اليوم الثاني
الجلسة الخامسة
العوائق السياسية الدولية في التعامل مع قضية التغييب
الدكتور شفيق المصري (*)
لا بد، أولاً من الاشارة إلى حسن اختيار هذا العنوان. فالموضوع لا يتعلق عملياً بالظروف الدولية التي قد تحتمل الايجابي والسلبي من الأسباب والنتائج، ولا بالعلاقات الدولية التي يمكن ان نلمح في سياقها أثراً للقانون الدولي. ان هذا الموضوع، ببساطة محكوم بالعوائق السياسية الدولية المفروضة على أكثر من صعيد. فالتعامل مع قضية تغييب الإمام الصدر ورفيقيه يستدعي مناخاً دولياً يحترم حقوق الإنسان – الفرد، ويلتزم حقوق الإنسان – الشعب، ويقدّر مصائر الأوطان وضرورة تحررها ... ولكن هذا المناخ الدولي مفقود في السياق العام الذي يفرضه النمط السائد من السياسة الدولية الراهنة بصرف النظر عن اي شعار او عن اي تمويه. وقد يبدو من المستحسن ان نستعرض هذه العوائق السياسية الدولية في إطارين اثنين من التعامل:
- اطار التعامل مع قضية التغييب في ضوء حقوق الإنسان.
- وإطار التعامل مع هذه القضية في ضوء الافكار التي إلتزمها الإمام الصدر.
أولاً: العوائق السياسية الدولية في التعامل مع حقوق الإنسان
حرص القانون الدولي على تأكيد الحقوق الاساسية للفرد منذ فترة بعيدة. وكان يسند هذه الحقوق إما إلى شرعة الأديان أو إلى فلسفة القانون الطبيعي أو إلى انتفاضة الثورات الكبرى. ولكن هذه الحقوق تأكدت في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي صدر في العام 1948 ومن ثم تطور في عدد كبير من الشرعات الدولية اللاحقة الملزمة قانوناً.
وقد نهى القانون الدولي عن عمليات الاختطاف والاحتجاز ومشاكلهما:
- فلا يجوز اعتقال اي انسان أو حجزه تعسفاً (المادة التاسعة من الاعلان العالمي والمادة التاسعة من الشرعة الدولية للحقوق السياسية والمدنية).
- ويحق لكل فرد مغادرة اي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده. (المادة 13 من الاعلان العالمي والمادة 12 من الشرعة الدولية).
ويحق لكل فرد التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن ان تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الاعلان (المادة 28 منه)
وللفرد الذي ليس من مواطني البلد الذي يعيش فيه، الحق في الحياة والأمن الشخصي. ولا يتعرض أي اجنبي للاعتقال أو الاحتجاز على نحو تعسّفي (المادة 5 من الاعلان المتعلق بحقوق الإنسان والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 40/144 المؤرخ في 13/12/1985).
- ولا يجوز لاي دولة ان تمارس اعمال الاختفاء القسري أو ان تسمح بها أو تتغاضى عنها. وعلى كل دولة ان تتخذ التدابير التشريعية والادارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعّالة لمنع وانهاء اعمال الاختفاء القسري في اي اقليم خاضع لولايتها (المادتان 2 و3 من القرار 47/133 الصادر عن الجمعية العامة في 18/12/1992). وتترتب على اعمال الاختفاء القسري المسؤولية المدنية للدولة وذلك مع عدم الاخلال بالمسؤولية الدولية ايضاً (المادة 5 من القرار ذاته).
وبذلك يتضح ان قضية تغييب الإمام ورفيقيه مسألة متعلقة، في إطار القانون الدولي، بحقوق الإنسان. ويتضح كذلك ان الدول الموقعه على هذه الاتفاقيات الدولية ملزمة قانوناً باحترام كل هذه المواد تحت طائلة المسؤولية الدولية كما تقدم ذكره.
وهذه الاتفاقيات الدولية الشارعة تضمنت آليات تنفيذية يمكن تفعيلها او رفع التوصيات المناسبة إلى المراجع الدولية بصدد المخالفات الناتجة عنها. والمعروف ان هذه الاجراءات الزاجرة يمكن ان تتخذ بحق الدولة المخالفة سواء لجهة حرمان الانسان حريته وتقييد حركته وتشجيع احتجازه او اختفائه القسري ... الخ ... بالاضافة إلى مسؤولية الأفراد الذين يرتكبون هذا الجرم مباشرة. وثمة محاكم خاصة واليوم المحكمة الجنائية الدولية بالاضافة إلى لجان وهيئات دولية واقليمية مخولة بمثل هذه الاجراءات.
هذا يعني ان انتهاك حقوق الإنسان لم يعد يقابل بالمبادئ والقواعد الملزمة في القانون الدولي فقط، وانما أمام هيئاته التنفيذية وآلياته القضائية كذلك.
هذا في الاطار النظري أو المبدئي، اما في سياق النظام العالمي السياسي الراهن، فان مقتضيات هذا النظام تفرض توسيع الهوة بين ما هو مفترض قانونياً وما هو مفروض واقعياً. فالذي يجري حالياً على الصعيد الدولي يحاول تغييب هذه القضية واغفال حقوق الانسان وإنكار القانون الدولي برمّته. ويصبح، حيال هذا الوضع المستند إلى قانون القوة وحدها وليس إلى قوة القانون، تصرّف او استجابة الدول بقدر ما يُفرض عليها من ضغوط. ولعل الاستجابة الليبية ذاتها إلى ضغوط الولايات المتحدة وبريطانيا .. اسفرت عن دفع مئات الملايين من الدولارات لضحايا لوكربي في الوقت الذي لا تزال تتعثر مسألة التعويضات عن حادث مماثل عائد للجهة الفرنسية.
اما بالنسبة للسياق العام في التعامل الدولي فان الملاحظ، في غير مكان من العالم، ان حرص الدول، صانعة القرار، على مسائل حقوق الانسان، يقتصر على المستوى الاعلامي فقط. وهو لا يكترث بالتقارير الصادرة عن هيئات دولية كثيرة لحقوق الإنسان بدءاً بالتنظيمات الاقليمية ومن ثم الدولية غير الحكومية ووصولاً إلى اللجنة الدولية لحقوق الإنسان.
وتأتي الولايات المتحدة الاميركية في مقدمة هذه الدول التي لا تكترث بحقوق الإنسان وتتبعها دول أخرى كثيرة في أماكن مختلفة من العالم.
ولعل ما يُعرف اليوم بـ"عولمة مكافحة الارهاب" يشكل آلية أميركية جديدة وفاعلة تعتمد للارهاب الدولي تعريفاً اميركياً وتستند في تنفيذه إلى عدد من الآليات التي باتت معروفة اليوم.
وقد توالت الانتقادات الموجهة إلى الادارة الاميركية من أطراف دولية عديدة سواء على مسلكها في افغانستان أو في العراق.
وقد تراوحت هذه الانتقادات بين معتدل يرى في مسلك هذه الادارة تقصيراً بحقوق الإنسان ويطالب بالمزيد منها، وبين متطرف يعتبر ان مظاهر انتهاك حقوق الإنسان يمكن ان تتلخص، في مجملها، في اقفاص غوانتينامو حيث يتكدس الموقوفون من دون اي محاكم بعد شهور طويلة من الاعتقال، وحيث فشلت مساعي الحلفاء، كبريطانيا مثلاً، في التدخل بل الالتماس الملح لدى الرئيس الاميركي في الافراج عن بعض البريطانيين المعتقلين في غوانتينامو او في الاسراع بمحاكمتهم.
واستناداً لكل ما تقدم يمكن تلخيص هذه العوائق السياسية (على الصعيد الدولي) في التعامل مع قضية التغييب بما يلي:
- ان النظام العالمي السياسي الراهن (بما فيه الاقتصادي – الامني – العسكري) محكوم بما قرر القيمون على ادارة الرئيس جورج بوش تسميته بـ"العالمية الاميركية" وذلك اعتباراً من ايلول 2002. وقد شرحوا هذه العالمية في إطار القواعد التي فرضوها بصرف النظر عن مدى مشروعيتها في القانون الدولي. علماً ان الاداراة الأميركية الراهنة جاهرت في رفضها الالتزام بعدد كبير من الاتفاقيات الدولية الناظمة للنظام الدولي بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.
- ان التقارير الدورية للهيئات غير الحكومية مثل الهييومن رايتس واتش (HRW) او منظمة العفو الدولية أو سواهما تشير تكراراً إلى المخالفات الجسيمة التي ترتكبها الدول الكبرى واكثرها الولايات المتحدة – في مجال حقوق الإنسان. وهذه المخالفات تتناول الأحكام التي تقدم ذكرها مع انتهاكات اخرى. كذلك تشير هذه التقارير إلى ان احداث 11/9/2001 تم توظيفها من قبل دول الشمال لكي تضبط الهجرة اليها ودول الجنوب لكي تدجن المعارضة لديها.
- ان مواقف الدول العربية الرسمية محكومة هي الأخرى، بضغوط أميركية واضحة. وهي تسعى إلى استجابة هذه الضغوط من دون المجاهرة بالانصياع ما خلف تردداً غير واضح ولا حاسم في كل ما يعود إلى الالتزام بحقوق الإنسان من جهة وما يعود إلى شجاعة اتخاذ المواقف والقرار من جهة اخرى. ولعل قضية التغييب التي لم تلق الاهتمام العربي الكافي في السابق ستواجه بمزيد من التهرب ان لم نقل التبرم في الحاضر والمستقبل.
- ان الوضع القائم حالياً في اسرائيل يعكس الانتهاك اليومي لحقوق الإنسان الفلسطيني. وهذا الوضع يندرج – في المفهوم الاسرائيلي المعلن – ضمن مكافحة الارهاب على غرار الموقف الاميركي ذاته وتدعي اسرائيل ان حملتها الراهنة تساهم في الاستقرار الدولي. إلا ان هذه الشعارات سواء كانت لا تنطلي على احد – فانها تقرر مفاصل سياسية كثيرة في سياق النظام العالمي. ومن الطبيعي ان تقف حاجزاً منيعاً بوجه المطالبين بحقوق الإنسان وان تستجيب مطاليبهم.
والمعروف ان الاستخبارات الاسرائيلية تقود اليوم معظم الحملات العسكرية الاميركية ولا سيما في العراق.
ثانياً: العوائق السياسية الدولية في التعامل مع الأفكار
لا بد من توضيح نقطة اساسية في قضية التغييب: ان هذه العوائق شملت او سعت على الأقل إلى ان تشمل تغييب الافكار التي اعتمدها الإمام الصدر وحاول تعميمها على المستويين الاسلامي والوطني وبدأ باطلاقها على المستوى الاقليمي ايضاً:
أ- من الصعب، في الواقع، تلخيص هذه الافكار في إطار واحد ولا حتى في حيز مكاني واحد. فهي لم تكن محصورة فقط بالشأن المذهبي – الديني ولا المحلي اللبناني وانما كانت توجه إلى الإنسان ... الإنسان الذي أدرك الإمام اهميته ومحوريته. فالاديان في نطره: "كانت واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد: دعوة إلى الله وخدمة للإنسان. وهما وجهان لحقيقة واحدة ... وكانت تهفو إلى غاية واحدة: حرب على آلهة الارض والطغاة، ونصرة للمستضعفين والمضطهدين، وهما ايضاً وجهان لحقيقة واحدة" (من كلمته في كنيسة الآباء الكبوشيين بتاريخ 18/2/1975).
ولكن هذا الانسان مضطر إلى الدفاع والصمود والتصدي: الدفاع عن القيم التي غرسها الله فيه من خلال الأديان والصمود في وجه التحديات الفكرية والمادية المختلفة والتصدي لكل ضروب الوعد والوعيد من الآخر الذي يريد له استدامة التبعية. والمتفق عليه ان السلوك الانساني يندرج، طوعاً لا قسراً، في الاطار السياسي ذي الرؤيا الواضحة والمضمون النوعي المميز.
"فالدين لا يمنع اطلاقاً النشاط السياسي شرط ان يكون منسجماً معه من حيث المبدأ والطريق والهدف. ولعل قلق الإنسان المعاصر مردة التنكر لله واعطاء الانسان صفة الاطلاق لمصنوعاته ...".
اما "الحضارة الغربية فقد فشلت لانها لم تتمكن من اسعاد البشرية". والحضارة الحديثة لا تقام، في رأيه، إلا على ضؤ نتائجها على الصعيد الانساني". وحركة التاريخ، بالنتيجة، تدور حول محور واحد هو الانسان وارادة الانسان ..." (من خطب الإمام وتصريحاته في العام 1973).
هذا التبشير بالإنسان وبصرف النظر عن خلفياته السياسية لا يمكن ان يحظى بقبول صانعي القرار الذين يرفضون الشفافية وينصاعون إلى ضغوط الشركات العملاقة عابرة الجنسية والتي تفرض كل وجوه العولمة على اصعدتها الاقتصادية والتقنية والثقافية وغيرها.
فالنظام العالمي الراهن يتشبث ظاهراً بالاقتصاد الحر والدولة الناعمة والانفتاح الكوني. وذلك كله من اجل تيسير وتسيير الحركة الاقتصادية الهائلة للشركات العملاقة. وهذه الحركة تعتمد على عنصر الربح وان على حساب الإنسان وعلى عنصر الانتاجية الضخمة وان على حساب الناس الفقراء. ولهذا فان جميع التحركات المناهضة لهذه العولمة والتي تجلت في التصدي لاجتماعات منظمة التجارة الدولية انما كانت ترفع ولا تزال شعارات معبرة مثل "الناس قبل الربح" و"عالمنا ليس للبيع" و"لا للدماء من اجل النفط" وما شاكل من العبارات التي تتمحور حول قيمة الانسان وكرامته.
ولعل الدعوة المتكررة التي تطلقها اليوم بعض الدول، وهي أقلية، والتي تؤكدها ايضاً بعض المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية تصب في الاتجاه النوعي ذاته من اجل انسنة هذه الموجة الكاسحة من العولمة الطاغية.
ب – ولعل المفصل الإساسي في فكر الإمام الصدر يستند إلى آلية راقية من اجل التوصل إلى الهدف الأسمى. فالآلية المعتمدة لديه تقوم على الحوار وتسعى لتوظيف كل الامكانات العقلية المتاحة لإسعاد الإنسان وتوفير كرامته. وهو يؤكد تكراراً: "علينا ان نقيم الحضارة الحديثة على ضؤ نتائجها على الصعيد الانساني". ولن يتسنى ذلك الأمر للشرق او لسواه. وليس ثمة طريقة "لصيانة المنطقة إلا باعتماد الفكر الإسلامي المتطور المنفتح". ولذلك فانه "لا بد من عرض الاسلام عرضاً علمياً بلغة العصر".
وهكذا يمكن ان تتلاقى الحضارات وتتضافر من اجل الإنسان المؤمن.
إلا ان هذا الفكر المحاور لا يلتقي اليوم مع الذين يصرون على صدام الحضارات في مقاربات خاطئة بل مضللة في محتواها الفكري وفي خلفياتها التاريخية وفي مستواها الديني- ولعل هذا الشعار (اي تصادم الحضارات) الذي يتشبث به الغرب الأميركي تحديداً كذريعة لتحقيق اغراض جيواقتصادية وجيوسياسية معروفة ... هذا الشعار ذاته تلقفته تيارات دينية متطرفة هي الأخرى مستخدمة" الذريعة ذاتها من اجل تعطيل الدور الحواري الاساسي في الاسلام وهو الدور الذي دافع عنه الإمام الصدر في أكثر من مناسبة. وبذلك تصبح العوائق السياسية الدولية في اقامة الحوار بين الحضارات متمثلة بالاصرار الذي تمارسه الادارة الاميركية وحلفاؤها في مكافحة الارهاب وفقاً للوائح الاميركية للتنظيمات الارهابية، وكلها اسلامية كما هو معلن. كذلك ان هذا الاصرار على صدام الحضارات اعطى مجالاً واسعاً لردود الفعل الاسلامية المتطرفة التي سعت هي الأخرى إلى توظيفه من أجل فرض وجودها وجرّ المجتمعات الاسلامية إلى موقفها.
ان الدين – كما يؤكد الإمام الصدر منذ ثلاثين عاماً – لم يقف يوماً في وجه الانتاج الثقافي والحضاري. ولكن بعض القيمين عليه استدرجوا إلى اتخاذ المواقف المتشنجة ذاتها في ردود افعالهم على الغرب ونواياه.
وبعد كل هذه التجارب من افغانستان إلى العراق إلى اي مكان آخر في العالم تبين ان الحلول العنيفة واستخدام القوة وفرض الارادة لن تحل اية مشكلة في اي مكان. وحده الحوار العقلاني، الذي ينطلق من كرامة الانسان ويؤكد على حق كل الشعوب بالحياة الحرة الكريمة، كفيل بحل كل المشكلات وبإعادة التعاون البناء بين كل الشعوب.
إلا ان المسألة، في هذا السياق، محكومة بالفعل بإرادة ثلاثية الأطراف من اجل التصادم وليس التحاور:
- ارادة الشركات الكبرى التي تستسيغ حماية من قبل الدول لتمرير مصالحها وتنفيذ رغباتها وتسهيل حركتها.
- ومتطلبات الجهات العسكرية في الدول الكبرى التي تحتاج إلى ساحات ساخنة من اجل التبرير العسكري والمالي لوجودها ومن اجل التدريب التقني لمعداتها وطواقمها، ومن اجل فرض نفوذها على المقدرات السياسية لاي دولة كبرى.
- والتغلغل الاسرائيلي في المنطقة سواء على الصعيد الاستخباري الذي يصب، في النتيجة، في المصلحة الأمنية الاسرائيلية، كما يصب ايضاً في المصلحة الاقتصادية الاسرائيلية.
وهكذا فإن العوائق السياسية الدولية تعطل كل امكانيات الحوار الحضاري كما طالب به الإمام الصدر، وتواظب على خلق العدوالذي تريده الادارة الاميركية تحديداً في سياستها الخارحية، وهي السياسية القائمة اساساً على خلق العدو ومن ثم محاربته.
ومع ذالك فإن الامام الصدر لم يفقد الأمل بامكانية حوار آخر قد يكون مثمراً وفاعلاً وهو الحوار العربي- الاوروبي. وقد يصبح بنظره من أفضل الصيغ لإحترام كل الحضارات والثقافات ولخلق التفاعل التام والمتكافىء بينها. وهو يعتبر ان لبنان يشكل، في هذا السياق ضرورة حضارية للعالم كله شرط ان يتوجه لهذا العالم مستنداً الى وحدته الوطنية الصامدة. أما اذا سقطت تجربة لبنان فإن الحضارة الانسانية تكون قد اظلمت هي الآخرى.
والواقع اننا اليوم، بعد مرور حوالي ربع قرن على هذه الكلمات، نستشعر الحاجة ذاتها الى حوار حضاري بديل في العلاقات المطلوبة بين العرب واوروبا، فهل تسمح السياسة الدولية الراهنة بذلك؟
الواقع ان العوائق السياسية على الصعيد الدولي تقف بالمرصاد لأي تقارب عربي- أوروبي قد يؤثر على مصالح الادارة الاميركية في الشرق الاوسط، وقد يؤثر ايضاً على المشروع الاسرائيلي الشرق اوسطي كذلك. وقد سبق لأسرائيل من جهة وللولايات المتحدة من جهة اخرى ان تعرضت لمثل هذه البدائل وابقت الصيغة الشرق أوسطية رهينة الارادة الاميركية- الاسرائيلية المشتركة.
وخطورة هذه العوائق السياسية الدولية انها تفرض على الشرق الاوسط كله أحادية التعاطي مع هذه الادارة الاميركية من جهة وتنفيذ ما تطلبه من جهة اخرى وان كانت هذه المطالب تجري على حساب المصالح العربية وكرامة شعوبها.
ج -اما الفكر السياسي ومن ثم الموقف السياسي للإمام الصدر من مسألة الصراع العربي- الاسرائيلي فإنهما (اي الفكر والموقف) يميزان الامام منذ بدء تعاطيه بالشأن السياسي. وهذا الموقف لم يكن قابلاً لأي مراجعة او تردد او تحريف. فإسرائيل " شر مطلق" وهي عدوة العرب والمسلمين والمسيحيين والانسانية والله سبحانه، ولذلك "يقتضي تكوين مجتمع حرب وتجنيد الطاقات العربية والاسلامية في معركتنا مع اسرائيل".
واستبعد الامام ان يكون لمشكلة فلسطين اي حل سلمي. ولذلك يجب في رأيه "استخدام جميع الوسائل لدرء الخطر الصهيوني على المنطقة ومستقبلها. وهو يعتبر ان السلاح الاقوى في يد العرب ضد اسرائيل هو سلاح المقاطعة ولا يحق لأحد ان يسقط هذا السلاح وحده".
إلا ان الأخبار التي تتردد يومياً تشير بما لا يقبل الشك:
- ان اسرائيل كانت ولا تزال المستفيد او الرابح الاول من احداث افغانستان الى الحرب على العراق الى آخر السلسلة المنتظرة في سياسة " مكافحة الارهاب" التي تتعهدها الادارة الاميركية.
- ان المخابرات الاسرائيلية كانت بشكل او بآخر وراء التحريض من اجل الحرب على العراق ووراء تجريده من جيشه وعلمائه وقدراته الاخرى.
- وانها تريد بالنتيجة، ان يتولى هذا العراق الجديد المنتظر عملية التطبيع مع اسرائيل تمهيداً في ذلك للوصول الى شرق أوسط "جديد" تحت السيطرة الاسرائيلية.
- وبذلك لم يعد مسموحاً ان يستأنف رجل ما إطلاق شعار "اسرائيل شر مطلق" ويدعو العرب الى مقاطعتها في الوقت الذي ترسم هي خريطة طريقها فيما الادارة الاميركية لا تقوى على الرفض ولا حتى التحفظ على الرغم من اطلاق الوعود والشعارات.
خلاصة:
أ- ان مسألة تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه في إطارها القضائي وفي ضوء كل التحقيقات التي جرت ترتب على ليبيا مسؤولية مدنية واضحة ومسؤولية دولية كذلك وفقاً للقانون الدولي وذلك كما ورد في القسم الاول من هذا البحث.
وهذه المسؤولية الدولية للدولة المضيفة لا تقتصر فقط على لجنة تحقيق ولا على زيارة الى ليبيا من دون ان تحظى بمقابلة مسؤوليها ولا بالقيام في اجراءت تحقيق فيها. فالدولة التي يحمل الامام ورفيقاه جنسيتها مسؤولة هي الاخرى عن القيام بكافة الوسائل (وهي لم تستنفذ بعد) الممكنة من اجل المطالبة واتخاذ المواقف بالاستناد الى هذه المطالبة. وثمة مراجع عربية واقليمية ودولية يمكن ان تقوم بهذه المهمة بناء لإلحاح الدولة اللبنانية.
ب- ان تغييب الامام ورفيقيه مسألة اساسية تتعلق بحقوق الانسان واذا تركت هذه المسألة من دون ان تقوم المنظمات الدولية- الحكومية وغير الحكومية- بدور أساسي في الملاحقة والتعقب ومن ثم نشر النتائج الايجابية او السلبية في سياقها، فان المساعي الاقليمية والدولية لحقوق الانسان تبقى عرضةً للتراجع او المساومة او ربما التخلي.
ج- ان العوائق السياسية الدولية في التعامل مع قضية التغييب تشكل حاجزاً خطيرا يسود العلاقات الدولية برمتها. ولكن الاصوات الرافضة والمنتقدة لهذه الموجة الكاسحة من الإندفاع الاميركي الراهن باتجاه "العالمية الاميركية" تزداد هي الاخرى وبوتيرة عالية. واذا كان مجلس الأمن قد استُخدم في قضية لوكربي ومعاقبة ليبيا على تورطها فيها قبل انتهاء المحاكمة بصددها، فإن العرب مدعوون الى رفع هذا الموضوع الى مجلس الأمن ايضاً من اجل تشكيل لجنة تحقيق دولية بهذا الصدد تمهيداً في ذلك لاتخاذ القرار المناسب.
د- وقد لاحظنا ان قضية تغييب الامام ورفيقيه لا تتعلق فقط باشخاصهم وانما تتضمن محاولة لتغييب أفكار الامام ايضاً. ولعل الاسلوب الوحيد الذي يمكن تقدير الامام من خلاله يتمثل في التزام هذه الافكار واتخاذ المواقف السياسية على اساسها.
هذه الافكار والمواقف تشكل الذخيرة الاساسية للتصدي لهذه العوائق السياسية الدولية سواء في الاصرار على القيم الاصيلة للاسلام او على منطقه الحواري الحضاري او في ان اسرائيل شر مطلق ام في ان لبنان ضرورة حضارية للعالم أجمع، أن تعايش الطوائف فيه هو -كما قال الامام- "التجربة الوحيدة الحضارية في هذا العالم" واذا سقطت هذه التجربة " اظلمت الحضارة العالمية".
____________________________
(*) ألقى الدكتور شفيق المصري الكلمة المرتجلة التالية، وقدم كلمته المكتوبة الواردة اعلاه.
حضرة الرئيس السيادات والسادة مساء الخير، اشكر القيمين على هذا المؤتمر لأنهم اتاحوا لي فرصة التشرف بلقائكم. اختير لي هذا الموضوع تحت عنوان "العوائق السياسية على الصعيد الدولي في التعامل مع قضية التغييب"، انا افهم ان قضية التغييب تتناول امرين قضية تغييب الاشخاص ومحاولة تغييب الافكار، وعلى هذا سعيت إلى توزيع مداخلتي ضمن الوقت المتاح لي على هذين المحورين.
بالنسبة لتغييب الاشخاص سماحة الإمام ورفيقاه اولاً تندرج هذه المسألة في إطار القانون الدولي ضمن حقوق الانسان ربما سبقني بعض الذين تكلموا عن هذا الموضوع بالنسبة لحقوق الإنسان هنالك نصوص صريحة حرص عليها القانون الدولي تباعاً منذ الاعلان العالمي لحقوق الانسان ومع قرارات الجمعية العامة مع احكام اخرى في القانون الدولي على خطر الاختفاء القسري على خطر الاحتجاز، تحت طائلة مسؤوليتي الدولة المدنية والدولية فأشير سريعاً إلى هذه المواد، المادة التاسعة مثلاً من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك المادة التاسعة من الشرعة الدولية للحقوق المدنية والسياسية تؤكد على خطر الاحتجاز القسري تؤكد على انهاء الاختفاء وتؤكد على حق كل شخص ان يعيش في أمن سواء في بلده او خارج بلده ثم اتبعت هاتان المادتان بقرارات عن الجمعية العمومية من 1985 مثلاً. وهناك قرار يؤكد على ان لكل شخص مقيم في بلد لا ينتمي إلى جنسيتها الحق في الحياة والحق في أمنه الشخصي ولا يجوز ان يتعرض هذا الشخص لاي اعتقال كيفي ولأي احتجاز تعسفي.
القرار الأخر صادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1992 يعتبر ان الدولة يجب ان تتخذ كافة الاجراءات التشريعية والادراية والقضائية لوقف اي عملية أو اية عملية اختفاء قسري او احتجاز كيفي واذا تقاعست هذه الدولة فإنها تكون مسؤولة مدنياً تجاه الاشخاص ودولياً تجاه الدولة. جنسية الشخص المعني هناك ايضاً انا اردد هذه المواد على سبيل المثال لا الحصر لكي اؤكد ان القانون الدولي حرص على شجب الاحتجاز او الاخفاء القسري هذا طبعاً مع التأكيد على ان الجماهيرية الليبية موقعة على كافة هذه الصكوك الدولية وقد صوتت على هذه القرارات ايضاً ما يعني انها مسؤولة امام القانون الدولي بالنسبة لهذه العملية هذا من الاطار النظري.
