مدام الزين: أريد ان ابدأ مناقشتي لبعض الكلمات الصغيرة بعد سماعي لجميع الخطباء هنا. هل الإعلام الذي نتحدث عنه موجّه إلى العالم أم لنا نحن؟ إذا كان الإعلام لنا نحن لبلادنا، فعلى كل محطة أن تربي وتنتج وتعمل كل شيء للأهالي لإنتاج مواطن في بلدنا. ولكن نحن الآن أمام قضية كبيرة هي القضية الفلسطينية، ويوجد قضايا كبيرة جداً، وهي التي نُنعت فيها بالإرهاب. أوافق مع المحاضرين كثيراً، خصوصاً أن الإعلام في هذه المرحلة التي نحن فيها في البلاد العربية والإسلامية، ان نتوجه إلى الغرب والغرب يفهمنا. اذا لم نقدر ان نُفهم الغرب من نحن؟ ما هي ديانتنا؟ وما هي نظرتنا للحياة؟ فالغرب سوف يعتبر دائماً ان الشهيد إرهابي والمقاوم مقاوم، ولكن عندما نتوجه لهم ونتكلم بمنطقهم ويفهموا ما معنى الشهادة عندنا، اعتقد ان الغرب سوف يفهمنا. الدكتور العزاوي قال إنه حتى في فرنسا يوجد كذا، وكذا ولذلك نرى بعض الفرنسيين والأوروبيين يتفهمون وضعنا وأقوالنا، ويبدأون بمساعدتنا بطرق مختلفة والمؤتمرات التي تعقد إذا لم نتوجه لها بهذه الطريقة لا أحد يفهمنا. القضية الفلسطينية كل العرب يعرفونها، وقضية الإرهاب التي تنعتنا بها أميركا، كل العالم العربي فهمها وكل العالم الإسلامي يفهمها، نحن علينا أن نتوجه إلى العالم الغربي لنغيّر من مفهومه ونصحح لهم افكارهم. وإذا لم نقدر على تصحيح أفكارهم، سيقضون علينا لأن إعلامهم أقوى منا.
الـ CNNمحطة اميركية تبث نسخة اميركية تختلف عما تبثه لنا. نحن نعتقد ان الاميركيين هناك يشاهدون CNN العالمية فهم لا اخبار لهم عنها وعنّا. هم فقط على اطلاع على أقوال الصهيونية التي تقتلنا، فهم يبثون لنفسهم شيئا ويبثون لنا أشياء. يمررون لنا تقارير، يضحكون علينا بالعالمية. هذا ليس صحيحاً. إذا لم نقدر ان ندخل، إذا ما حصل مثلما حصل في فرنسا ويحصل في اميركا وانكلترا، على العرب المسلمين أو العرب الموجودين هناك ان يتوجهوا مثلما فعل الفرنسيون هناك، حتى مثل ما قال إن هناك إسرائيلية يهودية تعمل. إذا لم نجنّد العالم معنا، سوف نظل متقوقعين لوحدنا والعالم لا يفهمنا ولا نحن سوف نفهمه ونظل جالسين وقضيتنا سوف تذهب. الإعلام مهّم جداً عندما تكون هناك قضية مثل جنين. الآن لأنه لولا مجيء الإعلام الغربي إلى جنين، لم يكن العالم معها. لكن ليس هذا هو الموضوع. فالموضوع أهم، اعتقد ان قناة المنار عندما كانت لديهم قضية ساروا فيها ووجهوا اعلامهم لإحباط إسرائيل، وتوجهت المنار للبلاد العربية، لأنهم على علم بما نعمل، وهم على علم بما تعملون بقنواتنا، بأي قناة نحن نرى ماذا يفعل حزب الله والمقاومة الإسلامية واللبنانية. ولكن توجهت المنار إلى إسرائيل، وضعَّف أعصاب الإسرائيليين، يعني الإعلام لا يكون فقط لنا، بل يكون للغرب، لغيرنا، حتى يستطيع فهمنا. وشكراً.
الأستاذ حسن فضل الله: عندي طبعاً عدة تعقيبات سوف اختصر قدر الامكان. أول نقطة، ان الدكتور جبور قدم مجموعة اقتراحات إن شاء الله سوف ندرسها ونحاول ان نأخذ بها.
النقطة الثانية، أنا لا اوافق أن الجمهور العربي كله يعرف القضية، لأن هناك اجيالاً جديدة سوف يمارس عليها نوع من غسيل الدماغ. يعني أرض 1948 صارت إسرائيل عند الجمهور العربي. كلا ليس كل الجمهور بيعرف كل شيء له علاقة بالقضية الفلسطينية، فنحن ملزمين بالدرجة الاولى ان يكون هذا الوعي العربي وعي الجمهور العربي. حتى داخل الساحة الفلسطينية، حتى بموضوع الانتفاضة يوجد نقاش داخلي احياناً يحصل: هل هذه العمليات لها جدوى ام لا؟ هل الانتفاضة لها جدوى ام لا؟ فإذاً، يوجد جمهور حتى الآن يتأثر بالإعلام الآخر.
بالنسبة إلى الشيء الذي قدمه الأستاذ منير شفيق، يوجد شيء له علاقة. مثلاً جنين انتصرت على الإعلام الإسرائيلي رغم ضخامته، على الإعلام الاميركي لأنه يوجد وقائع على الارض، لكن هذه الوقائع لو لم نستطع نقلها عبر شاشات التلفزة لم يكن بالإمكان ان تصل إلى الرأي العام. يعني 1948 صارت مجازر و1967 صارت مجازر، لماذا لم ننتصر على آلة الدعاية الإسرائيلية؟ لأنه كان هناك ضعف في نقل هذه الصورة إلى العالم. صحيح أن السياسة هي الأصل، لكن الإعلام هو المرآة. من دون مقاومة لم يكن إعلام المقاومة قادراً على انشاء مقاومة يوجد مقاومة وإعلام المقاومة كان عليه أن يعكس هذه المقاومة.
في الموضوع الفلسطيني نفس الشيء. في موضوع الانتفاضة لو لم يوجد اعلام لضاعت الكثير من القضايا. انا استشهدت بأقوال الإسرائيليين في موضوع التحرير. كانوا يعتبرون ان للإعلام دور اساسي وتحريضي ودور استنهاضي للجمهور، فالذين رأوا الناس كيف دخلوا في اليوم الأول على بلدة القنطرة ومن ثم إلى الطيبة تحمسوا في اليوم الثاني للدخول إلى القرى الأخرى، كان الإعلام له دور أساسي طبعاً. يمكن دكتور لا يريد ان يجعل السجال له علاقة أن الإعلام مقدم على السياسة. كلا، السياسة والقرار السياسي طبعاً هو مقدم حتى على مستوى الجمهور. كلا، الإعلام الغربي استطاع أن يؤثر على الجمهور. الرأي العام العربي رأي مازال محافظاً متماسكاً، لكن لتقل لي النخب العربية الآن دعاة التطبيع في العالم العربي الطبقات التي تقدم نفسها أنها هي الطبقات المثقفة والنخبوية ألم تتأثر بالإعلام الغربي. إذاً، لماذا نشهد في ساحاتنا العربية كثيرين من دعاة التطبيع؟ إذاً، الإعلام له دور اساسي.
