الجلسة الافتتاحية - اليوم الأول
السيد صدر الدين الصدر
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿والسماءَ رفعها ووضع الميزان الاّ تطغوا في الميزان﴾
صدق الله العلي العظيم
فخامةَ رئيسِ الجمهوريةَ مُمَثلاً بمعالي الوزير الدكتور كرم كرم
فخامةَ رئيسِ الجمهوريةِ الاسلامية الايرانية ممثلاً بسعادة السفير مسعود ادريسي.
دولةَ رئيسِ مجلسِ النواب الاخ الاستاذ نبيه بري
دولةَ رئيسِ الحكومةِ مُمَثلاً بمعالي الوزيرِ الدكتور علي حسين العبدالله
اصحابَ الدولة
اصحابَ الغبطةِ والسماحةِ والسيادةِ والفضيلةِ والمعالي والسعادة
اخواتي واخواني ابناءَ الإمام الصدر
ايها الحفل الكريم
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته
يشرفني ان ارحبَ بكم في مؤتمرِنا الثامنِ هذا والذي لن يتناولَ كما جرتِ العادةُ نِقاشاً في فكرِ وتجربةِ الإمامِ الصدر، بل في قضيتِهِ ورفيقيهِ الشيخ محمد يعقوب والاستاذ عباس بدرالدين، بأبعادِها الانسانيةِ والوطنيةِ والقانونية.
ففي الذكرى العالميةِ الـ55 للاعلانِ عن شرعةِ حقوقِ الإنسانِ والـ25 على تغييبِ الإمامِ ورفيقيه رأى منظمو مؤتمرِ "كلمة سواء" الثامنِ هذه السنةَ ان تكونَ سبلُ متابعةِ قضيةِ الإمامِ موسى الصدر ورفيقيهِ والعوائقُ السياسيةُ والقانونيةُ التي تواجهُها هي موضوعُ النقاشَ.
كما يأتي هذا المؤتمرُ ليكونَ تتمةً لمؤتمرِنا الثالثِ "بحثاً عن حق الإنسان" والذي عُقِد سنةَ 1998 متناولينَ هذه المرةَ وسائلَ وضماناتِ وضعِ هذه الحقوق موضعَ التنفيذ.
فمن الاممِ المتحدةِ باعتبارِها الحارسَ الأولَ لحقوقِ الإنسانِ أو التي يُفترضُ بها أن تكونَ كذلك، إلى ازدواجيةِ المعاييرِ في التطبيقِ حتى داخلِ الدولةِ الواحدة، إلى الدورِ الذي تقومُ به منظماتُ حقوقِ الإنسانِ في العالمِ وعلى جميعِ المستوياتِ، إلى وضعيةِ هذه الحقوقِ والمنظماتِ التي تعنى بها في عالمِنا العربي .. ودورِها الذي مازال مغيباً ان لم يكنْ معدوماً.. الخ، موضوعاتٌ واسئلةٌ تُلحُّ على الجميعِ خاصةً في عصرِ عولمةِ كلِ شيءٍ بما فيها حقوقُ الإنسان.
تَلُحُ علينا نحنُ في مركزِ الإمامِ الصدر أكثر لأنَّ في هذه الموضوعاتِ يتقاطعُ الهمُّ العامُ بِهَّم متابعةِ قضيةِ الإمام ورفيقيه.
ولا اريدُ استباقَ نتائجِ اوراقِ العملِ والنقاش، ولكن نرى ومن خلالِ متابعاتِنا القانونيةِ والدبلوماسيةِ .. لقضيةِ الإمام ورفيقيه ان القوةَ ما زالتْ امَّ الشرائعِ وان القانونَ والعدالةَ لا يزالان قاصران عن الحقِ والمسؤولية.
ان جريمةَ اخفاءِ الإمامِ الصدر ورفيقيه ما زالتْ تصطدمُ بالعوائقِ السياسيةِ والمصلحيةِ المختلفةِ التي عَمَلُناَ اليومَ وغداً على ازالةِ اولاها والترفعِ عن آخرها حتى تخضعَ السياسةُ امامَ الحقيقةِ ويطغى الحقُّ في ساحةِ العدالةِ. وهذا المعنى الفعالُ المتوخى من كلِ بحثٍ عن الحقِ هو هدفُ مؤتمرِنا الثامن.