انا حديثي عن العوائق السياسية على الصعيد الدولي كما طلب اليّ، اي ما هو القانون الدولي اليوم وكيف يطبق ومن المسؤول عن تطبيقه؟ طبعاً في المبدء هناك آليات دولية مسؤولة عن تطبيق هذا القانون الدولي وهذه الآليات معروفة وملحوظة في صلب او متن الإتفاقيات بالذات وملحوظة في قرارات الجمعية العامة. ولكن ما يجري حالياً هو تطبيق قانون القوة وليس قوة القانون. ما يجري حالياً على الصعيد الدولي هو تغييب لاي مفعول، ولا اقول لأية صدقية، للقانون الدولي لأن النظام او لأن العلاقات الدولية بشكل عام، ينتظمها او يتواجد في رعايتها النظام العالمي القانوني والنظام العالمي السياسي. فالنظام العالمي السياسي الاقتصادي والعسكري ضمناً يغيب طالما ان الموضوع عن التغييب يُغيّب. النظام العالمي القانوني يغتاله يتنكر له بشتى الوسائل ولا سيما ما يَرد اليوم من إصرار اميركي على العالمية الاميركية American Internationalism وهذه العالمية الاميركية تفرض قانونها. اذا الدول صانعة القرار الدولي، الدول راعية هذا الانتظام الدولي امتنعت عن الالتزام بهذه الاتفاقيات الناظمة ليس فقط بالنسبة لحقوق الإنسان وانما بالنسبة لأمور اخرى كثيرة. واحداث ما بعد 11 ايلول تشكل خير دليل على ذلك.
هذه الاستراتيجية او العالمية الاميركية اصبحت صريحة وواضحة، مع استراتيجية الدفاع او الامن الاميركي التي اعلنت في ايلول 2002 التي اعلنت صراحة تخليها المختار عن القانون الدولي الا بقدر ما يساعد هذا القانون على توفير مصالحها وما تساعد آلياته على توفير الغطاء الدولي له. فالموضوع اذن في اطاره الدولي مغيب أسوة بقضية تغييب الإمام ورفيقيه. هذا بالنسبة للتعامل مع قضية حقوق الإنسان، يعني تغييب الإمام الشخص. ولكن الاخطر من هذا في الواقع هو محاولة تغييب الإمام الفكر، وهذا يستدعي منا مقارنات لا بد من التنبه اليها لا سيما ان وزير الدفاع الاميركي وعدنا منذ حين انه سيشن حرب الافكار، فهذه الافكار تأتي بالضغط نقيضاً تاماً للافكار التي سعى سماحة الإمام إلى اعتمادها والتزامها منذ 30 سنة، من هذه الافكار اخترت ثلاثة:
اولاً: محورية الانسان
ثانياً: الحوار الحضاري
ثالثاً: التعامل مع اسرائيل.
كل هذه الافكار كما نرى تتناقض بشكل ساخر مع الشعارات التي اتت وقد تأتي الينا ضمن حرب الافكار التي ستعتمد امريكياً وقد اعتمدت بالفعل.
بالنسبة إلى محورية الانسان كان سماحة الإمام حريصاً على اعتبار ان الاديان بالنتيجة هي من اجل امرين: من اجل الاقرار بالله وشروط العبد حياله ومن اجل حرية الانسان وتحريره ايضاً انا اقصد الانسان المؤمن كما قصده، فيقول في اكثر من مناسبة ان الاديان مثلاً كانت واحدة في خدمة الهدف الواحد دعوة إلى الله وخدمة للانسان وهما وجهان لحقيقة واحدة وكانت تتطلع إلى غاية واحدة حرب على آلهة الارض والطغاة ونصرة للمستضعفين والمضطهدين وهي ايضاً وجهان لحقيقة واحدة ويشير إلى ان الإنسان بحكم ايمانه واقتناعه مضطر إلى الانخراط في العمل السياسي وهو مباح في الاديان شرط ان يكون منسجماً مع اهدافه. فالعمل السياسي ذو الرؤية الواضحة الإيمانية هو عمل ضروري بالنسبة إلى كل الاديان. هذا الانسان اين هو في عالم العولمة؟
نكتفي هنا بالتذكير بالتظاهرات بالاعتراضات حول السفارات التي ترفع في وجه العولمة التي تغيب الانسان في كل حساباتها. الناس فوق الربح كما وُجِه اجتماع سياتل لمنظمة التجارة الدولية، بلدنا ليس للبيع، لا للدماء من اجل النفط. التظاهرات الاخيرة حتى ادبيات الامم المتحدة كلها تدعو إلى انسنة هذه العولمة هذه الانسنة في الواقع كان الإمام سباقاً إلى التذكير بها والتوكيد عليها منذ 30 سنة.
