اليوم الأول- الجلسة الثانية
الإعلام والانتفاضة/ قراءة في الإعلام الغربي
الدكتور غسان العزّي
شكراً سيدي الرئيس،
بداية لا بد من شكر مركز الإمام موسى الصدر للابحاث والدراسات على هذه التظاهرة الحضارية التي باتت تقليداً سنوياً، وأتمنى أن يترسخ ويستمر. منذ مئتي عام تقريباً، وتحديداً في بداية القرن التاسع عشر، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كينغ الرأي العام بأنه أقوى قوة ظهرت في تاريخ البشرية، وبعده نظر بالمرستون إلى الرأي العام بأنه اقوى من الجيوش، ثم قيل في ما بعد بأن الصحافة كما تعلمون هي السلطة الرابعة، واليوم مع العولمة المتنامية صارت وسائل الإعلام تمارس دوراً متعاظماً في صناعة هذا الرأي العام على المستوى الكوني، لذلك قالت مادلين أولبرايت عن CNN بأنها العضو السادس في مجلس الامن.
العالم الغربي يضم الدول الأقوى والأغنى في العالم وذات التأثير الافعل في الساحة الدولية، والإعلام الغربي هو الإعلام الأوسع انتشاراً والأكثر نفوذاً، لذلك يصعب الادعاء في هذه العجالة بالقدرة على تقديم دراسة علمية حقيقية عن موقف الإعلام الغربي من القضية الفلسطينية وتحديداً من انتفاضة الأقصى بعد نيف وسنتين على اندلاعها. فالأمر يفترض رصد وسائل الإعلام الأساسية المقروءة والمرئية والمسموعة في خمس أو ست دول غربية كبرى على الأقل، بحسب انتماء هذه الوسائل السياسي والايديولوجي، وبحسب نفوذها لدى السلطات السياسية والرأي العام المحلي والوطني، وحتى الدولي في بعض الأحيان. وهذا ما يتطلب جهداً حثيثاً يمتد لسنوات. لذلك، فإن جل ما تطمح إليه هذه الورقة هو تقديم انطباع باحث وأستاذ جامعي متابع للإعلام الغربي، عن تطور موقف هذا الإعلام من الانتفاضة طيلة عامين على الأقل. هذا الانطباع تختلط فيه موضوعية الباحث وتفكيره الأكاديمي، بعواطفه وانتمائه كلبناني عربي مؤيد للحق الفلسطيني، ومناهض للظلم والاحتلال.
لذلك ستنقسم هذه الورقة إلى قسمين: الأول يرصد الوجه السلبي في موقف الإعلام الغربي عموماً، من دون التركيز على ما يعتريه من تمايزات واختلافات. هناك العديد من التمايزات والاختلافات داخل الإعلام، حيال الانتفاضة، والقسم الثاني يحاول قراءة إيجابيات المتابعة الإعلامية، على سلبياتها، لموضوع الانتفاضة، رغم تحيز هذه المتابعة لطرف على حساب طرف آخر.
في الوجه السلبي يلاحظ المراقب هيمنة واضحة وأكيدة للأحكام المسبقة السياسية والثقافية على نصوص وسائل الإعلام الغربية المقروءة والمسموعة والمرئية. فالراصد للجانب التقني البحت لعمل هذه الوسائل من جهة عرض الموضوع الرئيسي وصياغة عنوان الخبر والمقدمة الإخبارية ومصادر الأخبار وتحليلها والتعليق عليها والوقت المعطى للصورة والصوت والحركة والألوان والمقابلات ورسائل المراسلين والرموز والمفردات السائدة ... الخ. الراصد لكل ذلك وغيره يتنبّه إلى التميز في المعاملة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
من المعروف أنه من الأسهل للصحافي الولوج إلى مصادر الأخبار الرسمية، وفي هذه الحال فإن المصادر الاكثر حضوراً ونفوذاً هي المصادر الإسرائيلية الحكومية والأميركية. ويتم عرض بيانات الجيش والحكومة الإسرائيليين بالتفصيل وبطريقة تجعلها تنفذ إلى عقول الناس واقتناعاتهم، وعندما يجري تكذيبها أو انتقادها ويتم عرض ذلك بطريقة سريعة واهية لا تترك أثراً بعيداً.
قد يقول قائل إن ثمة صعوبة في الوصول إلى اسلاميّي الجهاد أو حماس أو غيرهم. لكن عندما تجري مقابلات مع هؤلاء فطريقة طرح الأسئلة وصياغة الأجوبة كثيراً ما تتم بطريقة تشوه مضمون كلام هؤلاء. وعلى العكس من ذلك تماماً، عندما تجري مقابلات مع مسؤولين وعسكريين إسرائيليين أو قريبين منهم في واشنطن، مثلاً.
إن معظم وسائل الإعلام الغربية يملكها أو يديرها مؤيدون لإسرائيل، وذلك لأسباب باتت معروفة، وفي طليعتها هيمنة اللوبي الصهيوني على القطاعات الحساسة في معظم الدول الغربية، وملكية الوسيلة الإعلامية أو ادارتها لا بد أن تلعب دوراً كبيراً في توجهاتها السياسية في الدول المسماة ديمقراطية.
كذلك يلاحظ المراقب تأثراً لوسائل الإعلام بالسياسة الخارجية للبلد الذي تنتمي إليه. الصحافة الفرنسية تتأثر كثيراً بالكيدورسيه، والأميركية بالبنتاغون، ليس فقط لأسباب تتعلق بمصادر الأخبار والتحليلات والتوقعات المستقبلية والسبق الصحافي ولكن ايضاً بسبب العلاقات الشخصية المباشرة التي يسعى الصحافيون، بدافع من مهنتهم، لإقامتها مع أصحاب القرار والعارفين بالخفايا في البلد. ورغم التمايز الواضح في الكثير من القضايا الخارجية بين ضفتي الاطلسي، اوروبا والولايات المتحدة، فإن السياسات الخارجية الغربيةِ تنظر إلى الشرق الأوسط وفلسطين والعالم الإسلامي عموماً من منظور أمني، وهو منظور الخوف على وجود وأمن إسرائيل، أو في أحسن الأحوال القلق من العنفين "الفلسطيني والإسرائيلي" وما يمكن أن يؤديا إليه من عدم استقرار واسع قد يطال أمن الدول الغربية نفسها.
ومن المعروف أن الخارجية الأميركية قد وضعت المنظمات التي تقاوم إسرائيل مثل حزب الله وحماس والجهاد وكتائب الأقصى – على لائحة الإرهاب، والدول المعادية لها كإيران والعراق أعضاء في "محور الشر"، ودول أخرى وصفتها بالمارقة، وهذه تسميات تترك صداها في وسائل الإعلام الأميركي بشكل واضح، وفي نظيراتها وسائل الإعلام الأوروبية بشكل ربما يكون أكثر تحفظاً وأقل وضوحاً، لأن الدول الأوروبية، وخصوصاً فرنسا وألمانيا مثلاً – لم تتبنَّ بشكل كامل، هذه الطروحات الأميركية.
ولا بد من التمييز هنا بين مرحلتين، مرحلة ما قبل 11 ايلول 2001 ومرحلة ما بعده. بعد هذا التاريخ، بعد 11 ايلول نلاحظ اقتراباً ما بين وسائل الإعلام في ضفتي الاطلسي من حيث الاتفاق خصوصاً على اعتبار العمليات الاستشهادية الفلسطينية أعمالاً إرهابية مدانة. الحدث الأميركي الكبير قلّص الفروقات ما بين الأوروبيين والأميركيين على حساب المقاومة الفلسطينية. فما عدا اصوات نادرة جداً يتفق كل الصحافيين والمراقبين والمحللين الغربيين على ان هذه العمليات غير مبررة أخلاقياً، وغير مفيدة سياسياً. وقد وفرت الفرصة للموالين لإسرائيل كي يقوموا بهجوم مضاد ضد المتعاطفين في الغرب مع القضية الفلسطينية. ونلاحظ أن وسائل الإعلام الغربية تجند كل "عبقرياتها" التقنية، في مجال الصوت والصورة والحركة والعنوان والنص وغيرها، لتشويه صورة الفلسطينيين والمسلمين بمناسبة هذه العمليات الاستشهادية، في مقابل تلميع صورة الهيمنة اليهودية الإسرائيلية والتذكير بجرائم الحقبة النازية، وربطها بالحدث الراهن، بغية استعادة عطف الرأي العام الغربي على الدولة اليهودية.
ولا بد هنا من الاشارة إلى هيمنة الثقافة المسماة باليهو-مسيحية في الغرب، التي تنظر إلى "الآخر" الغريب عنها - وتحديداً المسلم والعربي - على أنه متخلف متعصب معادٍ للغرب وللسامية. هنا مفارقة معادٍ للسامية وهو سامّي. من هنا هيمنة مثل هذه المصطلحات السلبية على المضمون الإعلامي وتكرارها اليومي المستمر إلى حين جعلها بديهية وقابعة في أعماق الوعي واللاوعي لدى الرأي العام: مفردات مثل أصولية إسلامية، بربرية، تخلّف، إرهاب، عدائية، معاداة للسامية ....الخ.
وهكذا، فإن صحيفة مثل اللوموند الفرنسية الاكثر اتزاناً وقرباً من الموقف الرسمي الفرنسي لا تتردد مثلاً في وضع عنوان على صفحتها الأولى مثل: (الجيش الإسرائيلي) يستعد لضرب الإرهاب الفلسطيني في غزة. وهكذا لا يحتاج القارئ إلى قراءة الجريدة، فالعنوان يكفي ليترك عنده الانطباع بأن إسرائيل مظلومة وتدافع عن نفسها ضد الإرهاب الفلسطيني المتحصن في غزة، وبالتالي، فان العملية العسكرية الإسرائيلية المنتظرة مبررة سلفاً.
هناك رموز وقيم ثقافية راسخة في الغرب وقوالب تفكير جاهزة، سلبية عموماً، حيال العرب وإيجابية حيال اليهود وإسرائيل، يصعب على الصحافي الغربي التخلص منها، ولو أراد وقام بالمحاولة. وهذا يبدو في التعريفات السائدة للمقاومة والمقاومين والمصطلحات المنتشرة والسلبية حيال الفلسطينيين حتى في التعليقات التي تريد الدفاع عنهم. والمعروف أن الرأي العام يمكن فبركته قطعة قطعة مع الوقت عبر ضخ المصطلحات في لغته المتداولة. والإعلام آلة دعاية تهيمن عليها النخب والسلطات السياسية لتقوم بخدمتها. والموالون لإسرائيل من لوبيات وجماعات ضاغطة تعمل في هذا المضمار منذ عقود طويلة في قلب الرأي العام الغربي. وهناك خبراء كبار معروفون في مجال التسويق أو الماركتنغ السياسي والانتخابي يطلق عليهم اسم "صُناع الزعماء" في فرنسا (مثل جاك سيفيلا الفرنسي الذي يُقال بأنه هو الذي صنع فرانسوا متيران نفسه). هؤلاء بشكل عام لا يتوانون لحظة عن صياغة الخطط الإعلامية الهادفة إلى تلميع صورة إسرائيل عندما تحتاج إلى ذلك (مثلاً غداة مجزرة صبرا وشاتيلا بعد حصار بيروت في صيف 1982)، أو تبرير أعمال تقوم بها ويدينها الرأي العام (1) . وفي المقابل، من المؤسف ملاحظة فراغ هائل من الجانب العربي أو غياب لوبي اعلامي عربي في الدول الغربية يوازن أو يناهض اللوبي الصهيوني.
هذا باختصار شديد عن الجانب السلبي. لكن ثمة ناحية إيجابية يجب عدم اغفالها رغم كل السلبيات التي ذكرتها والتي لم أذكرها. فالحقل الإعلامي – السياسي معروف بتلاوينه المتنوعة واستحالة هيمنة اللون الواحد عليه أو الرأي الواحد أو الايديولوجيا الواحدة، مما يترك مجالاً للنسبية وتعددية الاحتمالات.