وفي هذا السياقِ اسمحوا لي ان استعرِضَ واياكم النقاطَ التالية:
أولا: ان متابعَتنا لقضيةِ الإمامِ الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين تهدفُ إلى بذلِ الوُسعِ عبر استنفاذِ الوسائلِ الدبلوماسيةِ والقانونيةِ استناداً إلى ما خلصتْ إليه تحقيقاتُ القضائينِ الايطاليِ واللبنانيِ والتي جزمتْ بأنَّ الإمامَ الصدر ورفيقيه لم يغادروا ليبيا إلى ايطاليا، وذلك
1- بحثاً عن الحقيقيةِ و
2- تثبيتاً للمسؤولياتِ كافةِ، المترتبةُ على الدولةِ الليبيةِ والاشخاصِ الضالعينَ في الجريمة.
ثانياً: ونحن متفائلونَ بجدوى المتابعة.
فالتصريحاتُ الليبيةُ الرسميةُ، المبنيةُ على الاكاذيبِ الممتدةِ على مساحةِ ربعِ قرنٍ والتي دحضَها القضاءُ في أكثرِ من دولةٍ قد تغيرتِ اليومَ مضيفة التناقضاتِ على التناقضِ حولَ الروايةِ الرسميةِ الليبية.
فللمرةِ الاولى، ونتيجةً لمتابعاتِنا القضائيةِ ولضغوطاتٍ سياسيةٍ اتى اعترافُ القذاقي في خطابٍ رسمي في (الفاتح من سبتمبر 2002) والذي اثبَتتْهُ منظمةُ العفوِ الدوليةِ في تقريرِها لعام 2003 بأنَّ "الإمامَ الصدرِ كان في زيارةٍ رسميةٍ واختفى في ليبيا" ليعززَ توجُّهَنا بجدوى المتابعة.
• لم يعدِ القذافي رافضاً الكلامَ في موضوعِ الإمام الصدر،
• ولا متمسكاً ببيانِ الخارجيةِ الليبية الصادرِ في 17/9/1978 الذي ادعى ان الإمامَ وصحَبهُ غادروا مطارَ طرابلس في حفلِ وداعٍ شبهِ رسميٍ إلى ايطاليا ليلَ 31/8/1978،
• ولا مصراً على مضمونِ التحقيقِ الامنيِ الليبي تاريخ 15/2/80 المستندِ الى اجماعِ 11 شاهداً ليبياً وموريتانيٍ واحدٍ بانهم شاهدوا وودعوا الإمامَ على أرضِ مطارِ طرابلس الغرب..،
• ولا على اتهامِ اطرافٍ لبنانيةٍ وفلسطينيةٍ واجهزةِ استخباراتٍ اقليميةٍ بالوقوفِ وراءَ الاخفاء ...
واصبح الإمامُ الصدرُ مناضلاً وصديقاً و..... لم يعدِ الإمامُ وطائفتُهُ عملاءَ لإسرائيل ...
ثالثاً: ان ثبوتَ كذبِ بياناتِ الخارجيةِ واجهزةِ الامنِ والعدلِ الليبيةِ وتناقضَ تصريحاتِ المسؤولينَ الليبيينَ وغيرَها يؤكدُ بدونِ أدنى شكٍ ضلوعَ الدولةِ الليبيةِ مجتمعةً بشخصِ رئيسِها القذافي في مؤامرةِ خطفِ وحجزِ حريةِ الإمامِ ورفيقيه والتخطيطِ للتمويهِ على هذه الجريمة، بنقلِ حقائبِ الإمام ورفيقيه إلى روما وتكليفِ اشخاصٍ بانتحالِ شخصيةِ الإمامِ ورفيقيه وتزويرِ اوراقٍ رسمية ... كما جاء في قراراتِ القضاءِ الايطاليِ عامي 79 و82 وقرار قاضي التحقيق اللبناني سنة 1986.
رابعاً: اذن، المتابعةُ هي بهدفِ تثبيتِ ان ما حدثَ حدثَ في ليبيا، وان الدولةَ الداعيةَ والمضيفةَ بشخصِ رئيسِها مسؤولةٌ عن سلامةِ الإمامِ ورفيقيه وذلك بحسبِ القوانينِ الدوليةِ المرعية.
خامساً: واخيراً، بالاستنادِ إلى هذه الحقائقِ القضائيةِ مضافاً اليها اعترافُ القذافي الاخيرُ تنتفي الحاجةُ إلى مفاوضاتٍ وتحقيقاتٍ جديدةٍ ولجانٍ مشتركةٍ يتمثلُ فيها المجرمُ بهدفِ انتاج سيناريو لا علاقةَ له بالحقيقةِ او يحرّفُها على احسنِ تقديرِ لإعادةِ تظهيرِ القذافي وتبرئتِه من جريمتِه. فالقذافي لن يجدَ هذا الغطاءَ لا في لبنانَ ولا في ايرانَ على الاقل.