المحور الثاني المهم ايضاً لانه يعبر عن الموقف الديني القديم هو مسألة الحوار الحضاري. حدد سماحة الإمام الحوار الحضاري اولاً بالنسبة للجهات كان يركز على الحوار الحضاري الاوروبي العربي وكان يعتبر لبنان واسطة العقد في هذا الحوار لما يكتسب به لبنان ولما دعا اليه هو تكراراً من اغناء التجربة اللبنانية وكان يعتبرها التجربة الحضارية الرائدة في العالم إلى درجة انه قال مرة انه اذا سقطت التجربة اللبنانية اسودت او اظلمت الحضارة الانسانية، المهم ان هذا الحوار الاوروبي العربي كان يقصده لانه كان يتخوف منذ البدء من الموقف الاميركي البعيد عن اي حوار حضاري ممكن لاسباب سياسية في اغلبها. المهم انه سعى دائماً إلى اعتماد كما قال اعتماد شرح الاسلام بلغة العصر باعتماد الاسلوب العقلاني وعلى هذا الاساس يمكن ان يقام لهذا الحوار نتائج ايجابية راقية، فالحوار إذن الحضاري بعد شرح الاسلام بلغة العصر.
هو الأمر الذي طالب به. ماذا حصل؟ حصل بدل التحاور الحضاري، تصادم الحضارات وهي مقولة ليست خاطئة فقط وانما مضللة في الواقع ويبنى على تصادم الحضارات سياسات كثيرة ولعل اخصها السياسة الاميركية بالذات لأن قائلها اميركي اصلاً فبدلاً من التحاور اعتمدت سياسة التصادم ووقع الاسلام بين ظالمين: ظالم استعداه، وبين ظالم آخر اتخذ الموضوع كردة فعل استنفره، وكان الاثنان بعيدين عن الحوار المطلوب والذي دعا إليه سماحة الإمام. نحن اليوم نعيش تحت هذا الشعار وضمن حرب الافكار ربما ولكن هذا يتخذ كذريعة لتمرير مصالح جيوسياسية وجيواقتصادية معروفة.
الموقف الثالث هو موقفه من اسرائيل هذا الموضوع تعرفونه تماماً في هذا الجو لا اقول اقوال سماحته عن هذا الموضوع لانه شائع ومعروف وكل ما قاله يندرج تحت عنوان اسرائيل شر مطلق. هذا الموضوع طبعاً تسعى الاميركية العالمية اليوم إلى تغييبه وهنا نميل إلى الاعتقاد ان توافقاً في المصالح كان ولا يزال في التعامل مع قضية تغييب الإمام الفكر. اليوم ما هو سائد ضمن حرب الافكار من هو ليس معنا فهو ضدنا ووارد اليوم ان الشرق الاوسط الجديد يجب ان يكون مطبعاً ومطوعاً للرغبات للمصالح الاسرائيلية وللجيوستراتيجية الاميركية الممتدة من شبه الجزيرة الهندية إلى البحر الاحمر.
المهم وكخلاصة اعترف او اقر اصحاب الشأن بتقصيرهم سمعت في الجلسة التي سبقت جلستنا ان منظمة العفو الدولية قصرت في تحضير ملف كامل عن مسألة تغييب الإمام، سمعت ايضاً رئيس اللجنة النيابية لحقوق الإنسان انه لا يملك ملفاً في هذا الشأن وسمعنا ان الحكومة مقصره ايضاً في هذا الشأن فما هو مطلوب بالضبط ما اشرنا إليه جميعنا ربما المطلوب بعد كل التحقيقات وقد قال المسؤول عن منظمة العقو الدولية ان الرئيس الليبي اعترف ان الإمام اختفى بشكل ما في ليبيا وهذا يشكل مسؤولية اكيدة دولية ومدنية والحكومة اللبنانية يجب ان تفعل دورها ثم اقول شيئاً ان مجلس الامن الذي كان أداة طيعة لتحصيل تعويضات لا ندخل في التعويضات تتحدث عن مسؤولية، مسؤولية ليبيا الدولية الذي كان أداة طيعة ضمن منطق قانون القوة لانهاء لوكربي على مستوييها البريطاني والاميركي لأن الامور لا تزال عالقة بين ليبيا والجمهورية الفرنسية، هذا المجلس ليس اقل عليه من ان يشكل لجنة تحقيق دولية لتقصي هذه المعلومات في ضوء الوقائع في ضوء الاستنتاجات، تفضل استاذنا الدكتور نعيم بها ولا اقل علينا نحن نتشبث بالإمام الفكر لان محاولات التغييب بدأت بتغييب الشخص وهي ساعية إلى تغييب الإمام الفكر ايضاً.