ذكرت أنا أيضاً أن الحرب كانت هي دعاية المقاومة وليست الدعاية هي الحرب. فالإعلام من دونه اعتقد كنا نخسر الكثير من النقاط في المجتمع الإسرائيلي. حركة الامهات الاربعة التي أُنشئت كانت بفضل الدعاية الإعلامية. سوف اذكر مثالاً اخيراً: هناك عملية حصلت 1994 معروفة بعملية موقع الدبشة. الجيش الإسرائيلي قاطع وقتها هذه العملية لأن الدبشة كانت موقعاً للجيش الإسرائيلي وليس لمليشيا لحد. كانت المقاومة قد صورت هذه العملية لكن ظل النفي الإسرائيلي مستمر خلال النهار، عندما عرضت الصورة وعرضت ايضاً في التلفزيون الإسرائيلي نقلاً عن تلفزيون المنار، أصبح هناك تحقيق داخل الجيش الإسرائيلي عن نقطتين: الشيء الأول هناك موقع سقط بيد المقاومة، والشيء الآخر عن الكذب الذي مارسه الجيش الإسرائيلي. لولا الإعلام كيف يمكننا أن نعكس هذا؟ لولا وجود الصورة لمرت عشرات العمليات دون ان يعلم بها احد. فالجيش الإسرائيلي كان يقول إنه في كل يوم في جنوب لبنان، مثل الآن في فلسطين كل يوم فيه احداث، ولكن الذي يعرفه الجمهور الإسرائيلي هو الذي يعلنه الجيش فقط، هذا الكلام بلسان الإسرائيليين. ولكن عندما دخل الإعلام إلى المعركة اصبح يعكس هذه الصورة واستطاع ان يكون شريكاً اساسياً في المعركة، يعني انه ليس موضوعاً جانبياً او دوره هامشي. الإعلام في معركة الجنوب وفي معركة الانتفاضة هو نصف المعركة الآن.
أحد الحاضرين: السلام عليكم. أريد أولاً ان أثنيّ على كلام الأستاذ حسن فضل الله بأن للإعلام دور مهم على الساحة، وبالأخص موضوع المقاومة. عام 1978 وفي العباسية تحديداً سقط ما يزيد عن 300 ضحية في الجامع الذي دمرته إسرائيل حيث اختبأ كل المواطنين والمقاتلين في ذلك الوقت، ولم تكن هناك اي ضجة عالمية وإعلامية، بينما في عام 1996 تاريخ مجزرة قانا 100 شخص قلبوا المعادلة، 100 شهيد قلبوا المعادلة لأن الإعلام واكبهم، اما في 1978، 326 ضحية لم يواكبهم إعلام ولم يتحسن اي شيء.
ثانياً، معالي الوزير، قبل 11 ايلول 2001 كان هناك قبول دولي شرقي وغربي للوجود وللفكر وللممارسة الإسلامية، بعد 11 ايلول سقطت كل اتفاقات الغرب السياسية الموقعة مع المسلمين والعرب، وبالتالي توجه الإعلام كما السياسة إلى ان يكيلوا كل اللعنات للمسلمين وللعرب. في السابق ربما كان هناك توازن شرقي وغربي أعطى دول العالم الثالث املاً ببعض الدعم السياسي والمعنوي ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي لم يعد هناك اي جدار نلجأ اليه ونبكي بجانبه. الآن كلنا متهمون بالارهاب، قبلنا الادعاء او رفضناه، ونحن نتعامل مع هذا الاتهام. أما بأننا معنيون مباشرة كأصوليين وأصحاب حقوق أو بلامبالاة على أساس أننا ربما نسلّم أننا غير معنيين. لذلك نأمل من الإعلام ان لا يقف في ظل الأصابع التي تموّله، وان يتحوّل كل إعلامنا إلى الدفاع عن وجوده ووجودنا. بمعنى آخر، نحن متهمون إن كنا مذنبين أو أبرياء، والاتهام أساسه العنصرية والصهيونية والإعلام الغربي. هل يمكننا أن نصنع جداراً إعلامياً يقبله الغربيون ويعدّلون بعضاً من مفاهيمهم، ونتمكن من خلاله الاحتماء خلفه من شر الاتهامات التي توجه الينا في مختلف الظروف؟ هل يمكن أن نقبل وجود إعلام عربي محايد؟ هذا الإعلام يمني نفسه بالزعامة الإعلامية بعد سقوط الهجمة الإعلامية بشكل عام ضد العرب والمسلمين. اما حان الوقت لكي ندق أجراس الإنذار العامّ بالحروب القادمة، وأن ننزع فكرة المحايدة؟
الحاج علي شمص: يوجد ملاحظة بالنسبة لتداول الندوة الكريمة، حتى تطبق وحدة حرية الإعلام في ساحتنا. يعني ان نكون موحدين في الساحة الإعلامية، يوجد مفردات نستعملها مثلاً نذكّر بكل الذين ضحوا لتحقيق النصر وهزيمة العدو الإسرائيلي. انا اعتبر ان كل لبنان ضحى من كل الطوائف والمناطق، ضحى لهذا الإنجاز المهم في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي. إن التحرير وإخراج إسرائيل من كل لبنان بدون قيود وشروط بفضل تضحيات كثير من فئات المقاومة يعني لا نقدر ان ننكر 4160 شهيداً لحركة المحرومين "أمل" التي اسسها الإمام القائد السيد موسى الصدر. هؤلاء الشهداء سقطوا بدءاً من مواجهة الاجتياح الإسرائيلي 1978، حتى خروج الإسرائيلين لآخر لحظة.
ايضاً يوجد ملاحظة اساسية تغيب دائماً، بكل اسف، عن كل وسائل الإعلام والصحافة ان تعمل على تفعيل عملي لملف جريمة إخفاء الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين. يوجد صحافي ايضاً في النهاية، الأستاذ عباس بدرالدين، في ليبيا خارج مهرجانات 31 آب، وهذه المؤتمرات الكريمة التي ينظمها مركز الإمام السيد موسى الصدر للابحاث والدراسات. نحن نطالب وسائل الإعلام كلها اللبنانية والعربية والصحافة بشكل خاص، ان تثبت صدقية دورها بعكس الحقائق من خلال تسهيل النشر بقضية الإمام الصدر، نشر ملفه القضائي والسياسي ليس فقط أن نتكلم عن فكر الإمام الصدر وهذا شيء مهم طبعاً، والمبادرة لكل جريدة وكل تلفزيون وكل وسيلة اعلام عربية ولبنانية ان تجري تحقيقات صحفية. كانت التحقيقات الصحفية في السابق تكشف قضية مثل ووترغيت Watergate، وقضية إيران غيت Irangate. أتمنى هذا.
غازي قانصو: ألا تعتقدون يا سادة، بأن الإعلام العربي هو إعلام سلطوي؟ أي اعلام السلطة وليس إعلام الامة. الا تعتقدون يا سادة، بأن التقرير الذي ذكره الأستاذ منير شفيق واشار اليه المؤتمرون بأنه تقرير صحيح في أكثره؟ ألا نعتقد يا سادة، بأن هذه الامة فيها من المساوئ ما هو كثير للبحث؟ انها جعلت دليلاً لمساوئها، فلنعترف بما نحن فيه بأن السياسيين جماعة من القمعيين، وبأن انظمتنا انظمة قمع، وبأن أئمتنا ائمة ظلم، وبأن الديمقراطية الموجودة في نظام عربي أو اخر هي ديمقراطية ليبرالية لأصحاب رأس المال، ولنعترف أن الإعلام الغربي يتكلم عن ذاته وعن الآخر، بينما الإعلام العربي يتكلم عن الآخر ولا يتحدث عن الذات على الاطلاق، ليس لدينا على الاطلاق ما هو مفيد للكلام على الذات، لذلك فلنعترف بما نحن فيه، فإنها أول خطوة للإصلاح.
علي فرحات: بسم الله الرحمن الرحيم. الاساتذة الكرام، إن الانقسامات الجغرافية للامة العربية والخلافات السياسية وسيطرة الحاكم العربي وخليفته أو ولي عهده على القرار السياسي لشعبه ورقم خمس تسعات، إن هذا المشهد المبكي المضحك ينعكس تلقائياً على الإعلام والاقتصاد والسياسة وعلى الحاضر كله والمستقبل بأجمعه، وكلما اراد الشعب ومصلحوه الغيارى التقدم في مضمار وطني وقومي عام، يصطدم بالمصادرة والمقاومة المضادة، بل والحكم بالسجن لإرادة الشعب الطيبة او لمصالح النابغين الملهمين من علماء ومصلحين.
السؤال: ما هو برأيكم الحل أو السبيل والوسيلة إلى جمع الامة المشتتة وبث الحق والحرية والحياة في جسمها المحتضر؟ وإلى متى سيبقى قول المتنبي في دائرة الاعتبار "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".
معالي الوزير ميشال سماحة: لي تعليق قبل الجواب. جسمنا ليس محتضراً إذا سمحت، جسمنا غير محتضر، لا الجسم العربي ولا الجسم الإسلامي ولا الجسم اللبناني في حالة احتضار نحن في حالة وهن وامراض. نريد الاصلاح. لسنا محتضرين ولسنا معافين. دعنا ايضاً لا نجلد انفسنا دائماً ونعتبر انفسنا خالصين. كلا لسنا خالصين، فالشعب الذي حرر الجنوب والامة التي اقامت هذه الانتفاضة التي تهز الكيان الإسرائيلي ومستنفرة لهذه القوى في العالم ليسوا في حالة احتضار. يجب ان نحسّن الجيد فينا، وبرأيي نصحّح العاطل.
احد الحضور: بسم الله الرحمن الرحيم. بعد الشكر الجزيل والثناء الجميل لمعالي رئيس الجلسة والإخوة المؤتمرين والإخوة الحضور عندما اغنوا هذا المؤتمر واثروا الفكر الإنساني بهذه الافكار المباركة. اقول إن وسيلة النطق التي ميزت أو تميز الإنسان عن سائر الكائنات والمخلوقات، والتي إذا ما افتقدها يمكن ان يخسر من خلالها هذه الصفة التي ميزها الله بها وجعله خليفته على الارض. اقول إن وسيلة النطق للشعوب هي الإعلام حيث إنه لا يمكن ان ننطق كشعب إذا لم نكن نملك وسائل إعلام وقوة إعلامية تستطيع أن تقدم وتعبّر عن بنات افكارنا، وتحاور الآخر، وتحاور بقية الاجيال وتعطيهم الحقيقة التي تعاني منها الذات ويعاني منها الأخر ايضاً. هل يمكن لنا ان نصنع إعلاماً - هذا الإعلام الذي اعتقد انه غير موجود بكله حتى وان كان موجوداً ببعضه - يعيد لنا واقع سلمنا وسلامنا وتواضعنا وظلمنا؟ اقترح كتوصية لهذا المؤتمر أن تتنادى، وأن تعلو، كل الدعوات لعقد مؤتمر عربي واسلامي إعلامي يكون اصغر نتاجه نشوء وسيلة إعلامية عربية شاملة، أشبه بـ CNN الغربية، وبعض نتاجه ان تساعد على صياغة سياسية اعلامية حقيقية تكون هي التي توجه وهي التي تصنع وسائل اعلام وتعطي الصورة الحقيقية عما يعانيه شعبنا، وتكشف الشكل الحقيقي لهذا العدو الذي هو عدونا وعدو الإنسان وهو عدو الآخر ايضاً.
الحاج فؤاد الزين (مجلة العرفان): اريد ان ادعو إلى تبني اقتراح الدكتور جورج جبور مع إغنائه بأفكار الدكتور العزاوي، وإضافة روحية المحاضرين جميعاً، وهي انشاء مجلس اعلامي كما يقول، ولكنه مؤلف من اعلاميين ومن مثقفين ملتزمين بقضايانا الوطنية والقومية وليس فقط مجلس اعلامي ثقافي عربي، ولكن مجلس اعلامي ثقافي دولي، اي أننا استفدنا هنا من معارف الدكتور العزاوي وطبعاً يعني موجودون في جميع انحاء العالم، وهذا الاغناء يعني اذا جمعنا وسائل الإعلام والإعلاميين مع الاكاديميين واساتذة الجامعات نستطيع ان نكوّن مؤسسة اهلية بين المجتمع المدني، غير حكومية، تضع سياسات فاعلة قد تطبق بعض الافكار التي نطرحها جميعاً، مثلاً: انشاء وسيلة اعلامية معينة، ولكن لست مع الاقتصار على الإعلاميين فقط في هذا المجلس، وأكبر شاهد على ذلك وجودكم جميعاً كل المحاضرين هم اعلاميون واكاديميون في الوقت عينه وإنشاء الله امانة سر المؤتمر تتبنى هذا المشروع. يعني هاجسي هنا هو تحويل المؤتمر إلى مؤسسة دائمة، وأن لا ينتهي كبقية المؤتمرات، وذلك لأهميته وأهمية الافكار المطروحة، ولضرورة الالتزام بقضايانا. كما قال معالي الوزير لا يجوز ان نكتفي بها ولنا في ذلك بالإمام الصدر اسوة حسنة. وقد عبر الدكتور جورج كلاس منذ شهر تقريباً في صحيفة النهار حين قال إن الإمام الصدر كان يقول كلمته ويناضل من اجلها وليس يقول كلمته ويمشي كما يحدث مع كل الإعلاميين العرب. شكراً.
احد الحاضرين: بسم الله الرحمن الرحيم. قيل حول سلطة الإعلام وتأثيره وعدم وجود ذلك الدور الأساسي للإعلام كما اتحفنا الأستاذ منير شفيق: من الذي يؤثر بالآخر السلطة أم الإعلام؟ واذا ما نظرنا إلى نظامنا البرلماني في لبنان، واذا كان المجلس النيابي هو الممثل للرأي العام، فما هو تأثيره على سياسة الحكومة؟ واين هو الإعلام في ذلك؟ واستطراداً، هل من يهتم بمثل هذه الابحاث القيمة التي تناولها مفكرون وأصحاب تجارب يغنون هذا المجتمع اللبناني؟ هل من يهتم بمثل هذه الابحاث التي تطرح في اطار هذا المؤتمر. وشكراً.
الوزير ميشال سماحة: في المقدمة اصريت أنا أن الإعلام وسيلة. الذي يصل إلى الآخر عن طريق الإعلام هو الموضوع أو المنبر وطريقة صياغة هذا الخبر بمصداقية أو طريقة التوجيه بالطريق الصحيحة. إذاً من يفعل بالآخر؟ السلطة بإمكانها ان تستعمل الإعلام وتفتعل بالناس أو تصحح مسار الناس إذا احسنت استعمال الإعلام، اما إذا أخذنا كل ما قيل من امثال، واعطيت انا مجموعة أمثال عن سماحة الإمام الغائب، الفعل الذي تقوم به له اهميته ومن يقوم به يخلق الحدث الذي لا يمكن ان يهرب منه الإعلام. سماحة الإمام الصدر دخل، وكان أول امام يدخل، كنيسة الكبوشيين في وسط بيروت، ويحاضر وتقفل الشوارع المحيطة لأن المنطقة غصت بالناس صار في موضوعين للحدث موضوع ان الإمام في كنيسة، وما قاله من خلال رسالته في الكنيسة عندما وقف وقال وأرجع وأقولها مرة ثالثة السلاح زينة الرجال وأقرنها بأن السلاح يوجه إلى إسرائيل، وإسرائيل شرّ مطلق وان هذا السلاح لا يستعمل في الداخل. هذا الإعلام يريد ان ينقله وأن يواكبه. انا اشهد وعن قرب جدا أن الاعتداء الإسرائيلي والاجتياح المدفعي الإسرائيلي والفعل المغتصب الإسرائيلي 1996 في الجنوب بقي ستة ايام دون اهتمام من العالم. عندما أتى وزير خارجية فرنسا إلى دمشق لم يهتم العالم، عندما حصلت مجزرة قانا ونقل الإعلام الغربي CNN، والإعلام العربي، ولكن خاصة الإعلام الغربي بحسب ما تكلمت به مدام زين، عندما نقل الإعلام الغربي باللغة الانكليزية صورة مشهد المجزرة، قطع رئيس جمهورية أميركا زيارة مرافقه وزير الخارجية في الصين وأرسله إلى دمشق، عندها وقع اتفاق نيسان الذي اعترف لأول مرة بحقنا في المقاومة. فالإعلام يجب ان يكون جاهزاً والجهوزية ليست بالكاميرا فقط. الجهوزية بالعقل الملتزم، ويعرف الآخر إن كان عدواً مثل ما يفعل حزب الله بدراسته حول كيفية البث لإسرائيل، كيف تمرر الصورة لإسرائيل؟ كيف توجه لإسرائيل الرسالة حتى تهز مجتمع العدو من داخله؟ وكيف تريد أن تمرر الصورة والرسالة؟ ليس باللغة العربية حيث يوجد جزء هنا. إننا نخلط بينهم. الإعلام داخل المجتمع العربي والإعلام داخل المجتمع الإسلامي الذي هو مؤيد وليس كله عربي، واللغة اساسية حيث يجب ان نتوجه للمشاهد باللغة التي يفهمها ليس فقط لأنه اسلامي. فالاندونيسي والماليزي، وكثير من الجاليات العربية الإسلامية في الغرب الموجودة والتي ممكن ان تفعل يجب ان نتوجه لها، هي المنتمية إلى لغة معينة، ويجب فهم العقل الاميركي والعقل الغربي حيث تعمل إسرائيل، ونتوجه له انطلاقاً من الاحداث من جهة، ومن صنع الاحداث من جهة أخرى، ومن التثقيف من جهة ثالثة، وخاصة في مواجهة الاكاذيب التي تزرع كل يوم. يوجد ماكينة اكاذيب. هنا افتح هلالين (عندما بدأت انتفاضة المسجد الأقصى - الانتفاضة الثانية - واحتلت حكومة إسرائيل، بكانون الأول 2000 اجتمع الجزء الاساسي في الجالية المالية اليهودية في الولايات المتحدة الاميركية برئاسة بلومبورغ الذي هو اليوم اصبح رئيس بلدية نيويورك، مع فريق مشترك من حزب العمل ومن الليكود في الولايات المتحدة الاميركية واعتبروا ان تطور الفعل الانتفاضي داخل فلسطين يهدد الكيان الإسرائيلي. وضعوا خطة في اطار هذه الخطة - لا اريد ان اتكلم عن كل الخطة - رصد 850 مليون دولار جمعوا من كبار المتمولين في الجالية اليهودية، في اميركا فقط خلال 6 ايام، ووضعوا بتصرف مجموعة تقود فقط العمل اليوم. وجاءت احداث 11 ايلول فيما بعد عززت هذا الاتجاه وهذا لا يأتي بالصدفة هم ملتزمون بمواضيعهم وقضاياهم عندهم هدف، عندهم عقيدة، عندهم خطة، العقيدة ولدت خطة، ويعرفون المخاطر عليهم.
لا يوجد سياسة للإعلام. فسياسة الإعلام هي تسويق ومواجهة، لكن يجب ان يكون هناك فكر وفعل سياسي غير موجود لسوء الحظ، غير موجود في حكوماتنا العربية. أهم هدف والذي نراه اليوم بموضوع العراق وبموضوع الانتفاضة في فلسطين وبموضوع الخطر المحدق بالشعب الفلسطيني وهو transfer. أنا اعتبر أن المسؤولين العرب - ليسوا موجودين لا في سوريا ولا في لبنان - انا اتكلم عن مسؤولين كبار يقولوا لماذا تخوّف الناس هذه الخطة. أهم شيء بالنسبة لهم المحافظة على انظمتهم وكراسيهم ضمن انظمتهم، اذا عندك هذا الهدف انت بالتأكيد في المرحلة المقبلة نظامك سينهار وكرسيك ستنهار. انت تواجه اللحظة التي يعتبر فيها العقل الصهيوني على كل ألوان طيفه من الديني إلى العلماني انها الفرصة الذهبية الاساسية للانتهاء من العرق العربي على ارض يهوذا، على ارض إسرائيل. نحن قادمون على مراحل خطرة، العنوان اللاهب فيها هو العراق. العنوان الاستراتيجي هو مناطق النفط اي مناطق الطاقة في العالم. الموضوع العملي فيها تحقيق إسرائيل الكبرى على ارض التوراة ونحن على حدودها. هذه مسؤولية فقط تلفزيون المنار اذا قصر نحاسبه أو تلفزيون المستقبل اذا قصر نحاسبه أو NBN اذا قصرت نحاسبها؟ كلا، هذه مسؤولية دولة. هذه مسؤولية دول هذه مسؤولية الواعي من التلفزيونات يوَعّي الناس دون ان يزرع الفتنة. نعم الإعلام لا نحمّله اكثر ما يحمل. يوجد إعلام مخترق عربياً ولبنانياً، جاءت ساعة الحقائق الحقيقية، لم يبق معنا لا ظروف ولا مساحة وقت ان نخبئ عيوبنا من جهة ولا نعرف عندما نكون ايجابيين مع فضائلنا أننا نحقق انجازات. يجب ان نرى بالعينين من يفعل أكثر. بالتأكيد الحدث هو الاولوية في الإعلام ولكن كيفية معالجة الحدث كما الالتصاق بالمواضيع وابرازها هو العقل الذي هو وراء كاتب نشرة الاخبار أو محضر الندوة على التلفزيون. يجب ان نتعلم شيئاً تعلموه بالمنار: لا نريد ان نتكلم فقط بالعربية عبر شاشاتنا – بالعربي نحكي مع بعضنا، نحن نريد ان نمنع استنفار العالم الغربي على الاسلام، عندها لا تقدر ان ترد على هذا الاستنفار في المجتمعات الغربية دون شيئين معرفة تكوينها اي تكوين شعبها، وتكوين اقتصادها، تكوين فكرها، وتكوين جامعاتها، اضافة إلى تكوين مراكز القوى عند هؤلاء الناس والاتصال بمن يمكن ان يكون حليفك لأنه حامل قضية وعادل ومواجه للعولمة لأسباب عديدة، والكلام معه بالمنطق الذي يفهمه وباللغة التي يفهمها والأقرب له، لا نقدر كلما نريد ان نتكلم مع الغرب ان نضع مترجمين. يجب ان نتكلم بالانكليزي مع الأميركان، بالاسبانية مع كل الفريق الذي يفهم اسباني بالفرنسي وبالإلماني للناس التي تفهم بالفرنسي والألماني، نتكلم مع بعضنا بالعربي، وبالتالي الورشة كبيرة لا يمكن ان تتحملها مؤسسة واحدة. وانا لم اكن مع انشاء هيئات لا تؤاخذوني، عندها نريد إنشاء هيئة عند تسميتها تختفي الهيئة هذه. إما أن نكون قادرين على إحداث تغيير في عقلنا وبالتالي تغيير من عقل حاكمنا، حاكمنا ليس شخصاً، حاكمنا مؤسسات، والتحسس بنوعية الأخطار الآتية على العقل لحماية الذات من الآخر السيئ. لنبدأ ببناء اشياء جدية وحقيقية، فالمجتمع الذي لا يفرز تغيير في داخله لا يقدر ان يغير شيئاً.
منى عواد: بسم الله الرحمن الرحيم. قال تعالى: ﴿ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ ]الرعد،11[ أنا أقترح إضافة إلى مقاومة إسرائيل التي هي واجب شرعي علينا، اعتقد يوجد مقاومة يجب ان تمشي بالتوازي معها مقاومة حكامنا الفاسدين، لأنهم اساس مصائبنا وتخاذلنا وذلنا وتراجعنا بالشكل الذي نحن فيه. النقطة الثانية احب ان اذكرها ايضاً آية قرآنية تقول بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾ ]الأنفال، 60[. القوة كلنا نعرف ليس فقط السلاح الذي نستعمله والعسكر، إضافة إلى ان القوة هي العلم، الوعي، التوادّ، التراحم، التحابب. الوحدة هذه اعتقد هي التي ممكن ان تخوف إسرائيل واميركا والخ. من الإرهابيين لأنهم مجرمون متسلطون، لأنهم طغاة، لأنهم ظالمون، لكن نحن – يجب ان نرهبهم لأننا نطلب العدل ونقدر ان نأخذ حقنا منهم. أحب ان أوجه ملاحظة صغيرة، للدكتور جبور: أعتقد أنه قال كلمة تحسين صورة الإسلام أو العرب، اتمنى ان تكون توضيح صورة المسلمين والعرب. الشيء الأخير في ما ذكره الدكتور محمد السماك عندما ذكر قصة حصلت في ملبورن لا اعرف اذا كان موجوداً فهل قدم نصيحة لهم؟ أو كيف يجب ان يتصرفوا أو كيف كان يجب ان يتعاملوا؟
الوزير سماحة: نعم، قال إنه قدم لهم نصيحة.
عبد المجيد صالح: الشيخ الذي ابّن ضحايا 11 ايلول عندما أبكى ملكة هولندا ، هل اعتبر عمله إرهابياً أم لا؟ (شارون) بين هلالين حقيقة توصل إلى نفس النتيجة عندما قتلت امل حجو بين يدي أمها وكانت في الستة اشهر من عمرها، قال شارون على الشعب الفلسطيني ان يخفف من المظاهر العسكرية او من مظاهر الإرهاب...
السؤال الذي اريد ان اسأله. هل هناك توجه على مستوى الشارع العربي إلى ايجاد مؤسسات اعلامية خاصة لا تبغي الربح بمقدار ما تريد ان تظهر الجرح العربي والإسلامي الدامي على امتداد افغانستان، العراق، فلسطين، الجنوب؟ لأنه في تجربة الإخوان في لجنة تخليد شهداء قانا والجنوب لي شرف الاشراف مُنذ الساعات الاولى لوقوع المجزرة، حقيقة هو واقع، لكن ما يمكن ان يفعله المواطن العربي بمعزل عن الإعلام الرسمي، إعلام استقبل سماحته او جلالته او سموه، خرج، دخل، سافر، ذهب ليصطاف، ذهب ليستحم، ذهب لينتجع، ذهب، ذهب، ذهب بثروة الامة العربية والإسلامية كلها وبكل براميل النفط والإعلام. يبحث وزراء الإعلام العرب عن محطة CNN عربية وقد حضروا إلى قانا وكانوا في عجلة من امرهم .. للكتيبة الفيجية المشاركة داخل وضمن عملية الطوارئ الدولية، سأل احد الوزراء او المرافقين لماذا قصفت إسرائيل هذا المكان؟ لماذا وجهت قذائفها نحو هذا المكان؟ احتراماً لمقامه السامي، كنت اظن ان الامر كما تعلم أن ارتكاب المجازر اخذ خطاً جغرافياً بدأً بعملية (اسعاف) المنصوري والمشهد الدامي للإعلام الحربي وللشهداء وللصحافيين الكبار والعظام وهم يفتحون أعين العالم على دم يسيل من شاشات التلفزة ومن الكاميرات وما إلى ذلك ويخاطرون بحياتهم. قلت بدأت بالمنصوري، يعني في الساحل، كانت المقاومة الفلسطينية تطلق عليه القطاع الغربي، ثم انتقلت إلى القطاع الاوسط في قانا، ثم إلى سحمر والنبطية الفوقا وما إلى ذلك، هذا خط ناري دموي للتهجير، اسأل السؤال المتواضع أكتفي بذلك. شاهد روجية غارودي في زيارته إلى قانا مشاهد القتل والدماء المختلطة وشاهد الاجساد محترقة، ضرب رأسه مرات عديدة بمشهد الصور ولكنه بالتالي سأل لماذا توقفتم؟ كما سأل روبرت فيسك: لماذا توقفتم عن كشف هذه المشاهد واستمراريتها؟ ماذا تصنع اللجنة، ماذا تصنع دولة إعلامها مُمزق؟ الكلمة الاخيرة: هل كنت راضياً، معالي الوزير، هل كنت متجاوباً مع فكرة أو مع الصورة التي تُصور الإمام الصدر والعبارة البليغة التي تحاكي الضمائر؟ متى يسقط جدار الصمت عن قضية الإمام الصدر؟ إن العرب إذا ارادوا، لو ارادوا، لفعلوا ما شاؤوا، لأنهم استطاعوا بعد اربعة وعشرين عاماً من ان يحتفظوا بهذا السر الذي اعتبروه سراً مقدساً فيما اختص قضية الامام المغيب والذي هو كان عقاب مستقبلي لمستقبل المقاومة ولجراح المقاومة، ولعذابات المقاومة، التي استطاعت ان تنتصر بفكره رغم تغييبه ورغم كل البعد الذي أبعدوه عنا. وشكراً. لا تؤاخذونا.
الأستاذ ميشال سماحة: قبل ان اعطي الكلام لزملائي، اريد ان اجيب بإيجاز عن هذا السؤال الاخير. أنا ممَن فقدوا صديقاً كبيراً وقامة موجهة شخصية لي مع غياب سماحة الامام، انا مِن مَن تتلمذوا على يده، ويد بعض قليل غيره من الخيّرين، كان لي شرف أن ارافقه في محطات مهمة بين عامي 1968 وساعة الغياب، وله عليّ فيما انا اليوم فكرياً وايمانياً وانتمائياً الكثير، واعتبر ان تغييبه جزءٌ من المسيرة التي اوصلتنا إلى اليوم والمخاطر المحدقة بنا في المستقبل القريب والبعيد. عندما تابعت خطاب سماحة الشيخ حسن نصرالله في النبطية مؤخراً وفي مقطع معين من تحذيره في موضوع المخاطر في داخل البيت الإسلامي تذكرت في نفس اللحظة ما كان يحذرنا منه سماحة الإمام الصدر، ويحذر غيرنا منه، عام 1968 و1969 وعلى مسمعي على الاقل سنة 1970 و1971 من حالات الشقاق ومن حالات الفرقة والمذهبية والتفسخ الذي تنشئه والذي سهل دخول الشر المطلق الذي هو إسرائيل. يا صاحبي الصمت هو جزء من المؤامرة الداخلية والخارجية، صمت المصالح في الداخل وصمت التآمر في الخارج. إلا ان من حرر الجنوب وواعٍ للمخاطر بمقدوره أن يستحضر سماحة الامام في افعاله وهو غائب.