نحن تلامذةُ الإمامِ الصدر، طلابُ حقٍ ولن يثنينا ايُّ مجهولٍ يتلطى في ظلامِ اجهزةِ طاغيةٍ كذابٍ، أو معلومٍ مدعٍ وضيعٍ يقتاتُ على مائدةِ القذافي واقاربِه واعوانِه المرتزقةِ من الاستمرارِ في العملِ على تثبيتِ المسؤولياتِ المترتبةِ على هذه الجريمةِ في لبنان وعلى المستوى الدولي.
وموقفُنا هذا موقفٌ مبدئيٌّ – اخلاقيٌّ، هو واجبُنا وليس حقَّنا فقط وبالتالي لن نساومَ عليه او نفاوض، ولن نتبعَ هوى او مصلحةً ولن نتنازلَ عن حقٍ هو اصلاً ليس ملكُنا بل نحنُ امناءٌ عليه. هذه رسالتُنا في الحياة.
أقسَمَ الإمامُ الصدرُ يوماً (1974) واقسمتْ معه الجماهيرُ بأن "لا يوفرَ جهداً لاحقاقِ الحقِ وابطالِ الباطلِ والطغيان". وفي مؤتمرِه الصحفي في 11/9/1975 قال الإمامُ الصدر:
"إن الوقوفَ في وجهِ الطغيانِ يكلفُ ومع ذلك أُدركُ ايضاً ان هذه رسالتي وامانتي ومعنى حياتي".
هذا ما ينتظرُه الإمامُ الصدر منا اليوم. احقاقَ الحق.
وإننا نتابعُ هذه القضيةَ ليس من اجلِ الإمام الصدر ورفيقيه فحسب، بل ايضاً وبنفسِ القوةِ تعزيزاً لثقافةِ الصمودِ، صمودِ الحقِ في وجهِ الباطلِ ولو قَلَّ الناصرون. وفي هذا الموقعِ هي ثقافةُ حقوقِ الإنسان – خليفةِ اللهِ في الارضِ - وحرياتِه وكرامتِه في وجهِ طواغيتِ الأرض.
ولِيَشتدَّ عضدُ الحقِ، من أجلِ الانسانِ، انسانِنا، ثروةِ وطنِنا على حد تعبيرِ الإمام، ولإعادةِ الاعتبارِ لرؤيةٍ حضاريةٍ انسانيةٍ رساليةٍ طالما تغنّى الإمامُ بلبنانَ مكاناً لها، ونلمسُ الحاجةَ إليها اينما اتجهتْ انظارُنا على المسرحِ الدوليِ اليومَ، فإننا نناشد:
ا- الحكومةَ اللبنانيةَ بتحريكِ ملفِ قضيةِ الإمامِ الصدر ورفيقيه واعتبارِها قضيةً وطنيةً على المستوى الرسمي لِتُبنى عليه متابعةُ القضيةُ امامَ المحافلِ الاقليميةِ العربيةِ والاسلاميةِ والدوليةِ ذات العلاقة، ولما تعنيهِ هذه اللفتةُ من تكريمِ رائدٍ من روادِ الحوارِ ومبدعِ ثقافةِ المقاومةِ والمجتمعِ المقاومِ في لبنان.
2- نناشد الفعالياتِ الروحيةِ والسياسيةِ والنقابيةِ وهيئاتِ المجتمعِ المدني من منظماتٍ واتحادات و.. وسائلِ الاعلامِ على دعمِ هذه القضيةِ عبرَ متابعةِ جهودِنا ومؤزارتِها وممارسةِ الضغوطاتِ المناسبةِ لوضعِ حدٍ لهذا العدوانِ على حريةِ احدِ اهم رموزِ الجهادِ من اجلِ العدالةِ والتحررِ في القرنِ العشرين ورائدِ الدعوةِ إلى حوارِ الثقافاتِ واحترامِ حقوقِ الإنسان.
واخيراً، ان من مقتضياتِ الوفاءِ لمن بذلَ ايامَهُ ولياليهِ يعملُ من اجلِ قضايا الحقِ والعدلِ والحريةِ والانسانيةِ ان نرفعَ رايةَ الدفاعِ عن حقِه بالحريةِ. ففي ذلك، كما اعتقدُ، خلاصُنا نحن قبلَ ايِ شيءٍ آخر.
شكراً لكم وادامَكم اللهُ ذخراً لقضايا الحق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته