مداخلات ومناقشات الجلسة الأولى

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمة سواء" السابع: الذات والآخر في الاعلام المعاصر

معالي الوزير غازي العريضي:
اود ان اطرح نقطة في المداخلات التي قدمت الكثير من الامور المهمة بعناوينها العريضة وبالتفاصيل التي تحتاج إلى كثير من النقاش والتفصيل ربما في جلسات أخرى، لكنها تشكل في النهاية مادة نقاش. إلا انني في اطار الحديث عن الإعلام وخاصة في هذه المرحلة بالذات حول قوانين الإعلام أو التعديلات التي يجب ان تطرح عليها أو ما شابه، أتمنى مع كل الاحترام والتقدير لما هو قائم في دول أخرى وقد اقتبسنا الكثير منه عن إعداد معظم القوانين اللبنانية، أتمنى على مستوى الإعلام ان نستفيد من تجربتنا واكاد اقول فقط من تجربتنا، وان نراقب الآخر كي لا تكون لدينا عقدة دائمة بالدعوة إلى الاستفادة من تجارب هذا الآخر وخصوصاً أننا امام محور شر أميركي – إسرائيلي على المستوى الامني والسياسي والإعلامي بشكل خاص. كنا دائماً نلجأ لنقول هناك ليبرالية وديمقراطية في هذه الدولة أو تلك، وخصوصاً في الولايات المتحدة الاميركية، التي تمارس اليوم ابشع اساليب الارهاب ضد الحريات وضد الصحافة وضد الصحافيين في سياق حملة مبرمجة مدروسة من أكبر دولة في العالم ضد امة وشعوب بكاملها، على مستوى العالم، فلا يمكن ان تشكل هذه الدولة في هذه المرحلة بالذات نموذجاً يمكن اعتماده وأن نعود إلى القوانين، حتى القوانين ومنها شرعة حقوق الإنسان تداس في الولايات المتحدة الأميركية. أوردت هذه الملاحظة لأنني قرأت من بعض السطور حقيقة كلاماً حول هذه النقطة.

أحد الحاضرين: ملاحظة موجهة للأستاذ سركيس،
عند تحديد المرحلة الثانية وانتهائها بتمرد ميشال عون أتمنى من أحد السائلين الذي لم يكتب اسمه أن تُحدد بشكل آخر. مثلاً سقوط ميشال عون أو إنهاء مرحلة الجمهورية المتوارثة منذ 43 حتى الطائف، وذلك لسبب أننا لم نسلم ميشال عون شيئاً ليتمرد علينا، وانه تسلم الرئاسة من سابقه بالبرتوكول المعروف الذي لا علاقة لنا به. كما أنه لم يوافق على الطائف ليبدأ بتطبيقه ثم يتمرد عليه، مع اقتناعي بعدم التعليق على ظاهرة عون. إنما شرف التمرد لم يكن موجوداً آنذاك.

توضيح للأستاذ سركيس نعوم:
لما سُلم ميشال عون رئاسة الحكومة العسكرية سلّم وفق الدستور القديم والقوانين القديمة، لم يقل أحد وقتها إنه اغتصب السلطة، ولكن عندما حصل اتفاق الطائف 1989 وطلبت اللجنة العربية والأخضر الإبراهيمي وغيرهم، من العماد ميشال عون أن ينسجم مع هذا الميثاق الجديد الذي كان اتفاق الطائف في أساسه ورفض ميشال عون واستعمل القوة العسكرية في ذلك الوقت. وقتها اعتبر متمرداً على الميثاق الجديد الذي ارتضته غالبية اللبنانيين وغالبية الطوائف اللبنانية، فاقتضى التوضيح.

الحاج علي شمص:
بسم الله الرحمن الرحيم. السؤال موجه لكل المؤمنين والعاملين بالإعلام اللبناني المتعدد، مع شكري الدائم لتجاوب جريدة النهار الكريمة بنشر مقالات حول قضية تحرير الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه.

السؤال هو: كيف الخروج من مشكلة حالة التذكير المطلبي بقضية إخفاء الإمام السيد موسى الصدر مؤسس الهزيمة الأولى للاحتلال الإسرائيلي، الشر المطلق، والتي مع الاسف تمارسها بشكل شبه دائم وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، الرسمية والخاصة، في زمن قوة المصالح والنفوذ والمال المؤثر حيناً على عمل الدور الرسالي للاعلام والصحافة، والتي تطال حق قضية كبرى وطنية وإسلامية بحجم قضية الإخفاء للإمام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، وتحريرهم من قبضة حاكم ليبيا العقيد معمر القذافي.

السؤال هو: إنه يوجد إهمال رسمي في قضية الإمام الصدر من الناحية الإعلامية. في الإعلام الخاص لم يتجاوبوا في قضية الإمام. يعني نريد أن "نشحد" حتى نكتب مقالاً في قضية الإمام، خصوصاً من كل وسائل الإعلام، يعني بشكل عام.

نطالب بتفعيل جوهر الدور الاساسي لوسائل الإعلام والصحافة والقيمين عليها لكشف الحقيقة المرة، وحماية حقوق الإنسان وحريته وكرامته، في الصرخة الحضارية من كل لبنان لتحرير الإمام الصدر الذي ضحى بمصيره لدعم التعايش الإسلامي المسيحي والوحدة الوطنية والسلم الاهلي الذي نعيشه. كما ضحى الشهيد كمال جنبلاط والشهيد الرئيس رشيد كرامي والشهيد الرئيس رينيه معوض. وشكراً.

الدكتور الطفيلي:
بعد اتفاق الطائف كلنا نعرف او ما جرى باسم الوثيقة اللبنانية للوفاق أو الدستور الجديد. تداعت حكومة الوفاق الوطني لكي يبشروا العالم ويشرحوا لهم ما هو الوفاق وكيف نصل للوفاق. إنما الذي حصل من خلال الحكومات التي تعاقبت انهم بينوا الصورة المذهبية والطائفية لتحصين مواقعهم، وكسب مراكز، وجني اموال وثروات. أما الجانب الذي يوحد اللبنانيين ويصهرهم ويجمعهم ويبعد عنهم المذهبية والطائفية فلم يقتربوا منه! نتأمل من الحكومة الجديدة بوجود الوزير غازي العريضي ان يعملوا على إلغاء الطائفية السياسية. إن البنود التي تدعو للانصهار لا يقترب أحد منها على اعتبار انها "بعبع". هذا لا يجوز. أصبحنا على الشفير الشفير.

الدكتور جعفر عبد الخالق: يعني أنهى معالي رئيس الجلسة مداخلته حول كلام الإمام الصدر، عزة لبنان هي عزة الإعلام وصحته، من صحته، وقال كلمة أساسية إن الصحة ليست جيدة. أستاذ نعوم، وهنا ادخل في إشكالية معينة من هذا المحور، استاذ نعوم ربط دور الإعلام بالوحدة الوطنية، بالإعلام - على الاقل السياسي - وجود احزاب ودولة، شكك بقدرتها ووجودها الآن. والدكتور جيروم ربط الموضوع بإلغاء الطائفية السياسية. في الحقيقة هذا يطرح إشكالية كبرى في ظل هذا الواقع الطائفي. هل هناك دور للاعلام في الوحدة الوطنية، وخاصة خلال تجربة العشر سنوات التي مررنا بها؟ نحن نعتقد، وهنا الإشكالية، ان الإعلام بهذا الشكل، الإعلام الطائفي، انعدام الاحزاب السياسية والحرية السياسية هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وإلى إقفال محطات. وانا في رأيي يجب ان تقفل كل المحطات. لا يمكن، فهذا الدور لا يستطيع ان يدعمه الإعلام.

احد الحاضرين:
إلى متى ستبقى ساحة الزمان والمكان بانتظار جهوزية الوطنيين منكم للتعبير والفعل وأخذ المبادرات التي تصون الإعلام وحريته وتعيد اليه طريقه؟

الدكتورة مهى ابو خليل:
أثارني تعريف، او تصنيف أو تحديد، السلطات عند الدكتور جيروم، اليوم الاقتصاد، ثم الإعلام، ثم السياسة. لقد أثارني وأوافق على هذا التصنيف أو الطرح من كل قلبي. وبما أننا طرحنا موضوع الاقتصاد بدايةً، فكيف نستطيع ان نحدد او نتكلم عن دور الإعلام من دون ان نتكلم عن التنمية.
الاقتصاد والتنمية شيئان مترابطان، فكما أننا نتكلم عن دور الأستاذ من دون ان يكون هناك مدرسة، نحن في لبنان دائماً نطرح مقولات وشعارات، وخاصة مقولات ما بعد الطائف. كلها لا تدخل في صميم التنمية الوطنية. عندما يكون هناك تنمية استطيع ان اقول هناك إعلام. التنمية معناها أن يكون الإنسان متمكناً من حقوقه. الحق الاساسي هو ان يعيش بكرامة. فعندما يكون هكذا، يستطيع ان يتكلم بحرية. بالتالي استطيع ان اقول وألفت نظر الحضور إلى هذا الموضوع بأنه لا يمكن ان نتكلم عن دور للإعلام على صعيد لبنان أو على أي صعيد وطن وخاصة في العالم الثالث، من دون ان نتكلم عن التنمية.

احد الحاضرين: سوف أجيب تقريباً عن الأسئلة الأولى التي طرحت، وابدأ من حيث انتهى معالي الوزير الذي يقول إن صحة الإعلام حالياً سيئة، ومع صحة الوحدة الوطنية. وهذا الامر صحيح. وهذا الأمر ناجم عن أن الخطاب في البلد بشكل عام، وهو اساساً الخطاب السياسي، خطاب طائفي. وهذا الخطاب يجدد منطق الزعامات الطائفية ويضعف فكرة الدولة. يعني المشكلة الكبيرة أن فكرة الدولة ضعيفة، ولهذا السبب نجد ان الذي يزدهر بطريقة أو أخرى هو دويلات الطوائف. يعني كأنه نحن الآن في بلد يكرس بشكل أو بآخر المسألة التي حذر منها في بداية الحرب الأهلية: خطر الكانتونات. لا شك يوجد مقاومة فعلية لإمكانية ولادة كانتونات في البلد. انما نحن للاسف نعيش واقع طوائفي، وبالتالي هذا الواقع لا يمكن مواجهته الا بخطاب معتدل وطني يغلّب عناصر الوحدة لهذا المجتمع المنقسم. وللأسف هذا ليس دور الإعلام وحده. لأن الإعلام هو في نفس الوقت ممكن ان يكون مرآة للواقع، وممكن أيضاً أن يغير في هذا الواقع وان يصنع رأياً عاماً. لكن المهمة الفعلية هي للنخبة الغائبة المغيبة لنفسها التي لم تآخذ دورها والتي تلتحق بدويلات الطوائف. بالتالي المسؤولية الأساسية تقع علينا جميعاً. لكن إلى أي مدى يساهموا هم في فكرة وحدة وطنية حقيقية بأن نخرج من دويلات طوائفنا التي نحن موجودين كلنا فيها للأسف، ونلحق قطاراً.

أحد الحاضرين: انا فقط اريد أن اقول إذا ربطت الوحدة الوطنية بإلغاء الطائفية السياسية فلأن فعلاً المسألة اساسية، والغاء الطائفية السياسية ليست هكذا بالآلية التي نص عليها اتفاق الطائف. وبالفعل، إذا اردنا ان نكمل هكذا نحن يجب ان نلغي كل وسائل الإعلام. المسألة الثانية، بسرعة، اذا اكملنا هكذا، طبعاً نحن ذاهبين لوسائل الإعلام التي توتر وتزيد التوترات الدينية والمذهبية والطائفية، أما بالنسبة لوضع الإعلام بشكل عام فهو وضع تعيس في العالم كله اليوم، لأن الإعلام أصبح "معولم" وبكونه "معولم" اصبح العامل المادي والسلطة الاقتصادية تتحكم فيه بشكل كامل، وهو يتحكم ببقية الامور بشكل فعال. بالتالي، لا كلام عن الإعلام من دون الكلام عن التنمية الوطنية ولكن الأمر ليس بأيدينا. يعني اذا كانت مثل ما قال الوزير من ان الإعلام الأميركي اليوم ليس حراً، فكيف بالإعلام في البلدان الأخرى؟