الأستاذ رفيق نصرالله: أنا اريد الرد على مسألتين ببساطة. لنتكلم بصراحة حتى لا نقع بوهم أنه إذا انشأنا محطة عربية كبيرة حتى لو بخمسة مليار دولار وبعشرة مليار نقدر ان نصل للرأي العام الاميركي او الاوروبي. اساساً من الناحية التقنية لم يعد بالامكان نطلع على محل، بيعرفوا الشباب. الآن مثلاً عندما نقول العرب سات او النيل سات فوق الشرق الاوسط في 30 او 50 او 60 او 100 محطة بيصنع، فوق اوروبا وفوق اميركا. العرب خسروا هذه المعركة من عشر أو خمس عشرة سنة. إذاً يجب ان لا نتعاطى مع الامور على اساس انه اذا عملنا هيئة وأخذنا وجمعنا مالاً غداً صباحاً نقيم محطة نتوجه فيها للأميركان ونتكلم معهم بلغتهم وبمنطقهم. هذا وهم. يعني نكون عندما نتكلم بشي ضمن الذي بيوصفونا فيه إننا نحن ظاهرة صوتية. القصة قصة علمية تستلزم مراحل، تريد تأسيس، وعمل على المؤسسات والجمعيات. والقضية الاهم ان لا نقع بوهم ان الرأي العام الغربي هو الذي يثير القضايا. انا اعطيكم وقائع على العكس من ذلك. بعض الإعلام العربي هو الذي صنع القرار وهو الذي حرك الشارع العربي وهو الذي ضغط بجداره الواقي، القنوات العربية هي التي اثارت الشارع العربي وهي التي عملته. كلنا نتذكر كل التفاصيل من محمد درة وإيمان حجو ايضاً دليل على أننا نحنا صرنا نعرف اسم الطفل الذي يقتل وكيف لا نأتي ضد بعضنا ونقول انني قلت بكلمتي ايضاً إنه في حركة من خمس سنين من سبع سنين بالإعلام العربي يجب ان ندعمها، ويجب ان نؤطرها، تجاوزت سقف النظام السياسي العربي. بعض الانظمة العربية عندها محطات اللغة السياسية التي تستخدم بهذه المحطات اكبر من النظام. يقدر النظام ان يخنق المكبوت السياسي الذي نحن عندنا إياه. فالآن نندفع لكن لا نتوهم ان الـCNN هي التي أثارت مجزرة قانا. CNN اذاعت التقرير 3 مرات ثم سُحب. الذي أكمل إعلامنا، والإعلام العربي أكثر من الإعلام اللبناني. انا عندي وقائع وارقام بموضوع الشغلات الثانية التي تتعلق الآن بالقضية الفلسطينية، بالانتفاضة، بقضايانا. نحن، بهذا الوضع العراقي، يجب ان ننتبه انه في بعض المواقع. بالإعلام العربي نتعاطى بشيء من الايجابية لا نحاول التوهم انه غداً الصبح سوف تنتهي، نحن بمعركة متواصلة، معركة تقنية. اين كنا من خمس سنين ننتظر بمركز الاخبار خبر من رويتر او من الـAP أو من أي جهة حتى الصورة منهم، والان بالعكس بعض المحطات العربية تسبق المحطات الكبرى في الوصول إلى مراكز الحدث، في كثير من العالم. انا أعطي مثلاً محطة ابو ظبي، لديها 114 مراسل في انحاء العالم مع اجهزة عمل متحركة، متحركين على طيارة خاصة، لذلك دعونا ننظر بإيجابية إلى بعض التجارب الإعلامية العربية هذه التي تقودنا شئنا ام ابينا بعد فترة إلى الحوار الذي نحن نتحاور فيه الآن. يعني أن لا نظل تحت تأثير أن الإعلام الغربي لازال يمسك بنا يسرق قضايانا، قوة صمود الناس بالجنوب هي التي جلبت القصة، يعني والآن ماذا نفعل نحن؟ انظروا عندما يحصل عملية كبيرة بفلسطين، رغماً عنها المحطات العربية كلها تذيعه اول خبر، بعدها تذهب إلى افغانستان أو اي مكان آخر، اذاً الحدث هو الذي يستدعي حضور وسائل الإعلام.
الناحية الثانية التي اريد أن اثيرها قبل أن انهي كلامي نحنا عندنا مشكلة ثقافة الوعي عند الآخر، نحن كم منا يعرف المشكلات الاقتصادية داخل إسرائيل؟ هذه مشكلتنا. إن محطاتنا فعلاً ورأينا عامة وشرائحنا الثقافية والنخبوية والاقتصادية التي فيها تهشم اكثر ما فيها بوضعنا الاقتصادي الداخلي بأي بلد عربي لكن لا نتكلم عن العدو، نحن فقط نتعاطى مع المشكلة، للأسف، ببعدها الإخباري. كم فلسطيني مات يتصدر الآن اول خبر، اذا حصل حادث بجنوب لبنان يتصدر اول خبر، لكن انتهى الوضع بجنوب لبنان بالذاكرة بدليل لاحظوا كم تقلصت تغطية موضوع المياه بالوزاني، نسي جنوب لبنان في المحطات العربية. الذي اريد ان اقوله ان لا نقع بوهم يقودنا إلى جلد انفسنا بهذه الطريقة ونحن في معركة طويلة ويوماً بعد يوم نمتلك تقنيات، تمتلك يعني ممكن محاولة لأن نصل في يوم من الايام لكن نحتاج إلى قوة الموقف السياسي الذي ينتج إعلاماً غير هذا.
د. العزاوي: شكراً جزيلاً سيدي الرئيس. في واقع الامر أجيب اولاً على سؤال تفضل به الاخ حول قضية الإمام الهولندي. انا جئت بهذا المثل وفي أمثال كثيرة حول هذه المسألة لكي اقول إنه عندما نعرف لغة البلد الذي نخاطبه مثل ما تفضل السيد الرئيس قبل قليل إنه ينبغي ان نتعلم او نعرف تقاليد البلد وعقليتها وكل شيء، لأن مخاطبتها باللغة التي تفهمها هي التي توصل الرسالة كما يجب. يوجد مثل قريب حدث منذ فترة قليلة جداً. هناك شخصية شغلت الصحافة الهولندية والبلجيكية والفرنسية وهي شخصية أبو دياب اللبناني، وهو خريّج العلوم السياسية يحمل الجنسية البلجيكية وتمكن من ان يؤسس رابطة اسمها الرابطة العربية الاوروبية حتى الاسم اسم غير مستفز للعقلية الاوروبية. هذا جمع فريقاً من البلجيكيين والعرب، معهم ادوات تصوير ويلاحقوا الشرطة، وكل مرة يخرق الشرطي حقوق الإنسان يصوروه ويوزّعوها خاصة اذا كان عربياً. وبعدها قال إننا نحن عرب موجودون طالب ان تكون اللغة العربية اللغة الرابعة في هولندا، أي، اعتمادها رسمياً. الفرنسيون كانوا حساسين من هذه المطالبة. كتبت الصحافة الفرنسية قالت إذا هذا يطالب ان تصبح اللغة العربية اللغة الرابعة في هولندا فالعرب الموجودون عندنا سوف يطالبون ان تصير اللغة الثانية. لا يوجد عندنا جاليات كثيرة، هذا معناه أننا نحنا نصل إلى مطار باريس ونجد الكلام بالفرنسية وبالعربية ايضاً. هذا معناه أن افلامنا التي نذيعها بالتلفزيون كلها يجب ان تترجم إلى العربية، هذا معناه أننا نحن بسنة من السنوات يجب ننضم لجامعة الدول العربية. لماذا هذا الكلام يصير؟ لأنهم لم يقدروا يعملوا له شيئاً. ولا شيء، حبسوه، حققوا معه واخرجوه. لماذا؟ لأن الذين دافعوا عنه بلجيكيين. هذا هو الاندماج بالمجتمع.