في الحقيقة، أكان مؤيداً لإسرائيل أو معارضاً للعرب والفلسطينيين، لا يستطيع الصحافي، بحكم مهنته على الأقل وسعيه للبروز واستجلاب العدد الأكبر من القراء أو المستمعين أو المشاهدين، لا يستطيع تجاهل ما يحدث في منطقة بأهمية الشرق الأوسط. وكلما تكلم عن الحدث، ساهم في استنفار الرأي العام ودفعه للاهتمام بهذا الحدث. وبطريقة معكوسة أيضاً، إذ يمكن التساؤل ما إذا كان الصحافي يمارس النفوذ على الرأي العام أو ان هذا الأخير هو الذي يدفعه في هذا الاتجاه أو ذاك، وحتى هذه المعادلة تبقى سطحية وضيقة وينبغي توسيعها عبر إضافة عناصر أخرى.
الصحافي المؤيد لإسرائيل يحاول تبرير ما تفعله، والمعارض لها يندد بما تفعله. والاثنان، مباشرة أو مداورة، عبر كلامهما المستمر واستنفارهما الدائم للرأي العام يصبحان لاعباً مضمراً في النزاع، لاعباً منقسماً على نفسه، لكنه يملك وسائل بل اسلحة فاعلة (آلات تصوير، ريبورتاجات، شهادات، مقابلات، صور ... الخ.) تسعى وراء هدف اساسي هو تغطية الحدث بأدق وأشمل طريقة ممكنة.
هذه التغطية الإعلامية، بحد ذاتها، ليست في صالح الدولة العبرية لأنه، فيما يتخطى الفروقات الظاهرة بين عناصر الحقل الصحافي (الإعلام، الرأي، يسار/يمين وسط، مؤيد للفلسطينيين أو مناهض لهم ... الخ). فإن الصحافيين والمراسلين اتفقوا على الاقل بأن الانتفاضة تشكل حدثاً يستحق الصفحة الأولى و"صدر" الأخبار الدولية. هذه الحقائق بمعزل عن التحليل السياسي المؤيد أو المعارض لأحد الطرفين، تساهم في تظهير صورة في الوعي واللاوعي الجماعي للرأي العام (قراء، مستمعين، مشاهدين) هي صورة الجيش الإسرائيلي في وضع المعتدين (بيوت فلسطينيين مهدمة، معتقلين، جنازات ..) وهذه الصورة تدخل إلى كل بيت في العالم بأسره بفضل الفضائيات والإنترنت وغيرها.
هذه الصور الآتية من رام الله والبيرة وطولكرم وجنين ونابلس وغزة وغيرها باتت يومية، مما يساهم في إضعاف قدرة إسرائيل على استغلال صورتها التقليدية: داوود الضعيف في مواجهة غولياث الضخم الشرير، وهي صورة رمزية طبعاً استغرق زرعها في الوعي واللاوعي الجماعي الغربي عقوداً طويلة. لقد حدث نوع من تقاسم التعاطف العالمي ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعدما كانت إسرائيل تستأثر بمفردها بهذا التعاطف. هذا الأمر خلق بلبلة في صفوف الدياسبورا اليهودية في العالم، والتي بدورها انقسمت على نفسها أمام عنف الجيش الإسرائيلي الذي انتقده بعض اليهود علناً، وصارت إسرائيل عبئاً على الدياسبورا كما صارت المستوطنات عبئاً على الإسرائيليين في الداخل وعلى مؤيديهم في الخارج.
لقد أججت الانتفاضة فضولية الكثيرين في الغرب الذين راحوا يهتمون بما يجري في الشرق الأوسط، وصارت الكتب المختصة بموضوع الانتفاضة على رأس المبيعات، والفضل في ذلك للإعلام، ولو أن عدداً من هذه الكتب هو مجرد مرافعات تدافع عن السياسات الإسرائيلية.
في جميع الأحوال، نلاحظ بأن فكرة فلسطين والدولة الفلسطينية التي يحاربها الإسرائيليون في الأصل (كانوا يقولون إنه لا وجود لشعب فلسطيني)، صارت رائجة ومعترفاً بها، بل بديهية من فرط تكرارها في الأخبار والتحليلات. كذلك فكرة أن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحرب والسلم في الشرق الأوسط. وهناك إجماع تقريباً على عدم شرعية المستوطنات وعلى انحياز الولايات المتحدة للحليف الإسرائيلي المدلل على حساب العراق وفلسطين والعرب بشكل عام. كذلك زالت تقريباً فكرة عرفت رواجاً طيلة عقود طويلة وهي أن الدول العربية تشكل تهديداً عسكرياً لإسرائيل، ذلك أن مواقف هذه الدول خلال عامي الانتفاضة، برهنت عن ضعف وهوان لفت أنظار المراقبين والرأي العام بشكل واضح.
عن قصد، أو غير قصد، أعادت وسائل الإعلام الغربية اكتشاف الفلسطينيين كمجتمع وشعب وقضية وإسرائيل كدولة محتلة تملك أقوى الجيوش في العالم ولا تتردد في قتل أولاد يحملون الحجارة أو يختبئون في أحضان آبائهم المذعورين (محمد الدرة).
لقد عادت النازية مجدداً إلى التداول سواء لمقارنة هتلر بعرفات أو بشارون، وعاد اليهود ليتكلموا مجدداً عن معاداة السامية في بعض الدول الغربية (فرنسا مثلاً).
وقام الموالون لإسرائيل بهجوم منظم على زملائهم الصحافيين والكتّاب الذين راحوا ينقدون التصرفات الإسرائيلية، متهمينهم بالانزلاق إلى العنصرية والوقوع في فخ اللاسامية، أو على الأقل بالمبالغة والإفراط. حتى ان البعض راح ينتقد كل البنية الإعلامية الغربية القائمة على الانفعالية والسعي وراء السبق الصحافي، التي تقود إلى المبالغة في عرض الحقائق وأحياناً إلى الكذب والتشويه. وقد رد البعض، ومن بينهم يهود، على هؤلاء بالدعوة إلى وقف المتاجرة بدم ضحايا الهولوكوست والتذرع بالجرائم النازية، لتبرير نازية شارونية من نوع جديد ضد الفلسطينيين. وقد احتجت إسرائيل لدى الحكومة الفرنسية مثلاً على مواقف بعض وسائل الإعلام الفرنسية، كذلك تمت مقاطعة بعض الصحف ومنها المعروفة بتأييدها لإسرائيل مثل نيويورك تايمز والواشنطن بوست وحتى محطة CNN والتي اضطر صاحبها للاعتذار عبر عرض شريط مطول عن حياة الإسرائيليين من ضحايا العمليات الاستشهادية الفلسطينية.
لقد تصدرت حوادث الضفة الغربية وغزة الصفحات الأولى في كل وسائل الإعلام الغربية، عدداً كبيراً جداً من الأيام، واحتلت الحيّز الاكبر من الصفحات الدولية وصفحات الرأي OP-ED منذ اندلاع الانتفاضة في 28 ايلول 2000 إلى يومنا هذا. حتى وسائل الإعلام المحلية غير الوطنية، وهي كثيرة في البلدان الغربية، لم تستطع تجاهل الموضوع الفلسطيني. وهذا بحد ذاته وفي جميع الأحوال لا يخدم المصلحة الإسرائيلية، إذا علمنا بأن إسرائيل منذ قيامها تعمل على إنكار وجود شيء اسمه شعب فلسطيني وحقه في تقرير المصير.
يبقى أن نأسف لغياب النفوذ العربي، لأسباب يضيق المجال هنا عن عرضها ومناقشتها، في الساحة الإعلامية – السياسية الغربية، وهو غياب يترك لأنصار إسرائيل حرية الحركة والخيار، وللعرب مجرد المراهنة على أخطاء الإسرائيليين وهفواتهم، وعلى الدم الفلسطيني المسفوك، في عالم يُعجَبُ بالمتفوقين الأقوياء ويزدري المتخاذلين الضعفاء. وشكراً.
____________________
(1) والأمثلة على ذلك كثيرة منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 حتى اليوم مثلاً غداة اجتياح الضفة الغربية في نيسان 2002 ومجازر جنين وطولكرم ونابلس..