليهودية والمسيحية في قالب واحد 77 آية ويوزّع عليهم الآن هذا الذي يصل إلى صلب الجوهر التعليمي صار الآن يصل إلى العظم كما يقولون. ما الموقف منه، كيف نواجهه على المستويات الثلاثة؟
محمد حسين الحاج: بالنسبة إلى شعارات الإصلاح في العالم العربي، يجب الأخذ بعين الاعتبار تراثنا الراقي، فإذا أردنا الرقي يجب ان نأخذ من العلم الأجنبي أو الغرب او حسب ما هو متعارف عليه اليوم عالم الشمال الجانب المادي اي التطورات الصناعية والاقتصادية. أما باقي الجوانب الأخلاقية، يجب الأخذ بعين الاعتبار ما ينص عليه تراثنا ونحترم بالتالي ديانتينا المسيحية والإسلامية حتى نتمكن من الرقي نحو الانسانية والتخلص من الفساد الذي نعيشه اليوم.
الدكتور زكي الميلاد: شكراً للمداخلين، بخصوص السؤال المتعلق بالأفغاني والشيخ محمد عبده والطهطاوي والكواكبي الذين اخذوا عن الغرب بدون انبهار، بصورة عامة يعتبر الفكر الإسلامي الحديث الذي تشكل ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان اكثر تميزاً وتجدداً وتطوراً من الفكر الإسلامي المعاصر، في جملة القضايا التي تم الاشتغال عليها في تلك الأزمنة وبين القضايا التي يشتغل عليها الآن، مفهوم الدولة، مفهوم القانون، الدستور، الحقوق السياسية للمرأة، النظرة إلى الغرب. مفهوم تلازم العلاقة بين الإسلام والمدنيّة هذه كانت الفكرة المحورية التي شكلت الخطاب الفكري إلى الفكر الإسلامي الحديث الذي ارتبط بحركة الاصلاح الاسلامي. فكان أكثر تميزاً من الفكر الإسلامي المعاصر الذي غابت عنه نزعة العودة إلى الذات والنزعة الدفاعية. لم يكن لديه قدرة كبيرة على الاقدام باتجاه التجدد.
بالنسبة إلى ما ورد في مداخلة الصديق الدكتور رفعت سيد احمد بالنسبة إلى تحديد المعايير، في الحقيقة هناك تمايز ينبغي ان يحدد بين مفهوم الاصلاح ومفهوم التجديد. مفهوم الاصلاح يتمدد بصورة دقيقة كمجال اي مجال الإصلاح يتمدد في حالات وجود الخلل او الاعوجاج او الفساد ومجاله هو اقرب إلى مجال العمل. أما بالنسبة إلى التجديد فمجاله يتصل بمجال الفكر أكثر من كونه بمجال العمل، والمعنى الذي يحدد إلى التجديد هناك المعنى التقليدي إلى مفهوم التجديد وهو عبارة عن احياء ما طمس من السابق، ما يلي من السابق، ما تراكمت على المفهوم او على اي قضية أخرى من رواسب او من مواريث معينة. اساءت الفهم او اساءت الاقتراب من المعنى الدقيق للمعنى. التجديد بهذا المعنى عبارة عن إزالة كل هذه الرواسب لكي يعود المعنى بجلائه القديم. هذا المعنى التقليدي لمفهوم التجديد كما يعرف في كتب الدراسات الإسلامية. اما المعنى الحديث فهو من المفترض ان يكون اشمل ليس فقط اعادة المعنى السابق بأصالته وإنما مع الإضافة عليه ايضاً.
د. هلا: تعقيباً على مداخلة د.رفعت، فيما يتعلق بدولة القانون وجهة نظري ليس تحسباً للقانون بل على العكس ولكن دولة القانون من الممكن ان تنظم إمكانيات ممارسة الحرية والديمقراطية هي ممارسة للحرية السياسية، فلذلك لا بد من تأطير او تنظيم ممارسة هذه الحرية ضمن قواعد القانون فتكون الديمقراطية من تجليات الحرية المنظمة بالقانون. اما بالنسبة للمعايير الاجتماعية القانونية اعتبر ان التجديد – وهذا هو هدف الندوة – يجب ان تعترف انه لا بد من تطوير دائم للإنسان لست متخصصة بالشريعة الإسلامية ولكن مطلعة ضمن تخصصي القانوني، الاسلام يحضنا على التطور والدليل ان القرآن الكريم جاء بالكليات وبمبادئ عامة قصد منها ان تكون للزمان والمكان. ولو أراد رب العالمين ان تكون القواعد ثابتة وجامدة، لأنزل قواعد ثابتة جامدة ولم يأخذ تغيير الزمان والمكان بالحسبان. من هنا كان الاجتهاد وأهميته وضرورته. وجدت ضرورة الاجتهاد منذ بداية الثورة الاسلامية أو الحضارة الاسلامية المطروحة على العالم. كان هناك اجتهاد وتطوير ولم يتوقف ابداً. وفي القرن الرابع الهجري/ السابع الميلادي عندما ادُّعي أن باب الاجتهاد موقوف هذا كلام غير صحيح، الاسلام هو قرين للتطور، وقد اطلعت على كتاب للإمام السيوطي وضع في القرن السابع الهجري عنوانه "الرد على من اخلد في الأرض وقال ان الاجتهاد حرام" .. اورد كل مقالات الفقهاء والائمة جميعاً على ضرورة الاجتهاد، وأكثر من ذلك ان كل امام كان يتمنى ان لا يؤخذ بقوله حتى لا يحاسب عنه في يوم القيامة، لأنه يتحمل إذا اخطأ. واجمع القول ان كل كتاب فقهي ينتهي بـ "والله أعلم" وهذا يعني اننا لم نعلم كل العلم، وبالتالي لا بد من التطوير والجمود هو عدو الاسلام، هكذا استنتجت ان الجمود لا يتوافق ابداً مع الفكر الاسلامي ولا يتوافق ابداً مع المبادئ الكلية المطروحة في الشريعة.
الأب مونس: سأنهي بكلمة بسيطة وهادئة، اليوم انا شخصياً سأعود بغنى فكري مهم جداً مثل الدكتور زكي الدكتورة هلا والدكتورة يكن وأمثالكم. هناك إغناء فكري مهم جداً اعطونا اياه المحاضرين. وشكرنا العميق للسيدة رباب الصدر وللسيد صدر الدين ومؤسسة الصدر ولمنظمي المؤتمر. مؤتمر منظم وحضاري ورائع. الأوراق بين يديك وحاضرة والهواتف لا ترن. والميكروفونات موجودة أمامك هذه بداية الحضارة، محرمتك (منديلك) في جيبك هي بداية الحضارة. الميكروفونات لا تذبذب كل الوقت او يرن الهاتف، هذه من علامات الرقي البسيطة التي نستطيع ان نبدأ بها. شكرنا العميق لمنظمي المؤتمر والمهتمين بهذا الموضوع الذي هو بلباقة هذا الغائب. وأنهي بهذه الكلمة، اسمحوا لي بهذه الخطيئة.
بعض الحاضرين نتمنى لو كانوا غائبين او حضورهم غياب. وبعض الغائبين حضورهم حضور كثيف ونصلي ان نكون على مستوى هذا الحضور وان يعيدهم الله. وشكراً لكم.