المثل الثاني مثل شخصية توفيق المثلوثي تونسي صاحب اذاعة المتوسط تبث بالفرنسية، هذا شكّل حزباً باسم حزب فرنسا المتعددة، انتسب فيه فرنسيون ومسلمون وعرب ومسيحيون وسود وبيض وكل شيء، ما يقدروا يعملوا معه اي شيء. حرقوا الاذاعة ثلاث مرات، الصهاينة للمرة الثالثة. هذه قبل ما آتي وما زال قائماً. اخترع هذا قضية بسيطة جداً، قال قاطعوا الكوكا كولا وجعل مكة كولا وكتب على مكة كولا اشرب ملتزماً 10% تبرع للشعب الفلسطيني، 10% للمؤسسات الخيرية الاوروبية ويقصد بها المسيحيين بشكل عام لأنه يريد يخاطب العقلية الاوروبية، نجحت نجاحاً باهراً يبيع الآن بالملايين في اوروبا. كل الناس تشرب ملتزمة، الآن بدأ يشتري ادوات تلفزيون فضائي بالفرنسية وبالانكليزية ودعا جمعيات حقوق الإنسان للتضامن مع العرب، ان ينشئوا يوماً موجة للانكليزية ومنظمات حقوق الإنسان بالفرنسي سوف توجه ايضاً دعوات حماية حقوق الإنسان العربي في اوروبا. يعني كيف يمكن ان نتصرف، ينبغي ان نتوقف عن مخاطبة انفسنا هذا امر جيد جداً، ان نقوم بتوعية اجيال هنا بالمنطقة العربية. لكنه هذا لا يلغي ان يكون لنا عمل آخر في الاماكن المتواجد فيها جالية عربية واسلامية، لأنه لولا وجود عرب في الاحزاب الفرنسية لما انتصر حزب الله على جوسبان، ما كان ممكن ان ينتصر. عندما عاد شُتم ليون جوسبان. لماذا؟ لأن كل المؤسسات العربية الموجودة وحتى كل العرب الموجودين داخل الاحزاب أصدروا بيانات. انا من الناس أصدرت بياناً ووقفنا على باب الجوامع لا تنتخبوا جوسبان، لا تنتخبوا جوسبان، لأن هذا أهانكم. اعتبروا يعني كل الدولة الفرنسية ومؤسساتها اعتذرت لحزب الله، لذلك صورة حزب الله بالصحافة الفرنسية وبالإعلام الفرنسي تغيرت كلياً اصبح حزب مقاوم، كيف يمكن ان نتصرف؟ هذا هو السؤال وآسف للإطالة.
منير شفيق: في الحقيقة يعني النقطة التي حاولت ان اركز عليها ليس التقليل من اهمية الإعلام وانما التقليل من المبالغة في دور الإعلام. النقطة التي اردت ان اركز عليها هي اولوية السياسة على الإعلام واولوية الكفاح الشعبي فيما يتعلق فينا والتضحيات على الموضوع الإعلامي دون ان اقلل من اهمية الإعلام. فلذلك صحيح ان الاخت عندما قالت ان لولا الإعلام ما عرفت جنين، لكن لولا جنين ما جاء الإعلام، ليست قصة البيضة والدجاجة هذه وانما لا بد من ان يكون هنالك اولوية. انا بالنسبة لي يهمني ان اضع الاولوية لفعلنا ولعملنا حتى نستطيع ان نغذي سواء كان اعلامنا او نغذي او يعني نحرج الإعلام الآخر او نأتي بجزء منه. الحقيقة السؤال عن موضوع المجازر. انا بأعتقادي أن المجازر لا تصنع اكثر من بعض الحزن لبعض الوقت، انما المواجهة هي التي تصنع. القضية العادلة والمواجهة ثم ما يرتكب من جرائم. ولذلك اذا لاحظتم في مخيم جنين كادت تحدث مؤامرة اعلامية وقد شارك فيها بعض الإعلام العربي وهي تحويل البطولة التي صنعت في جنين المثل الرائع في المواجهة إلى نوع من المندبة على اظهار انها مجزرة. وانظروا إلى ما حدث لجنين والقتل الخ.. يعني هذا الإعلام يلعب هذا الدور. في الحقيقة جنين يجب ان تبقى صورتها صورة المقاومة الباسلة التي مرّغت هيبة جيش الاحتلال في الطين عندما منعته ان يجتاح البلد أكثر من 13 يوماً. هذا شيء مهم. وبالمناسبة لاحظوا ان اعلامنا "غاوي" أن يظهر جانب المجزرة وهو يظن ان هذا مفيد. أذكر في جنين مرة الإعلام يحاول ان يحول عن وجه الشاب الذي اغتيل ليصور بشاعة المنظر. لكن انا أسألكم انتم جميعاً شاهدتم سقوط المباني في نيويورك هل رأيتم الإعلام الاميركي يسلط ضوءاً واحداً على صورة قتيل أو جريح او كيف يمزق جثته. الإعلام الإسرائيلي لا يظهر الاشلاء ولا يظهر الاجسام لأنه هذه قضية لها علاقة بهيبة الدولة وبهيبة الوضع، وهم يتحدثون ولكن لا يسلطوا الضوء. نحن إعلامنا لا يلاحظ انه عليه ان يظهر جوانب العزة والقوة في الصورة وليس فقط المجزرة.
قد تكون صورة بعض المشاهد مؤثرة فينا نحن عرب ومسلمين، يعني تثير عواطفنا ولكن ايضاً الصورة الأخرى هي الفاعلة أكثر، وهي التي يجب ان يركز عليها.
نقطة اخيرة. حقيقة الطريقة التي عامل بها الأخ رفيق نصرالله موضوع الإعلام وحاول ان يرفض فكرة جلد الذات وحاول ان يظهر ان هنالك ارهاصات ايجابية ضمن هذه الصورة التي قد تكون سلبية بصورتها العامة. برأيي هذا الاسلوب من التذكير هو الاسلوب الذي يجب ان نتعاطى به عندما نناقش اوضاعنا، يعني الذي ينهي وضع الامة ولا يرى فيها الا السلبيات ولا يناقش الا السلبيات وفي النهاية يعتبرها امة محتضرة ومنتهية أو أمة مستسلمة وخالصة. هذا لا يقدم لا صورة حقيقة واقعية ولا يقدم نقد ذاتي. يجب أن يكون النقد متوازناً يبرز السلبيات ولكن عليه ان يبرز الايجابيات. ثانياً: عندما نحمل المسؤوليات لا نلقِ المسؤولية كلها على ظروف بلادنا كما فعل مثلاً تقرير التنمية الإنسانية ونعفي الغرب، البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي الحصار العدواني، تجزئة الامة كل ما ارتكب من جرائم بإعتبارها ليست بمعوقات تذكر امام التنمية مشكلة فقط داخلية وفينا. الحقيقة ايضاً اعفاء الغرب والاستعمار والامبريالية، اعفاء اميركا من المسؤولية، هذا لا يساعد على فهم أوضاع بلادنا ولا يساعد على الخروج من إشكالات التنمية وقضية المعوقات، وبالتالي لا بد أيضاً من قراءة أو إجراء توازن بين ما هو من مسؤوليتنا وما هو من مسؤولية تاريخية لغيرنا وإلخ. حتى نكون متوازنين. ولو فعل تقرير التنمية الإنسانية هذا لما استشهد به كولن باول ولا استشهد به فريدمان ولرمياه في سلة المهملات. يُذكر لأنه اعفاهم. حتى أنا اذكر في إحدى الجرائد الانكليزية (اظن هي الـ Guardian) قالت المسؤولية عربية خالصة ولا علاقة للغرب بها، يعني خرجت من التقرير لتبرز هذه النقطة. على كل حال القصد من الموضوع أننا اذا كنا نريد ان ننهض بالأمة نريد أن نغير، أن نتحدى، لا نملك طرف اليأس، ولا نملك طرف تسويد كل شيء، افقدنا كل المقومات الايجابية، وانما الذي يعمل لا بد من ان يظهر بصيصاً من النور في عمله، وامكانات ذلك من ناحية عملية وفي الحقيقة. ليست المشكلة فقط في تحليل ما نحن عليه، كذلك يجب ان نبرز في الإعلام وفي غير الإعلام وفي التحليل السياسي النواقص، ونقوم بعملية نقد لعدونا ولمن يعملون ضدنا لأن هذه مسألة مهمة جداً في تعزيز معنوياتنا، وإلا ما فائدة الآية التي تقول: ﴿ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما﴾ ]النساء، 104[. هذه آية تعلمك كيف تقرأ الواقع ليس فقط أن ترى جراحك، وانا منزلي معطل وانزف، لكن انظر إلى الآخر ماذا يحصل له، عدوك، لأن هذه من عوامل اعطاء تحليل دقيق أولاً واعطاء معنويات عالية.
أحد الحاضرين: بسم الله الرحمن الرحيم. ما ذكره معالي الأستاذ ميشال سماحة عن سماحة الإمام السيد موسى الصدر يحتم علينا ان نذكر ما قاله سماحة الإمام قبل ما يزيد عن 24 سنة. يقول سماحة الإمام إن مساحة لبنان في الزمان أكبر كثيراً من مساحته في المكان، وأبعاده في عقل العالم وقلبه تتجاوز مئات المرات أبعاده الحسية، وما كان لهذا ان يكون لولا الطموح، فقد عرف هذا الوطن وخلال كل الحقب بمواقف وادوار ومواجهات وتطلعات خلف حدود الوطن، سواء بالهجرات والاغتراب أو بالبحوث والرسالات الحضارية في شتى الحقول الذهنية وأخذت هذه العملقة تتقلص حتى دخلت في مرحلة تأزم مرضي عضال ولا ندري من نصح الوطن بحجة عدم التمحور بإهمال القضايا العربية والتقوقع في اطار الهدنة الرسمية وخصوصاً باسقاط المسألة الفلسطينية من دفتر الحساب اللبناني بالرغم من ان لبنان كان اول من حسب حساب الوجود الإسرائيلي وتحسب له وادرك خطره عليه وعلى المنطقة والعالم. ولبنان كان أكبر من دفع الثمن وهو مشكور. لا نعرف ما هو الضرر من تحمل كافة المسؤوليات ما دام هو لبنان يحملها بالفعل؟ ثم لماذا يخشى من تبني أنبل رسالة واشرف واعدل قضية عاشتها العصور؟ ولا نعرف لماذا لا يتحمل لبنان دور المحاور في العلاقات العربية والاوروبية الحضارية وفي الحوار الإسلامي المسيحي الذي تتعاظم نتائجه وحاجة العالم اليه يوماً بعد يوم؟ إن تبنّي المواقف الكبيرة هو قدر لبنان البطولي، فلماذا اكتفى لبنان بالبطولات الزائفة في اقتتال الزواريب الضيقة.
ايها الاخوة،
غُيّب رجل الحوار وارتضينا ذلك. غُيّب رجل الالتزام وارتضينا جميعاً ذلك. غُيّب رجل الحرية، ورجل صناعة الحدث والقرار، رجل المقاومة، وغيب رجل القدس وفلسطين وارتضينا جميعاً ذلك. فإذا بنا بعد 24 سنة إلى ما نحن عليه من غياب الحوار والالتزام والحرية وكل تلك القيم، واذا بالمقاومة إرهاب ومن قدم بطائراته لقتل الأبرياء وتدمير حياة الناس يمارس عملاً مشروعاً، واختطاف الحاج أبو علي الديراني والشيخ عبد الكريم عبيد واحتجازهم عملاً مشروعاً ايضاً. وإذا بإسرائيل "الشر المطلق" دولة حضارية وديمقراطية، ومن يقاوم إسرائيل ولا يرضخ لإملاءات القوي إنما هو محور الشر، ونرى استباحة الاعراف والقوانين الدولية واعتراض السفن التجارية في عمق البحار والطائرات والاعتداء على سيادات الدول إلى حد خطف الأمم المتحدة كما ذكرت الدكتورة عيراني بالأمس وكما ذكر الدكتور عزاوي في مداخلته قبل الظهر.
سيدي الإمام، لقد حذرت من ذلك ونبهت فقلت: "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، وقلت: "يجب ان نبقى صرخة مستمرة في وجه الطغاة"، وقلت: "انتم يا ابنائي الثوار كموج البحر متى توقفتم انتهيتم". ولعله بما كسبت ايدينا نستحق ان نقتل ثم نقتل حتى نعي أكثر فأكثر، هل ننتظر عودتك طويلاً سيدي الإمام؟ عذراً ايها الإمام إن قلوبنا التي لا يمكن ان تفارق الذات هي معك أما سيوفنا، وعذراً من الفرزدق وكلامنا وكلمتنا واعلامنا، فهي مع الآخر، فهي عليك. هل من ناصر للسيادة والحرية؟ هل من ناصر لموسى الصدر؟ والسلام عليكم ورحمة الله.
ميشال سماحة: انا باسمي واسم المشتركين الحاضرين والذين لم يتمكنوا من اختتام اعمال الجلسة معنا اشكر مؤسسة سماحة الإمام موسى الصدر. فتحنا باب المناقشة لمدة ساعة ونصف كان من المفترض ان تنتهي الساعة الخامسة. أمانة سر المؤتمر ستعلن البيان الختامي أنا على استعداد خارج القاعة ان ابقى معكم لساعة متأخرة. نشكر للمؤسسة رعايتها لهذا المؤتمر وانطلاقاً منه ونتذكر الإمام الصدر بقامته، بعينيه اللتين كانتا تحدقان فتريان الابعد وتريح الاقرب، وفي الوقت نفسه صوته الجامع للناس وليس القاسم فيما بينهم، انطلاقاً من هذا نخرج من هنا متواعدين ان لا نفعل بالبلد وبالمنطقة إلا ما يجمع.